نصف مليون ناخب لم يقرروا لمن يصوتون في الانتخابات الإسرائيلية اليوم

أجواء غير مسبوقة من الحيرة والتردد عشية السباق حسب استطلاعات الرأي

زعيما المعسكرين المتنافسين بنيامين نتنياهو وإسحق هرتسوغ  كما ظهرا في توليف لهما (رويترز)
زعيما المعسكرين المتنافسين بنيامين نتنياهو وإسحق هرتسوغ كما ظهرا في توليف لهما (رويترز)
TT

نصف مليون ناخب لم يقرروا لمن يصوتون في الانتخابات الإسرائيلية اليوم

زعيما المعسكرين المتنافسين بنيامين نتنياهو وإسحق هرتسوغ  كما ظهرا في توليف لهما (رويترز)
زعيما المعسكرين المتنافسين بنيامين نتنياهو وإسحق هرتسوغ كما ظهرا في توليف لهما (رويترز)

تدخل إسرائيل انتخاباتها البرلمانية، اليوم، في وضع غير مسبوق من الحيرة والتردد؛ إذ أشارت الاستطلاعات إلى أن 12 في المائة من الناخبين لا يزالون مترددين ولم يحددوا لأي حزب سيصوتون. وهذا رقم ضخم لم تعرف الدولة العبرية مثيلا له. وتعني ترجمته إلى لغة الأصوات أن نحو نصف مليون ناخب لم يحسموا قرارهم بعد، وهم يساوون في لغة المقاعد 14 إلى 15 مقعدا. عليهم تدور المعركة في الساعات الأخيرة قبل فتح الصناديق. إذ يحاول قادة الأحزاب معرفة من هم والوصول إليهم لإقناعهم بالتصويت، كل لحزبه. ويواصلون هذا الجهد حتى الدقيقة الأخيرة قبل إغلاق الصناديق.
وحسب كل الدلائل، فإن هؤلاء هم الذين سيحسمون المعركة الانتخابية. وهم الذين سيوفرون المفاجآت أو يأتون بالنتائج التي تتنبأ بها الاستطلاعات الأخيرة، والتي تبين حاليا أن نتنياهو سيخسر تفوقه. إذ سيحصل على 20 إلى 21 مقعدا، فيما يحصل منافسه يتسحاق هيرتسوغ، رئيس «المعسكر الصهيوني»، وشريكته تسيبي لفني، على 24 إلى 25 مقعدا.
من تحليل لنتائج استطلاع أجري على عينة كبيرة من هؤلاء المترددين (العينة شملت 1300 شخص، بينما الاستطلاعات في العادة تستند إلى عينة من 550 شخصا)، بواسطة معهد «بانيلز بوليتيكس»، يتضح أنه لا يوجد في إسرائيل حزب واحد يحظى بثقة كاملة من مصوتيه. أكثر الأحزاب التي يثق بها جمهورها هو «يهدوت هتوراة» للمتدينين اليهود الأشكناز، ونسبة الثقة به من ناخبيه 83 في المائة، يليه «المعسكر الصهيوني» بقيادة هيرتسوغ ولفني (75 في المائة)، ثم حزب المستوطنين «البيت اليهودي» بنسبة ثقة 73 في المائة، ثم حزب اليسار الصهيوني «ميرتس» 72 في المائة، وبعده الليكود (71 في المائة) و«ياحد» الذي يرأسه ايلي يشاي ويتحالف فيه مع أشد المستوطنين تطرفا وعنصرية، وفي مرتبة بعدهما «القائمة المشتركة»، التي تضم الأحزاب العربية، والتي قال 69 في المائة فقط إنهم يثقون بها وبحساباتها.
ويتضح أيضا أن المترددين من مصوتي الليكود محتارون ما بين الليكود والبيت اليهودي بالأساس. لكن مصوتي العمل ولفني محتارون بين «يوجد مستقبل» و«ميرتس»، ومصوتو القائمة المشتركة العرب محتارون ما بين حزب العمل وحزب ميرتس. وبسبب هذه الصورة، يتوقع المراقبون مفاجآت في النتائج.
