إردوغان: مستعدون لاتفاق عسكري مع «طالبان» إذا شُكّلت حكومة مناسبة

TT

إردوغان: مستعدون لاتفاق عسكري مع «طالبان» إذا شُكّلت حكومة مناسبة

أبدى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استعداد بلاده لتوقيع اتفاق تعاون عسكري مع «طالبان» إذا شكلت «حكومة مناسبة» في أفغانستان.
وقال إردوغان إن تركيا «يمكن أن توقع اتفاقاً للتعاون العسكري مع أفغانستان إذا تم تشكيل حكومة مناسبة في كابل. هدف تركيا الأساسي هو تعافي أفغانستان من مشكلاتها في أسرع وقت، ونحن مستعدون لتقديم كل أنواع الدعم لتحقيق ذلك».
وأضاف إردوغان، في تصريحات أدلى بها لصحافيين رافقوه في رحلة عودته إلى تركيا عقب زيارته كلاً من البوسنة والهرسك والجبل الأسود، أمس (الأحد)، أن تركيا لديها خطط بديلة للتعامل مع جميع الاحتمالات المتعلقة بأمن سفارتها في كابل، وأولويتها هي توفير أمن موظفيها هناك.
وكشف إردوغان، الجمعة، عن أول محادثات مباشرة مع «طالبان» في كابل، قائلاً إن الحركة تقدمت بعرض لتركيا لتشغيل مطار كابل، على أن تتولى هي الناحية الأمنية بعد الانسحاب الأميركي، مشيراً إلى أن أنقرة لا تزال تجري التقييمات اللازمة.
وقال إردوغان: «علينا أن نكون حذرين حيال الأوضاع في كابل، فقبل مدة قصيرة وقع انفجار أسفر عن مقتل ما يقرب من 200 شخص، والمعلومات الاستخباراتية تفيد بقيام تنظيم (داعش) بهذه العملية الإرهابية». وتابع: «على مدى 20 عاماً، قدّمت تركيا خدمات كبيرة لأفغانستان، سواء بالبنية التحتية أو الفوقية، لكن (طالبان) ألحقت أضراراً بهذه المنشآت في الأقسام الشمالية من البلاد، والآن أيضاً نريد أن نساعد أفغانستان، فتركيا لديها خبرات وبنية تحتية قوية... من الممكن عقد اتفاق عسكري مع (طالبان) مماثل للاتفاق المبرم مع ليبيا، يكفي أن نجد من نتحاور معه، تركيا هدفها الوحيد هو حل المشكلات».
في السياق ذاته، بحث وزيرا الدفاع والخارجية التركيان، خلوصي أكار ومولود جاويش أوغلو، مع وزيري الدفاع والخارجين القطريين خالد بن محمد العطية ومحمد بن عبد الرحمن الثاني، عبر تقنية «الفيديو كونفراس»، أمس، المستجدات في أفغانستان، بحسب بيان لوزارة الدفاع التركية، بينما أجرى وزير الخارجية التركي مباحثات مع نظيره الألماني هايكو ماس، الذي أعلنت الخارجية التركية عن زيارته للبلاد أمس، مباحثات حول الوضع في أفغانستان وطرق تأمين مطار كابل والحفاظ على استمراره مفتوحاً.
وكان جاويش أوغلو أجرى، أول من أمس، مباحثات هاتفية مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، الذي كتب عبر «تويتر» عقب المحادثة، أنه بحث مع جاويش أوغلو عملية الانسحاب من أفغانستان والتعاون الثنائي، والجهود المشتركة المستمرة لضمان إجلاء آمن ومنظم من أفغانستان، قائلاً إن «تركيا حليف مهم في الناتو، ونحن ممتنون لشراكتها».



حربا السودان وغزة ترفعان عدد النازحين قسراً

أطفال فلسطينيون نزحوا مع عائلتهم في خيمة في دير البلح الخميس (د.ب.أ)
أطفال فلسطينيون نزحوا مع عائلتهم في خيمة في دير البلح الخميس (د.ب.أ)
TT

حربا السودان وغزة ترفعان عدد النازحين قسراً

أطفال فلسطينيون نزحوا مع عائلتهم في خيمة في دير البلح الخميس (د.ب.أ)
أطفال فلسطينيون نزحوا مع عائلتهم في خيمة في دير البلح الخميس (د.ب.أ)

يصادف اليوم الخميس «اليوم العالمي للاجئين» الذي خصصته الأمم المتحدة لتكريم اللاجئين في جميع أنحاء العالم، والاحتفاء بقوة وشجاعة الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من وطنهم هرباً من صراع أو اضطهاد، بأمل بناء التعاطف والتفهم لمحنتهم والاعتراف بقدرتهم على الصمود في إعادة بناء حياتهم، فيما تشكل صورهم وظروفهم «إدانة فظيعة لحالة العالم»، بحسب مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي.

