انهيار الائتلاف الحاكم في بولندا وسط نزاع حول الإعلام

واشنطن وبروكسل منزعجتان من مشروع قانون «يقوّض» مناخ الاستثمار

خروج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع للاحتجاج على القانون المثير للجدل (إ.ب.أ)
خروج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع للاحتجاج على القانون المثير للجدل (إ.ب.أ)
TT

انهيار الائتلاف الحاكم في بولندا وسط نزاع حول الإعلام

خروج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع للاحتجاج على القانون المثير للجدل (إ.ب.أ)
خروج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع للاحتجاج على القانون المثير للجدل (إ.ب.أ)

انهارت الحكومة الائتلافية المحافظة في بولندا في أعقاب إقالة رئيس الوزراء، ماتيوش مورافيتسكي لنائبه، ياروسلاف جوين.
وقرر حزب «بوروزوميني» (الاتفاق) المحافظ، بقيادة جوين، الانسحاب من الحكومة الائتلافية، ومن المجموعة البرلمانية المشتركة مع حزب القانون والعدالة الحاكم. وتردد أن الإقالة كانت بسبب فشل جوين في دعم مشروع قانون جديد للبثّ، يمنع وسائل الإعلام غير الأوروبية من العمل في بولندا، ما ينظر إليه على نطاق واسع على أنه خطوة لتشديد الرقابة الحكومية على المشهد الإعلامي، بالإضافة إلى عدم إحراز تقدم في برنامج التحفيز الاقتصادي، الذي يهدف إلى تعزيز اقتصاد البلاد في مرحلة ما بعد جائحة كورونا. وأثار مشروع القانون انتقادات الولايات المتحدة التي طالبت بأن تثبت بولندا أنها تتبع الإجراءات الديمقراطية وتحمي حقوق وسائل الإعلام. ويعني رحيل «بوروزوميني» أن حزب القانون والعدالة فقد الأغلبية في البرلمان، وتشير جميع الدلائل إلى حكومة أقلية. وقال المتحدث باسم حزب القانون والعدالة رادوسلاف فوجيل إن هذا الوضع هو «سيناريو حقيقي»، وذلك في تصريحات أذاعها موقع «فيرتولانا بولسكا». وأضاف: «الحكم في مثل هذا الموقف صعب وغير مريح، لكنه ليس مستحيلاً».
ومن الآن فصاعداً، يعتزم حزب «بوروزوميني» العمل كمجموعة برلمانية مستقلة، طبقاً لما أعلنه المتحدث، يان سترزيك، على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وكان حزب «بوروزوميني» يمتلك 12 من مقاعد البرلمان ضمن الائتلاف المكون من 232 مقعداً. وأقال مورافيتسكي جوين، الذي كان يتولى منصب وزير التنمية في بولندا، بالإضافة إلى منصب نائب رئيس الوزراء.
ويرى منتقدون أن مشروع القانون البولندي يستهدف قناة «تي في إن» الخاصة، وهي جزء من قناة «ديسكفري» الأميركية، من خلال شركة قابضة مسجلة في هولندا. وخرج آلاف المتظاهرين الثلاثاء إلى الشوارع للاحتجاج على القانون المثير للجدل. وتم في نهاية الأمر الموافقة على القانون بتأييد 228 نائباً ومعارضة 216 نائباً، وامتناع 10 نواب عن التصويت. ومن المقرر الآن إحالة مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ للتصويت عليه.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة «منزعجة للغاية» من مشروع قانون أقره اليوم مجلس النواب في البرلمان البولندي، يستهدف أكثر محطات الأخبار المستقلة مشاهدة، والتي تعد أيضاً واحدة من أكبر الاستثمارات الأميركية في البلاد، مذكراً بأن بولونيا «عملت لعقود من الزمن على تعزيز وسائل الإعلام الحيوية والحرة». واعتبر أن مشروع القانون هذا «يضعف بشكل كبير البيئة الإعلامية التي عمل الشعب البولوني طويلاً على بنائها»، مؤكداً أن «وسائل الإعلام الحرة والمستقلة تجعل ديمقراطياتنا أقوى وتحالفنا عبر الأطلسي أكثر مرونة وأساسياً للعلاقة الثنائية». وإذ أشار إلى أن الاستثمارات التجارية