«دلتا» تربك آسيا وتهدد مكاسب العالم ضد الوباء

بؤر جديدة في الصين... وحصيلة قياسية في اليابان... وغضب في فرنسا

فتاة تخضع لفحص «كورونا» في محافظة هينان الصينية أمس (أ.ف.ب)
فتاة تخضع لفحص «كورونا» في محافظة هينان الصينية أمس (أ.ف.ب)
TT

«دلتا» تربك آسيا وتهدد مكاسب العالم ضد الوباء

فتاة تخضع لفحص «كورونا» في محافظة هينان الصينية أمس (أ.ف.ب)
فتاة تخضع لفحص «كورونا» في محافظة هينان الصينية أمس (أ.ف.ب)

يثير تطور المتحورة «دلتا» قلقاً واسعاً في الصين، حيث يتفشى الفيروس في 14 مقاطعة، فيما تشهد دول آسيوية أخرى قفزة في الإصابات، وتحذر منظمة الصحة العالمية من فقدان المكاسب التي حققها العالم ضد الفيروس.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في مؤتمر صحافي، الجمعة: «كمعدل وسطي، في 5 من إجمالي 6 مناطق تابعة للمنظمة، ارتفعت إصابات (كوفيد - 19) بنسبة 80 في المائة (أي تضاعفت تقريباً)، في غضون الأسابيع الأربعة الأخيرة». وأضاف: «في أفريقيا، خلال الفترة ذاتها، ازدادت الوفيات بنسبة 80 في المائة».
وحذر تيدروس من أن «المكاسب التي تحققت بشق الأنفس تواجه خطر الضياع، والأنظمة الصحية في كثير من البلدان تتحمل زيادة عن طاقتها».
- تحذير «دلتا»
ونبهت منظمة الصحة العالمية إلى ضرورة التعامل مع المتحورة «دلتا» من فيروس كورونا بصفتها «تحذيراً» يتطلب تكثيف الجهود للحيلولة دون ظهور طفرات أكثر خطورة، بعد أن تسببت بظهور موجات جديدة في دول عدة حول العالم.
وقال المسؤول عن حالات الطوارئ لدى المنظمة، الدكتور مايك راين، خلال مؤتمر صحافي في جنيف، إن المتحورة «دلتا» هي بمثابة «تحذير يخبرنا بأن الفيروس يتطور، لكنها أيضاً بمثابة نداء للتحرك، للقيام بشيء ما قبل ظهور أشكال أكثر خطورة من المتحورات»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وعمد راين في الوقت ذاته إلى التقليل من عواقب تفشي المتحورة الجديدة من الفيروس الذي أودى منذ بدء انتشاره في أواخر عام 2019 بحياة أكثر من 4 ملايين شخص حول العالم. وأوضح أن «الإجراءات ذاتها التي سبق أن طبقناها ستوقف هذا الفيروس، وستوقف المتحورة (دلتا)، خصوصاً إذا أضفنا التطعيم إليها»، منبهاً إلى ضرورة أن «نعمل بجد لأن الفيروس بات أكثر ضراوة وأشد سرعة»، مع أهمية الإبقاء على تدابير الحماية الوقائية الفعالة.
ويمكن للمصاب بالمتحور «دلتا» أن ينقل العدوى إلى عدد أكبر من الناس، وفق راين «ما لم نوقفه عبر الاستمرار في تطبيق تدابير تقلل من انتقاله، كالتباعد الاجتماعي ووضع الكمامة وغسل اليدين، والتأكد من أننا لا نقضي وقتاً طويلاً مع عدد كبير من الأشخاص في أماكن سيئة التهوية». ولفت في الوقت ذاته إلى أن الزيادة المذهلة في عدد الإصابات، مع ظهور أعراض خفيفة في أكثر الأحيان لدى أشخاص أخذوا اللقاح، تولد شعوراً بالعجز.
ولن تغير الأرقام الجديدة من استراتيجية المنظمة، بحسب راين الذي قال إنها «ما زالت قائمة، لكن علينا تطبيقها بفاعلية أكبر مما فعلناه حتى الآن، وهذا يعني أيضاً تسليم مزيد من اللقاحات». وشدد على أن اللقاحات هي «الحل السحري الوحيد»، و«المشكلة أننا لا نوزعها بالطريقة ذاتها حول العالم»، معتبراً «أننا نعمل ضد أنفسنا».
وتكرر المنظمة منذ أشهر التأكيد على أن الوسيلة الفضلى لمكافحة الوباء هي توزيع اللقاحات بشكل عاجل في أنحاء العالم، الأمر الذي ما زال راهناً بعيد المنال.
- بؤر صينية
