مايكل موريل النائب السابق لمدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) من عام 2010 حتى 2013، مارس مرتين خلالها مهام مدير الوكالة. وفي مايو (أيار) المقبل سيصدر له كتاب عن تاريخ «سي آي إيه» مع تنظيم القاعدة يتضمن فصلا عن الخطر الإرهابي المقبل ويعالج قضايا «القاعدة» و«داعش».
وفي أول حديث له مع صحيفة عربية، تحدث موريل بشكل موسع عن طموحات وأخطار إيران في المنطقة، منبها إلى أن «الرغبة في إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية والسيطرة على الشرق الأوسط تعود إلى زمن الشاه». وبحسب اعتقاد موريل، فإن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي اتخذ قرار امتلاك إيران السلاح النووي. وكان موريل قال في مقابلة مع تلفزيون «بلومبرغ» إن خامنئي أوقف هذا القرار عام 2003 عندما غزت القوات الأميركية العراق، اعتقادا منه أن إيران ستكون التالية. وفي حواره مع «الشرق الأوسط»، قال موريل إن هدف خامنئي من الاتفاق حول المسألة النووية الآن هو التخلص من العقوبات «لأنه بعد ذلك سيعود لتصنيع السلاح النووي. إنه رجل صبور».
ويؤكد موريل أن المسألة النووية ليست المشكلة الوحيدة «بيننا وبين إيران» فهي حسب رأيه تريد «تصدير الأفكار الراديكالية، وأن تكون القوة المسيطرة في الشرق الأوسط، وتحاول قلب أنظمة الحكم العربية». ويقترح أن تكون لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما، إذا ما تم التوقيع على اتفاق، استراتيجية يبحثها مع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط لوقف تدخلات إيران العدائية في المنطقة. وأكد أن لا أحد في الإدارة يعتقد بإمكانية أن تصبح إيران حليفة لأميركا، أو أن تتغير على المدى القصير: «لا معتدلين في إيران».
وفيما يلي ما جاء في الحوار:
* الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة تتحدث عن وجود ثغرات أمام تحقيق اتفاق مع إيران. هل هذا مجرد ترديد خطابي، أم أنه لدفع إيران إلى التوقيع على اتفاق في ظل تقرير إيراني يقول إن إيران قد تواجه دمارا اقتصاديا إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع الغرب؟
- إذا كان المقصود تصريحات وزير الخارجية جون كيري فإنني آخذها كما هي عندما يتحدث عن وجود فجوات. لا أعتقد بوجود اتفاق حتى الآن، أعتقد أن ما تريد التوصل إليه إدارة الرئيس أوباما هو تحقيق أمرين يتعلقان بالبرنامج النووي: الأول: التأكد من «وقت الاختراق» الذي تحتاجه إيران لإنتاج سلاح نووي إذا وقعت على تخفيض أنشطتها النووية. الإدارة تريد أن يكون «وقت الاختراق»، طويلا بما يكفي، حتى إذا أراد الإيرانيون خرق الاتفاقية، نكون قادرين على التحرك لمنعهم من فعل ذلك. الأمر الثاني: هناك تفاهم بين الجميع، على أن استعمال إيران للمنشآت التي أعلنت عنها ليست الوسيلة الوحيدة لتصنيع السلاح. هناك طرق أخرى كإنتاج الأسلحة في منشأة سرية، لم تعلنها للوكالة، وهذا ما أسميه «التسلل»، لذلك فإن ما تريده إدارة أوباما هو وضع برنامج تفتيش تقوم به الوكالة، يعطي نسبة من الثقة، بحيث يستطيع المفتشون أن يكتشفوا «التسلل» الإيراني في وقت كاف حتى يتمكنوا من أن يوقفوه.. هذا ما تحاول إدارة أوباما عمله، وأعتقد أنه لا تزال هناك فروقات بيننا وبين الإيرانيين حول الاتفاق. وعندما يحدث الاتفاق سأحكم عليه انطلاقا من هذين الأمرين.
* هذا ما تسميه «اتفاقا جيدا»؟
- إذا توصلوا إلى هذين الأمرين، يمكن أن أسميه اتفاقا مقبولا، لكن تبقى هناك المشاكل الحقيقية لأن المسألة النووية ليست المشكلة الوحيدة بيننا وبين إيران.
* سنتكلم عنها لاحقا..
- الآن، لا أعرف إذا كانت هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق.