الأميركية الكبيرة في بولونيا «تربط ازدهارنا معاً وتعزز أمننا الجماعي»، شدد على أن «مشروع القانون يهدد حرية وسائل الإعلام ويمكن أن يقوض مناخ الاستثمار القوي في بولونيا». وذكّر كذلك بأن بولونيا «حليف مهم في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتتفهم أنه قائم على التزامات متبادلة بالقيم الديمقراطية المشتركة والازدهار». وحضّ الحكومة البولونية على «إظهار التزامها بهذه المبادئ المشتركة ليس فقط بالأقوال، ولكن أيضاً بالأفعال». وكذلك قال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس: «نحن نتابع جهود تشريع القانون عن كثب»، كاشفاً أن «عدداً من المسؤولين في وزارة الخارجية تحدثوا حول الموضوع مع مسؤولين رسميين في بولونيا خلال الساعات الأخيرة». وأوضح أنهم «قالوا للحكومة البولونية إنه توجد فرصة الآن لإظهار الأفعال وليس الأقوال»، محذراً من أن القانون «يتناقض مع القيم التي توحد التحالف بين الولايات المتحدة وبولونيا».
وفيما يعكس التوترات الموجودة أصلاً بين وارسو وبروكسل حيال ما يعتبره تراجعاً للديمقراطية في دولة عضو، انتقد الاتحاد الأوروبي مشروع القانون الخاص بوسائل الإعلام، واصفاً إياه بأنه «يقوض حرية وسائل الإعلام»، لأنه يرمي إلى إجبار شركة «ديسكوفري إنك» الأميركية المالكة لكبرى شبكات التلفزيون الخاصة في بولونيا، على بيع حصتها البولونية «تي في إن».
وأفادت المفوضة الأوروبية، فيرا جوروفا، التي تشرف على أعلى هيئة مراقبة في الاتحاد للقيم الديمقراطية، أن قانون الملكية الأجنبية يوجه إشارة سلبية. ولا يزال القانون يتطلب موافقة مجلس الشيوخ وتوقيع الرئيس دودا، الذي يدعم الحزب اليميني الذي يحكم البلاد منذ عام 2015.
كما قرّع وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن السلطات البولونية على إصدار تشريعات تشدد القيود على مطالبات اليهود وغيرهم بتعويضات عن مصادرة ملكياتهم خلال فترة الحرب العالمية الثانية، بما فيها تلك المتعلقة بذوي الناجين من «الهولوكوست»، فضلاً عن تقييد الملكية الأجنبية لوسائل الإعلام في البلاد. وكان البرلمان البولوني صادق الأربعاء على قانون الممتلكات الذي واجه انتقادات حادة من إسرائيل ومنظمات يهودية ترى أنه سيؤدي إلى «ضياع حقوق» اليهود في ممتلكات كانت لهم قبل الحرب وإمكانية استعادتها. ويحتاج القانون حالياً إلى توقيع الرئيس البولوني أندريه دودا كي يدخل حيز التنفيذ. وعبّر بلينكن في بيانه عن «قلق عميق» حيال التشريعات التي أصدرها البرلمان البولوني، واصفاً إياها بأنها «تقيد بشدة» عملية حصول الناجين من الهولوكوست وذويهم ومالكي العقارات الآخرين من اليهود وغيرهم، على تعويضات عن الممتلكات التي جرت مصادرتها بشكل غير قانوني خلال الحقبة الشيوعية في بولونيا. وحضّ الرئيس البولوني أندريه دودا على عدم التوقيع على مشروع القانون ليصير سارياً أو أن يحيله إلى المحكمة الدستورية، تماشياً مع السلطة الممنوحة له كرئيس. ورأى أن «هناك حاجة إلى قانون شامل لحل دعاوى الملكية المصادرة لتوفير قدر من العدالة للضحايا»، مضيفاً أن «من شأن قانون كهذا أن يفيد كثيراً من المواطنين البولونيين، وكذلك الأشخاص الذين أجبروا على مغادرة بولونيا أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها والذين صاروا بعد ذلك مواطنين مجنسين من بلدان أخرى». واعتبر أنه «حتى يتم سنّ مثل هذا القانون، لا ينبغي إغلاق الطريق إلى التعويض أمام المطالبات الجديدة أو تلك القرارات المعلقة في المحاكم الإدارية».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.