وسجلت الصين 328 إصابة جديدة في يوليو (تموز)؛ أي ما يعادل تقريباً إجمالي عدد الإصابات في الفترة من فبراير (شباط) إلى يونيو (حزيران)، مما أدى إلى فرض حجر صحي على مئات آلاف السكان في مقاطعة جيانغسو غير البعيدة عن بكين، وإجراء حملات اختبار مكثفة في عدة مدن، في مؤشر إلى قلق الحكومة. وأعلنت السلطات الصينية، أمس (السبت)، أنها رصدت بؤراً وبائية جديدة لفيروس كورونا في منطقتين إضافيتين، إحداهما تضم مدينة يبلغ عدد سكانها 31 مليون نسمة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت لجنة الصحة الوطنية إن الإصابات الجديدة بالفيروس رُصدت في مقاطعة فوجيان وبلدية تشونغتشينغ، لتضاف بذلك هاتان المنطقتان إلى العاصمة بكين وأربع مقاطعات أخرى سبق أن أبلغ فيها عن تسجيل إصابات بالمتحورة «دلتا» من فيروس كورونا.
وبلغت حصيلة الإصابات الجديدة التي سجلت في هذه المناطق مجتمعة 55 إصابة، ليرتفع بذلك إلى أكثر من 200 عدد الإصابات المسجلة في الصين منذ 20 يوليو (تموز)، حين رصدت أول بؤرة وبائية في مقاطعة جيانغسو الشرقية، مع تأكد إصابة 9 موظفين في مطار نانجينغ بالفيروس.
وأمرت السلطات في نانجينغ، أمس، جميع المعالم السياحية والأماكن الثقافية بعدم فتح أبوابها، وذلك بسبب ارتفاع معدل العدوى على المستوى الوطني. وفرضت السلطات حجراً صحياً على مئات آلاف السكان في مقاطعة جيانغسو، وعاصمتها نانجينغ، في حين أخضعت المدينة سكانها البالغ عددهم 9.2 مليون نسمة للفحص مرتين.
وفي تشانغجياجيه، المدينة السياحية الواقعة في مقاطعة هونان، حيث تبين أن بضعة مصابين بكورونا حضروا عرضاً مسرحياً، فرضت السلطات الجمعة حجراً صحياً على جميع سكان المدينة البالغ عددهم 1.5 ملايين نسمة، وأغلقت جميع معالمها السياحية. وفي منطقة تشانغ بينغ الواقعة في ضاحية العاصمة، حيث تم اكتشفت إصابتان بكورونا، فرضت السلطات الخميس حجراً صحياً على 41 ألف شخص. وهذه أول عدوى محلية تسجل منذ 6 أشهر في بكين، العاصمة البالغ عدد سكانها أكثر من 20 مليون نسمة.
وعلى الرغم من أن الفيروس ظهر للمرة الأولى في العالم في مدينة ووهان الواقعة في وسط الصين في نهاية 2019، فقد تمكنت الصين من السيطرة على الوباء إلى حد كبير بفضل إجراءات الحجر والإغلاق التي فرضتها بصرامة على سكان المناطق الموبوءة. وبفضل هذه التدابير الصارمة، عادت الحياة في الصين إلى وضع شبه طبيعي في ربيع 2020، ولم تسجل البلاد منذ أبريل (نيسان) 2020 سوى حالتي وفاة بـ«كوفيد - 19».
- قفزة إصابات آسيوية
وفي دول آسيوية أخرى، أعلنت كل من اليابان التي تستضيف عاصمتها الألعاب الأولمبية، وتايلاند وماليزيا، عن عدد قياسي في حالات الإصابة بـ«كوفيد - 19» أمس، معظمها بسلالة «دلتا» شديدة العدوى.
وتصاعدت الحالات أيضاً في مدينة سيدني الأسترالية، حيث فرضت الشرطة طوقاً أمنياً على المنطقة التجارية وسط المدينة لمنع احتجاج على إجراءات العزل الصارمة التي ستستمر حتى نهاية أغسطس (آب)، كما نقلت وكالة «رويترز».
وأغلقت الشرطة في سيدني محطات القطار، ومنعت سيارات الأجرة من إنزال الركاب في وسط المدينة، ونشرت نحو ألف من أفرادها لإقامة نقاط تفتيش وتفريق أي تجمعات. وسجلت حكومة ولاية «نيو ساوث ويلز» الأسترالية 210 إصابات جديدة بالسلالة «دلتا» في سيدني والمناطق المحيطة بها.
وأعلنت سلطات العاصمة اليابانية طوكيو أن عدد الإصابات الجديدة بـ«كوفيد - 19» بلغ 4058 خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، متجاوزاً 4 آلاف حالة للمرة الأولى. وقال المنظمون لدورة الألعاب الأولمبية إنهم رصدوا 21 إصابة جديدة بـ«كوفيد - 19» تتعلق بالمنافسات، ليصل العدد الإجمالي إلى 241 حالة منذ بداية يوليو (تموز).
وتأتي الزيادة القياسية الجديدة بعد يوم من قرار اليابان تمديد حالة الطوارئ في طوكيو حتى نهاية أغسطس (آب)، وتوسيع نطاقها إلى 3 مقاطعات بالقرب من طوكيو، ومقاطعة أوساكا الغربية، نظراً للزيادة الأخيرة في حالات العدوى.
