الأسير الزبيدي يوجه رسالة للإسرائيليين بعد إعادة اعتقاله

قال عبر محاميه إنه قاوم التوقيف فكسروا فكه وضلعين

اعتقال زكريا الزبيدي (يسار) وزميله محمد عارضة في أم الغنم السبت الماضي (أ.ب)
اعتقال زكريا الزبيدي (يسار) وزميله محمد عارضة في أم الغنم السبت الماضي (أ.ب)
TT

الأسير الزبيدي يوجه رسالة للإسرائيليين بعد إعادة اعتقاله

اعتقال زكريا الزبيدي (يسار) وزميله محمد عارضة في أم الغنم السبت الماضي (أ.ب)
اعتقال زكريا الزبيدي (يسار) وزميله محمد عارضة في أم الغنم السبت الماضي (أ.ب)

«ماذا تتوقعون من شخص، جوعتم والده عندما منعتموه من ممارسة مهنته في التعليم، ثم قتلتم والدته أمام ناظريه برصاصة قناص، ثم قتلتم شقيقه وقتلتم أعز أصدقائه و370 شخصا من أبناء وبنات شعبه الذين يعيشون معه في مخيم اللاجئين البالغ مساحته كيلومتر مربع واحد، وشردتم أهله وشعبه ومارستم أبشع قمع بحقهم، وهو نفسه اعتقلتموه عشرين مرة، وفي كل مرة مارستم على جسده ونفسيته التعذيب وجعلتموه معوقا وهو في عز شبابه؟».
بهذه الرسالة توجه زكريا محمد الزبيدي (46 عاما)، الأسير الذي تمكن من انتزاع حريته لخمسة أيام من السجن في حادثة الفرار الشهيرة من سجن الجلبوع قبل أيام.
والرسالة وجهت إلى الإسرائيليين، الذين لطالما تعرف إليهم زكريا وأتقن التكلم بلغتهم العبرية، عبر محاميه اليهودي اليساري أفيدور فيلدمان، الذي التقاه في معتقل الجلمة الخاضع للمخابرات الإسرائيلية ويقع ما بين الناصرة وحيفا. فيلدمان التقاه بعد ثلاثة أيام من الاعتقال، وفقط بعد أمر من المحكمة العليا. وقد وصلت إلينا من المحامي بشكل خاص عبر محام آخر يتعاون معه. وكشف أنه تعرض لضرب جنوني لدى اعتقاله، مارسه الجنود بشيء من الهستيريا. وقال إنه كان يعرف بأن مقاومة الاعتقال لم تكن مجدية، لكنه اعترض على أسلوب الاعتقال الفظ بلا حاجة ورفض شتائم الجنود، فراحوا يضربونه بكعب البندقية وبساطريهم على وجهه ورأسه وبطنه، وراحوا يضغطون على جروح قديمة في جسده، إذ يعاني من مشكلة في كتفه وعطل في ساقه وضعف شديد في بصره.
نتيجة هذا العنف، كانت إحداث كسر في رأسه، وكسر آخر في فكه، وكسر ضلعين في صدره وكدمات قوية في جميع أنحاء جسده. وقد امتنع المحققون في معتقل الناصرة عن عرضه على طبيب لفحصه، رغم عنائه الشديد، ورفضوا إرساله إلى العلاج في المستشفى. وظهر في المحكمة في الناصرة وهو مصاب ويعاني آلاما شديدة، وتعمد الجنود الحراس إحاطته بأجسادهم حتى لا تظهر الكاميرات إصاباته. ولكن محاميه طلب عرضه فورا على المستشفى. وبعد جلسة المحكمة تم نقله إلى مستشفى «رمبام» الحكومي في حيفا. وعندما اكتشفت الشرطة أن مجموعة من الشباب العرب (من فلسطينيي 48) سكان حيفا والناصرة وغيرهما، هرعوا إلى المستشفى في مظاهرة تأييد وتشجيع له، أعادوه إلى الزنزانة في المعتقل. وعندما توجه محاميه إلى المحكمة بطلب جديد، نقل إلى مستشفى «شعاري تسيدق» (وتعني بالعبرية بوابات العدل)، في القدس. وروى الزبيدي أن حراسه حرصوا على تقديم علاج سريع له، لا يعرف ما هو، ولكنه واثق من أنه لا يشفي. وأعيد إلى الاعتقال لمواصلة التحقيق معه.
