جدار ثانٍ على حدود غزة بعد حادثة «المسدس»

تزامناً مع تقارير إسرائيلية عن استعداد السنوار لمواجهة

متظاهرون قرب السياج الجداري شرق غزة السبت يحملون مصاباً برصاص إسرائيلي (إ.ب.أ)
متظاهرون قرب السياج الجداري شرق غزة السبت يحملون مصاباً برصاص إسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

جدار ثانٍ على حدود غزة بعد حادثة «المسدس»

متظاهرون قرب السياج الجداري شرق غزة السبت يحملون مصاباً برصاص إسرائيلي (إ.ب.أ)
متظاهرون قرب السياج الجداري شرق غزة السبت يحملون مصاباً برصاص إسرائيلي (إ.ب.أ)

بدأ الجيش الإسرائيلي إقامة جدار جديد على الحدود مع قطاع غزة، بعد يومين فقط من إصابة قناص إسرائيلي كان يتحصن داخل الجدار الحالي برصاص فلسطيني باغته بمسدس من مسافة صفر.
وقال موقع «واللا» الإخباري، إن طواقم هندسية تابعة للجيش «باشرت ليلاً بإنشاء عائق جديد على الحدود مع قطاع غزة يصعب على الفلسطينيين الاقتراب من جنوده، وذلك في أعقاب جرح أحد جنود حرس الحدود قبل يومين، كما تقرر أن قناصة الجيش ستستهدف الفلسطينيين المسلحين بمسافة أطول، وليس بمحاذاة السياج فقط». وبالإضافة إلى قرار بناء جدار ثانٍ، يدرس الجيش الإسرائيلي إبعاد قواته إلى الخلف، من أجل تجنب إصابة جنوده.
وكان قناص إسرائيلي يتحصن خلف الجدار ويطلق الرصاص من هوة ضيقة، فوجئ بمتظاهر خلف الجدار يطلق عليه الرصاص من الهوة نفسها، في مشهد انتشر بشكل مكثف على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وأثار الكثير من الغبطة في غزة والجدل في إسرائيل.
وأشارت النتائج الأولية للتحقيق العسكري، إلى أن القوات الإسرائيلية لم تكن مستعدة للاندفاع المفاجئ للمتظاهرين. وقال مسؤول عسكري إن الجنود المتمركزين على الحدود، لم يطلقوا النار على الفور باتجاه الحشود التي هاجمت السياج بشكل مفاجئ.
وجاء في التحقيق الذي لم يستكمل، أنه رغم استعداد الجيش الإسرائيلي للمظاهرة يوم السبت، ونشره قوات إضافية عند السياج، فإنه توقع بشكل غير صحيح أن المظاهرة ستكون أقل عنفاً. وفقاً للجيش الإسرائيلي، «كان أعضاء قوة الردع التابعة لحركة حماس، حاضرين خلال المظاهرة، ما منع المتظاهرين من الاقتراب من الحدود، لكن في نقطة معينة هرع العشرات من المحتجين مباشرة إلى الجدار الأمني بالقرب من معبر «كارني» غير المستخدم، وإلى جزء من الجدار الخرساني الذي وقف خلفه الجندي برئيل حداريا شموئيلي (21 عاماً) حيث تمركز كقناص، من أجل استهداف التهديدات المحتملة من خلال الفتحة الصغيرة. ثم شوهد رجل يركض نحو الجدار ويخرج مسدساً ويطلق ثلاث طلقات عبر الفتحة من مسافة قريبة. وقد أصابت إحدى الطلقات رأس شموئيلي ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة.
في مقاطع فيديو من مكان الحدث، يمكن رؤية المحتجين وهم يحاولون إتلاف بندقية جندي ثم انتزاعها من خلال ثقب في الجدار الخرساني.
وتقول التحقيقات إنه إذا اقترب المحتجون من الجدار، فإن الجنود الإسرائيليين على الجانب الآخر يفقدون فعلياً كل الرؤية ويصبحون عرضة للهجوم.
وقال مسؤول: «إن المحتجين ركضوا باتجاه الحدود بسرعة كبيرة لدرجة أن شموئيلي والجنود الآخرين معه، لم يدركوا على ما يبدو، مدى قربهم حتى وصلوا إلى الجدار نفسه، رغم معدات الاستطلاع الوفيرة على الحدود، بما في ذلك طائرات مسيرة وكاميرات المراقبة القوية». ولا يعرف الجيش حتى الآن سبب عدم إبلاغ الجنود على الحدود في الوقت المناسب باقتراب المتظاهرين، أو ما هو الإجراء الذي كان ينبغي اتخاذه لوقفهم.
وجاء بناء جدار ثانٍ على الحدود في وقت تعتقد فيه الأجهزة الأمنية في إسرائيل، أن «رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار يستعد لخوض جولة أخرى من المواجهة المسلحة مع إسرائيل والدعوة غير الرسمية لسكان القطاع بالتوجه إلى الجدار الحدودي مع إسرائيل للتظاهر».
وأعلنت الفصائل الفلسطينية في غزة أمس «تنظيم فعالية جديدة عند الحدود الشرقية لمدينتي خان يونس ورفح».
جاء ذلك في أعقاب اجتماع عقدته الفصائل لوضع خطة متكاملة لبرنامج شامل لفعاليات شعبية بهدف الضغط على الاحتلال لكسر الحصار عن قطاع غزة.
وتقرر أن تنظم الفعالية الجديدة عصر الأربعاء المقبل عند الحدود الشرقية، على غرار الفعالية التي جرت شرق مدينة غزة يوم السبت الماضي.
وتريد حماس استمرار الفعاليات في محاولة للضغط على إسرائيل من أجل تسريع جهود التهدئة، لكن بدون أن يجر ذلك إلى مواجهة جديدة خصوصاً بعد وجود اتفاق يسمح بإدخال جزء من الأموال القطرية للعائلات، ووعود من الوسطاء بعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل المواجهة الأخيرة في مايو (أيار) الماضي.
ويعتقد الإسرائيليون أن حماس ستصعد تدريجياً من أدواتها.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان نشره على حسابه على تويتر، الاثنين، أنه اعتقل فلسطينياً بعدما تجاوز الحدود مع قطاع غزة.
وأضاف البيان أنه لم يتم العثور على أي أسلحة بحوزة الفلسطيني، واقتيد للتحقيق معه بهدف معرفة السبب الذي من أجله أراد تجاوز الحدود والدخول إلى المناطق الإسرائيلية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.