* لكنك قلت في مقابلتك مع قناة «بلومبرغ» إن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، اتخذ قرار الحصول على سلاح نووي..
- هذا رأيي الشخصي، هو يريد أن تمتلك إيران السلاح النووي. ويرى في امتلاك إيران للنووي أفضل ضمانة لأمنها ضد الولايات المتحدة، التي يراها العدو الأول لإيران، ويعتقد وعن غير حق، أن الولايات المتحدة تريد الإطاحة به وبنظامه. هو يعتقد هذا لأنه يظن أن الولايات المتحدة تهدد أمنه وأمن نظامه.
* بماذا سيفيده السلاح النووي، إذا افترضنا أن الولايات المتحدة تخطط فعلا حسب ما يعتقد؟
- هو يعتقد أننا لن نحاول، إذا كان يملك السلاح النووي. عندما ينظر إلى كوريا الشمالية ويرى دولة تمتلك السلاح النووي ويرى الولايات المتحدة تتصرف بحذر تجاهها بسبب سلاحها النووي، ثم ينظر إلى ليبيا، حيث حاول العقيد معمر القذافي الحصول على سلاح نووي، يرى ما يمكن أن يقع له ولإيران.
أعتقد أنه يريد أن تمتلك إيران السلاح النووي، لكنه ليس في عجلة من أمره. إنه رجل صبور، هو يعتقد أنه بالتخلص من العقوبات فإن الوقت إلى جانبه. وأظن أن اهتمامه بالتوصل إلى اتفاق محصور فقط بالتخلص من نظام العقوبات التي تخنق إيران، وبالتالي يعتقد أنه في يوم ما سيعود لبناء السلاح النووي، هل تذكرين ماذا فعل صدام حسين (الرئيس العراقي السابق) كان يتابع برنامجا ليوصله إلى السلاح النووي، ثم توقف وكانت خطته ألا يستأنف ذلك البرنامج إلا بعد رفع العقوبات، لكنه لم يكن يريد أن يعرف أحد أنه أوقف البرنامج النووي لأنه لم يكن يريد أن يعرف الإيرانيون هذا الأمر. أعتقد أن ما يجري الآن في إيران هو «نوع من العراق».. خامنئي يقول: أتخلى الآن، لكنني ساعود يوما ما.
* الغرب يعطي إيران، عبر الاتفاق، فترة 10 سنوات، ماذا سيحصل بعدها؟
- كلا، أريد أن ألفت النظر إلى أنه لا أحد يعرف هذا. لا نعرف ما إذا كانت الفترة 10 أو 15 أو 20 سنة، ولا نعرف ما إذا كانت هناك فترة ستعطى لإيران. استمر بتحذير الناس بأننا لا نعرف تفاصيل الاتفاق بعد. أنا شخصيا لا أظن بوجوب إعطائها أي فترة زمنية، لأنني أعتقد أن القيود النووية على إيران يجب أن تستمر حتى تغير من تصرفاتها في المنطقة.
* ماذا سيغير الاتفاق النووي في العلاقات مع الولايات المتحدة، وهل تعتقد أنه بعد توقيع الاتفاق، ستنتهي السياسة الأميركية التي تمنع المسؤولين الأميركيين من التحدث بحرية مع نظرائهم الإيرانيين؟
- لا أعرف، هذا سؤال جيد. أظن أن البعض يفكر هكذا وأنا لست منهم، هؤلاء يعتقدون أن اتفاقا نوويا مع إيران يكون كافيا لكسر الجمود في العلاقات بين الدولتين، وأنه مع الوقت سيسمح بإجراء محادثات تفضي إلى تطبيع العلاقات بين الدولتين. أعتقد أن بعض الناس يفكرون هكذا، بمن فيهم أشخاص في الإدارة. أنا لست منهم، أعتقد أن لدينا مشاكل كثيرة وجدية مع إيران، ويجب ألا نطبّع العلاقات ما لم تغير إيران من طريقة تصرفها في العالم.
