ارتفاع حصيلة تفجيري الحسكة إلى 45 قتيلا وإلغاء احتفالات «نوروز» تخوفا من أعمال مشابهة

الناطق باسم «الوحدات»: نقوم بالإجراءات اللازمة ونتوقع أن يعتمد «داعش» على هذا الأسلوب للرد على هزائمه

سوريون يعاينون الدمار الذي حدث نتيجة قصف قوات موالية للنظام السوري حي المشهد في حلب أمس (رويترز)
سوريون يعاينون الدمار الذي حدث نتيجة قصف قوات موالية للنظام السوري حي المشهد في حلب أمس (رويترز)
TT

ارتفاع حصيلة تفجيري الحسكة إلى 45 قتيلا وإلغاء احتفالات «نوروز» تخوفا من أعمال مشابهة

سوريون يعاينون الدمار الذي حدث نتيجة قصف قوات موالية للنظام السوري حي المشهد في حلب أمس (رويترز)
سوريون يعاينون الدمار الذي حدث نتيجة قصف قوات موالية للنظام السوري حي المشهد في حلب أمس (رويترز)

ارتفعت حصيلة الهجوم المزدوج الذي استهدف احتفالات للأكراد بعيد «نوروز»، مساء الجمعة في شمال شرقي سوريا إلى 45 قتيلا ونحو 130 جريحا، فيما أعلنت ما تعرف بـ«الإدارة الذاتية» الكردية إلغاء الاحتفالات بالعيد الذي صادف يوم أمس، في محافظة الحسكة بأقصى شمال شرقي سوريا.
«الإدارة الذاتية» الكردية طلبت في بيان لها، بأن تقتصر احتفالات «نوروز» في أجواء عائلية بعيدة عن التجمعات الكبيرة.
واقتصر قرار الإلغاء على محافظة الحسكة، من دون التطرق لمنطقتي عفرين، بشمال غربي سوريا، وعين العرب (كوباني) بشمالها، وهما تابعتان أيضا لما يطلق عليه الأكراد مسمى «الإدارة الذاتية». وأوضح البيان أن قرار الإلغاء، جاء حرصا على السلامة والأمان، واحتراما لدماء شهدائنا، ودعما لنضال ومقاومة وحدات حماية الشعب والأسايش والبيشمركة. وتجدر الإشارة إلى أن «نوروز» الذي يحتفل به في بداية فصل الربيع، يحظى بأهمية في الثقافة الكردية، حيث يتجمع الناس للعب والرقص وتناول الأطعمة احتفالا بالمناسبة.
وفي هذا الإطار، قال ريدور خليل، الناطق الرسمي باسم «قوات حماية الشعب» الكردية إنه كانت هناك معلومات لدى قوات الأمن الداخلي المعروفة بـ«الأسايش»، تشير إلى احتمال تنفيذ هجوم معين يوم السبت (أمس) الذي يصادف «نوروز»، واتخذت كل الإجراءات الاحترازية اللازمة كما ألغيت الاحتفالات المركزية في هذا اليوم فقط. وأضاف خليل لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه «لكن حدث خرق أمني، وقد نفذ الهجوم ليلا في ساحة الشهداء بحي المفتي، حيث كان يتجمع المئات من الأكراد». وأوضح الناطق أن التفجير الأول كان نتيجة انفجار قنبلة يدوية كانت موضوعة في أحد الإطارات التي أحضرت لإشعالها في المناسبة وبعد دقائق معدودة انفجرت سيارة مفخخة على مسافة لا تزيد عن 300 متر عن التفجير الأول.
وأشار خليل إلى «أن المعلومات كانت تشير إلى أن تنظيم داعش بعد الهزائم التي مُني بها أخيراً على أيدي الأكراد، قد يعمد إلى استخدم أسلوب التفجيرات ضد المدنيين كما العسكريين، وأن قوات الأمن الداخلي تقوم بواجباتها الأمنية في هذا الإطار من خلال الدوريات المكثفة والتفتيش الدقيق والبحث المستمر عن المشتبه بهم».