ويتخذ نتنياهو نهجا مثيرا لاستهجان رفاقه في معسكر اليمين، إذ يركز دعايته الانتخابية على أصوات أحزابهم؛ فقد يئس من إمكانية الحصول على أصوات قوى الوسط واليسار. لذلك يطلق خطابا سياسيا أشد تطرفا من قوى اليمين المتطرف. وفي الليلة قبل الماضية، تجلى هذا التوجه، خلال مظاهرة كبيرة نظمها المستوطنون اليهود في الضفة الغربية في ميدان رابين بتل أبيب، ردا على مظاهرة اليسار في المكان نفسه، قبل أسبوع (حسب التقديرات الصحافية شارك في مظاهرة اليمين 30 ألفا وفي مظاهرة اليسار 40 ألفا). فقد ألقى نتنياهو خطابا ناريا، أعلن فيه 3 لاءات: لا لإعادة تقسيم القدس، لا للانسحاب، لا للتنازلات. وقال إنه لا يوجد طرف فلسطيني يمكنه أن يكون شريكا في السلام. وأعلن أنه سيصون مشروع الاستيطان ويواصل تقويته.
وعندما تكلم حلفاؤه؛ نفتالي بنيت رئيس حزب البيت اليهودي، ودانئيلا فايس وحايم دروكمان، من غلاة المتطرفين في قيادة المستوطنين، اضطروا للرد عليه بإبراز «إخلاصهم لمبادئ اليمين» (تلميحا إلى أن نتنياهو غير مخلص)، وبأنهم الضمان الوحيد لتشكيل حكومة يمين. وقال بنيت: «إذا قامت حكومة لم يكن حزبنا مركبا قياديا أساسيا فيها، فإنها ستوقع غدا على تنازلات للفلسطينيين، وسترضخ أمام ضغوط الأميركيين والأوروبيين».
أحزاب الوسط؛ «يوجد مستقبل»، و«لبرمان»، و«كحلون»، التي تعد المتضررة الأولى من أي تقدم في قوة نتنياهو أو هيرتسوغ، تشعر بالخطر عليها. فتهاجمهما على هذه الحملة ضدهم. وتقول إنهما سوف يتراجعان عن كل تقدم حققته الحكومة السابقة، خصوصا في مجال المساواة في الأعباء وفي تجنيد اليهود المتدينين.
الجدير ذكره أن هناك 25 قائمة انتخابية تخوض الانتخابات، يتوقع أن تتمكن 11 قائمة منها عبور نسبة الحسم والتمثيل في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). وتقسم هذه الأحزاب على أساس 5 معسكرات، هي:
* اليمين المتطرف وتشمل «الليكود» بقيادة نتنياهو، و«البيت اليهودي الاستيطاني» بقيادة نفتالي بنيت، و«ياحد» بقيادة ايلي يشاي المنشق عن حزب اليهود المتدينين الشرقيين، «شاس».
* معسكر اليسار والوسط اليساري، ويضم حزب ميرتس وحركة هيرتسوغ - ليفني.
* أحزاب الوسط المتأرجحة ما بين اليمين والوسط، وتضم «يوجد مستقبل»، بقيادة وزير المالية السابق يائير لبيد، و«كولانو» بقيادة موشيه كحلون، المنشق عن الليكود، و«إسرائيل بيتنا» بقيادة وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، الذي يطلق خطابا فارغا وعنصريا، ولكنه معروف بمنهجية معينة تجعله مرشحا للانضمام إلى أي ائتلاف حكومي، والمعسكر الديني، ويضم حزبي اليهود الشرقيين (شاس) والغربيين (يهدوت هتوراة)، وهما يميلان إلى اليمين.
* المعسكر العربي، وفيه تم تشكيل قائمة واحدة تضم أهم أربعة أحزاب فاعلة في الوسط العربي هي الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة بقيادة أيمن عودة (الذي تبوأ المكان الأول في القائمة)، والحركة الإسلامية بقيادة مسعود غنايم، والتجمع الوطني بقيادة جمال زحالقة، والعربية للتغيير بقيادة أحمد الطيبي. ويتوقع لها الحصول على 13 مقعدا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».