النائب السابق لمدير «سي آي إيه»: خامنئي قرر امتلاك السلاح النووي لكنه ليس متعجلا

مايكل موريل لـ«الشرق الأوسط»: لا يوجد معتدلون في إيران.. وشيعة العراق لا يحبونها

النائب السابق لمدير «سي آي إيه»: خامنئي قرر امتلاك السلاح النووي لكنه ليس متعجلا
TT

النائب السابق لمدير «سي آي إيه»: خامنئي قرر امتلاك السلاح النووي لكنه ليس متعجلا

النائب السابق لمدير «سي آي إيه»: خامنئي قرر امتلاك السلاح النووي لكنه ليس متعجلا

مايكل موريل النائب السابق لمدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) من عام 2010 حتى 2013، مارس مرتين خلالها مهام مدير الوكالة. وفي مايو (أيار) المقبل سيصدر له كتاب عن تاريخ «سي آي إيه» مع تنظيم القاعدة يتضمن فصلا عن الخطر الإرهابي المقبل ويعالج قضايا «القاعدة» و«داعش».
وفي أول حديث له مع صحيفة عربية، تحدث موريل بشكل موسع عن طموحات وأخطار إيران في المنطقة، منبها إلى أن «الرغبة في إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية والسيطرة على الشرق الأوسط تعود إلى زمن الشاه». وبحسب اعتقاد موريل، فإن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي اتخذ قرار امتلاك إيران السلاح النووي. وكان موريل قال في مقابلة مع تلفزيون «بلومبرغ» إن خامنئي أوقف هذا القرار عام 2003 عندما غزت القوات الأميركية العراق، اعتقادا منه أن إيران ستكون التالية. وفي حواره مع «الشرق الأوسط»، قال موريل إن هدف خامنئي من الاتفاق حول المسألة النووية الآن هو التخلص من العقوبات «لأنه بعد ذلك سيعود لتصنيع السلاح النووي. إنه رجل صبور».
ويؤكد موريل أن المسألة النووية ليست المشكلة الوحيدة «بيننا وبين إيران» فهي حسب رأيه تريد «تصدير الأفكار الراديكالية، وأن تكون القوة المسيطرة في الشرق الأوسط، وتحاول قلب أنظمة الحكم العربية». ويقترح أن تكون لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما، إذا ما تم التوقيع على اتفاق، استراتيجية يبحثها مع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط لوقف تدخلات إيران العدائية في المنطقة. وأكد أن لا أحد في الإدارة يعتقد بإمكانية أن تصبح إيران حليفة لأميركا، أو أن تتغير على المدى القصير: «لا معتدلين في إيران».
وفيما يلي ما جاء في الحوار:

* الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة تتحدث عن وجود ثغرات أمام تحقيق اتفاق مع إيران. هل هذا مجرد ترديد خطابي، أم أنه لدفع إيران إلى التوقيع على اتفاق في ظل تقرير إيراني يقول إن إيران قد تواجه دمارا اقتصاديا إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع الغرب؟
- إذا كان المقصود تصريحات وزير الخارجية جون كيري فإنني آخذها كما هي عندما يتحدث عن وجود فجوات. لا أعتقد بوجود اتفاق حتى الآن، أعتقد أن ما تريد التوصل إليه إدارة الرئيس أوباما هو تحقيق أمرين يتعلقان بالبرنامج النووي: الأول: التأكد من «وقت الاختراق» الذي تحتاجه إيران لإنتاج سلاح نووي إذا وقعت على تخفيض أنشطتها النووية. الإدارة تريد أن يكون «وقت الاختراق»، طويلا بما يكفي، حتى إذا أراد الإيرانيون خرق الاتفاقية، نكون قادرين على التحرك لمنعهم من فعل ذلك. الأمر الثاني: هناك تفاهم بين الجميع، على أن استعمال إيران للمنشآت التي أعلنت عنها ليست الوسيلة الوحيدة لتصنيع السلاح. هناك طرق أخرى كإنتاج الأسلحة في منشأة سرية، لم تعلنها للوكالة، وهذا ما أسميه «التسلل»، لذلك فإن ما تريده إدارة أوباما هو وضع برنامج تفتيش تقوم به الوكالة، يعطي نسبة من الثقة، بحيث يستطيع المفتشون أن يكتشفوا «التسلل» الإيراني في وقت كاف حتى يتمكنوا من أن يوقفوه.. هذا ما تحاول إدارة أوباما عمله، وأعتقد أنه لا تزال هناك فروقات بيننا وبين الإيرانيين حول الاتفاق. وعندما يحدث الاتفاق سأحكم عليه انطلاقا من هذين الأمرين.
* هذا ما تسميه «اتفاقا جيدا»؟
- إذا توصلوا إلى هذين الأمرين، يمكن أن أسميه اتفاقا مقبولا، لكن تبقى هناك المشاكل الحقيقية لأن المسألة النووية ليست المشكلة الوحيدة بيننا وبين إيران.
* سنتكلم عنها لاحقا..
- الآن، لا أعرف إذا كانت هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق.
* لكنك قلت في مقابلتك مع قناة «بلومبرغ» إن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، اتخذ قرار الحصول على سلاح نووي..
- هذا رأيي الشخصي، هو يريد أن تمتلك إيران السلاح النووي. ويرى في امتلاك إيران للنووي أفضل ضمانة لأمنها ضد الولايات المتحدة، التي يراها العدو الأول لإيران، ويعتقد وعن غير حق، أن الولايات المتحدة تريد الإطاحة به وبنظامه. هو يعتقد هذا لأنه يظن أن الولايات المتحدة تهدد أمنه وأمن نظامه.
* بماذا سيفيده السلاح النووي، إذا افترضنا أن الولايات المتحدة تخطط فعلا حسب ما يعتقد؟
- هو يعتقد أننا لن نحاول، إذا كان يملك السلاح النووي. عندما ينظر إلى كوريا الشمالية ويرى دولة تمتلك السلاح النووي ويرى الولايات المتحدة تتصرف بحذر تجاهها بسبب سلاحها النووي، ثم ينظر إلى ليبيا، حيث حاول العقيد معمر القذافي الحصول على سلاح نووي، يرى ما يمكن أن يقع له ولإيران.
أعتقد أنه يريد أن تمتلك إيران السلاح النووي، لكنه ليس في عجلة من أمره. إنه رجل صبور، هو يعتقد أنه بالتخلص من العقوبات فإن الوقت إلى جانبه. وأظن أن اهتمامه بالتوصل إلى اتفاق محصور فقط بالتخلص من نظام العقوبات التي تخنق إيران، وبالتالي يعتقد أنه في يوم ما سيعود لبناء السلاح النووي، هل تذكرين ماذا فعل صدام حسين (الرئيس العراقي السابق) كان يتابع برنامجا ليوصله إلى السلاح النووي، ثم توقف وكانت خطته ألا يستأنف ذلك البرنامج إلا بعد رفع العقوبات، لكنه لم يكن يريد أن يعرف أحد أنه أوقف البرنامج النووي لأنه لم يكن يريد أن يعرف الإيرانيون هذا الأمر. أعتقد أن ما يجري الآن في إيران هو «نوع من العراق».. خامنئي يقول: أتخلى الآن، لكنني ساعود يوما ما.
* الغرب يعطي إيران، عبر الاتفاق، فترة 10 سنوات، ماذا سيحصل بعدها؟
- كلا، أريد أن ألفت النظر إلى أنه لا أحد يعرف هذا. لا نعرف ما إذا كانت الفترة 10 أو 15 أو 20 سنة، ولا نعرف ما إذا كانت هناك فترة ستعطى لإيران. استمر بتحذير الناس بأننا لا نعرف تفاصيل الاتفاق بعد. أنا شخصيا لا أظن بوجوب إعطائها أي فترة زمنية، لأنني أعتقد أن القيود النووية على إيران يجب أن تستمر حتى تغير من تصرفاتها في المنطقة.
* ماذا سيغير الاتفاق النووي في العلاقات مع الولايات المتحدة، وهل تعتقد أنه بعد توقيع الاتفاق، ستنتهي السياسة الأميركية التي تمنع المسؤولين الأميركيين من التحدث بحرية مع نظرائهم الإيرانيين؟
- لا أعرف، هذا سؤال جيد. أظن أن البعض يفكر هكذا وأنا لست منهم، هؤلاء يعتقدون أن اتفاقا نوويا مع إيران يكون كافيا لكسر الجمود في العلاقات بين الدولتين، وأنه مع الوقت سيسمح بإجراء محادثات تفضي إلى تطبيع العلاقات بين الدولتين. أعتقد أن بعض الناس يفكرون هكذا، بمن فيهم أشخاص في الإدارة. أنا لست منهم، أعتقد أن لدينا مشاكل كثيرة وجدية مع إيران، ويجب ألا نطبّع العلاقات ما لم تغير إيران من طريقة تصرفها في العالم.
* أيضا، يقول البعض إن الولايات المتحدة وإيران يجب أن تلتقيا في مناطق ذات منفعة مشتركة مثل أفغانستان، حيث الدولتان عملتا معا في السابق. وأيضا في الأمن البحري لجهة ممرات الشحن الرئيسية في الخليج، ما رأيك؟
- أعتقد أن كل أعمال إيران يجب أن تتوقف على العديد من الجبهات قبل أن تقيم الولايات المتحدة وحلفاؤها علاقات طبيعية مع إيران. أريد أن أتكلم عن طموحات إيران. فإيران تريد أن تكون القوة المسيطرة الوحيدة في الشرق الأوسط. هي تريد أن تحرك الأمور. يريد الإيرانيون أن يقرروا ما يحدث في الشرق الأوسط. برأيي، هذا ليس بالتطلع الإيراني أو التطلع الشيعي، إنه تطلع فارسي. الرغبة في إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية. وهذه ليست رغبة المرشد الأعلى الحالي أو الإمام الخميني فقط، إنها تعود إلى زمن الشاه محمد رضا بهلوي، وهذا ليس من مصلحة الولايات المتحدة أو من مصلحة المملكة العربية السعودية أو بقية حلفائنا في دول الخليج أن تكون إيران القوة الفعلية الوحيدة في الشرق الأوسط.
ثانيا: تماما كما «القاعدة» و«داعش»، وهما صوت للإسلام الراديكالي، كذلك الأمر بالنسبة إلى إيران هي صوت آخر للإسلام الراديكالي، لا أحد يمكنه أن ينفي ذلك. «القاعدة» و«داعش» هما صوت الإسلام السني الراديكالي، وإيران صوت الإسلام الشيعي الراديكالي.
