خامنئي ينتقد رسالة جمهوريي الكونغرس بشأن المحادثات النووية

المرشد الإيراني: أشعر بالقلق لأن الطرف الآخر يشتهر بالطعن في الظهر

خامنئي
خامنئي
TT

خامنئي ينتقد رسالة جمهوريي الكونغرس بشأن المحادثات النووية

خامنئي
خامنئي

هاجم الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي رسالة من أعضاء جمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي هددوا فيها بإبطال أي اتفاق نووي بين واشنطن وطهران. ونقلت وكالة «مهر» للأنباء الإيرانية عنه القول أمس إنه من المعروف عن الولايات المتحدة أنها «تطعن في الظهر».
وأضاف خامنئي صاحب القول الفصل في كل أمور الدولة الإيرانية خلال اجتماع مع الرئيس الإيراني حسن روحاني وكبار رجال الدين إنه كلما حقق المفاوضون تقدما اتخذ الأميركيون موقفا «أكثر تشددا وتعنتا وصرامة».
وجاء في الرسالة التي وقعها 47 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ أن أي اتفاق نووي يبرمه الرئيس الأميركي باراك أوباما مع إيران سيستمر فقط في الفترة المتبقية من رئاسته، الأمر الذي يمثل تدخلا غير معتاد في صنع السياسة الخارجية الأميركية.
وكان البيت الأبيض قد وصف الرسالة بأنها عمل «طائش وغير مسؤول»، وحذر من أنها تعد تدخلا في الجهود التي تبذلها القوى العالمية الست للتفاوض مع الإيرانيين.
ونقلت «مهر» عن خامنئي قوله: «أشعر بالقلق بالطبع لأن الطرف الآخر يشتهر بالغموض والخداع والطعن من الظهر». وأضاف: «في كل مرة نقترب من مرحلة تلوح فيها نهاية المفاوضات في الأفق تصبح نبرة الطرف الآخر وخاصة الأميركيين أكثر تشددا وتعنتا وصرامة. هذه هي طبيعة ألاعيبهم وخداعهم».
وأعرب خامنئي عن أن الرسالة «تنم عن انحلال خلقي سياسي في المنظومة الأميركية»، كما وصف الاتهامات الأميركية لإيران بالتورط في الإرهاب بأنها مضحكة.
وأشار خامنئي أمام مجلس الخبراء إلى التحديات التي تواجهها العلاقات بين إيران الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية ومنها الموضوع النووي، وقال: «يجب من خلال تجنب السطحية، البحث عن جذور التحديات والمشاكل والتوصل إلى حلول منطقية لتسويتها». وأضاف: «كلما اقتربنا من انتهاء المفاوضات تصبح لهجة الطرف المقابل ولا سيما الأميركيين أكثر حدة وتشددا وتصلبا كما هو الدأب في خداعهم».
وانتقد وزير خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير أمس أعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين لإرسالهم تحذيرا إلى إيران، معتبرا أن من شأن رسالتهم تقويض ثقة الإيرانيين بالمفاوضات الجارية.
وقال شتاينماير للصحافيين في واشنطن قبل الاجتماع مع أعضاء في مجلس الشيوخ: «هذه ليست قضية ذات شأن أميركي داخلي فحسب وإنما تؤثر على المفاوضات التي نجريها في جنيف»، وأضاف: «بالطبع عدم الثقة يزداد في الجانب الإيراني بما إذا كنا حقا جديين بشأن هذه المفاوضات». وأكد شتاينماير أنه سيكون أمرا جيدا «إذا لم تعد رسالة أعضاء مجلس الشيوخ السبعة والأربعين تتسبب بإزعاج للمفاوضات».
وبدوره، وزير الخارجية الأميركي جون كيري وهو كبير المفاوضين النوويين الأميركي أنه «لا يصدق ما فعله أعضاء مجلس الشيوخ». وأضاف أن قولهم أن بإمكانهم تعديل أي اتفاق تنفيذي بين زعماء الدول «خطأ صريح».
ووصلت المفاوضات التي ستستأنف في لوزان بسويسرا الأسبوع المقبل منعطفا مهما إذ تحاول الأطراف الالتزام بمهلة تنتهي في مارس (آذار) الحالي للتوصل إلى اتفاق إطار على أن يوقع اتفاق نهائي في يونيو (حزيران).
وقال خامنئي إن الاتهامات الأميركية بتورط إيران في الإرهاب «مضحكة»، وانتقد أيضا خطابا ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس هذا الشهر وقال فيه إن «الولايات المتحدة تتفاوض بشأن اتفاق سيئ مع إيران مما قد يتسبب في كابوس نووي»، ووصف خامنئي نتنياهو بأنه «مهرج صهيوني».
وترى إسرائيل صاحبة الترسانة النووية الوحيدة المفترضة في الشرق الأوسط أن الأجندة النووية الإيرانية تمثل خطرا عليها وترفض إجراء محادثات مع الجمهورية الإسلامية إذ تقول إن طهران تحاول كسب الوقت إلى أن تصبح قوة نووية.
وجدد خامنئي الدعوة لتنويع مصادر الاقتصاد الإيراني بخلاف عائدات النفط لتقليل قدرة العقوبات الدولية على التأثير. وقال: «لو كان البلد والاقتصاد لا يعتمدان على عائدات النفط.. هل كان من الممكن أن يؤذينا العدو بالعقوبات».



