تعثر مفاوضات درعا بعد الإصرار على التهجير وتسليم السلاح

درعا البلد مهجورة من سكانها إثر المعارك بين النظام والمعارضة (أ.ف.ب)
درعا البلد مهجورة من سكانها إثر المعارك بين النظام والمعارضة (أ.ف.ب)
TT

تعثر مفاوضات درعا بعد الإصرار على التهجير وتسليم السلاح

درعا البلد مهجورة من سكانها إثر المعارك بين النظام والمعارضة (أ.ف.ب)
درعا البلد مهجورة من سكانها إثر المعارك بين النظام والمعارضة (أ.ف.ب)

وسط تعنّت الفرقة الرابعة بشروطها من درعا البلد، بالتهجير وتسليم كامل السلاح، وتفتيش المنازل، وتسليم الرافضين للتهجير والتسوية، ونشر نقاط عسكرية داخل أحياء المدينة، يستمر رفض اللجان المفاوضة في درعا للمطالب والخريطة الروسية المقدمة للمنطقة.
وقالت مصادر من لجنة التفاوض المركزية في درعا لـ«الشرق الأوسط»، إنه اا يزال ملف المفاوضات جاري العمل عليه دون التوصل إلى اتفاق، مع إصرار اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري على ضرورة تسليم السلاح الخفيف المنتشر في مدينة درعا البلد، مع رفض اللجنة المركزية هذا الخيار والدعوة إلى العودة لاتفاق التسوية والمصالحة الذي عقد في المدينة عام 2018.
وأكدت اللجنة أن أهالي درعا البلد والمناطق المحاصرة «يرفضون الانزلاق للعنف، ويدعمون التسوية السورية السليمة، لكن ما زال النظام مستمراً في عمليات التصعيد العسكرية؛ ما يدل على غياب الإرادة بالحل السياسي، وأن جميع الاقتراحات التي قدمتها لجنة التفاوض من أجل إيقاف القصف ومحاولات الاقتحام والتهجير الكامل قوبلت بالرفض»، مطالبة الضامن الروسي تحمل المسؤولية في مناطق التسويات، والالتزام باتفاق التسوية 2018.
وتبعات انهيار اتفاق التسوية جنوب سوريا، والعودة إلى نقطة الصفر، وخروج المنطقة عن سيطرة النظام، وعودة العمليات العسكرية إليها وخسارة ما بني من اتفاقيات وتسويات منذ عام 2018.
ورغم حديث الضباط الروس خلال اجتماعاتهم مع لجان التفاوض ووجهاء درعا، عن إنهاء التصعيد، تستمر عمليات القصف بالدبابات وقذائف الهاون على أحياء المدينة كما يستمر حصارها من القوات العسكرية المنتشرة في محيطها. وقال ناشطون في درعا إنه مع استمرار تعثر المفاوضات واصلت قوات الفرقة الرابعة قصفها بقذائف الهاون على أحياء درعا البلد مساء أول من أمس (الثلاثاء)، كما تعرضت منطقة البحوث العلمية الواقعة على طريق طفس - اليادودة غرب درعا، لقصف بقذائف المدفعية، بعد أن غززت قوات النظام مواقعها في محيط مدينة طفس، وإنشاء نقاط جديدة، وقطع طرق مؤدية إلى المدينة.
وتعرضت أيضاً بلدة العجمي بمنطقة حوض اليرموك غرب درعا لتقصف بقذائف المدفعية، أدى إلى جرح مدنيين بينهم سيدة.
وذكرت وكالة «نبأ» المعنية بنقل الأخبار المحلية في مدينة درعا، أن وفد روسيا والنظام، قدّما لائحة للجنة المركزية في درعا تضم نحو 180 شخصاً مطلوباً للأجهزة الأمنية من الأحياء المحاصرة في مدينة درعا، خلال اجتماع عُقد يوم الاثنين، وأن الأشخاص المطلوبين، لديهم خيارات إما التسوية أو التهجير إلى شمال سوريا، في حال تم التوصل لاتفاق على خريطة الحل الروسي، وأن اللجنة حتى الأمس لم ترد بالموافقة على أي من البنود الروسية.
كما يُطالب النظام وروسيا بتسليم كميات كبيرة من الأسلحة، ومن بين البنود التي أوردتها خريطة الحل الروسي، أن تقوم قوة عسكرية من النظام وروسيا باستطلاع محاور القتال للتفتيش على أسلحة ثقيلة ومتوسطة والبحث عن مستودعات محملة للأسلحة والذخائر في المدينة. وقالت مصادر محلية إن حالة الانفلات الأمني تستمر في مناطق التسويات جنوب سوريا، حيث أقدم مجهولون مساء يوم الثلاثاء على قتل مواطن في بلدة المسيفرة وجرح آخر كان برفقته بريف درعا الشرقي، جراء إطلاق النار عليهم بشكل مباشر، وكان الضحية أحد عناصر الفصائل المعارضة للنظام في درعا، قبل اتفاق التسوية عام 2018.
كما قتل الشاب مروان عبد الرحمن من بلدة الشحرة بمنطقة خوض اليرموك بريف درعا الغربي من قبل مسلحين مجهولين، أثناء مروره في منطقة السامرية على الطريق الواصل بين جلين ومساكن جلين غرب درعا، وضربوا شخصاً آخر كان برفقته ضرباً شديداً، وتعرضت سيدة لإطلاق النار المباشر أمام منزلها في مدينة الصنمين يوم الاثنين ما أدى إلى مقتلها، وأطلق مجهولين النار على عمار ياسين من أبناء بلدة الشيخ مسكين وهو عسكري في مرتبات الفرقة الرابعة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.