أزمات داخلية تهدد بتأجيل الانتخابات العراقية

الكاظمي يبحث مع القوى السياسية خريطة طريق للخروج من «المأزق»

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ب)
TT

أزمات داخلية تهدد بتأجيل الانتخابات العراقية

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ.ب)

بعد فشل كل المحاولات التي بذلت مؤخراً لإقناع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بالعدول عن قرار مقاطعة الانتخابات، بات الجميع؛ بمن فيهم خصومه، يدركون أن إجراء الانتخابات من دون الصدر أمر يمكن أن يجر البلاد إلى مصير مجهول، وربما يتطلب تأجيل موعد الانتخابات. ورغم التصريحات شبه اليومية لمفوضية الانتخابات حول إتمام كل ما يتعلق بإجرائها في موعدها المقرر خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فإن الجميع قد بات يعرف أن إجراءات المفوضية، رغم قانونيتها، لم تعد ملزمة لأحد ما دام الجميع يستطيع أن يتصرف خارج القانون إذا ما أراد، دون أن يترتب على ذلك أي إجراء.
فالانسحابات التي جرت؛ بدءاً من انسحاب الصدر وأحزاب وقوى أخرى تلته، كانت كلها بعد غلق باب الانسحاب وفق القانون. لكن المفوضية تريد أن تتصرف في سياق القانون؛ إذ تعلن مثلاً أن أياً من المنسحبين لم يتقدم أحد منهم بطلب سحب الترشح، مما يعني أنهم جميعاً يعدون من المشاركين في الانتخابات، بينما هي تناقض نفسها بهذا التصريح لأنه مخالف للقانون الذي تتمسك به دون أن يلتفت إليها أحد.
مع ذلك؛ فإن الأزمة الحالية في البلاد لا تتعلق بمن انسحب وبمن بقي وفق السياق القانوني؛ بقدر ما تتعلق بحجم ووزن المنسحبين مقابل المتبقين. وطبقاً لخريطة التوزيع الطائفي والسياسي في العراق، لم تعلن أي قوى سياسية كردية أو سنية كبيرة انسحابها من السباق الانتخابي، فيما تبدو المشكلة داخل القوى الشيعية التي تتنافس وتتصارع تياراتها المختلفة.
فالتيار الصدري ممثلاً في زعيمه القوي مقتدى الصدر، هو الذي أعلن الانسحاب من السباق الانتخابي، بينما بقيت القوى الشيعية الأخرى تشارك في المنافسة، وفي مقدمتها «تحالف الفتح» الذي يضم «ائتلاف دولة القانون» و«بدر» و«العصائب» وقوى أخرى. يضاف إلى ذلك قوى أخرى ينتمي بعضها إلى الفصائل المسلحة التي لديها أذرع سياسية سوف تدخل السباق الانتخابي. وبدا أن انسحاب الصدر قد وفر لهذه القوى فرصة سانحة للتمدد على جمهور الصدر الذي قد يتشتت وتتوزع أصواته على عدد من التيارات الشيعية الأخرى. ويبدو الوضع الآن مختلفاً لدى أطراف من «تحالف الفتح» التي بدأت ترى أن انسحاب الصدر سوف يقلب المعادلة ما بعد الانتخابات؛ الأمر الذي يمكن أن يدفع بالبلاد إلى المجهول.
وفي هذا السياق، يبدو موقف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي صعباً لجهة كيفية إيجاد مقاربة بين كل الأطراف من أجل أن تمضي الانتخابات التي سوف تسبقها بنحو شهر قمة مهمة هي «قمة الجوار» العراقية، بالإضافة إلى مؤتمر الحوار الوطني الذي يجمع كل القوى السياسية على طاولة واحدة قد تؤدي إلى حل الأزمات العالقة. فالكاظمي الذي نجح في تحديد موعد الانتخابات في الوقت المقرر وهيأ كل مستلزمات نجاحها وهو ما ألزم الجميع به رغم الشكوك التي كانت تثار حوله، يريد الآن أن يكتمل المشهد عبر مشاركة الجميع؛ بمن فيهم «التيار الصدري».
وفي الوقت الذي يحاول فيه خصوم الصدر استفزازه بالقول إنه سيعود وإن ما يعمله مجرد مناورة سياسية وإعلامية أو إن «التيار الصدري» سوف يؤيد قوى وأحزاباً أخرى داخل الساحة الشيعية، فإن الكاظمي ينطلق من مقاربة أخرى قوامها أن عدم مشاركة الصدريين يمكن أن تكون له تداعياته على مجمل العملية السياسية في البلاد في وقت بدأت تتحقق فيه إنجازات مهمة.
وفي حين تستمر الأزمات الداخلية التي دوافع العديد منها إبقاء البلاد في حالة من الفوضى، فإن الحكومة حققت نجاحات خارجية مهمة تمثلت في الانفتاح على المحيطين العربي والإقليمي بالإضافة إلى المحيط الدولي. وتأكيداً لذلك؛ فإن حكومة الكاظمي التي هيأت كل المستلزمات لإنجاح «قمة الجوار» العراقية؛ تريد تهيئة مستلزمات النجاح للانتخابات المقبلة عبر «مؤتمر الحوار الوطني» الذي من المقرر عقده أواخر الشهر الحالي في محاولة للاتفاق على صيغة مشتركة لمشاركة الجميع في الانتخابات؛ بمن فيهم «التيار الصدري».



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.