من الأحكام العرفية إلى عزل الرئيس... ماذا حدث في كوريا الجنوبية خلال 11 يوماً؟

امرأة تحمل لافتة كُتب عليها «يجب على يون سوك يول التنحي» خلال وقفة احتجاجية ضد رئيس كوريا الجنوبية في سيول (أ.ف.ب)
امرأة تحمل لافتة كُتب عليها «يجب على يون سوك يول التنحي» خلال وقفة احتجاجية ضد رئيس كوريا الجنوبية في سيول (أ.ف.ب)
TT

من الأحكام العرفية إلى عزل الرئيس... ماذا حدث في كوريا الجنوبية خلال 11 يوماً؟

امرأة تحمل لافتة كُتب عليها «يجب على يون سوك يول التنحي» خلال وقفة احتجاجية ضد رئيس كوريا الجنوبية في سيول (أ.ف.ب)
امرأة تحمل لافتة كُتب عليها «يجب على يون سوك يول التنحي» خلال وقفة احتجاجية ضد رئيس كوريا الجنوبية في سيول (أ.ف.ب)

أحدث رئيس كوريا الجنوبية، يون سوك يول (63 عاماً) صدمةً في بلاده، عندما أعلن فرض الأحكام العرفية ليل الثالث إلى الرابع من ديسمبر (كانون الأول)، وأرسل الجيش إلى البرلمان لمنع النواب من الاجتماع هناك.

وعَدّ مراقبون أن الرئيس يون ربما يكون قد حسم مصيره السياسي في ذلك اليوم عندما أعلن الأحكام العرفية، الأمر الذي أثار غضب الرأي العام. والسبت، أقرّ البرلمان في كوريا الجنوبية مذكرةً لعزل يول، على خلفية محاولته الفاشلة.

حتى قبل فرض يون الأحكام العرفية لفترة وجيزة، كانت سلسلة من الفضائح والقرارات غير الشعبية منذ توليه منصبه سبباً في انخفاض معدلات التأييد له إلى أدنى مستوياتها في تاريخ كوريا الجنوبية، وأعلن يون عن خطة مثيرة للجدل لنقل وزارة الدفاع حتى يتمكن مكتبه من الانتقال إلى مجمعها، بتكلفة على دافعي الضرائب بلغت نحو 41 مليون دولار، وفق صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول يلقي خطاباً إلى الأمة في مقر إقامته الرسمي في سيول 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

3 ديسمبر

في إعلان مفاجئ في الساعة 10:29 مساء (بالتوقيت المحلي)، قال الرئيس يون في كلمة بثها التلفزيون الوطني إنه يعلن الأحكام العرفية، قائلاً: «إن البرلمان الذي تُسيطر عليه المعارضة أصبح (وكراً للمجرمين)، ما أدى إلى شل شؤون الحكومة».

وتعهّد يون بـ«القضاء» على منافسيه السياسيين، ووصفهم بأنهم متعاطفون مع كوريا الشمالية، و«قوى معادية للدولة» مسؤولة عن «إحداث الفوضى، وهم الجناة الرئيسون في سقوط أمتنا»، وهو لا يدعم ادعاءاته بأدلة مباشرة.