ثالثا: قد تكون إيران الدولة الوحيدة في العالم التي تستمر في تشجيع الإرهاب في أماكن مختلفة من العالم. كما تعرفين «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني يدير الإرهاب في العالم، وهو خطط وتآمر لاغتيال السفير السعودي عادل جبير في واشنطن.
* هل هذا أمر مؤكد؟
- نعم، ولم يحاول فقط اغتيال السفير، بل حاولوا الهجوم على السفارتين السعودية والإسرائيلية في واشنطن. لم يكن وراء هذا التخطيط حزب الله أو مجموعة إرهابية، بل «فيلق القدس». إذن، دعم إيران للإرهاب يجب أن يتوقف. رابعا: إيران توفر الدعم لمنظمات إرهابية دولية، توفر الدعم لمجموعات الرفض الفلسطينية، وتدعم حزب الله، هذا الحزب ما كان ليوجد لولا الدعم الإيراني. قبل تفجيرات سبتمبر (أيلول) 2001، قتل حزب الله أميركيين أكثر من أي مجموعات إرهابية أخرى.
* ولكن مدير الأمن القومي الأميركي قدم تقريرا إلى مجلس الشيوخ الأميركي لم يتضمن اسمي إيران وحزب الله على قائمة التهديد الإرهابي؟
- من قال هذا؟
* جيمس كلابر.
- هو قال إنهما لا يشكلان خطرا إرهابيا، لكنه لم يقل إنهما دولة ومنظمة غير إرهابيتين. أنا أضيف أن إيران تشكل خطرا إرهابيا وكذلك الأمر بالنسبة إلى حزب الله.
خامسا: إنها سياسة الدولة الإيرانية بأن تمحو إسرائيل عن وجه الأرض. والمرشد الأعلى يكرر هذا طوال الوقت. في أكتوبر (تشرين الأول) 2013 دعا خامنئي إلى إبادة إسرائيل، والعام الماضي وضع خطة وتوقيتا حول اللازم لتحقيق هذا الهدف.
سادسا: إيران توفر الدعم للمجموعات الشيعية المتمردة في الدول السنية، في لبنان، في البحرين، في المناطق الشرقية من السعودية وفي اليمن. ما كان يمكن للحوثيين احتلال صنعاء من دون دعم إيران. ما الهدف الإيراني من دعم الجماعات الشيعية المنشقة هذه. إنها تريد الإطاحة بالأنظمة السنية في هذه الدول. وفوق كل هذا، يأتي البرنامج النووي.
من هنا، لدينا الكثير من المشاكل مع إيران. المملكة العربية السعودية تعاني الكثير من المشاكل مع إيران، لا بل المنطقة كلها. والبرنامج النووي أحد هذه المشاكل.
إذا فكرنا بالخلافات بين الرئيس أوباما ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، نرى أن الرئيس يركز على البرنامج النووي، وعلى تحقيق الأمرين اللذين أشرت إليهما، تمديد المهلة التي تستطيع إيران استئناف نشاطها النووي، ومراقبة محاولة التسلل. أما نتنياهو فيركز على كل المشاكل التي تسببها إيران، ولهذا يرى ضرورة إبقاء العقوبات على إيران حتى تتغير كل تصرفاتها وليس فقط البرنامج النووي. الرئيس يركز على البرنامج النووي لأن العقوبات مرتبطة به. يمكن القول إن الاثنين على حق. لكن هذا ما أريد أن أقوله: إننا نحتاج إلى استراتيجية. الولايات المتحدة وحلفاؤنا في الشرق الأوسط بحاجة إلى وضع استراتيجية حول كيفية التعامل مع إيران كأكبر مشكلة في المنطقة. كيف سندفعها إلى تغيير تصرفاتها والبرنامج النووي جزء من المشاكل كما ذكرت.
* وكيف سيكون هذا؟
- ما أود قوله للرئيس أن يحصل على اتفاق نووي جيد يتضمن ما ذكرته، لكنني أريد أن أسمع منه ماذا سيفعل بالنسبة لبقية المشاكل التي تهدد بها إيران. ما هي الاستراتيجية للتعاطي مع إيران التي تريد تصدير الإسلام الراديكالي، وتريد أن تكون القوة المسيطرة في الشرق الأوسط، وتحاول قلب أنظمة الحكم العربية، ما هي الاستراتيجية لمعالجة كل ذلك.
* وهل تعتقد أن لدى الرئيس استراتيجية؟ إذا كان يفكر فقط بالتوصل إلى اتفاق نووي، فهو ربما لا يرى المشاكل الأخرى..
- أظن أنه يرى المشاكل الأخرى، لكنني لا أعرف إذا كانت لديه استراتيجية. علينا أن ننتظر ونرى. لذلك عندما أُسأل أجيب دائما: هل حققنا في الاتفاق ما نريد التوصل إليه، وما إذا كانت لدينا استراتيجية للتعاطي مع إيران لاحقا.
* لكن لا استراتيجية لديكم، مع العلم أن البعض يقول إن على واشنطن أن توضح لإيران أنه على الرغم من الارتياح الذي ستجنيه بعد رفع جزء من العقوبات عنها، فإنه لن يكون مرحب بها بشكل كامل في المجتمع الدولي أو ترفع عنها العقوبات المفروضة عليها بسبب الإرهاب، ما لم توقف أنشطتها التخريبية في سوريا والعراق واليمن ولبنان؟
- هذه هي المشكلة الأساسية؛ أن أغلبية العقوبات التي فرضت على إيران والتي أضرتها كثيرا، تم وضعها من قبل الولايات المتحدة وشركائنا الأوروبيين والأمم المتحدة، وكلها تقول بضرورة أن تفعل إيران شيئا يتعلق ببرنامجها النووي، ولا تركز على المشاكل الأخرى، وما تعلمناه أن هذه العقوبات ساعدت على لجم إيران في تحقيق طموحاتها الأخرى. وهنا نواجه مشكلة، لأن دولا أخرى مثل إسرائيل ودول عربية كالسعودية والإمارات يعنيها مثلا التوصل إلى اتفاق جيد، فإن العقوبات ستزال. وسيتوفر لإيران مجال مناورة أوسع ومصادر إضافية لتفعل ما ترغب به من الأمور الأخرى. من هنا إدراك الناس لأهمية العقوبات التي تضغط على إيران كي تتغير.
نتنياهو أمام الكونغرس، قال إنه يقبل أن تحصل إيران على بعض القدرة النووية إذا غيرت من تصرفاتها. والكثير من الناس يفكر بهذه الطريقة. لكن العقوبات لا تطلب من إيران أن تتغير، إنما وضعت مقابل حل المشكلة النووية.
* هذه يعني أننا عالقون؟
- نعم نحن عالقون. ولهذا أقول إن الطريق لإخراجنا من هذا الفخ، هو توصلنا إلى اتفاق جيد، فهذا أمر حسن، لكن علينا أن نضع استراتيجية مع شركائنا في المنطقة ونبدأ الحديث مع السعودية والإمارات وإسرائيل وبقية شركائنا، ونقول لهم هذه هي الاستراتيجية التي سنتبعها لإيقاف إيران عن تدخلاتها، وإيقاف تصرفاتها العدائية.
* لكن، في العالم العربي لا يشعرون بأن الإدارة ترغب في إيقاف إيران عن تصرفاتها، يشعرون بأن الإدارة ترى إيران دولة تساعدها، لأن الإدارة لا ترى في العالم العربي سوى «داعش» والمتطرفين ولا ترى أن العالم العربي البعيد عن هؤلاء قائم ويعاني؟
- هذا ما أفكر به وأعرف بالتأكيد أنه لا يوجد شخص واحد في الإدارة لا يدرك ما قلته عن تصرفات إيران. الكل يدرك ويعرف هذا. أعتقد أن هناك بعض الأشخاص في الإدارة يعتقدون أن إيران ستتغير وحدها مع الوقت.
* هذا تفكير الرئيس أوباما؟
- ربما، لا أعرف، البعض يقول هذا. ما أعرفه أن البعض يفكر هكذا، يعتقدون أن إيران ديموغرافيا تتغير، هناك الكثير من الشباب يحبون أميركا والغرب، وستحصل تغييرات في القيادة خصوصا من ناحية العمر. أعتقد أن هناك البعض في الإدارة يظن أنه إذا توصلنا إلى اتفاق نووي يمكن أن نبدأ حوارا مع إيران يساعدهم كي يتغيروا. أنا لا أعتقد هذا.