* أيضا، يقول البعض إن الولايات المتحدة وإيران يجب أن تلتقيا في مناطق ذات منفعة مشتركة مثل أفغانستان، حيث الدولتان عملتا معا في السابق. وأيضا في الأمن البحري لجهة ممرات الشحن الرئيسية في الخليج، ما رأيك؟
- أعتقد أن كل أعمال إيران يجب أن تتوقف على العديد من الجبهات قبل أن تقيم الولايات المتحدة وحلفاؤها علاقات طبيعية مع إيران. أريد أن أتكلم عن طموحات إيران. فإيران تريد أن تكون القوة المسيطرة الوحيدة في الشرق الأوسط. هي تريد أن تحرك الأمور. يريد الإيرانيون أن يقرروا ما يحدث في الشرق الأوسط. برأيي، هذا ليس بالتطلع الإيراني أو التطلع الشيعي، إنه تطلع فارسي. الرغبة في إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية. وهذه ليست رغبة المرشد الأعلى الحالي أو الإمام الخميني فقط، إنها تعود إلى زمن الشاه محمد رضا بهلوي، وهذا ليس من مصلحة الولايات المتحدة أو من مصلحة المملكة العربية السعودية أو بقية حلفائنا في دول الخليج أن تكون إيران القوة الفعلية الوحيدة في الشرق الأوسط.
ثانيا: تماما كما «القاعدة» و«داعش»، وهما صوت للإسلام الراديكالي، كذلك الأمر بالنسبة إلى إيران هي صوت آخر للإسلام الراديكالي، لا أحد يمكنه أن ينفي ذلك. «القاعدة» و«داعش» هما صوت الإسلام السني الراديكالي، وإيران صوت الإسلام الشيعي الراديكالي.
ثالثا: قد تكون إيران الدولة الوحيدة في العالم التي تستمر في تشجيع الإرهاب في أماكن مختلفة من العالم. كما تعرفين «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني يدير الإرهاب في العالم، وهو خطط وتآمر لاغتيال السفير السعودي عادل جبير في واشنطن.
* هل هذا أمر مؤكد؟
- نعم، ولم يحاول فقط اغتيال السفير، بل حاولوا الهجوم على السفارتين السعودية والإسرائيلية في واشنطن. لم يكن وراء هذا التخطيط حزب الله أو مجموعة إرهابية، بل «فيلق القدس». إذن، دعم إيران للإرهاب يجب أن يتوقف. رابعا: إيران توفر الدعم لمنظمات إرهابية دولية، توفر الدعم لمجموعات الرفض الفلسطينية، وتدعم حزب الله، هذا الحزب ما كان ليوجد لولا الدعم الإيراني. قبل تفجيرات سبتمبر (أيلول) 2001، قتل حزب الله أميركيين أكثر من أي مجموعات إرهابية أخرى.
* ولكن مدير الأمن القومي الأميركي قدم تقريرا إلى مجلس الشيوخ الأميركي لم يتضمن اسمي إيران وحزب الله على قائمة التهديد الإرهابي؟
- من قال هذا؟
* جيمس كلابر.
- هو قال إنهما لا يشكلان خطرا إرهابيا، لكنه لم يقل إنهما دولة ومنظمة غير إرهابيتين. أنا أضيف أن إيران تشكل خطرا إرهابيا وكذلك الأمر بالنسبة إلى حزب الله.
خامسا: إنها سياسة الدولة الإيرانية بأن تمحو إسرائيل عن وجه الأرض. والمرشد الأعلى يكرر هذا طوال الوقت. في أكتوبر (تشرين الأول) 2013 دعا خامنئي إلى إبادة إسرائيل، والعام الماضي وضع خطة وتوقيتا حول اللازم لتحقيق هذا الهدف.
سادسا: إيران توفر الدعم للمجموعات الشيعية المتمردة في الدول السنية، في لبنان، في البحرين، في المناطق الشرقية من السعودية وفي اليمن. ما كان يمكن للحوثيين احتلال صنعاء من دون دعم إيران. ما الهدف الإيراني من دعم الجماعات الشيعية المنشقة هذه. إنها تريد الإطاحة بالأنظمة السنية في هذه الدول. وفوق كل هذا، يأتي البرنامج النووي.
من هنا، لدينا الكثير من المشاكل مع إيران. المملكة العربية السعودية تعاني الكثير من المشاكل مع إيران، لا بل المنطقة كلها. والبرنامج النووي أحد هذه المشاكل.
إذا فكرنا بالخلافات بين الرئيس أوباما ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، نرى أن الرئيس يركز على البرنامج النووي، وعلى تحقيق الأمرين اللذين أشرت إليهما، تمديد المهلة التي تستطيع إيران استئناف نشاطها النووي، ومراقبة محاولة التسلل. أما نتنياهو فيركز على كل المشاكل التي تسببها إيران، ولهذا يرى ضرورة إبقاء العقوبات على إيران حتى تتغير كل تصرفاتها وليس فقط البرنامج النووي. الرئيس يركز على البرنامج النووي لأن العقوبات مرتبطة به. يمكن القول إن الاثنين على حق. لكن هذا ما أريد أن أقوله: إننا نحتاج إلى استراتيجية. الولايات المتحدة وحلفاؤنا في الشرق الأوسط بحاجة إلى وضع استراتيجية حول كيفية التعامل مع إيران كأكبر مشكلة في المنطقة. كيف سندفعها إلى تغيير تصرفاتها والبرنامج النووي جزء من المشاكل كما ذكرت.