وتظهر أبعاد هذه الظاهرة الموجعة في حقيقة أنه في كل دقيقة، يترك 20 شخصاً كل شيء وراءهم هرباً من الحرب أو الاضطهاد أو الإرهاب، وهم يتوزعون على فئات عدة تحت مسمى «النازحين قسراً»: اللاجئون وطالبو اللجوء والنازحون داخلياً وعديمو الجنسية.

وكشف تقرير الاتجاهات العالمية للنزوح القسري لعام 2024، الذي أصدرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الأسبوع الماضي، عن أرقام صادمة، فقد بلغ عدد اللاجئين والنازحين الذين اضطروا لترك ديارهم بسبب الحروب والعنف والاضطهاد 120 مليون شخص حول العالم، في عدد قياسي يتزايد كل عام.

سودانيات مع أطفالهن في مركز للنازحين قرب الفاشر شمال دارفور (أرشيفية - رويترز)

ومن شأن هذا الرقم، وفقاً للتقرير، أن يجعل عدد النازحين يعادل تقريباً عدد سكان اليابان التي تحتل المرتبة الـ12 في قائمة أكبر دول في العالم.

وقالت المفوضية إنّ العدد ارتفع من 110 ملايين لاجئ ونازح قبل عام، ويزداد منذ 12 عاماً متتالياً. وقد تضاعف ثلاث مرّات تقريباً منذ عام 2012 في ظل مجموعة من الأزمات الجديدة والمتغيّرة والإخفاق في حل تلك القائمة منذ مدة طويلة.

النزاعات هي المحرك الأكبر

وأضافت المفوضية أن «الصراع الذي يعصف بالسودان يبرز كأحد العوامل الرئيسية التي دفعت عدد النازحين قسراً للارتفاع؛ إذ نزح نحو 11 مليون شخص من منازلهم بنهاية عام 2023». كما أجبر الملايين في جمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار وغزة على النزوح داخلياً في العام الماضي نتيجة «القتال العنيف» هناك. وفي حين بلغ عدد اللاجئين والنازحين قسراً حول العالم نهاية عام 2023 نحو 117.3 مليون شخص، ارتفع أواخر أبريل (نيسان) 2024 إلى 120 مليون نازح حول العالم.

صورة نشرتها المنظمة السورية للطوارئ لأطفال نازحين في مخيم الركبان المعزول جنوب سوريا يطالبون بالتدخل الدولي للمساعدة في تخفيف وضعهم (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال غراندي للصحافيين إنّ «النزاع ما زال محرّكاً كبيراً جداً للنزوح الجماعي، وإنه صُدم من العدد الكبير للنازحين عندما تولّى منصبه قبل ثماني سنوات». وأضاف أنّه منذ ذلك الحين ازداد العدد «بأكثر من الضعف». ومن إجمالي عدد النازحين المسجّل أواخر 2023 والبالغ 117.3 مليون، نزح 68.3 مليون شخص داخل بلدانهم، بحسب التقرير، ليرتفع عدد اللاجئين وغيرهم ممن يحتاجون إلى حماية دولية إلى 43.4 مليون.

ورفضت المفوضية الفكرة السائدة بأن جميع اللاجئين والمهاجرين يتوجّهون إلى الدول الثرية. وأوضحت: «ظل معظم اللاجئين قريبين من الدول التي يتحدرون منها، علماً بأن 69 في المائة كانوا يعيشون في دول مجاورة لبلدانهم في نهاية عام 2023. وما زالت الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط تستضيف الغالبية العظمى من اللاجئين؛ أي 75 في المائة يعيشون في هذه البلدان».

حرب السودان وغزة

وقال التقرير إن الحرب الأهلية السودانية كانت من العوامل الرئيسية التي أدت إلى ازدياد الأعداد. ومنذ اندلاعها في أبريل 2023، أدت الحرب إلى نزوح أكثر من تسعة ملايين شخص إضافي، ليصل عدد السودانيين الذين اضطروا لمغادرة ديارهم نهاية عام 2023 إلى نحو 11 مليون شخص، وفق المفوضية. وقال غراندي إن كثيرين ما زالوا يفرّون إلى تشاد المجاورة التي استقبلت نحو 600 ألف سوداني خلال الأشهر الـ14 الأخيرة، مشيراً إلى أن «المئات والمئات يعبرون يومياً من بلد مدمّر إلى أحد أفقر بلدان العالم».

