قلق حكومي من تصاعد النبرة الأميركية ضد «الحشد الشعبي»

حصار تكريت يدخل يومه التاسع.. والبنتاغون: تنظيم داعش يستخدم طائرات «درون» في غرب العراق

وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي يلتقط مع أحد المواطنين صورة «سيلفي» خلال زيارته إلى البصرة أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي يلتقط مع أحد المواطنين صورة «سيلفي» خلال زيارته إلى البصرة أمس (أ.ف.ب)
TT

قلق حكومي من تصاعد النبرة الأميركية ضد «الحشد الشعبي»

وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي يلتقط مع أحد المواطنين صورة «سيلفي» خلال زيارته إلى البصرة أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي يلتقط مع أحد المواطنين صورة «سيلفي» خلال زيارته إلى البصرة أمس (أ.ف.ب)

أبلغ سياسي عراقي مطلع «الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، أن «ارتفاع وتيرة النبرة الأميركية ضد الحشد الشعبي الذي يقوم دون شك بدور مهم في القتال ضد (داعش) يثير قلق الحكومة التي تسعى إلى عدم إغضاب واشنطن لصالح طهران، لا سيما أن العراق بحاجة ماسة إلى الدعم الأميركي أو إزعاج قيادات الحشد الشعبي التي باتت تملك نفوذا على الأرض يتفوق على الجيش».
وأضاف المصدر السياسي أن «هناك عدم رضا لدى قيادات عسكرية ميدانية مما يحصل في جبهات القتال بسبب تنازع الصلاحيات حينا أو عدم التنسيق في أحيان أخرى». وأوضح السياسي العراقي أن «الزيارة المقبلة لرئيس الوزراء حيدر العبادي إلى واشنطن خلال الشهر المقبل سوف تكون هامة على صعيد إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بين البلدين».
وكان المصدر يعلق على الهجوم الذي شنه في تصريحات نشرت أمس الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه»، الجنرال ديفيد بتريوس، على الحشد الشعبي قائلا: «إن الخطر الحقيقي على استقرار العراق على المدى الطويل يأتي من ميليشياته المدعومة من إيران، وليس من تنظيم داعش».
وتأتي تصريحات بترايوس وسط تجاذبات حادة بين واشنطن وبين زعيم منظمة بدر، هادي العامري الذي يتشارك في قيادة فصائل الحشد الشعبي مع أبي مهدي المهندس، ممثل الجنرال قاسم سليماني في العراق. وكان العامري اتهم واشنطن بعدم الجدية بتسليح القوات العراقية والامتناع عن تجهيزها بعربات مدرعة خلال المعارك الأخيرة مع تنظيم داعش، على الرغم من طلبات الحكومة العراقية.
وفي هذا الصدد أعلنت السفارة الأميركية في بغداد في بيان لها استمرارها بدعم القوات العراقية بالمعدات العسكرية والذخيرة. وقال البيان إنه «رداً على التقارير التي تداولتها وسائل الإعلام مؤخرًا بخصوص تصريحات السيد هادي العامري، فإن من المعروف أن الولايات المتحدة الأميركية مستمرة بتزويد القوات الأمنية العراقية بالمعدات والذخيرة التي هي بحاجة ماسة لها لمحاربة (داعش)»، مؤكدا أن «الولايات المتحدة الأميركية لم ترفض أبدًا إعطاء العربات المدرعة للقوات الأمنية العراقية». وأضاف البيان أن «الولايات المتحدة الأميركية تقف إلى جانب العراق في حربه ضد (داعش)، وسنستمر في تزويد القوات الأمنية العراقية بالمعدات المتفوقة والتدريب والغطاء الجوي لضمان قيامها بإلحاق الهزيمة بـ(داعش) في أقرب وقت ممكن».
ويأتي ذلك في وقت يدخل فيه حصار مدينة تكريت ووقوف القوات العراقية على تخومها يومه التاسع فيما تتضارب الآراء والمواقف بشأن الحاجة إلى الدعم الجوي الأميركي من أجل إتمام المهمة أو عدم إلحاق الأذى بالمدنيين المحاصرين داخل المدينة المفخخة، بالإضافة إلى وصول المزيد من الإمدادات اللوجيستية، لا سيما في مجال الجهد الهندسي نظرا لعمليات التفخيخ واسعة النطاق التي قام بها مقاتلو التنظيم».
وفي هذا السياق أكد يزن الجبوري، القيادي في الحشد الشعبي عن محافظة صلاح الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تكريت من الناحية العملية محاصرة من جهاتها الأربع، والقصف مستمر من قبل القوات الأمنية على أحياء تكريت والمجمع الحكومي والقصور الرئاسية». وأضاف الجبوري: «ما أستطيع قوله إن بمقدور قواتنا اقتحام المدينة لكن ذلك يعني شيئا واحدا وهو تدميرها بالكامل بمن في ذلك المدنيون الذين لم يتمكنوا من الخروج ويريد (داعش) استخدامهم دروعا بشرية»، مشيرا إلى أن «أهم ما في الأمر أن الإمدادات مقطوعة تماما عن (داعش) داخل تكريت وهو يقوم بعمليات لفك الحصار من خلال مناطق شرق بيجي أو الفتحة وهو أمر بات مستحيلا».
من ناحية ثانية كشف وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» ولأول مرة أن تنظيم داعش يستخدم طائرات من دون طيار «درون». وقال الكولونيل ستيف وارين، المتحدث باسم البنتاغون إن الطائرات الأميركية، التي تضرب مواقع «داعش» في العراق، دمرت طائرة «درون» تابعة لـ«داعش» في غرب العراق.
وأضاف وارين أن القوات الأميركية رصدت الطائرة في رحلة لمدة 20 دقيقة، قبل هبوطها بالقرب من مدينة الفلوجة، حيث وضعها مقاتلو «داعش» في سيارة. وتابع أنه عندما تحركت السيارة، أطلقت طائرات أميركية صواريخ عليها، ودمرت الطائرة، وقتلت مقاتلين كانوا داخل السيارة. واستطرد قائلا: «إنها نموذج ساذج جدا من الطائرات المسيرة عن بعد».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.