تونس تترقب اليوم إعلان رئيس الحكومة الجديد

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

تونس تترقب اليوم إعلان رئيس الحكومة الجديد

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

رجحت مصادر سياسية قريبة من دوائر رئاسة الجمهورية التونسية احتمال إعلان الرئيس قيس سعيد عن رئيس الحكومة الجديد اليوم (الثلاثاء)، تزامناً مع انتهاء المهلة الدستورية التي يمنحها الفصل 80 من الدستور لتنفيذ التدابير الاستثنائية.
وكان الرئيس سعيد قد أعلن أكثر من مرة خلال زياراته الميدانية، وتنقلاته إلى عدة مواقع في تونس، أنه لن يخرق الدستور، مؤكداً أنه سيعلن عن الحكومة التي ستخلف حكومة هشام المشيشي في الآجال المحددة بالدستور.
ورغم الغموض الذي بات يلف المشهد السياسي منذ 25 يوليو (تموز) الماضي، وتراجع دور الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية، في ظل سيطرة الرئيس سعيد على القرار السياسي بأكمله، فإن عدة تسريبات أكدت أن الرئيس عرض على بعض الشخصيات الاقتصادية تشكيل حكومة جديدة، خلفاً لحكومة المشيشي. غير أن كثيراً منهم رفض العرض لعدة أسباب، أهمها صعوبة التواصل مع الرئيس نفسه، وضبابية المشروع السياسي الذي يروم تنفيذه، واعتماده على رئيس وزراء ينفذ توجيهاته في المقام الأول، بدلاً من رئيس حكومة له صلاحيات تنفيذية مستقلة عن رئاسة الجمهورية.
وطرحت عدة أسماء لتولي هذا المنصب، من بينها مروان العباسي محافظ البنك المركزي، وتوفيق شرف الدين وزير الداخلية السابق، الذي دعمه سعيد في هذا المنصب وعزله المشيشي، إضافة إلى نزار يعيش وزير المالية السابق، ونادية عكاشة مديرة الديوان الرئاسي.
في السياق ذاته، أكد أمين محفوظ، أستاذ القانون الدستوري المقرب من الرئيس سعيد والمدافع عن مواقفه وتصريحاته المتعددة، أن «لكل تعليق حلاً»، وهو ما خلف موجة من التساؤلات حول الخطوة المقبلة لرئيس الجمهورية، بعد قراره يوم 25 يوليو الماضي، تعليق أعمال البرلمان لمدّة 30 يوماً.
وكنتيجة لذلك توالت التعليقات، التي تؤكد أن الحل قد يكون عبر حل البرلمان بصفة نهائية، باعتباره مصدر «الخطر الداهم»، الذي بنى عليه سعيد قراراته، وأوقف العمل بدستور 2014، والدعوة لإجراء استفتاء حول نظام الحكم، علاوة على مراجعة القانون الانتخابي.
في سياق متصل، أعلنت حركة النهضة، التي يقودها راشد الغنوشي رئيس البرلمان، عن تضامنها مع عائلة رئيس الجمهورية، بعد موجة التهجم التي طالته وعائلته، وهو ما خلف جدلاً سياسياً واسعاً حول الدوافع الخفية لهذا التغيير في المواقف، بعد أن كانت قيادات النهضة قبل أيام قليلة تتهم الرئيس سعيد بـ«تدبير انقلاب» على مؤسسات الدولة.
وعبرت حركة النهضة في بلاغ لها عن «تضامننا التام مع عائلة رئيس الجمهورية، إزاء أي محاولة للتشهير بها، أو إقحامها في التجاذبات»، لما في ذلك من «انتهاك للحرمات، والمواثيق الأخلاقية، والقوانين والقيم التي ينبني عليها مجتمعنا». ودعت إلى «ضرورة النأي بالخطاب السياسي عن الشحن والتجييش والتحريض، واحترام هيبة مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية».
وجاء هذا البلاغ بعدما تحدث رئيس الجمهورية عن تهجم بعض الأطراف على شخصه، والتعرض لعائلته. ووجهت تحذيرات إلى قواعدها والمنخرطين في العمل السياسي داخل الحركة، مؤكدة أنها ترفض هذه الممارسات، ومستعدة لاتخاذ إجراءات تأديبية ضد أي من قواعدها في حال ثبت ابتعادها عن أخلاقيات الخطاب السياسي، مشددة على أن الخروج من الأزمة الراهنة «لا يكون إلا بالحوار الشامل، وبعيداً عن الإقصاء».
ويرى مراقبون أن قيادات النهضة تسعى إلى السيطرة على الخلافات الداخلية، التي تقودها «مجموعة المائة»، الرافضة لاستمرار القيادة الحالية على رأس الحزب، بعد أن اتهمتها بتحمل كامل المسؤولية فيما وصل إليه المشهد السياسي الحالي، وعن الاستفزازات التي قادتها خلال الأشهر الماضية ضد رئاسة الجمهورية، ما أدى إلى إعلان التدابير الاستثنائية.
وكانت قيادات من حركة النهضة قد دعت خلال الأسبوع الماضي، إلى سحب الثقة من عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس الشورى، وذلك إثر اتهامه بارتكاب أخطاء اتصالية عند مطالبته بالحصول على تعويضات مالية عن سنوات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وهو ما أدى إلى تأجيج مشاعر التونسيين ضد حركة النهضة، وبقية مكونات الائتلاف الحاكم برمته.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.