سيدة ساحل العاج «الحديدية» تستعد للعودة إلى المعترك السياسي

«الجنائية الدولية» ألغت مذكرة توقيف بحق زوجة الرئيس السابق

صورة أرشيفية لسيمون غباغبو في أبيدجان عام 2011 (أ.ب)
صورة أرشيفية لسيمون غباغبو في أبيدجان عام 2011 (أ.ب)
TT

سيدة ساحل العاج «الحديدية» تستعد للعودة إلى المعترك السياسي

صورة أرشيفية لسيمون غباغبو في أبيدجان عام 2011 (أ.ب)
صورة أرشيفية لسيمون غباغبو في أبيدجان عام 2011 (أ.ب)

بعد رفع «المحكمة الجنائية الدولية» الملاحقة القضائية عن سيمون غباغبو، التي صدر عفو عنها في ساحل العاج، من المتوقع أن تدخل زوجة الرئيس السابق لهذا البلد معترك الحياة السياسية، بعد أن كانت لفترة طويلة ظلاً لزوجها.
وأصبحت سيمون غباغبو تتمتع بالحرية الكاملة، بعد أن ألغت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة التوقيف الصادرة بحقّها منذ عام 2012، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». ويُعدّ ذلك سابقة منذ الأزمة التي شهدتها ساحل العاج عامي 2010 و2011، إثر الانتخابات الرئاسية، عندما رفض الرئيس المنتهية ولايته في حينه لوران غباغبو الاعتراف بهزيمته أمام الحسن وتارا.
وتم توقيف سيمون غباغبو في أبيدجان، لكنها لم تُسلَّم إلى «المحكمة الجنائية الدولية»، وقضت محكمة في أبيدجان بسجنها لعشرين سنة، بعد إدانتها بتهمة تعريض أمن الدولة للخطر، ثم تم إطلاق سراحها في عام 2018، بعد سبع سنوات بموجب عفو أصدره الرئيس وتارا، من أجل تعزيز المصالحة الوطنية.
ويتوقع كثيرون أن تمارس غباغبو البالغة 72 عاماً السياسة في ساحل العاج، مستفيدة من هذه الحرية الكاملة.
وأكد المحامي بيار داغبو غود المقرب من «الجبهة الشعبية لساحل العاج» حزب غباغبو، أن «رفع مذكرة التوقيف سيسمح لها بتكريس كامل طاقتها للسياسة».
شكلت المرأة الملقبة «السيدة الحديدية» ثنائياً قوياً مع لوران غباغبو عندما كان في السلطة من عام 2000 إلى عام 2011. ويرتبط رفع الملاحقة القضائية لـ«المحكمة الجنائية الدولية» ارتباطاً وثيقاً بتبرئة لوران غباغبو قبل بضعة أشهر. واعتبرت المحكمة في قرار، نُشر الخميس، أن هذه البراءة «تُؤكد أن الأدلة التي استندت إليها مذكرة توقيف سيمون غباغبو لم تعد كافية».
وأوضح محامي سيمون غباغبو، آنج رودريغ دادجيه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنه «في الواقع، كان الملف واحداً ومماثلاً، مع الشهود أنفسهم والتهم والأدلة ذاتها. منذ اللحظة التي برأت فيها (المحكمة الجنائية الدولية) الرئيس لوران غباغبو نهائياً، لم تعد ملاحقة السيدة غباغبو مبررة».
وأصبح بإمكان غباغبو الآن أن تسلك طريقاً مختلفاً عن لوران غباغبو الذي عاد إلى أبيدجان في يونيو (حزيران) بصحبة امرأة أخرى، نادي بامبا، التي يرافقها منذ مطلع الألفية الثانية، وتقدم بطلب الطلاق من سيمون.
ويشير الباحث في معهد الدراسات الأمنية فهيرأمان رودريغ كوني إلى أن «مشهد المطار هو أحد الأحداث البارزة. لقد كان الرأي العام شاهداً على جحود زوجها». وأضاف لـ«الوكالة الفرنسية»: «عندما كان لوران غباغبو في السجن، تعرض لانتقادات بسبب إعلانه صراحة أنها كانت تحاربه، ولكن الآن بعد أن تبرأ منها علناً، أصبح لديها شرعية لمحاربته، في نظر السكان».
ولا يزال الموقف السياسي الذي ستتبناه غباغبو التي لطالما اعتُبرت راديكالية، مجهولاً. لكن آخر جولاتها الإعلامية تُظهر أنها ستنتهج طريق المصالحة الوطنية. وفي مطلع يوليو (تموز)، وجهت الشكر بشكل خاص إلى الحسن وتارا لإفراجه عن زوجها، وناشدته «مواصلة أعمال التهدئة والمصالحة القوية هذه».
وأضاف الباحث أنها «مرغمة على تغيير سجلها. إنها تريد الظهور كشخصية سياسية قادرة على الوصول إلى السلطة، حيث تكشف اتصالاتها وإيماءاتها أنها تتطلع إلى الرئاسة. دخلت المصالحة سجلها لتوسيع قاعدتها الشعبية».
وإضافة إلى الطلاق، ترتسم معركة الآن مع لوران غباغبو لقيادة الجبهة الشعبية لساحل العاج. ففي عام 1982، شاركت في تأسيس هذا الحزب الذي يترأسه زوجها، فيما تشغل منصب النائبة الثانية له.
وقال المحلل السياسي جان ألابرو: «لم تتوقف أبداً عن ممارسة السياسة. سيكون موقعها ودورها في الجبهة الشعبية لساحل العاج بقيادة لوران غباغبو مصدر قلق لها». وخلص كوني إلى أن «المعركة سيتم خوضها داخلياً، وهي تعتبر أنها وارثة شرعية لهذا الحزب. ويعبد قرار (المحكمة الجنائية الدولية)، أكثر من أي وقت مضى، الطريق أمامها للنضال السياسي، من جديد».



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.