مئات القتلى والجرحى في 4 تفجيرات انتحارية بصنعاء.. و«داعش» يتبنى الهجمات

الطيران الحربي يحلق فوق عدن و«اللجان» تسقط محافظة لحج

يمني يتفقد مسجدًا بعد تعرضه لتفجير انتحاري أمس في صنعاء (أ.ف.ب)
يمني يتفقد مسجدًا بعد تعرضه لتفجير انتحاري أمس في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

مئات القتلى والجرحى في 4 تفجيرات انتحارية بصنعاء.. و«داعش» يتبنى الهجمات

يمني يتفقد مسجدًا بعد تعرضه لتفجير انتحاري أمس في صنعاء (أ.ف.ب)
يمني يتفقد مسجدًا بعد تعرضه لتفجير انتحاري أمس في صنعاء (أ.ف.ب)

شهدت العاصمة اليمنية صنعاء، أمس، يوما داميا بسلسلة من التفجيرات الانتحارية التي استهدفت مسجدين يرتادهما الحوثيون، ولقي العشرات من اليمنيين مصرعهم، أمس، في سلسلة تفجيرات استهدفت مصلين في جوامع يرتادها الحوثيون في العاصمة صنعاء ومحافظة صعدة، وقد تبنى تنظيم داعش تلك التفجيرات التي قتل وأصيب فيها عدد من القيادات الحوثية البارزة، في الوقت الذي أحبطت فيه السلطات تفجيرا انتحاريا في أحد أكبر جوامع محافظة صعدة في شمال البلاد.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن 4 تفجيرات متزامنة وقعت، أمس، في جامعين بصنعاء، تفجيران وقعا في جامع بدر بحي الصافية بجنوب صنعاء الذي يضم مركزا دينيا لأتباع المذهب الزيدي، وقتل وجرح فيهما العشرات، بينهم إمام وخطيب الجامع رئيس مركز بدر المرجع الزيدي البارز الدكتور مرتضى بدر الدين المحطوري، فيما وقع انفجاران آخران في جامع الحشوش بحي الجراف بشمال العاصمة صنعاء. وحسب إحصائية رسمية، فقد قتل في هذه التفجيرات أكثر من 150 شخصا وجرح قرابة 300 آخرين، وبين الجرحى القياديان في جماعة الحوثي: طه المتوكل وخالد المداني، وتوقعت مصادر طبية ارتفاع عدد القتلى نظرا للعدد الكبير من الجرحى. وفي صعدة بشمال البلاد، قتل جنديان في تفجير استهدف المجمع الحكومي، فيما فجر انتحاري نفسه أمام بوابة مسجد الإمام الهادي في صعدة، بعد أن كان ألقي القبض عليه.
وقال مصدر أمني يمني إنه وبـ«حسب المعلومات الأولية التي تلقتها غرفة عمليات الأمانة فقد فجر انتحاري حزاما ناسفا كان يحمله بين الأشخاص المكلفين بتفتيش المصلين في بوابة جامع بدر بحي الصافية، وفجر آخر حزاما ناسفا وسط المصلين في الصف الأول في الجامع»، وأشار المصدر إلى أن «جامع الحشوش شهد تفجيرين انتحاريين داخل الجامع وفي بوابته بحزامين ناسفين كان يحملهما انتحاريان»، وأردف المصدر الأمني، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن «المعلومات الأولية تفيد بأن هذه الأعمال الإجرامية نفذت بنفس الطريقة، حيث بدأ أحد الانتحاريين بتفجير نفسه عند حاجز التفتيش في بوابة الجامع أثناء خطبتي الجمعة في حين استغل الانتحاري الثاني فرصة انشغال الناس بالانفجار فتقدم إلى الصفوف الأولى للمصلين في الجامعين وفجر نفسه هناك، متوقعا ارتفاع إحصائية الضحايا نظرا لوجود نحو 200 مصاب تم توزيعهم على عدد من المستشفيات العامة والخاصة في أمانة العاصمة بينهم الكثير من الأطفال».