وروى الزبيدي أنه شخصيا، لم يكن في البداية شريكا في خطة الفرار من السجن، ولكن رفاقه أشركوه في السر قبل حوالي الشهر، فقرر المشاركة بشكل ارتجالي على الفور. وقد طلب بعدها الانتقال إلى غرفة تنظيم الجهاد الإسلامي لينضم إلى الأسرى الخمسة، لكن إدارة السجن ماطلت في التجاوب معه، حتى اليوم قبل الأخير. وقال إن الخطة كانت تقضي بالهرب أواسط الشهر الجاري، لكنهم قرروا تقديم الموعد بعد اكتشاف إدارة السجن وجود كمية زائدة من الأتربة في شبكة المجاري. وشعروا بأن الأمر يثير الشبهات وأن عملية التحقيق يمكنها كشف المخطط. لذلك قرروا الفرار فورا، قبل التمكن من ترتيب تعاون من خارج السجن يتيح الانتقال إلى مكان آمن.
ومن هنا، فإن عدم وجود خطة لمرحلة ما بعد الخروج من السجن، لم يكن بسبب فشل في التخطيط بل بسبب الاضطرار إلى تبكير موعد الخروج. وقد كان كل شيء جاهزا لمغادرة السجن باستثناء الحفرة الأخيرة، فعملوا على حفرها بواسطة الملاعق وأذرع القلايات والصحون. واستغرق الأمر نصف ساعة، حتى وجدوا أنفسهم يستنشقون نسائم الحرية. وقد حاول الزبيدي ورفاقه الخمسة ترتيب من ينقلهم من مكان السجن إلى الضفة الغربية، أو غيرها، لكنهم لم يتمكنوا. ووصلوا إلى قرية الناعورة في مرج ابن عامر، بعد 7 ساعات من المشي في الحقول الزراعية، حيث تمكنوا من الاغتسال وتناول الماء والطعام. وبواسطة مذياع صغير معهم، فهموا أن الدنيا مقلوبة عليهم في إسرائيل. واختلفوا فيما بينهم، إلى أي مكان يتقدمون، الضفة الغربية أو البقاء في تخوم إسرائيل حتى تخف حركة القوات الإسرائيلية الهائلة التي تطاردهم. وقرروا التفرق إلى ثلاثة مسارات، ويقرر كل فريق تقدمه وفقا للأوضاع الميدانية.
الفريق الذي ضم الزبيدي ومحمد العارضة، اختار السير غربا باتجاه جبل طابور، وحرص على ألا يدخل القرى العربية، حتى لا يسبب ضررا لأهلها من بطش السلطات الإسرائيلية. ووفقا للمحامي فيلدمان، قال الزبيدي: «أنا واثق من أننا لو دخلنا القرى كنا سنجد من يقدم لنا المساعدة من أهلنا فلسطينيي 48 لكننا امتنعنا خوفا عليهم وليس خوفا منهم. وكان مؤثرا جدا، كيف استقبلنا أهل الناصرة بالهتافات والتحيات عندما أحضرنا الجنود إلى المحكمة، ثم علمنا أنهم كانوا يحملون صورنا ويلوحون بأعلام فلسطين. لقد سالت دموعنا تأثرا».
يذكر أن الزبيدي يعتبر من الفلسطينيين الذين عانوا الأشد مرارة. فهو من عائلة شردت من فلسطين العام 1948، واستقرت في مخيم اللاجئين المحاذي لمدينة جنين. والده، محمد، كان مدرسا للغة الإنجليزية ولكن الاحتلال الإسرائيلي رفض تعيينه في وظيفة تعليم، فاضطر إلى العمل في مسبك حديد، وقد توفي بسبب السرطان. عاش وأشقاؤه الثمانية يتامى، ترعاهم والدتهم سميرة. الثمانية اعتقلوا في إسرائيل، أصغرهم جبريل أعتقل لأقل فترة بينهم وهي 14 سنة. والدته كانت من مؤيدي السلام ومنحت الطابق العلوي من بيتها لخدمة فرقة مسرح السلام التي أقامتها آرنا خميس مير، وهي يهودية يسارية. لكن قناصا من الجيش الإسرائيلي قتل أمه برصاصة خلال الانتفاضة الثانية. ثم قتلوا شقيقا آخر له.
زكريا نفسه تعرض لرصاصة وهو في الثالثة عشرة من العمر، جعلته معوقا في ساقه. واعتقل حوالي عشرين مرة. هدم بيته ست مرات بجرافات الاحتلال. وبالإضافة إلى والدته وشقيقه، قتل عدة أصدقاء عزيزين عليه، وبلغ عدد القتلى في مخيم جنين وحده 370 شهيدا.



مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
TT

مصر تشدد على دعمها استقرار السودان ووحدة أراضيه

وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري ينقل رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الخارجية المصرية)

في أول زيارة لوزير خارجية مصر إلى السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023، سلم وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، الذي استقبله في بورتسودان.

ونقل الوزير المصري، إلى البرهان «اعتزاز الرئيس السيسي بالعلاقات التاريخية والأخوية بين مصر والسودان، والعزم على بذل كل المساعي الممكنة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للسودان».

جلسة مباحثات مصرية - سودانية موسعة (الخارجية المصرية)

وأشار عبد العاطي، وفق بيان للخارجية المصرية، إلى أن «الزيارة تأتي للإعراب عن تضامن مُخلص مع السودان في هذا المنعطف التاريخي الخطير، وللوقوف بجانب دولة شقيقة في ظل الروابط العميقة والعلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين».

كما أشار إلى «حرص مصر على الانخراط بفاعلية في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار في السودان الشقيق، بما يصون مصالحه وسيادته ووحدة أراضيه»، منوهاً بـ«جهود مصر لاستئناف السودان لأنشطته في الاتحاد الأفريقي».

وشهدت زيارة عبد العاطي لبورتسودان جلسة مشاورات رسمية بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني، علي يوسف الشريف بحضور وفدي البلدين، شدد الوزير المصري خلالها على «دعم بلاده الكامل للسودان قيادة وشعباً، وحرص مصر على بذل الجهود لرفع المعاناة عن الشعب السوداني».

وزير الخارجية السوداني يستقبل نظيره المصري (الخارجية المصرية)

واستعرض، وفق البيان، موقف مصر الداعي لـ«وقف فوري لإطلاق النار والإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية، وأهمية التعاون مع مبادرات الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات الإغاثة الدولية لتسهيل نفاذ تلك المساعدات».

كما حرص الجانبان على تناول ملف الأمن المائي باستفاضة، في ظل «مواقف البلدين المتطابقة بعدّهما دولتي مصب علي نهر النيل»، واتفقا على «الاستمرار في التنسيق والتعاون الوثيق بشكل مشترك لحفظ وصون الأمن المائي المصري والسوداني».

تضمنت الزيارة، كما أشار البيان، لقاء عبد العاطي مع الفريق إبراهيم جابر، عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، وأكد خلاله الوزير المصري «موقف بلاده الثابت القائم على دعم المؤسسات الوطنية السودانية واحترام وحدة وسلامة الأراضي السودانية».

كما عقد الوزير عبد العاطي لقاء مع ممثلي مجتمع الأعمال السوداني لتعزيز التعاون بين رجال الأعمال من البلدين واستكشاف فرص الاستثمار المشترك والاستفادة من الفرص الهائلة التي يتيحها الاقتصاد المصري، والعمل على مضاعفة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين. كما التقى مع مجموعة من السياسيين وممثلي المجتمع المدني من السودان، فضلاً عن لقاء مع أعضاء الجالية المصرية في بورتسودان واستمع إلى شواغلهم ومداخلاتهم.

بدورها، نقلت السفارة السودانية في القاهرة، عن وزير الخارجية علي يوسف، تقديمه «الشكر للشقيقة مصر على وقفتھا الصلبة الداعمة للسودان»، في ظل «خوضه حرب الكرامة الوطنية ضد ميليشيا الدعم السريع المتمردة ومرتزقتھا وداعميھا الإقليميين»، على حد وصف البيان.

ولفت البيان السوداني إلى أن الجانبين ناقشا «سبل تذليل المعوقات التي تواجه السودانيين المقيمين في مصر مؤقتاً بسبب الحرب، خاصة في الجوانب الھجرية والتعليمية»، واتفقا على «وضع معالجات عملية وناجعة لتلك القضايا في ضوء العلاقات الأزلية بين الشعبين الشقيقين».