* لا أحد في العالم العربي يعتقد ذلك، لأنه كما قلت في إحدى إجاباتك إنه حتى الشاه كان لديه التفكير ذاته..
- نعم، نعم..
* إذن كيف يمكن لنظام إيران أن يتغير؟
- هذا صحيح. هذا التفكير أعتقده «تفكير تمنٍ» بأن إيران ستتغير، ولا أعتقد أننا نستطيع أن نتخذ قرارات تتعلق بالأمن القومي قائمة على الأمل أو الرغبة. بعض الحوارات هنا في واشنطن تقول: لننتظر الجيل المقبل في إيران أي بعد رحيل المرشد الأعلى. لكن الجيل المقبل هو جيل الحرب العراقية – الإيرانية، إنه جيل محمود أحمدي نجاد، هذا الجيل يكره الولايات المتحدة لأنها دعمت العراق في حربه ضد إيران. أنا أعتقد أن الجيل المقبل في القيادة المقبلة سيكون أقسى..
* مستشار الرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني، علي يونسي، قال بداية الشهر إن إيران عادت من جديد إمبراطورية و«العراق» عاصمتها، وإن التشيع الإيراني هو الإسلام النقي. وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس تحرير وكالة «مهر» الإيرانية حسن هاني زادة إن على العراقيين ترك العروبة المزيفة، وأن يتحدوا مع إيران. كيف يمكن للعرب أن يثقوا بإيران التي بدأت الآن تكشف عن وجهها الحقيقي في العراق، وستصل إلى سوريا، وحزب الله في لبنان واليمن، وهل يمكن لهذه المواقف أن تؤثر على التحالف؟
- وصفتي تماما ما أقوله. لا يوجد معتدلون في إيران. وهذا مهم جدا أن يُعرف. هناك نسب متفاوتة من المحافظين، لقد تم تدمير المعتدلين عام 2009 وبالتالي فإن روحاني ليس بالمعتدل. ما قاله هذا الشخص (يونسي)، يصف تماما طموحات إيران. ومن المهم جدا أن نصغي إلى ما يقوله الناس، لأنهم غالبا يقولون الحقيقة. قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، قال (زعيم القاعدة) أسامة بن لادن إنه سيشن هجوما على الولايات المتحدة، وقبل أن تحصل الهند على السلاح النووي قال الحزب اليميني المتطرف «بي جاي بي» إنه إذا فاز بالانتخابات فسيعمل للحصول على السلاح النووي. دائما الدول والمنظمات تقول تماما ما تريد أن تفعله. وهذه أهمية ما قاله يونسي، كونه مستشارا لرئيس يصف نفسه بالمعتدل.. لا يوجد معتدلون في إيران.
* هل سيؤثر هذا على التحالف بوجود دول عربية فيه، هل ستستمر في المساعدة لدحر «داعش» في العراق بحيث يتسنى لإيران السيطرة تماما على العراق؟
- يقلقني جدا مستقبل العراق. وأعتقد أن نفوذ إيران في العراق مبالغ به. الشيعة العراقيون لا يحبون إيران. العراق بشكل عام لا يحب إيران. يقلقني الوضع الحالي، لأن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران مهمة جدا للحكومة العراقية كي تسترجع الأراضي من «داعش». وما أخاف منه هو أن نهزم «داعش» في العراق ونخسر العراق لصالح إيران في الوقت نفسه.
* لكن هذه الميليشيات الشيعية ولثلاثة أسابيع لم تستطع استرجاع تكريت من «داعش»، وبررت الحكومة العراقية وقف العمليات بأنها لا تريد قتل مدنيين. نجحت الميليشيات الشيعية في التدمير والانتقام ولكنها لم تستطع الاستمرار. نرى «داعش» في الأنبار والفلوجة، وكما قلت أنت سابقا توقف انتشار «داعش»، لكن التنظيم يعزز مواقفه..
- ما أريد قوله، إن هذه الميليشيات الشيعية وقوات «فيلق القدس»، الموجودة في العراق هي القوات الأقوى على الأرض الآن. عندما يطأون منطقة سنية في العراق يدفعون السنّة إلى أذرع «داعش». وبمحاولتهم اقتحام تكريت أو الأنبار سيدفعون السنّة المعتدلين إلى أذرع «داعش» لا أحد يمكنه نكران ذلك.
* إذن، من يستطيع إلحاق الهزيمة بـ«داعش»؟
- أريد أن أرى الجيش العراقي يقوم بالمهمة. أريد تدريبهم وتزويدهم بكل ما يحتاجونه، وأريد أن أسمع الحكومة العراقية تقول إنه لا مكان للميليشيات الشيعية في العراق. وأظن أنه مع الوقت تستطيع المؤسسة العسكرية العراقية استرجاع الأراضي من «داعش». أما في سوريا فسيكون الأمر أصعب.
يجب وضع استراتيجية ناجحة لسوريا، والاستراتيجية الوحيدة الناجحة في سوريا تكون بتدريب سوريين معتدلين.
* هذا سيأخذ وقتا طويلا، كيف يمكن لخمسة آلاف شخص أن يقلبوا الأوضاع في سوريا؟
- لا، ليس 5 آلاف بل 50 ألفا، ويجب تدريبهم ووضع قوات غربية على الأرض معهم لإرشادهم ومساعدتهم.
* حسب الأسبوعية الفرنسية «لوكانار أنشينه» فإن القادة الفرنسيين؛ الرئيس فرنسوا هولاند ووزير الخارجية لوران فابيوس على الأخص، يعتقدان أن الرئيس الأميركي ساذج بشكل خطير فيما يتعلق بالطموحات الإيرانية، وبفكرة جعل إيران حليفا في محاربة «داعش» أو شريكا لإيجاد حل سياسي في سوريا؟
- لا أتفق مع هذا. لقد تحدثنا كيف أن البعض في الإدارة يعتقد بإمكانية أن تغير إيران من تصرفاتها مع الوقت، لكن لا يوجد أحد يعتقد أن إيران ستتغير على المدى القصير، ولا أحد يعتقد بإمكانية أن تصبح إيران حليفة للولايات المتحدة.
* وحسب ما قال وزير الخارجية الأميركي بالنسبة إلى التفاوض مع النظام السوري، نلاحظ أن مدير وكالة «سي آي إيه» جون برينان قال في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك إنه يجب أن نحافظ على الحكومة السورية ومؤسساتها والحؤول دون انهيارها..
- هناك نقاش شرعي دائر في واشنطن، ما علينا فعله، أولا: أن نتخلص من الأسد ونأتي محله بحكومة تساعدنا على محاربة «داعش»، أو تهزم «داعش» وبعدها نفكر بالأسد. إنه نقاش شرعي. أعرف أن الولايات المتحدة تميل إلى التركيز على «داعش» أولا وأعرف أن البعض في الشرق الأوسط لديه وجهة نظر مختلفة. لا أعرف أين أقف في هذا. لكن، هذا ما يقلقني، أن الوحيد القادر على مواجهة «داعش» في سوريا هو بشار الأسد.
* لكنه لا يقصف «داعش» بل يقصف الآخرين؟
- أعرف، أعرف أنه يقصف شعبه، لكن هناك قلقا من أنه إذا ما رحل الآن سنكون أمام وضع كارثي، لأنه لن يكون هناك أحد قادر على القضاء على «داعش». لهذا يميل النقاش إلى القضاء على «داعش»، وفي عالم مثالي، نتمنى لو كانت هناك مجموعة سنّية تجتاح الحكومة السورية، وتحافظ عليها موحدة، ثم بقوة تلاحق «داعش» ومشتقاتها.
* يطالب الفاتيكان باستعمال القوة للقضاء على «داعش»، هل سيصغي أحد لحماية الأقليات في المنطقة؟
- لا أعرف. أتمنى ذلك لأنه من الضروري لمستقبل الشرق الأوسط أن تبقى الأقليات في أرضها، وأن تكون محمية. هذا أمر ذو أهمية قصوى.