* وكيف سيكون هذا؟
- ما أود قوله للرئيس أن يحصل على اتفاق نووي جيد يتضمن ما ذكرته، لكنني أريد أن أسمع منه ماذا سيفعل بالنسبة لبقية المشاكل التي تهدد بها إيران. ما هي الاستراتيجية للتعاطي مع إيران التي تريد تصدير الإسلام الراديكالي، وتريد أن تكون القوة المسيطرة في الشرق الأوسط، وتحاول قلب أنظمة الحكم العربية، ما هي الاستراتيجية لمعالجة كل ذلك.
* وهل تعتقد أن لدى الرئيس استراتيجية؟ إذا كان يفكر فقط بالتوصل إلى اتفاق نووي، فهو ربما لا يرى المشاكل الأخرى..
- أظن أنه يرى المشاكل الأخرى، لكنني لا أعرف إذا كانت لديه استراتيجية. علينا أن ننتظر ونرى. لذلك عندما أُسأل أجيب دائما: هل حققنا في الاتفاق ما نريد التوصل إليه، وما إذا كانت لدينا استراتيجية للتعاطي مع إيران لاحقا.
* لكن لا استراتيجية لديكم، مع العلم أن البعض يقول إن على واشنطن أن توضح لإيران أنه على الرغم من الارتياح الذي ستجنيه بعد رفع جزء من العقوبات عنها، فإنه لن يكون مرحب بها بشكل كامل في المجتمع الدولي أو ترفع عنها العقوبات المفروضة عليها بسبب الإرهاب، ما لم توقف أنشطتها التخريبية في سوريا والعراق واليمن ولبنان؟
- هذه هي المشكلة الأساسية؛ أن أغلبية العقوبات التي فرضت على إيران والتي أضرتها كثيرا، تم وضعها من قبل الولايات المتحدة وشركائنا الأوروبيين والأمم المتحدة، وكلها تقول بضرورة أن تفعل إيران شيئا يتعلق ببرنامجها النووي، ولا تركز على المشاكل الأخرى، وما تعلمناه أن هذه العقوبات ساعدت على لجم إيران في تحقيق طموحاتها الأخرى. وهنا نواجه مشكلة، لأن دولا أخرى مثل إسرائيل ودول عربية كالسعودية والإمارات يعنيها مثلا التوصل إلى اتفاق جيد، فإن العقوبات ستزال. وسيتوفر لإيران مجال مناورة أوسع ومصادر إضافية لتفعل ما ترغب به من الأمور الأخرى. من هنا إدراك الناس لأهمية العقوبات التي تضغط على إيران كي تتغير.
نتنياهو أمام الكونغرس، قال إنه يقبل أن تحصل إيران على بعض القدرة النووية إذا غيرت من تصرفاتها. والكثير من الناس يفكر بهذه الطريقة. لكن العقوبات لا تطلب من إيران أن تتغير، إنما وضعت مقابل حل المشكلة النووية.
* هذه يعني أننا عالقون؟
- نعم نحن عالقون. ولهذا أقول إن الطريق لإخراجنا من هذا الفخ، هو توصلنا إلى اتفاق جيد، فهذا أمر حسن، لكن علينا أن نضع استراتيجية مع شركائنا في المنطقة ونبدأ الحديث مع السعودية والإمارات وإسرائيل وبقية شركائنا، ونقول لهم هذه هي الاستراتيجية التي سنتبعها لإيقاف إيران عن تدخلاتها، وإيقاف تصرفاتها العدائية.
* لكن، في العالم العربي لا يشعرون بأن الإدارة ترغب في إيقاف إيران عن تصرفاتها، يشعرون بأن الإدارة ترى إيران دولة تساعدها، لأن الإدارة لا ترى في العالم العربي سوى «داعش» والمتطرفين ولا ترى أن العالم العربي البعيد عن هؤلاء قائم ويعاني؟
- هذا ما أفكر به وأعرف بالتأكيد أنه لا يوجد شخص واحد في الإدارة لا يدرك ما قلته عن تصرفات إيران. الكل يدرك ويعرف هذا. أعتقد أن هناك بعض الأشخاص في الإدارة يعتقدون أن إيران ستتغير وحدها مع الوقت.