وقال منظمو أولمبياد طوكيو إنهم سحبوا بطاقات الاعتماد من شخص أو أشخاص مرتبطين بالألعاب بسبب مغادرة قرية الرياضيين لمشاهدة معالم المدينة، في انتهاك للإجراءات المفروضة حرصاً على إقامة المسابقات بأمان في خضم الجائحة. ولم يكشف المنظمون عن عدد الأشخاص الذين تم سحب بطاقاتهم، أو ما إذا كانوا من اللاعبين، أو متى حدثت الانتهاكات، وفق «رويترز».
ومن جهتها، سجلت ماليزيا، إحدى بؤر انتشار الوباء في آسيا، 17786 إصابة بالفيروس أمس (السبت)، وهو رقم قياسي للإصابات. وتجمع أكثر من مائة في وسط العاصمة كوالالمبور للتعبير عن استيائهم من أسلوب تعامل الحكومة مع الجائحة، وطالبوا رئيس الوزراء محي الدين ياسين بالاستقالة.
بدورها، سجلت تايلاند زيادة قياسية في الإصابات الجديدة بلغت 18912 إصابة، مما رفع العدد الإجمالي إلى 597287 حالة. كما سجلت 178 وفاة، وهو عدد قياسي يومي أيضاً ليصل المجمل إلى 4857. وتقول الحكومة إن السلالة «دلتا» تمثل أكثر من 60 في المائة من الحالات في البلاد، و80 في المائة من الحالات في العاصمة بانكوك.
وأعلنت فيتنام التي تكافح أسوأ تفشٍ لـ«كوفيد - 19» عن إجراءات أشد صرامة، قائلة إنها ستفرض بدءاً من يوم الاثنين قيوداً شديدة على حرية التنقل في 19 مدينة ومقاطعة في جميع أنحاء الجزء الجنوبي من البلاد لمدة أسبوعين آخرين.
أما في بنغلاديش، حيث فرض حجر على السكان حتى 5 أغسطس (آب)، فقامت الحكومة بالمقابل بإعادة فتح ورشات صنع الملابس، الضرورية لاقتصاد البلاد، مما أدى إلى عودة عدد كبير من العمال الذين كانوا قد قصدوا قراهم.
- غضب فرنسي من القيود
ويثير تفشي الوباء قلقاً في فرنسا أيضاً، حيث تنتشر المتحورة «دلتا» في أماكن قضاء الإجازات، خصوصاً في أراضي ما وراء البحار. وقد تدهور الوضع بسرعة في جزر مارتينيك وريونيون حيث أعيد فرض الإغلاق، وكذلك في بولينيزيا الفرنسية حيث ارتفع معدل الإصابة في غضون أسبوعين من 6 لكل مائة ألف نسمة إلى 267، وأعلنت السلطات البولينيزية عودة التدابير الصحية للحد من انتشار النسخة المتحورة «دلتا» من فيروس كورونا.
ومع ذلك، لا يتوقع أن تضعف في فرنسا التعبئة ضد التوسع في فرض إبراز الشهادة الصحية والتطعيم الإلزامي للعاملين في بعض المهن، بعد أن شارك فيها 161 ألف شخص الأسبوع الماضي و110 آلاف في الأسبوع الذي سبقه.
وتفيد استطلاعات للرأي أن أغلبية كبيرة من الفرنسيين ما زالت تؤيد فرض شهادة صحية لدخول الأماكن العامة. وشدد رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس، الجمعة، على أنه «لا بد من التطعيم». وتسعى الحكومة الفرنسية إلى منع تكرار السيناريو الكارثي في بقية أنحاء البلاد بأي ثمن، وقررت في إطار جهودها هذه فرض الشهادة الصحية بدءاً من التاسع من أغسطس (آب).
- تلقيح الحوامل
وفي المملكة المتحدة التي تشهد تباطؤاً في انتشار المتحورة «دلتا» على أراضيها، حضت السلطات الحوامل على تلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا، بينما أشارت دراسة أعدها باحثون من جامعة أكسفورد إلى المخاطر المتزايدة جراء المتحورة.
وحضت مسؤولة قابلات التوليد في إنجلترا الحوامل على تلقي اللقاح عقب صدور بيانات جديدة أظهرت زيادة العوارض المرضية الشديدة بين الحوامل اللواتي أدخلن المستشفى لإصابتهن بعوارض الفيروس، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وكتبت جاكلين دنكلي بنت، لاختصاصيي الطب العام والقابلات القانونيات، تحضهم على تشجيع الحوامل على تلقي اللقاح. وقالت إنها تدعو الحوامل إلى «حماية أنفسهن وأطفالهن». ووجهت الكلية الملكية لأطباء النساء والتوليد والكلية الملكية للقابلات توصيات مماثلة لتلقيح الحوامل. وقالت هيئات الصحة العامة في إنجلترا إنها توصي بتحصين الحوامل بلقاحي «موديرنا» و«فايزر» لأنهما أعطيا لأكثر من 130 ألف حامل في الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».