اشتباكات بين قوات باكستان و«طالبان» أفغانستان عند الحدود

خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)
خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات بين قوات باكستان و«طالبان» أفغانستان عند الحدود

خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)
خلال تشييع أفراد من الشرطة الباكستانية في 3 ديسمبر 2025 قُتلوا في هجمات تعرضت لها منطقة قريبة من الحدود الأفغانية (أ.ف.ب)

أفاد مسؤولون في إسلام آباد وكابل بأن تبادلاً كثيفاً لإطلاق النار اندلع بين القوات الحدودية الباكستانية والأفغانية، الجمعة، بعد نحو شهرين من سقوط عدد كبير من القتلى في أسوأ اشتباكات عابرة للحدود منذ عقود. وتحدثت تقارير غير مؤكدة عن وقوع إصابات على جانبي الحدود.

وقال مسؤول باكستاني لوكالة الأنباء الألمانية إن الأعمال العدائية الأخيرة التي اشتملت على إطلاق قذائف مدفعية وأسلحة أخرى وقعت بين مقاطعة بلوشستان الباكستانية ومنطقة قندهار الأفغانية.

وصرّح مسؤول من قوات حرس الحدود الباكستانية التي تراقب الحدود: «استمر إطلاق النار لمدة ساعتين. وكان مكثفاً وشرساً».

وقال متحدث باسم حكومة «طالبان» الأفغانية إن قواتهم ردّت على إطلاق النار الذي بدأته باكستان. بينما قال مسؤولون باكستانيون إن مقاتلي «طالبان» هم الذين بدأوا إطلاق النار على المدنيين عبر الحدود.

وتأتي الاشتباكات بعد أشهر من مناوشات دامية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي أثارتها غارات جوية باكستانية على أهداف داخل أفغانستان، بينها العاصمة كابل، استهدفت زعيم ميليشيا يُزعم أنها وراء هجمات عابرة للحدود.

