وزير المخابرات المصرية في تل أبيب لبحث «الوساطة»

حمل دعوة من السيسي إلى بنيت لزيارة القاهرة

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت مستقبلاً وزير المخابرات المصرية عباس كامل أمس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت مستقبلاً وزير المخابرات المصرية عباس كامل أمس (د.ب.أ)
TT

وزير المخابرات المصرية في تل أبيب لبحث «الوساطة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت مستقبلاً وزير المخابرات المصرية عباس كامل أمس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت مستقبلاً وزير المخابرات المصرية عباس كامل أمس (د.ب.أ)

استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بنيت، أمس (الأربعاء)، في مكتبه بالقدس الغربية، وزير المخابرات المصرية، عباس كامل، في أول لقاء له، ضمن الزيارة التي شملت رام الله أمس.
وحسب بيان مكتب بنيت، فقد جرى الحديث خلال اللقاء عن الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية للعلاقات الإسرائيلية المصرية. كما تم خلال اللقاء بحث ملف الوساطة المصرية بشأن الأوضاع الأمنية إزاء قطاع غزة. ونقل الوزير كامل إلى بنيت دعوة من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، للقيام بزيارة رسمية إلى مصر خلال الأسابيع المقبلة.
وكان كامل قد حضر لزيارة كل من إسرائيل وفلسطين، في إطار الجهود المصرية لتحقيق تهدئة طويلة الأمد بين إسرائيل و«حماس» وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. ورافقه كل من اللواء عمرو نظمي، واللواء أحمد عبد الخالق. وكشفت مصادر سياسية في رام الله أن المحادثات بين كامل والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تناولت قضية المصالحة الفلسطينية وكيفية التقدم بها في الظروف الناشئة ما بعد إلغاء الانتخابات. فيما قالت مصادر في تل أبيب إن المحادثات مع بنيت، والمحادثات التي أعقبتها مع وزير الأمن، بيني غانتس، وقادة المخابرات الإسرائيلية، تطرقت بشكل أساسي إلى القضايا الشائكة في الموضوع الفلسطيني وتفادي تدهور الأوضاع ووقوع انفجار أمني جديد.
وقد استقبلت الحكومة الإسرائيلية زيارة كامل بعدد من الإجراءات الإيجابية، فصادقت على دخول بضائع إلى قطاع غزة المحاصر عن طريق معبر كرم أبو سالم، وبضمنها مواد بناء وبضائع أخرى كانت إسرائيل تمنع إدخالها حتى الآن.
وامتنعت عن الرد على إطلاق قذيفة صاروخية من قطاع غزة باتجاه سديروت، في نهاية الأسبوع. ووافقت على تسهيل دفع المنحة القطرية إلى عشرات ألوف العائلات الفلسطينية.
لكن بنيت وغانتس أكدا أمام الضيف المصري أن هناك معلومات تشير إلى أن «حماس» تواصل تحديها لإسرائيل وتحاول فرض أجندتها عليها، وأنها تتلقى تشجيعاً وتمويلاً من إيران لإبقاء لهيب الصدام العسكري مشتعلاً، وأنها تزداد تحمساً للصدام الآن بعد أحداث أفغانستان ولقاء رئيس المكتب السياسي لـ«حركة حماس»، إسماعيل هنية، مسؤولين من «حركة طالبان». ولذلك، فإن إسرائيل تشك في أن «حماس» ما زالت معنية بتهدئة طويلة.
وقالت مصادر إسرائيلية إن هذه الشكوك في نوايا «حماس» هي التي دفعت كلاً من بنيت وغانتس إلى التهديد بجولة جديدة من الحرب. فقد هدّد بنيت، خلال مداولات لتقييم الوضع في مقرّ فرقة غزة العسكرية، الثلاثاء، قائلاً: «سنعمل في الوقت والمكان والشروط الملائمة لنا، وليس لأي أحد آخر». وقال الوزير غانتس، خلال المداولات نفسها: «لقد قررنا بعد عملية حارس الأسوار العسكرية (الهجوم الأخير على غزة) أن ما كان ليس ما سيكون، وهكذا سنعمل. وسنحتفظ لأنفسنا بحق العمل بقوة شديدة وفي المكان والوقت الذي سنختاره، وسننفذ ذلك كما ينبغي».
وفي رام الله، أصدر مقر الرئاسة بياناً، أمس (الأربعاء)، عن استقبال كامل، جاء فيه أن الرئيس محمود عباس ثمّن مواقف وجهود ومبادرة الشقيقة مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لدعم الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة. وجرى خلال اللقاء استعراض آخر المستجدات في الأراضي الفلسطينية، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية وتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة. وقال إن الوزير عباس كامل نقل بدوره تحيات الرئيس السيسي، وأكد على حرص جمهورية مصر العربية على التنسيق والعمل مع دولة فلسطين في جميع الخطوات والمبادرات، لما فيه خير الشعبين والبلدين ودعم الشعب الفلسطيني في نيل حريته واستقلاله.
وقال مصدر فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إن كامل أطلع عباس في رام الله على الجهود المصرية المتعلقة بدفع العملية السياسية، وكذلك ما يتعلق بتهدئة طويلة في قطاع غزة، وبحث معه ملف المصالحة وإعادة إعمار القطاع. وقد حضر اللقاء رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الوزير حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، ونائب رئيس الوزراء، وزير الإعلام نبيل أبو ردينة، ومستشار الرئيس الدبلوماسي مجدي الخالدي، ومن الجانب المصري اللواء عمرو نظمي، واللواء أحمد عبد الخالق.
وبحسب المصدر، «يريد المصريون إيجاد حل سياسي شامل يضمن تحقيق الوحدة وإنجاز اتفاق تهدئة والبدء بإعمار القطاع ثم إطلاق عملية سياسية». لكن جهود المصريين تصطدم بمواقف إسرائيلية متشددة، وخلاف فلسطيني داخلي.



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».