37 قتيلاً في هجوم استهدف قرية غرب النيجر

جندي من بوركينا فاسو يقوم بدورية في منطقة تؤوي نازحين داخلياً فروا من الهجمات الأخيرة (أ.ف.ب)
جندي من بوركينا فاسو يقوم بدورية في منطقة تؤوي نازحين داخلياً فروا من الهجمات الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

37 قتيلاً في هجوم استهدف قرية غرب النيجر

جندي من بوركينا فاسو يقوم بدورية في منطقة تؤوي نازحين داخلياً فروا من الهجمات الأخيرة (أ.ف.ب)
جندي من بوركينا فاسو يقوم بدورية في منطقة تؤوي نازحين داخلياً فروا من الهجمات الأخيرة (أ.ف.ب)

قتل 37 مدنياً في هجوم إرهابي استهدف قرية صغيرة، غرب النيجر، بالقرب من الحدود مع دولة مالي، وكان من بين الضحايا 13 طفلاً وعدد من الجرحى، وعدة نسوة، فيما يبدو أنه هجوم لمعاقبة السكان المحليين، من طرف «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى». وقالت مصادر محلية إن الهجوم وقع في منطقة «تيلابيري» القريبة من الحدود مع مالي، وهي المنطقة التي ينشط فيها مئات من مقاتلي «داعش»، وعاشت خلال السنوات الأخيرة كثيراً من الهجمات العنيفة التي راح ضحيتها مئات المدنيين. وقال مسؤول محلي إن الهجوم استهدف قرية «داري داي»، ونفذه رجال مسلحون كانوا على دراجات نارية قادمة من الغابات، وأطلقوا النار «على أشخاص كانوا يزرعون الأرض»، وذلك بالتزامن مع بداية موسم الأمطار؛ حيث يتوجه سكان القرى إلى الحقول لزراعة أراضيهم. وتحدث المسؤول المحلي عن حصيلة أولية تقدر بـ37 قتيلاً، بينهم 4 نساء و13 قاصراً، بينما أكد صحافي أن الهجوم «أراق كثيراً من الدماء»، ولم تعلن الحكومة أي حصيلة حتى مساء أمس. وفي العادة تكثف الجماعات الإرهابية هجماتها ضد السكان بالتزامن مع بداية موسم الأمطار، وذلك لمنع السكان غير المتعاونين معهم من التوجه إلى الحقول وزراعتها، ولأن الأمطار أيضاً تتسبب في فيضانات وظهور برك ومستنقعات عبر الأودية، وهو ما يعني انقطاع كثير من هذه المناطق عن العالم، فيصعب تنقل قوات الأمن والدفاع، وبالتالي تضعف قدرتها على مواجهة المقاتلين الذين يتنقلون في مجموعات خفيفة وعلى متن دراجات نارية ويستخدمون زوارق خفيفة.
وكثيراً ما تقلص الجيوش المحلية، والقوات الدولية الداعمة لها، من عدد عملياتها العسكرية خلال موسم الأمطار، وهي الفترة التي عادة ما تستغلها الجماعات المسلحة لتنظيم صفوفها وشن هجمات أكبر وأعنف.
في غضون ذلك، أعلن الجيش في بوركينا فاسو، أنه قتل أول من أمس (الاثنين) 13 إرهابياً على الأقل، ودمر قاعدة لوجستية لهم، لدى تصدّي قواته لهجومين شنّهما مسلّحون متطرّفون في شمال البلاد وشرقها.
وقالت رئاسة الأركان، في بيان، إن مسلحين هاجموا يوم الأحد الماضي بلدة «بيليانغا» بمقاطعة «سوم» في منطقة الساحل، شمال شرقي بوركينا فاسو، على الحدود مع النيجر ومالي، وهي المنطقة التي تنشط فيها «داعش»، واستهدف الهجوم متطوّعين في وحدات شبه عسكرية، لكن الجيش ردّ على المهاجمين بعملية جوية برية أسفرت عن «تحييد نحو 10 إرهابيين وتدمير أعتدة ونحو 15 دراجة نارية»، وفق ما أعلن الجيش. وأضاف الجيش أنّه تصدى لهجوم ثانٍ استهدف مفرزة عسكرية في «تانكوالو» بالمنطقة الشرقية، وتمكن من «تحييد 3 إرهابيين ومصادرة أسلحة وذخائر ومواد أخرى مختلفة»، مؤكّداً عدم تسجيل أي خسائر في صفوف العسكريين. وأوضحت رئاسة أركان الجيش، في بيان صحافي، أنّ استطلاعاً جوياً أتاح اكتشاف «قاعدة لوجستية إرهابية في غابة في محيط بلدة دابلو» في المنطقة الشمالية الوسطى، ما لبث أن دمّرها الجيش.
ومنذ 2015 تواجه بوركينا فاسو، الدولة الفقيرة في منطقة الساحل، هجمات متزايدة تشنّها جماعات جهادية تابعة لتنظيمي «داعش» و«القاعدة». وأسفرت هذه الهجمات عن أكثر من 1400 قتيل، وأرغمت 1.3 مليون شخص على مغادرة منازلهم. وتستخدم الجماعات الإرهابية قواعد خلفية في غابات تنتشر في حوض نهر النيجر، وخاصة في المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.