وتم التوصل إلى هدنة هشّة توسطت فيها قطر، ولا تزال سارية منذ ذلك الحين.

 

 


مودي وبوتين يعلنان اتفاقية تعاون اقتصادي تصل إلى 100 مليار دولار

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)
TT

مودي وبوتين يعلنان اتفاقية تعاون اقتصادي تصل إلى 100 مليار دولار

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال الجلسة العامة لـ«منتدى الأعمال الروسي الهندي» في نيودلهي (د.ب.أ)

أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال زيارته الرسمية إلى الهند، استمرار بلاده في تزويد نيودلهي بالنفط رغم العقوبات الأميركية، بينما أعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي اتفاقاً ثنائياً واسعاً لتعزيز التعاون الاقتصادي؛ بهدف رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030.

وأوضح مودي، خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعه مع بوتين، أن الجانبين يعملان على اتفاقية للتجارة الحرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي تقوده موسكو، ويضم كلاً من أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزستان.

بدوره، قال بوتين، لمودي خلال المؤتمر الصحافي، إن «روسيا مزوّد موثوق للنفط والغاز والفحم وكل ما يلزم لتطوير قطاع الطاقة في الهند»، مضيفاً: «نحن مستعدون لمواصلة توريد النفط دون انقطاع لاقتصاد الهند سريع النمو».

ومن دون الإشارة مباشرة إلى النفط الروسي، شكر مودي ضيفه على «دعمه الراسخ للهند»، مشدداً على أن «أمن الطاقة ركيزة أساسية وقوية» في الشراكة بين البلدين.

وتتعرَّض نيودلهي منذ أشهر لضغوط من الولايات المتحدة التي تتهمها بالمساهمة في تمويل المجهود الحربي الروسي عبر شراء النفط الخام الروسي بأسعار مخفضة. وفي أواخر أغسطس (آب)، فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية إضافية بنسبة 50 في المائة على الصادرات الهندية، في وقت كانت تُجرى فيه محادثات ثنائية حول اتفاقية تجارة حرة. وأكد ترمب لاحقاً أنه حصل على تعهّد من مودي بوقف واردات النفط الروسي التي تُشكِّل نحو 36 في المائة من النفط المكرر في الهند.

وبحسب منصة «كبلر» للمعلومات التجارية، تراجعت المشتريات الهندية من الخام الروسي، رغم عدم صدور تأكيد رسمي من نيودلهي، بينما أعلنت مجموعات هندية عدة أنها ستتوقف عن الاعتماد على الواردات المقبلة من موسكو.

وكان مودي قد استقبل بوتين شخصياً، مساء الخميس، في مطار نيودلهي، واستضافه على مأدبة عشاء خاصة. ومنذ بداية الزيارة، تبادل الجانبان عبارات الإطراء وأشادا بمتانة العلاقات التاريخية بين البلدين.

ووصف مودي ضيفه أمام الصحافيين بأنه «صديق حقيقي»، معرباً عن تفاؤله بإمكان إيجاد تسوية للنزاع في أوكرانيا، ومؤكداً أنه «علينا جميعاً العودة إلى طريق السلام».

وردَّ بوتين بشكر جهود مودي «الرامية إلى إيجاد تسوية لهذا الوضع»، مشيداً بالعلاقات «العميقة تاريخياً» بين البلدين وبـ«الثقة الكبرى في التعاون العسكري والتقني» بينهما.

ويسعى البلدان إلى إعادة التوازن في المبادلات التجارية التي بلغت مستوى قياسياً وصل إلى 68.7 مليار دولار خلال عامَي 2024 – 2025، رغم أنها تُظهر حالياً اختلالاً كبيراً لصالح روسيا. وما زالت الهند تمتنع عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا بشكل صريح، مع حفاظها في الوقت ذاته على علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة.

وكان مودي قد عبّر لأول مرة عام 2022 خلال لقاء في أوزبكستان عن موقفه حيال الأزمة، حين دعا إلى وقف الحرب «في أسرع وقت ممكن»، مؤكداً لاحقاً تمسكه بنظام عالمي «متعدد الأقطاب» ومقاومة الضغوط الغربية لقطع العلاقات مع موسكو.

واستغلت روسيا والهند الزيارة لمناقشة التعاون في المجال العسكري. وقال الدبلوماسي الهندي الكبير فيكرام ميسري إن وزيرَي الدفاع في البلدين عقدا اجتماعاً، من دون التوقيع على أي اتفاق جديد. ورغم توجه نيودلهي مؤخراً إلى مورِّدين آخرين مثل فرنسا، وزيادة اعتمادها على التصنيع المحلي، فإن موسكو لا تزال من أبرز مورِّدي السلاح للهند.

وبعد الاشتباكات التي شهدتها الحدود الهندية - الباكستانية في مايو (أيار)، أبدت نيودلهي اهتماماً بالحصول على منظومات دفاع جوي روسية متقدمة من طراز «إس - 400». وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قبل الزيارة: «لا شك أنه سيتم بحث هذا الموضوع خلال الزيارة». كما أشارت تقارير صحافية هندية إلى اهتمام الجيش الهندي بالمقاتلات الروسية من طراز «سوخوي - 57».

ومن المقرر أن يغادر بوتين الهند عائداً إلى موسكو، مساء الجمعة.


خريطة طريق لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو ونيودلهي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)
TT

خريطة طريق لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو ونيودلهي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)

عكست نتائج القمة الروسية الهندية إصرار موسكو ونيودلهي على إطلاق مرحلة جديدة لتعزيز التعاون في كل المجالات، بما في ذلك في قطاعي الطاقة والدفاع وفي المجالات النووية والتقنية. وتجنبت الوثائق التي وقَّعها الزعيمان الروسي فلاديمير بوتين والهندي ناريندرا مودي الإشارة إلى الضغوط الأميركية على الهند لتقليص التعاون مع روسيا، لكنها رسمت ملامح «خريطة طريق» لتوسيع الشراكة بين البلدين خلال السنوات المقبلة.

