تايلاند توسع القيود لتشمل 40 % من سكانها

TT

تايلاند توسع القيود لتشمل 40 % من سكانها

تسعى تايلاند إلى توسيع إجراءات مكافحة فيروس «كورونا»، لتشمل المناطق الأكثر تضرراً من الجائحة، لتشمل 40 في المائة من سكانها. ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن مركز إدارة الوضع الوبائي إنه سيتم تمديد العمل بالقيود الأكثر صرامة المفروضة في 13 إقليماً، بما فيها العاصمة تايلاند والمناطق المحيطة بها حتى نهاية الشهر الحالي، كما سوف يتم توسيع هذه القيود لتشمل 16 إقليماً إضافياً.
وتتضمن بعض الإجراءات إغلاق المحال غير الأساسية في المراكز التجارية، ومنع تناول الطعام في المطاعم، وتجمع أكثر من خمسة أشخاص، بالإضافة إلى فرض حظر تجوال ليلي من التاسعة مساء حتى الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي. وتواجه تايلاند، مثل دول أخرى بجنوب شرقي آسيا، ارتفاعاً في حالات الإصابة بفيروس «كورونا»، ترجع إلى تفشي سلالة «دلتا» الأكثر قدرة على الانتشار. وقامت تايلاند بتوزيع 7.‏17 مليون جرعة من لقاحات ضد فيروس «كورونا» حتى الآن.
وانضم الآلاف أمس للعشرات من فعاليات «التظاهر بالسيارات» في أنحاء تايلاند، للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء برايوت تشان أوشا، حيث انتقدوا طريقه تعامل الحكومة مع الجائحة التي أدت إلى وفاة 4990 شخصاً، بسبب بطء وتيرة التطعيم.
على صعيد آخر، يقف الرهبان البوذيون في الخطوط الأمامية، في جهود تطويق موجة غير مسبوقة لوباء «كوفيد» في تايلاند حيث تجري حملة التطعيم ببطء، ويساهمون في توزيع الأكسجين وإجراء فحوص ونقل جثث الموتى. ويرتدي ماهابرومفونغ بزة واقية، وزوجاً من القفازات، فوق زيه البرتقالي، قبل أن يغادر معبد سوثي وارارام في وسط بانكوك، باتجاه حي فقير في العاصمة التايلاندية حيث تفشى «كوفيد» بشكل كبير في الأيام الأخيرة.
لدى وصوله، يخرج أدوات الفحص السريع للكشف عن الفيروس لأخذ مسحة أنفية من أحد السكان، وينتظر النتيجة التي كانت سلبية. وقال الراهب البالغ من العمر 33 عاماً لـ«وكالة الصحافية الفرنسية» إن «نظام الصحة العامة يهمل كثيراً من التايلانديين، لذلك شكلنا فريقاً من المتطوعين للقاء المجتمعات الأكثر حرماناً».
وأصبح معبده مركز عزل للمصابين بالفيروس. وقد تدرب على يد مقدمي الرعاية المنتشرين في المبنى.
ويحظى نحو مائتي ألف راهب في المملكة ذات الغالبية البوذية باحترام كبير في البلاد، بينما تتدفق التبرعات (الإمدادات الطبية وقوارير الأكسجين والطعام والبطانيات... إلخ). وبعد أن أجرى قياساً للأكسجين لأحد المرضى، تابع ماهابرومفونغ: «لطالما اعتمد علينا السكان، وهذا واجبنا». وفي مقاطعة باثوم ثاني التي تبعد بضع عشرات الكيلومترات شمال بانكوك، يساعد الراهب سوبورنشيتهامو في نقل جثامين إلى محرقة الجثث في معبده. وأشار إلى أنه «عندما رُسِمت، لم يخطر ببالي أنني سأقوم بذلك، لكنني فخور لوجودي هنا، لأتمكن من تقديم يد العون». تبدو المهمة شاقة، ففي بعض الأيام يكون عدد الضحايا أكبر من قدرة استيعاب محرقة الجثث.
وتواجه تايلاند أشد موجة للوباء منذ ظهوره العام الماضي، مع نحو 600 ألف إصابة وخمسة آلاف وفاة، بشكل أساسي منذ نهاية أبريل (نيسان)، حتى بات النظام الصحي تحت الضغط.
وأطلقت البلاد حملة جديدة لتطعيم الرهبان، حيث من المقرر أن يتلقى بين 3 و4 آلاف راهب اللقاح بنهاية الأسبوع. وتتقدم حملة التطعيم ببطء شديد في المملكة، إذ تم تطعيم أقل من 6 في المائة من السكان البالغ عددهم 70 مليوناً، بالجرعتين. وأثارت الطوابير الطويلة في بعض مناطق العاصمة بانتظار الفحص أو التطعيم انتقادات شديدة إزاء إدارة السلطات للأزمة. وأصدرت السلطات قراراً طارئاً الجمعة يحظر نشر «رسائل كاذبة» انتقادية من شأنها تقويض الأمن، وهو إجراء أدانته عدة وسائل إعلام.



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.