زلماي خليل زاد... عرّاب عودة «طالبان» إلى السلطة

خليل زاد خلال توقيع «اتفاق الدوحة» مع الملا عبد الغني برادر في 29 فبراير 2020 (أ.ب)
خليل زاد خلال توقيع «اتفاق الدوحة» مع الملا عبد الغني برادر في 29 فبراير 2020 (أ.ب)
TT

زلماي خليل زاد... عرّاب عودة «طالبان» إلى السلطة

خليل زاد خلال توقيع «اتفاق الدوحة» مع الملا عبد الغني برادر في 29 فبراير 2020 (أ.ب)
خليل زاد خلال توقيع «اتفاق الدوحة» مع الملا عبد الغني برادر في 29 فبراير 2020 (أ.ب)

إن كان هناك شخص بإمكانه جلب السلام إلى أفغانستان، فإنه المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد... أو هكذا صوّر نفسه طويلاً، حسب ما كتبت وكالة الصحافة الفرنسية التي عدّت أن هذا الدبلوماسي المخضرم أشرف في نهاية المطاف على انهيار الجمهورية التي عمل على بنائها بشق الأنفس.
كلّفت واشنطن المبعوث الأفغاني - الأميركي البالغ 70 عاماً قيادة المحادثات مع «طالبان» على مدى سنوات، لتثمر عن اتفاق طوى صفحة أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة؛ إذ نص على انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان. وجاءت هذه الخطوة بعد أكثر من عام من النشاط الدبلوماسي المكثّف الذي زار خليل زاد في إطاره عواصم أجنبية فيما حضر قمماً في فنادق فخمة وألقى خطابات أمام مراكز أبحاث مرموقة.
ولطالما أكد للحاضرين أن «طالبان» على استعداد لمناقشة تسوية.
لكن اختفى صوت خليل زاد منذ عادت «طالبان» إلى السلطة في أعقاب انهيار الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة إثر سلسلة هجمات خاطفة، بعدما كانت تصريحاته تنتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي. وذكرت وزارة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي أن المبعوث لا يزال في قطر، حيث يجري اتصالات على أمل التوصل إلى تسوية دبلوماسية. لكن الاتفاق الذي كان يأمل بأن ينهي الحرب أطلق العنان لكارثة، حسب وصف الوكالة الفرنسية.
وأفاد الباحث الرفيع لدى «معهد هادسن» حسين حقاني بأن خليل زاد قال للرؤساء الأميركيين المتعاقبين على السلطة الذين كانوا متحمسين لسحب جنود بلادهم من أفغانستان إنه توصل إلى اتفاق سلام، لكنه كان في الواقع استسلاماً. وقال حقاني لوكالة الصحافة الفرنسية: «تفاوض بشكل سيئ. دفع (طالبان) إلى التجرؤ، وادعى أنه بإمكان المحادثات أن تثمر اتفاقاً لتشارك السلطة، رغم أن لا نية لدى (طالبان) لتشارك السلطة».
تولى خليل زاد ملف العلاقة بين الولايات المتحدة وأفغانستان في 2018 بعدما عيّنته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مبعوثاً خاصاً للإشراف على المفاوضات مع «طالبان».
وأعقب تكليفه مسيرة مهنية طويلة؛ إذ شكّل خليل زاد حكومات وليدة في أفغانستان والعراق بعد عمليات اجتياح أميركية متعاقبة، مما أكسبه سمعة بشأن قدرته على جلب المجموعات المتناحرة إلى طاولة المفاوضات.
وأعقب قرار واشنطن عقد المحادثات سنوات من العنف المتزايد في كابل حيث أحدثت «طالبان» حالة من الفوضى عبر إرسالها انتحاريين إلى العاصمة الأفغانية.
وضمن خليل زاد العفو عن المؤسس المشارك لـ«طالبان» الملا عبد الغني برادر الذي كان محتجزاً في باكستان لإطلاق المبادرة، فيما كان الطرفان يعملان معاً للتوصل إلى اتفاق يمهّد لانسحاب واشنطن بعد نزاع استمر لنحو عقدين.
وخلال المفاوضات التي استمرت على مدى شهور في قطر، قيل إن خليل زاد تقارب مع وفد «طالبان». وأظهرت صور نشرت على الإنترنت المبعوث وهو يضحك مع ممثلي الحركة، مما أثار امتعاضاً في أفغانستان حيث كانت الحرب مستعرة.
وعندما تم التوقيع النهائي على اتفاق الانسحاب في فبراير (شباط) 2020 خلال حفل باذخ في الدوحة، كان خليل زاد حصل على تطمينات مبهمة في معظمها من «طالبان» بشأن أي سلام مستقبلي.
وكتبت كيت كلارك من «شبكة محللي أفغانستان» في تقرير جديد: «انتزع خليل زاد... التزاماً قوياً واحداً فقط (من عناصر طالبان)؛ وهو أنهم لن يهاجموا الولايات المتحدة و(حلفاءها)». وكانت وعود «طالبان» بالتخلي عن تنظيم «القاعدة» وغيره من المجموعات المتشددة الدولية وبدء محادثات مع الحكومة الأفغانية أكثر غموضاً.
وبدا أن الاتفاق لم يكن أكثر من مجرّد سلسلة تنازلات أميركية، حسب وصف وكالة الصحافة الفرنسية. وتغادر الولايات المتحدة الآن أفغانستان من دون وقف لإطلاق النار ولم تضع حتى إطار عمل لأي عملية سلام مستقبلية ستكون ضرورية للتوصل إلى تسوية تنهي الحرب.
وبدلاً من انتزاع ضمانات من «طالبان» في الأشهر التي تلت الاتفاق، كثّف خليل زاد الضغط على الحكومة الأفغانية؛ فأجبر الرئاسة على إطلاق آلاف السجناء التابعين للحركة الذين عززوا على الفور صفوف مسلّحيها. وفاقم الاتفاق الضغط على الحكومة عبر إطلاقه عداً تنازلياً نظراً لتعهد الولايات المتحدة بسحب كامل جنودها من أفغانستان بحلول مايو (أيار) 2021، في مهلة جرى تمديدها لاحقاً إلى سبتمبر (أيلول) المقبل.
ولم يترك ذلك أمام الحكومة الأفغانية كثيراً من الوقت والمساحة للمناورة.
وأشعل قرار الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل (نيسان) الماضي المضي قدماً في الانسحاب آخر فتيل، فأطلق العنان لهجوم شامل شنّته «طالبان» أطاح الحكومة الأفغانية بالقوة في 15 أغسطس (آب) الحالي.
وقبل يومين من ذلك التاريخ، بعث النائب الأميركي مايكل والتز (الذي كان جندياً في أفغانستان) رسالة إلى بايدن ندد فيها بأداء خليل زاد. وكتب أن خليل زاد «قدّم لك مشورة سيئة وفشلت استراتيجيته الدبلوماسية فشلاً ذريعاً». وأضاف: «في ضوء هذه الكارثة، يتعيّن على السفير (خليل زاد) الاستقالة فوراً أو إقالته من منصبه».
في اليوم ذاته، صدرت آخر تغريدة من خليل زاد ناشد فيها «طالبان» سحب قواتها التي دخلت كابل.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».