العراق يجرب حظّه نووياً مجدداً بعد 4 عقود

TT

العراق يجرب حظّه نووياً مجدداً بعد 4 عقود

أعلنت الحكومة العراقية أنها فاتحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتخصيص وقود نووي لبغداد، ضمن مشروع إنشاء مفاعلات نووية خاصة لإنتاج الكهرباء، حسب اتفاقيات سابقة تعود إلى عام 1980.
وقال مصدر حكومي عراقي لوكالات أنباء محلية إن «الحكومة طلبت من الوكالة الدولية للطاقة الذرية تخصيص الوقود لعام 2030 والبحث في إمكانية إعادة العراق هذا النشاط». وأشار إلى أن الحكومة «أرفقت مع الطلب الأوامر الرئاسية الصادرة عام 1980 وغيرها من الأوامر الإدارية التي شكلت فيها لجان لمتابعة الموضوع والموجودة في أرشيف مكتب رئيس الوزراء».
ويأتي قرار الحكومة العراقية التوجه نحو الطاقة النووية لتوليد الكهرباء متزامناً مع مساعٍ تقوم بها حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي نحو التوسع في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية لتصل إلى نحو 45 ألف ميغاواط. فبالإضافة إلى نصب المحولات واستخدام الطاقة الشمسية بالاتفاق مع السعودية والكويت، هناك أيضاً الربط الكهربائي مع بعض دول الخليج والأردن ومصر.
وكانت وزارة النفط أكدت، أمس، ضرورة المضي في إنجاز مشروعات الطاقة الشمسية، والعمل على زيادة مساحة الاستثمار في هذا المجال. وذكر بيان للوزارة أن «المجلس الوزاري للطاقة أشاد بالدعم الكبير لرئيس الوزراء ورعايته لمراسيم توقيع عقود النفط والطاقة مع شركة توتال التي تشكل إضافة كبيرة في صناعة الطاقة في العراق». وشدد على الوزارات المعنية «أن تضع الخطط اللازمة من أجل الحفاظ على البيئة والتقليل من الانبعاثات الهيدروكربونية، والتزام العراق بالاتفاقات الدولية في هذا الشأن».
ويسعى العراق الذي يعاني من نقص كبير في الكهرباء إلى بناء 8 مفاعلات طاقة نووية بحلول عام 2030 لإنتاج 8 آلاف ميغاواط شهرياً من الكهرباء، أي 25 في المائة من مجمل احتياجاته، ما قد يقلل اعتماده على الخارج.
وكانت شركة «روساتوم» الروسية الحكومية للطاقة النووية أكدت أنها تفاوض العراق «على برنامج عمل كامل لتعاون محتمل بشأن تطبيقات التقنيات النووية لأهداف سلمية في مجالات الطاقة ومجالات أخرى». وفيما تبلغ تكلفة هذا المشروع 40 مليار دولار أميركي، فإن العراق أجرى منذ أبريل (نيسان) الماضي مباحثات مع فرنسا وروسيا والولايات المتحدة لبناء مفاعلات نووية لأغراض مدنية.
وكانت إسرائيل أقدمت في يونيو (حزيران) 1981 بعد مرور سنة على نشوب الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988) على تدمير مفاعل «تموز» النووي بعد أن أوشك على الانتهاء. فيما لم يتمكن العراق من إعادة بنائه بسبب عمق الضربة التي وجّهت له من قبل الطيران الإسرائيلي.
ورغم حصول العراق عام 1981 على قرار من مجلس الأمن الدولي يحمل الرقم 478 ويلزم إسرائيل بدفع تعويضات عن تدمير المفاعل، فإنه لم يتمكن من الحصول على تلك التعويضات بسبب تداعيات الحرب مع إيران. لكن العراق الذي أطلق على إسرائيل 39 صاروخاً أثناء حرب الخليج الثانية عام 1991 التي انتهت بسحب قواته من الكويت بعد غزوه لها في أغسطس (آب) 1990 اضطر إلى دفع تعويضات عن قصفه إسرائيل بالصواريخ، بلغت 39 مليار دولار.
ومع أن الجهات العراقية بعد تغيير النظام السابق عام 2003 أعادت إحياء ملف التعويضات مع إسرائيل، فإنها لم تحقق أي نتائج حتى الآن. وكانت هيئة الطاقة الذرية العراقية تأسست عام 1956 وحاولت بغداد منذ ذلك الوقت تطوير أسلحة نووية في السبعينات حتى اندلاع الحرب مع إيران.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.