وكان برز دور «وحدات حماية الشعب» كشريك رئيسي للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش» في سوريا، واستطاعت أن تحقق مكاسب كبيرة في الأسابيع القليلة الماضية في الشمال ضد التنظيم وقطعت عليه طريقا مهما للإمدادات من العراق. وتتشارك قوات كردية مع قوات نظام بشار الأسد في إدارة شؤون محافظة الحسكة منذ نحو 3 سنوات، لكن في كثير من المناطق انفردت القوى الكردية بإدارة شؤونها والتحكم بها مثل معظم القرى المحيطة بمدينتي القامشلي وعامودا المتاخمتين للحدود التركية.
وللعلم، تعتبر محافظة الحسكة «خزّان» الاقتصادي السوري لاحتوائها على المحاصيل الرئيسة كالقمح والنفط والقطن، كما تضم تنوعا سكانيا من كل الشرائح المسيحية والإسلامية - وبالذات العرب والأكراد والسريان - بجانب أقليات إضافية مثل الشركس والتركمان والأرمن والإيزيديين. وبينما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاعتداء المزدوج في الحسكة، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وقوف تنظيم داعش وراءه، مشيرا إلى أن «عددا من المصابين الذين كانوا في وضع حرج قضوا متأثرين بجراحهم». ولكن وفق رواية «المرصد» لما حدث نفذ انتحاري التفجير الأول مستهدفا تجمعا خلال الاحتفالات بـ«نوروز» في المدينة، ونتج التفجير الثاني عن عبوة ناسفة استهدفت تجمعا آخر على بعد مئات الأمتار. أما وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» فاكتفت بالإشارة إلى وقوع «اعتداء إرهابي» في الحسكة، والقول إن «تفجيرا إرهابيا وقع في ساحة الشهداء وسط مدينة الحسكة مما أدى إلى استشهاد وإصابة الكثير من المواطنين.. وقوع أضرار مادية في عدد من المنازل والمحلات التجارية والسيارات». وحاليا تتقاسم قوات النظام السوري و«وحدات حماية الشعب» الكردية السيطرة على مدينة الحسكة، بينما تدور في ريف الحسكة معارك ضارية بين الأكراد وتنظيم «داعش» على بعض الجبهات، وبين التنظيم وقوات النظام على جبهات أخرى.
في هذه الأثناء، ندد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بما وصفها بالجهود الحقيرة، التي يبذلها تنظيم «داعش» للحض على العنف الطائفي بين المكونات السورية. وأورد بيان صادر عن الأمم المتحدة أن «هذين الاعتداءين الشنيعين أسفرا عن قتل وجرح مائة شخص بينهم نساء وأطفال»، وأن الأمين العام للأمم المتحدة أخذ علما بالمعلومات التي تنسب هذه الاعتداءات إلى تنظيم داعش، وطالب كل أطراف النزاع «وضع حد للاستخدام العشوائي للأسلحة ضد المناطق المأهولة».
ومن جانب آخر، حذر جوان إبراهيم، القائد العام لقوات «الأسايش» (قوات الأمن الكردية)، من أن الجريمة «لن تمر من دون عقاب»، وفق ما نقلت عنه إحدى صفحات «وحدات حماية الشعب» على موقع «فيسبوك». ويسعى تنظيم داعش، وفق المصادر إلى «تعويض خسائره عبر تسجيل إنجازات عسكرية ولو محدودة على الأرض، بعد الهزائم التي مني بها في الفترة الأخيرة في محافظات حلب والرقة (شمال) والحسكة في مواجهة المقاتلين الأكراد من جهة والنظام من جهة أخرى».
وخارج الحسكة أحصى «المرصد» مقتل أكثر من 70 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في هجمات نفذها «داعش» على مواقع لهذه القوات في ريفي حمص وحماه (وسط سوريا)، يوم أول من أمس، ويذكر أن قوات النظام تسيطر على معظم محافظتي حمص وحماه، تنظيم «داعش» موجود في الريف الشرقي لكل من المحافظتين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».