عودة بطيئة لنازحي تكريت بسبب ألغام «داعش».. ومخاوف من الانتقام

نواب يطالبون الحكومة بوقف انتهاكات الميليشيات في المناطق المحررة

عودة بطيئة لنازحي تكريت بسبب ألغام «داعش».. ومخاوف من الانتقام
TT

عودة بطيئة لنازحي تكريت بسبب ألغام «داعش».. ومخاوف من الانتقام

عودة بطيئة لنازحي تكريت بسبب ألغام «داعش».. ومخاوف من الانتقام

رغم إعلان مجلس محافظة صلاح الدين عن بدء عودة العائلات التي نزحت سواء بسبب استيلاء «داعش» على محافظة صلاح الدين أو خشية من العمليات العسكرية، فإن مواطنين من أبناء بعض المناطق هناك أكدوا في اتصالات هاتفية مع «الشرق الأوسط» حاجتهم إلى مزيد من التطمينات من الجهات الرسمية حتى يتمكنوا من العودة.
وقال المواطن عادل جبار، من أهالي مدينة الدور، إنه تلقى «اتصالا هاتفيا من أحد مقاتلي أو قيادات الحشد الشعبي قال لي فيه إنه حصل على رقم تليفوني من بعض المستمسكات التي وجدوها في منزلي عند دخولهم إليه، وأخبرني ما مفاده بأنهم تمكنوا من الإمساك بالدواعش الذين كانوا يتخذون من بيتي مقرا لهم وقتلوهم». وأضاف أن «هذا الاتصال الهاتفي طمأنني على أن بيتي لم يجرِ تفجيره لأن تنظيم داعش فخخ معظم منازل المدينة، لكن الاتصال قطع ولم أعاود الاتصال من جانبي»، مشيرا إلى أنه لا يزال مع عائلته في كركوك يتابع الأخبار عبر شاشات التلفاز وأنه ينتظر من الجهات المحلية سواء في تكريت أو الدور ما يشير إلى أن الأوضاع آمنة «لكي نعود إلى منازلنا».
أما الشيخ أبو أركان التميمي، وهو من أهالي العلم، فيرى أن «المشكلة التي ترتبت على ما حصل خلال احتلال (داعش) لصلاح الدين هي أن هناك ثارات حصلت حتى داخل أفخاذ العشيرة الواحدة بسبب الاختلاف المذهبي بين بعض أبناء العشائر»، موضحا أن التنظيم المتطرف «تمكن من اتباع سياسة (فرِّق تسُد) من خلال محاولة استمالة بعض أبناء القبائل ممن يرى أنهم الأقرب مذهبيا له، بينما حارب بلا هوادة أبناء القبيلة نفسها لمجرد انتمائهم إلى المذهب الآخر». وأضاف أبو أركان أن «هذا الأمر ترتبت عليه خلافات عشائرية حادة، وهو ما سيؤخر عودة كثيرين حتى لو تم تطبيع الأوضاع خدميا».
بدوره، يقول نائب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة صلاح الدين، خالد الخزرجي، إن «عودة العوائل إلى مناطق سكانها هي من أولويات عملنا، لكن في الواقع ينتظرنا كثير من أجل تأمين عودة كل النازحين والمهجرين». وأضاف أن «المئات من العوائل بدأت تعود ولكنها عودة تدريجية، إذ إن بعض المناطق لم يجرِ تدميرها بالكامل في حين أن بعض العوائل ليست لديها متطلبات كثيرة بحيث عادت بسرعة، بينما عوائل أخرى تعيش أوضاعا صعبة في مناطق نزوحها وهي تريد العودة بأسرع وقت ممكن».
وفي ناحية العلم، 15 كلم شرق تكريت، التقت «الشرق الأوسط» ببعض العائلات العائدة. وقالت أم عمر، 52 سنة: «لم أرَ مدينتي منذ أشهر بعد نزوحنا إلى قرى جبلية في إقليم كردستان، إذ عانينا ما عانينا من صعوبة العيش بعد أن تركنا البيت والأرض والمواشي التي كانت مصدر رزقنا». وأضافت: «أنا اليوم سعيدة جدا بعودتي مع زوجي وأطفالي حيث الدار والجار».
من جهته قال الحاج أبو إبراهيم، 68 سنة، والدموع تتقاطر من عينيه وهو يرى محله التجاري تضرم فيه النيران: «هذا كل ما كنت أمتلكه هنا في هذا المحل. توجد بضاعة لم أسدد حتى الآن ثمنها للتجار».
بدورها قالت النائبة في البرلمان عن التحالف المدني الديمقراطي، شروق العبايجي، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك جرائم ترتكب بحق المدنيين العزّل في المناطق التي تشهد عمليات عسكرية رصدناها في أكثر من مرة وأكثر من منطقة وهم مدنيون لا حول لهم ولا قوة، وعلى الجهات الحكومية المسؤولة الأخذ بنظر الاعتبار حماية أرواحهم وممتلكاتهم». وأضافت: «اليوم نناشد كل الجهات السياسية والدينية ومنظمات المجتمع المدني أن تقف بوجه هذه الاعتداءات، وأجدد هنا مطالبتي للحكومة العراقية بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم بحق الأبرياء العزّل وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، خصوصا في مناطق الصراع».
رئيس لجنة المهجرين والمهاجرين في البرلمان العراقي النائب رعد الدهلكي حذر، من جهته، من وجود ظاهرة خطيرة تتمثل بعملية حرق الدور وممتلكات المواطنين بعد عمليات تحرير المناطق. وقال الدهلكي لـ«الشرق الأوسط»: «حذرنا كثيرا من وجود انتهاكات وأشرنا إليها بشكل مباشر، خصوصا الجرائم التي حصلت في محافظة ديالى، وكنا نتمنى أن لا تكون تلك الجرائم بحق المدنيين ظاهرة تتكرر من بعض الضالين الذين ينتمون إلى من يحمل السلاح خارج إطار الدولة، وتكرار هذه الانتهاكات وبهذا الشكل المرعب دق ناقوس الخطر». واستطرد قائلا: «شهدت مناطق العلم والبوعجيل والدور انتهاكات مرعبة تمثلت في حرق الدور والممتلكات بعد أن تم تحريرها من قبل القوات العراقية، وهذه العملية شوهت الصورة الحقيقية لمعالم النصر وأفسدت الفرحة».
وأضاف الدهلكي: «نطلب اليوم من القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي أن يضع إطارا قانونيا لمن يحمل السلاح كي يكون هناك حسيب ورقيب، وإلا فالأمور المتعامل بها ستكون تحت قوانين دولة غاب لا دولة قانون»، مشيرا إلى أنه «في حال استمرار حمل السلاح خارج أطر الدولة وتداوله في رقع واسعة من البلد فسنتوقع حصول كوارث أسوأ وأشد قسوة من الانتهاكات التي قبلها بسبب تمرس هذه العصابات على الجرم، في حين لا توجد جهة تقف على جرائمهم وتعاقبهم عليها».
وفي محافظة الأنبار غرب العراق أعلن عن مقتل امرأة وإصابة 3 مواطنين بينهم طفل إثر تعرضهم لإطلاق نار من قبل قوات تابعة للجيش أثناء مرور قافلة تقلهم إلى الديار المقدسة لأداء العمرة. وبحسب مصادر أمنية فإن القافلة تعرضت لإطلاق نار كثيف بالقرب من نقطة تفتيش تابعة لقوات الجيش في منطقة «الكيلو 18»، غرب الرمادي. وأمر محافظ الأنبار صهيب الراوي بفتح تحقيق عاجل.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.