* هذا تفكير الرئيس أوباما؟
- ربما، لا أعرف، البعض يقول هذا. ما أعرفه أن البعض يفكر هكذا، يعتقدون أن إيران ديموغرافيا تتغير، هناك الكثير من الشباب يحبون أميركا والغرب، وستحصل تغييرات في القيادة خصوصا من ناحية العمر. أعتقد أن هناك البعض في الإدارة يظن أنه إذا توصلنا إلى اتفاق نووي يمكن أن نبدأ حوارا مع إيران يساعدهم كي يتغيروا. أنا لا أعتقد هذا.
* لا أحد في العالم العربي يعتقد ذلك، لأنه كما قلت في إحدى إجاباتك إنه حتى الشاه كان لديه التفكير ذاته..
- نعم، نعم..
* إذن كيف يمكن لنظام إيران أن يتغير؟
- هذا صحيح. هذا التفكير أعتقده «تفكير تمنٍ» بأن إيران ستتغير، ولا أعتقد أننا نستطيع أن نتخذ قرارات تتعلق بالأمن القومي قائمة على الأمل أو الرغبة. بعض الحوارات هنا في واشنطن تقول: لننتظر الجيل المقبل في إيران أي بعد رحيل المرشد الأعلى. لكن الجيل المقبل هو جيل الحرب العراقية – الإيرانية، إنه جيل محمود أحمدي نجاد، هذا الجيل يكره الولايات المتحدة لأنها دعمت العراق في حربه ضد إيران. أنا أعتقد أن الجيل المقبل في القيادة المقبلة سيكون أقسى..
* مستشار الرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني، علي يونسي، قال بداية الشهر إن إيران عادت من جديد إمبراطورية و«العراق» عاصمتها، وإن التشيع الإيراني هو الإسلام النقي. وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس تحرير وكالة «مهر» الإيرانية حسن هاني زادة إن على العراقيين ترك العروبة المزيفة، وأن يتحدوا مع إيران. كيف يمكن للعرب أن يثقوا بإيران التي بدأت الآن تكشف عن وجهها الحقيقي في العراق، وستصل إلى سوريا، وحزب الله في لبنان واليمن، وهل يمكن لهذه المواقف أن تؤثر على التحالف؟
- وصفتي تماما ما أقوله. لا يوجد معتدلون في إيران. وهذا مهم جدا أن يُعرف. هناك نسب متفاوتة من المحافظين، لقد تم تدمير المعتدلين عام 2009 وبالتالي فإن روحاني ليس بالمعتدل. ما قاله هذا الشخص (يونسي)، يصف تماما طموحات إيران. ومن المهم جدا أن نصغي إلى ما يقوله الناس، لأنهم غالبا يقولون الحقيقة. قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، قال (زعيم القاعدة) أسامة بن لادن إنه سيشن هجوما على الولايات المتحدة، وقبل أن تحصل الهند على السلاح النووي قال الحزب اليميني المتطرف «بي جاي بي» إنه إذا فاز بالانتخابات فسيعمل للحصول على السلاح النووي. دائما الدول والمنظمات تقول تماما ما تريد أن تفعله. وهذه أهمية ما قاله يونسي، كونه مستشارا لرئيس يصف نفسه بالمعتدل.. لا يوجد معتدلون في إيران.
* هل سيؤثر هذا على التحالف بوجود دول عربية فيه، هل ستستمر في المساعدة لدحر «داعش» في العراق بحيث يتسنى لإيران السيطرة تماما على العراق؟
- يقلقني جدا مستقبل العراق. وأعتقد أن نفوذ إيران في العراق مبالغ به. الشيعة العراقيون لا يحبون إيران. العراق بشكل عام لا يحب إيران. يقلقني الوضع الحالي، لأن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران مهمة جدا للحكومة العراقية كي تسترجع الأراضي من «داعش». وما أخاف منه هو أن نهزم «داعش» في العراق ونخسر العراق لصالح إيران في الوقت نفسه.