هاربون من الحرب يخاطرون بعبور البحر بحثا عن أمان (الأمم المتحدة)

وفي قطاع غزة، تفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن 1.7 مليون شخص (75 في المائة من السكان) نزحوا جراء الحرب التي أدى هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، إلى اندلاعها قبل أكثر من ثمانية أشهر.

اللجوء الفلسطيني

قال جهاز الإحصاء الفلسطيني، اليوم الخميس إن هناك نحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وأضاف الجهاز في بيان بمناسبة اليوم العالمي للاجئين الذي أقرته الأمم المتحدة في عام 2000، أن من بين اللاجئين الفلسطينيين هناك 2.5 مليون لاجئ يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأوضح الجهاز في بيانه أن «نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث في الأردن نحو 40 في المائة من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين، في حين بلغت هذه النسبة في لبنان وسوريا نحو ثمانية في المائة وعشرة في المائة على التوالي... تمثل هذه التقديرات الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين باعتبار وجود لاجئين غير مسجلين؛ إذ لا يشمل هذا العدد مَن تم تشريدهم من الفلسطينيين بعد عام 1949 حتى عشية حرب حزيران 1967 حسب تعريف (الأونروا)، ولا يشمل أيضاً الفلسطينيين الذين رحلوا أو تم ترحيلهم عام 1967 على خلفية الحرب والذين لم يكونوا لاجئين أصلاً».

لاجئون من الروهينغا في طريقهم إلى مخيم كوتوبالونغ للاجئين بعد أن شردهم الصراع والاضطهاد (الأمم المتحدة)

وأُجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على الرحيل أو ترك مدنهم وقراهم في عام 1948، وأصبحوا لاجئين في وطنهم وفي بلدان أخرى. ولفت البيان إلى نزوح «ما يقارب 2 مليون مواطن داخل القطاع بعيداً عن أماكن سكناهم». وتواصل إسرائيل هجومها على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر.

الأزمة الأكبر في سوريا

وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية وبورما، نزح ملايين الأشخاص الإضافيين داخلياً، العام الماضي، هرباً من القتال. أما بالنسبة للحرب الدائرة في أوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير (شباط) 2022، قدّرت الأمم المتحدة أن نحو 750 ألف شخص إضافي باتوا نازحين داخل البلاد، العام الماضي، ليصل إجمالي النازحين داخلياً في هذا البلد إلى 3.7 مليون في نهاية عام 2023. وأوضحت أن عدد اللاجئين الأوكرانيين وطالبي اللجوء ازداد بأكثر من 275 ألفاً إلى 6 ملايين شخص. ورغم تراجع الأعمال القتالية في سوريا، أكد التقرير أن سوريا لا تزال تمثّل أكبر أزمة نزوح في العالم؛ إذ نزح 13.8 مليون شخص قسراً داخل البلاد وخارجها.

وقال غراندي إن الأرقام ستواصل الارتفاع، مشيراً إلى زيادة ملموسة في الأزمات، لافتاً أيضاً إلى الكيفية التي يؤثّر من خلالها تغيّر المناخ على حركة السكان ويغذي النزاعات. وقال للصحافيين إن المفوضية أعلنت، العام الماضي، عن 43 حالة طوارئ في 29 بلداً، أي أكثر بأربع مرّات من المستوى الطبيعي قبل عدة سنوات. وأوضح غراندي أن الزيادة الأكبر لمستوى النزوح القسري جاءت من جانب الأشخاص المضطرين للفرار داخل حدود بلدانهم، حيث ارتفع عددهم إلى 68.3 مليون شخص؛ أي بزيادة بلغت 50 في المائة على مدى السنوات الخمس السابقة.

ولفت غراندي خصوصاً إلى «الطريقة التي تدار بها النزاعات... في تجاهل تام» للقانون الدولي، و«عادة بغرض محدد قائم على ترهيب الناس»، وهو عامل «يساهم بالتأكيد بقوة في المزيد من النزوح». وأقر غراندي بأن الأمل في تغيّر هذا الاتجاه ضئيل حالياً، قائلاً: «ما لم يطرأ أي تحوّل على الوضع الجيوسياسي الدولي، أرى للأسف أن الرقم سيواصل الارتفاع»