أسعار المحروقات تعيد اللبنانيين إلى الشارع وتحذيرات من تفلت أمني

المحطات تقفل بانتظار التسعيرة الجديدة

محتجون على رفع الدعم عن المحروقات قطعوا الطريق في منطقة الأوزاعي قرب الضاحية الجنوبية لبيروت أمس (إ.ب.أ)
محتجون على رفع الدعم عن المحروقات قطعوا الطريق في منطقة الأوزاعي قرب الضاحية الجنوبية لبيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

أسعار المحروقات تعيد اللبنانيين إلى الشارع وتحذيرات من تفلت أمني

محتجون على رفع الدعم عن المحروقات قطعوا الطريق في منطقة الأوزاعي قرب الضاحية الجنوبية لبيروت أمس (إ.ب.أ)
محتجون على رفع الدعم عن المحروقات قطعوا الطريق في منطقة الأوزاعي قرب الضاحية الجنوبية لبيروت أمس (إ.ب.أ)

أعاد قرار المصرف المركزي في لبنان رفع الدعم عن المحروقات، اللبنانيين، إلى الشارع، وشهدت مختلف المناطق اللبنانية، أمس، تحركات احتجاجية وسط تحذيرات من تفلت أمني، فيما اصطفت مئات السيارات أمام محطات الوقود أملاً بتعبئة خزاناتها بالبنزين قبل ارتفاع أسعار المحروقات، والمتوقع أن يتجاوز خمسة أضعاف سعره الحالي.
وقطع محتجون الطرقات في عدد من شوارع العاصمة بيروت، فيما عمدت مجموعة من الشبان إلى رشق موكب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بالبيض، لدى مغادرته قصر بعبدا، بعد لقائه رئيس الجمهورية، وقطع محتجون أوتوستراد الناعمة (جنوب بيروت) احتجاجاً على قرار رفع الدعم.
وشهدت المناطق الجنوبية احتجاجات واسعة، ففي مدينة صيدا قطع عدد من المحتجين بعض الشوارع الأساسية بحاويات النفايات احتجاجاً على قرار رفع الدعم. كما قام عدد من المواطنين بقطع الطرقات في مدينة النبطية عبر ركن سياراتهم وسط الطريق احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية المتردية. وأكد المحتجون في الجنوب أن الصمت في هذه الظروف لم يعد مجدياً.
وشمالاً، قطع الأهالي في منطقة الكورة الطريق احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وفقدان المواد الأساسية، لا سيما المازوت، ورفضاً لقرار رفع الدعم. وشهدت مناطق عدة في جبل لبنان تحركات احتجاجية وقطع المواطنون طريق عاليه الدولية.
وكانت محطات الوقود عمدت منذ أول من أمس إلى إقفال أبوابها، فيما شهدت المحطات التي لم تقفل إقبالاً غير مسبوق، حيث امتدت طوابير السيارات مئات الأمتار، وربط أصحاب المحطات عودة العمل بصدور التسعيرة الرسمية.
وأشار عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس، إلى أن قرار مصرف لبنان فاجأ الجميع، مشدداً على أن النقابة تحت سقف القانون، وتنتظر القرار الذي سيصدر عن وزارة الطاقة لمعرفة ما يجب فعله.
ولفت البراكس إلى أن النفط الموجود في الوقت الراهن في مستودعات المنشآت والمحطات تم شراؤه وفق تسعيرة 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد، وأن الآلية التي اعتمدت حين تم الانتقال من تسعيرة الـ1500 إلى 3900 ليرة كانت أن وزارة الطاقة والمديرية العامة للنفط أغلقتا منشآت النفط وشركات التوزيع وأخذتا المخزون لديها واحتسبتا الفروقات لصالح مصرف لبنان، في حين بقيت المحطات تبيع المخزون الذي كان موجوداً لديها.
ورفض الاتحاد العمالي العام قرار رفع الدعم عن المحروقات، ووصفه بـ«العشوائي»، مشيراً إلى أن هذا القرار سيؤدي حكماً إلى تباطؤ في الحركة الاقتصادية والتجارية.
ولفت رئيس الاتحاد بشارة الأسمر، إلى الأعباء التي سيتكبدها المواطن من جراء هذا القرار، مشيراً إلى أنه مع رفع الدعم عن المحروقات سيصبح العاملون في القطاعين العام والخاص غير قادرين على الوصول إلى عملهم، كما أن العسكريين لن يتمكنوا من الالتحاق بمراكزهم. واعتبر الأسمر أن القرارات العشوائية التي تتخذها السلطة ستؤدي إلى فلتان أمني.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.