* لكن هذه الميليشيات الشيعية ولثلاثة أسابيع لم تستطع استرجاع تكريت من «داعش»، وبررت الحكومة العراقية وقف العمليات بأنها لا تريد قتل مدنيين. نجحت الميليشيات الشيعية في التدمير والانتقام ولكنها لم تستطع الاستمرار. نرى «داعش» في الأنبار والفلوجة، وكما قلت أنت سابقا توقف انتشار «داعش»، لكن التنظيم يعزز مواقفه..
- ما أريد قوله، إن هذه الميليشيات الشيعية وقوات «فيلق القدس»، الموجودة في العراق هي القوات الأقوى على الأرض الآن. عندما يطأون منطقة سنية في العراق يدفعون السنّة إلى أذرع «داعش». وبمحاولتهم اقتحام تكريت أو الأنبار سيدفعون السنّة المعتدلين إلى أذرع «داعش» لا أحد يمكنه نكران ذلك.
* إذن، من يستطيع إلحاق الهزيمة بـ«داعش»؟
- أريد أن أرى الجيش العراقي يقوم بالمهمة. أريد تدريبهم وتزويدهم بكل ما يحتاجونه، وأريد أن أسمع الحكومة العراقية تقول إنه لا مكان للميليشيات الشيعية في العراق. وأظن أنه مع الوقت تستطيع المؤسسة العسكرية العراقية استرجاع الأراضي من «داعش». أما في سوريا فسيكون الأمر أصعب.
يجب وضع استراتيجية ناجحة لسوريا، والاستراتيجية الوحيدة الناجحة في سوريا تكون بتدريب سوريين معتدلين.
* هذا سيأخذ وقتا طويلا، كيف يمكن لخمسة آلاف شخص أن يقلبوا الأوضاع في سوريا؟
- لا، ليس 5 آلاف بل 50 ألفا، ويجب تدريبهم ووضع قوات غربية على الأرض معهم لإرشادهم ومساعدتهم.
* حسب الأسبوعية الفرنسية «لوكانار أنشينه» فإن القادة الفرنسيين؛ الرئيس فرنسوا هولاند ووزير الخارجية لوران فابيوس على الأخص، يعتقدان أن الرئيس الأميركي ساذج بشكل خطير فيما يتعلق بالطموحات الإيرانية، وبفكرة جعل إيران حليفا في محاربة «داعش» أو شريكا لإيجاد حل سياسي في سوريا؟
- لا أتفق مع هذا. لقد تحدثنا كيف أن البعض في الإدارة يعتقد بإمكانية أن تغير إيران من تصرفاتها مع الوقت، لكن لا يوجد أحد يعتقد أن إيران ستتغير على المدى القصير، ولا أحد يعتقد بإمكانية أن تصبح إيران حليفة للولايات المتحدة.
* وحسب ما قال وزير الخارجية الأميركي بالنسبة إلى التفاوض مع النظام السوري، نلاحظ أن مدير وكالة «سي آي إيه» جون برينان قال في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك إنه يجب أن نحافظ على الحكومة السورية ومؤسساتها والحؤول دون انهيارها..
- هناك نقاش شرعي دائر في واشنطن، ما علينا فعله، أولا: أن نتخلص من الأسد ونأتي محله بحكومة تساعدنا على محاربة «داعش»، أو تهزم «داعش» وبعدها نفكر بالأسد. إنه نقاش شرعي. أعرف أن الولايات المتحدة تميل إلى التركيز على «داعش» أولا وأعرف أن البعض في الشرق الأوسط لديه وجهة نظر مختلفة. لا أعرف أين أقف في هذا. لكن، هذا ما يقلقني، أن الوحيد القادر على مواجهة «داعش» في سوريا هو بشار الأسد.
* لكنه لا يقصف «داعش» بل يقصف الآخرين؟
- أعرف، أعرف أنه يقصف شعبه، لكن هناك قلقا من أنه إذا ما رحل الآن سنكون أمام وضع كارثي، لأنه لن يكون هناك أحد قادر على القضاء على «داعش». لهذا يميل النقاش إلى القضاء على «داعش»، وفي عالم مثالي، نتمنى لو كانت هناك مجموعة سنّية تجتاح الحكومة السورية، وتحافظ عليها موحدة، ثم بقوة تلاحق «داعش» ومشتقاتها.
* يطالب الفاتيكان باستعمال القوة للقضاء على «داعش»، هل سيصغي أحد لحماية الأقليات في المنطقة؟
- لا أعرف. أتمنى ذلك لأنه من الضروري لمستقبل الشرق الأوسط أن تبقى الأقليات في أرضها، وأن تكون محمية. هذا أمر ذو أهمية قصوى.