ووجهت جماعة الحوثي اتهاما غير مباشر لأجهزة مخابرات محلية ودولية ولتنظيم القاعدة، بالتورط في التفجيرات الانتحارية التي شهدتها صنعاء، أمس، وقال محمد عبد السلام الناطق الرسمي باسم عبد الملك الحوثي، في منشور له على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إن «هذه الجريمة ليست مجردة من التوجه العام ضد الثورة الشعبية وما تحقق في الحادي والعشرين من سبتمبر (أيلول) بل تأتي في سياق محاولة ثني الشعب عن الاستمرار في الثورة وتحقيق مطالبها المشروعة والعادلة»، وأضاف أن الحوار السياسي في صنعاء يستخدم لـ«إعطاء هؤلاء المجرمين والقتلة المزيد من الوقت لاستهداف الشعب والثورة وتخدير الحلول العملية وتأجيلها دون الوصول إلى حلول، وتتحرك تلك القوى في مختلف جبهاتها لاستهداف الثورة والشعب اليمني بمختلف المؤامرات التي هي مدعومة من دول معروفة بموقفها المنحاز ضد الثورة الشعبية».
في السياق ذاته، تبنى تنظيم داعش المسؤولية عن التفجيرات الانتحارية في صنعاء، وهي المرة الأولى التي يعلن التنظيم مسؤوليته عنها، وقالت مواقع مقربة من التنظيم على شبكة الإنترنت إن «داعش - ولاية اليمن» نفذت العمليات التي قال إنها «هي البداية، ما هي إلا غيض من فيض، فأبشروا أيها الحوثيون الروافض بما يسوءكم»، حسب تلك المواقع. وفي التطورات في جنوب اليمن، أكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» تحليق الطيران الحربي الذي يسيطر عليه الحوثيون في صنعاء في سماء عدن، وبالتحديد فوق القصر الرئاسي في منطقة «معاشيق»، وقالت المصادر إن المضادات الأرضية أطلقت النيران باتجاه تلك الطائرات، في الوقت الذي أدى فيه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، صلاة الجمعة أمس، في جامع الخير بحي «خور مكسر» ومعه عدد من قيادات الدولة هناك، وسط إجراءات أمنية مشددة، ويعد هذا هو الظهور الأول لهادي منذ أول من أمس الخميس، بعد استهداف القصر الرئاسي حيث يقيم بغارات جوية من قبل طيران صنعاء الحربي.
على صعيد آخر، استولت اللجان الشعبية والمواطنون في محافظة لحج المجاورة لمدينة عدن، أمس، على معسكر قوات الأمن الخاصة بالمحافظة (معسكر عباس)، وقال شهود عيان في لحج لـ«الشرق الأوسط» إن عملية السيطرة على المعسكر تمت من دون مقاومة من قبل الضباط والجنود الذين استسلموا، وفي المقابل هاجم مسلحو اللجان الشعبية والمواطنون مبنيي السلطة المحلية وجهاز الأمن السياسي (المخابرات) في عاصمة لحج مدينة الحوطة واستولوا عليهما بعد اشتباكات عنيفة استمرت لعدة ساعات، استخدمت خلالها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وجاءت السيطرة على هذه المواقع العسكرية والمدنية في لحج بعد أقل من 24 ساعة على سيطرة قوات الجيش واللجان الشعبية على معسكر قوات الأمن الخاصة في مدينة عدن، بعد مواجهات دامية سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى، واعتبرت المصادر المحلية ما حدث في لحج إسقاطا كاملا لمؤسسات الدولة الرسمية في يد اللجان الشعبية المؤيدة للرئيس عبد ربه منصور هادي واستبعاد الأطراف الرافضة لشرعيته والتي تؤيد الرئيس السابق علي عبد الله صالح وجماعة الحوثي المسيطرة على شمال البلاد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».