وبعد جولات من المحادثات التي شارك فيها ممثلون عن قطاعات مختلفة في البلدين، شارك الزعيمان في أعمال المنتدى الروسي الهندي للتعاون، ووقَّعا عشرات الوثائق المشتركة.

ووصف بوتين نتائج المحادثات بأنها وضعت أساساً لتوسيع التعاون الاقتصادي التجاري بين البلدين. بينما أعلن رئيس الوزراء الهندي برنامجاً للتعاون الاقتصادي حتى عام 2030، سيساعد على تنويع التجارة والاستثمارات، وتحقيق التوازن بينهما.

جانب من حقل استقبال بوتين في نيودلهي أمس (إ.ب.أ)

وشملت الوثائق الجديدة التي تضاف إلى اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» المبرمة قبل 25 سنة، اتفاقية للتعاون في مجال الصحة والتعليم الطبي والعلوم، واتفاقية لتنظيم حماية المستهلك، وتعزيز الإشراف على حقوق المستهلكين في البلدين.

كما وقَّع الزعيمان اتفاقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وتعزيز فرص العمل لمواطني كل دولة لدى الدولة الأخرى، وكان هذا مطلباً هندياً لتوسيع مجالات العمالة الوافدة من الهند. وركزت اتفاقية أخرى على توسيع التعاون في منطقة القطب الشمالي، وتم رفدها بمذكرتي تفاهم للتعاون في مجال الملاحة في المياه القطبية.

ومن ضمن الاتفاقات الأخرى كان هناك بروتوكول بين الهيئة الفيدرالية للجمارك الروسية والهيئة الجمركية الهندية. واتفاق لتعزيز الخدمات البريدية. وبدا أن هذه تشكل الجوانب المعلنة من الاتفاقات الجديدة التي وصل عددها بحسب مصادر الكرملين إلى 29 وثيقة.

مودي لدى استقباله بوتين في نيودلهي أمس (إ.ب.أ)

إجراءات تبسط التنقل بين البلدين

كما أصدر الرئيسان بياناً مشتركاً حدد أولويات التعاون الثنائي. بعد مشاركتهما في منتدى الأعمال الروسي الهندي. وشدد البيان على إطلاق موسكو ونيودلهي إجراءات العمل على تبسيط التنقل لمواطني البلدين من خلال نظام تأشيرات ميسر. وأشار إلى تعزيز التعاون في إمدادات الطاقة، وتوسيع الصادرات الهندية إلى روسيا، وحدد أولويات تطوير التعاون الدفاعي في إعادة تركيز الشراكة العسكرية والانتقال إلى إنتاج منصات دفاعية متقدمة وتطوير أبحاث علمية.

كما نص على تسريع المشاورات بشأن بناء محطة طاقة نووية جديدة بتصميم روسي في الهند. واتفق الزعيمان على تطوير أنظمة دفع بالعملات الوطنية، وناقشا إنشاء شركات للأسمدة.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى وصول الزعيم الروسي إلى قاعدة بالام الجوية في نيودلهي في 4 ديسمبر 2025 وهو اليوم الأول من زيارته الرسمية التي تستغرق يومين إلى الهند (أ.ف.ب)

ووفقاً للبيان المشترك، فقد ناقش الطرفان، وأشادا عالياً بالتعاون الواسع النطاق في مجال الطاقة بوصفه عنصراً أساسياً في الشراكة الاستراتيجية الخاصة والمتميزة بينهما. وأشار الطرفان إلى التعاون الحالي والمستقبلي بين الشركات الروسية والهندية في مجالات النفط ومنتجاته، والتكنولوجيات المتعلقة بالتكرير والبتروكيماويات، وخدمات الحفر، وتكنولوجيا الاستخراج والبنية التحتية ذات الصلة، والبنية التحتية المرتبطة بالغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال، والمشاريع المختلفة القائمة في البلدين، وتكنولوجيا الغاز تحت الأرض للفحم، والمشاريع النووية، وما إلى ذلك. كما شدّد الطرفان على ضرورة حلّ القضايا المتعلقة بالمشاريع الاستثمارية في قطاع الطاقة بشكل عاجل، واتفقا على معالجة مختلف التحديات التي يواجهها المستثمرون في هذا القطاع.

تعاون في مجال الطاقة النووية

كما اتفق الطرفان على تعميق التعاون في إنشاء ممرات نقل مستقرة وفعالة، مع التركيز بشكل خاص على توسيع الروابط اللوجيستية لتحسين الترابط، وزيادة قدرة البنية التحتية، دعماً لتطوير «الممر النقل الدولي الشمال – الجنوب»، وممر تشيناي – فلاديفوستوك، والطريق البحري الشمالي. ورحّب الطرفان بتوقيع مذكرة تفاهم بشأن إعداد المتخصصين للعمل على السفن العاملة في المياه القطبية.

أشار الطرفان إلى التعاون المثمر بين إدارات السكك الحديدية في روسيا والهند، الهادف إلى إقامة شراكات في مجال تبادل التكنولوجيا المتبادل المنفعة.

وأكدا استعدادهما لتكثيف التعاون التجاري والاستثماري في منطقة الشرق الأقصى الروسي والمنطقة القطبية الشمالية للاتحاد الروسي. ويشكل «برنامج التعاون الروسي - الهندي في المجالات التجارية - الاقتصادية والاستثمارية في الشرق الأقصى الروسي للفترة 2024–2029»، فضلاً عن «مبادئ التعاون في المنطقة القطبية الشمالية للاتحاد الروسي»، الأساس الضروري لمزيد من التعاون بين الهند والأقاليم الروسية في الشرق الأقصى، خصوصاً في مجالات الزراعة والطاقة واستغلال الثروات المعدنية واستخدام العمالة وتعدين الألماس ومعالجته والصناعات الدوائية والنقل البحري.

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

وأكد الطرفان عزمهما على توسيع التعاون في مجال الطاقة النووية، بما في ذلك دورة الوقود النووي، وضمان دورة حياة تشغيل محطة الطاقة النووية «كودانكولام»، والتطبيقات غير الطاقوية للتكنولوجيا النووية، فضلاً عن بلورة جدول أعمال جديد للتعاون في المجالات المتعلقة بالاستخدام السلمي للطاقة الذرية والتكنولوجيات العالية المرتبطة بها.

وأشار الطرفان إلى أهمية التعاون في استخدام الطاقة الذرية في الأغراض السلمية كجزء جوهري من الشراكة الاستراتيجية، خصوصاً مع الأخذ في الحسبان خطط حكومة جمهورية الهند لزيادة توليد الطاقة النووية في البلاد إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2047. ورحّب الطرفان بالتقدم المحرز في مشروع محطة «كودانكولام»، بما في ذلك بناء الوحدات المتبقية، واتفقا على الالتزام بجدول تسليم المعدات والوقود.

لاحظ الطرفان أهمية مواصلة النقاش حول تخصيص موقع ثانٍ في الهند لبناء محطة طاقة نووية.

وسوف يبذل الجانب الهندي كل الجهود لتخصيص الموقع رسمياً وفقاً للاتفاقيات الموقعة سابقاً. مع الإشارة إلى أهمية التعاون في الفضاء، رحّب الطرفان بتوسيع التعاون بين مؤسسة «روسكوسموس» الروسية ومنظمة الأبحاث الفضائية الهندية في استخدام الفضاء للأغراض السلمية، بما في ذلك برامج الفضاء المأهولة والملاحة الفضائية واستكشاف الكواكب. وأشار الطرفان إلى التقدم المحرز في التعاون المتبادل المنفعة في مجال تطوير وإنتاج وتشغيل محركات الصواريخ.

منظمة شنغهاي والنظام العالمي

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

في الشق السياسي، أشار الطرفان إلى الدور المتنامي لمنظمة شنغهاي للتعاون في تشكيل النظام العالمي الجديد. وأكد دعم روسيا ترشيح الهند للعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي الموسع. كما تم توقيع حزمة كبيرة من الاتفاقيات الحكومية والوزارية والتجارية. ويهدف العديد منها إلى توسيع التعاون الاقتصادي بين روسيا والهند.

وأعلن بوتين في ختام المحادثات أن روسيا سوف تظل مورداً موثوقاً به للطاقة لنيودلهي، مؤكداً أن الأسعار التفضيلية التي تمنحها روسيا للهند سوف تظل قائمة. من دون أن يتطرق إلى التهديدات الأميركية برفع التعرفقة الجمركية على الهند في حال واصلت مشتريات موارد الطاقة من روسيا.

وقال بوتين إن حجم التجارة الروسية الهندية بلغ هذا العام 64 مليار دولار، مشيراً إلى أن خريطة الطريق الجديدة لتعزيز التعاون سوف تسهم في رفع هذا الرقم إلى 100 مليار حتى حلول عام 2030.

ورأى بوتين أن العلاقات القوية بين قطاع الأعمال في البلدين تشكل أساساً متيناً لتطوير التعاون بين موسكو ونيودلهي. وزاد أن روسيا مستعدة لشراكة واسعة مع الهند في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيراً في الوقت نفسه إلى توجه لتعزيز التعاون الصناعي. وتحدث الرئيس الروسي عن تحديث البنية التحتية لطريق بحر الشمال ومشروع الممر الشمالي الجنوبي.

مؤكداً أن سهولة الوصول إلى وسائل النقل والاتصالات اللوجيستية تحظى بأهمية خاصة، و«يجري العمل بالفعل على قدم وساق في هذا الاتجاه. ويجري العمل على مشروع إنشاء ممر بين الشمال والجنوب - من روسيا وبيلاروسيا إلى ساحل المحيط الهندي».

مودي، بدوره، تحدث عن شراكة مع الشركات الروسية في إنتاج المركبات الكهربائية ومكوناتها. وأعرب عن قناعة بأن التعاون في هذا المجال لن يلبي احتياجات البلدين فحسب، بل سيسهم أيضاً في تنمية دول الجنوب العالمي، كما اقترح تطوير علاجات جديدة للسرطان بشكل مشترك. وتطرق إلى إمدادات الطاقة، مؤكداً الاستعداد لضمان إمدادات الوقود دون انقطاع للاقتصاد الهندي سريع النمو.

وبات معلوماً أن الطرفين ناقشا خلال الزيارة توسيع التعاون في مجال الطاقة الذرية.

وقال مودي إن موسكو ونيودلهي تتجهان للتعاون في مجال بناء المفاعلات المعيارية الصغيرة ومحطات الطاقة النووية العائمة، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا النووية في الطب. وأكد أن محطة كودانكولام للطاقة النووية سوف تقدم مساهمة كبيرة في إمدادات الطاقة الهندية.

وأشاد مودي بالشراكة الاستراتيجية الممتدة على مدى ربع قرن مع روسيا، مؤكداً أنها صمدت وتعمقت رغم جميع التحديات والتغيرات العالمية. ووجَّه مودي الشكر للرئيس الروسي على صداقته وعمله المتفاني، مؤكداً أن «حكمة بوتين وخبرته كانتا حاسمتين في تعزيز هذه العلاقات».

وفي إطار التعاون المستقبلي، أشار مودي إلى أن الشراكة في منطقة القطب الشمالي ستحقق منفعة مشتركة، وستسهم في خلق فرص عمل للشباب الهندي.