ولم يُقدم يون أي دليل مباشر عندما أثار شبح كوريا الشمالية بوصفها قوة مزعزعة للاستقرار. ولطالما أكد يون أن الخط الصارم ضد الشمال هو الطريق الوحيد لمنع بيونغ يانغ من تنفيذ تهديداتها النووية ضد سيول.

وردّاً على ذلك، دعا حزب المعارضة الرئيس، الحزب الديمقراطي، إلى اجتماع طارئ.

وفي حين بدأ المشرعون التدافع إلى الجمعية الوطنية، أصدرت قيادة الأحكام العرفية العسكرية بياناً يعلن عن سلطات حكومية شاملة، بما في ذلك تعليق أنشطة الأحزاب السياسية والتجمعات السياسية الأخرى التي قد تُسبب «ارتباكاً اجتماعياً»، والسيطرة على وسائل الإعلام والمنشورات. وذكرت أن أي شخص ينتهك المرسوم يمكن اعتقاله دون مذكرة.

وحاصر المئات من القوات المسلحة الجمعية، على ما يبدو، لمنع المشرعين من التجمع للتصويت على إعلان الأحكام العرفية. وبث زعيم الحزب الديمقراطي، لي جاي ميونغ، رحلته مباشرةً من سيارة، وتوسّل للناس التجمع في البرلمان لمساعدة المشرعين على الدخول.

زعيم الحزب الديمقراطي يعود إلى مقعده بعد أن صوّت على مشروع قانون عزل رئيس الشرطة الوطنية ووزير العدل خلال جلسة عامة في الجمعية الوطنية بسيول (أ.ب)

4 ديسمبر

بعد 6 ساعات، تراجع يون عن الأحكام العرفية، وقال في خطاب عبر التلفزيون: «قبل قليل، كان هناك طلب من الجمعية الوطنية برفع حالة الطوارئ، قمنا بسحب الجيش الذي نشر لتطبيق عمليات الأحكام العرفية. سنقبل طلب الجمعية الوطنية ونرفع الأحكام العرفية» رسمياً بعد اجتماع لمجلس الوزراء يُعقد «بمجرد وصول الأعضاء».

وأثارت هذه الإجراءات الجدل تجاه الرئيس، الذي كافح من أجل تمرير أجندته، من خلال برلمان تُهيمن عليه المعارضة، في حين تورّط هو وزوجته في فضائح فساد، وفق تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

وبعد منتصف الليل بقليل، قال رئيس الجمعية الوطنية، وو وون شيك عبر قناته على «يوتيوب»، إن الجمعية سترد على إعلان يون الأحكام العرفية «بإجراء دستوري». كما تسلّق وو السياج، ووصل إلى القاعة الرئيسة للجمعية نحو الساعة 12:35 صباحاً. وحطّم بعض القوات الكورية الجنوبية النوافذ لدخول مبنى البرلمان، لكنهم فشلوا في الوصول إلى القاعة الرئيسة، وافتتح وو اجتماعاً في الساعة 12:47 صباحاً لإجراء تصويت على ما إذا كان سيجري رفع الأحكام العرفية.

5 ديسمبر

حلّ يون محل وزير دفاعه كيم يونغ هيون، وهو أحد المقربين منه، والذي يُعتقد أنه الشخص الذي أوصى الرئيس بإعلان الأحكام العرفية، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ويقول هان دونغ هون، زعيم حزب يون، إنه سيعمل على سحب اقتراح العزل الذي تقوده المعارضة، على الرغم من انتقاده إعلان يون بوصفه «غير دستوري». ويقول هان إن هناك حاجة إلى «منع الضرر الذي قد يلحق بالمواطنين والمؤيدين نتيجة الفوضى غير المحضرة».

6 ديسمبر

في تراجع مفاجئ، أعرب هان عن دعمه لتعليق الصلاحيات الدستورية ليون، قائلاً إن الرئيس يُشكل «خطراً كبيراً من اتخاذ إجراءات متطرفة، مثل إعادة محاولة فرض الأحكام العرفية، الأمر الذي قد يُعرض جمهورية كوريا ومواطنيها لخطر كبير».

ويقول هان إنه تلقّى معلومات استخباراتية تُفيد بأن يون أمر قائد مكافحة التجسس في البلاد باعتقال واحتجاز سياسيين رئيسين بناءً على اتهامات بـ«أنشطة معادية للدولة» خلال الفترة القصيرة التي كانت الأحكام العرفية سارية فيها.

في مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس»، شكّك رئيس الجمعية الوطنية وو وزعيم المعارضة لي في لياقة يون العقلية للبقاء رئيساً، وتعهّد ببذل كل الجهود لعزل يون في أقرب وقت ممكن.

7 ديسمبر

واعتذر يون، وقال إنه لن يتهرّب من المسؤولية القانونية أو السياسية عن إعلان الأحكام العرفية. وأضاف إنه سيترك الأمر لحزبه لرسم مسار عبر الاضطرابات السياسية في البلاد، «بما في ذلك الأمور المتعلقة بفترة ولايتي».

ونجا يون من تصويت العزل الذي قاطعه معظم أعضاء الحزب الحاكم، ما أدى إلى حرمان الاقتراح من الأغلبية المطلوبة من الثلثين. وتعهّد الحزب الديمقراطي بإعداد طلب عزل جديد.

8 ديسمبر

اعتقل المدعون العامون وزير الدفاع السابق بسبب دوره المزعوم في التخطيط، وتنفيذ أمر يون بفرض الأحكام العرفية.

9 ديسمبر

منعت وزارة العدل في كوريا الجنوبية يون من السفر إلى الخارج، في حين توسع الشرطة والمدعون العامون ووكالة مكافحة الفساد في كوريا الجنوبية تحقيقاتها المتنافسة في مزاعم التمرد واتهامات أخرى فيما يتعلق بمرسوم الأحكام العرفية.

10 ديسمبر

أخبر كواك جونغ كيون، قائد قيادة الحرب الخاصة بالجيش، الذي أرسلت قواته إلى البرلمان بعد أن أعلن يون الأحكام العرفية، البرلمان أنه تلقّى تعليمات مباشرة من وزير الدفاع السابق كيم لمنع المشرعين من دخول الغرفة الرئيسة للجمعية الوطنية.

وقال إن تعليمات كيم كانت لمنع البرلمان المكون من 300 عضو من جمع 150 صوتاً ضرورياً لإلغاء أمر يون بفرض الأحكام العرفية.

حضر نواب من كوريا الجنوبية الجلسة العامة للتصويت على عزل الرئيس يون سوك يول في الجمعية الوطنية في سيول (أ.ب)

يقول كواك إن يون اتصل به لاحقاً بشكل مباشر، وطلب من القوات «تدمير الباب بسرعة، وسحب المشرعين الموجودين بالداخل». يقول كواك إنه لم ينفذ أوامر يون.

11 ديسمبر

تم إلقاء القبض رسمياً على كيم، وزير الدفاع السابق، بتهمة التواطؤ مع يون وآخرين في فرض الأحكام العرفية. وتقول وزارة العدل إن كيم مُنع من محاولة الانتحار قبل ساعات من إصدار محكمة سيول مذكرة اعتقاله.

وأرسلت الشرطة الكورية الجنوبية ضباطاً لتفتيش مكتب يون؛ بحثاً عن أدلة تتعلق بفرض الأحكام العرفية، لكن فريق أمن الرئيس الكوري الجنوبي منعهم من دخول المجمع.

واعتقلت الشرطة رئيس الشرطة الوطنية وكبير الضباط في سيول بسبب دورهما في فرض الأحكام العرفية التي أصدرها يون.

12 ديسمبر

دافع يون عن مرسوم الأحكام العرفية بوصفه عملاً من أعمال الحكم، وينفي اتهامات التمرد، وقال في خطاب بثه التلفزيون إن مرسومه كان ضرورياً «لإنقاذ البلاد» من أحزاب المعارضة «المناهضة للدولة»، وتعهد «بالقتال حتى النهاية» في مواجهة محاولات عزله.

وقدمت أحزاب المعارضة اقتراحاً جديداً لعزله للتصويت عليه في نهاية هذا الأسبوع. كما أقرّ البرلمان اقتراحات لعزل رئيس الشرطة الوطنية تشو جي هو ووزير العدل بارك سونغ جاي، وتعليقهما عن أداء واجباتهما الرسمية، بسبب أدوارهما المزعومة في فرض الأحكام العرفية.

14 ديسمبر

صوتت الجمعية الوطنية في كوريا الجنوبية بأغلبية 204 أصوات، مقابل 85 لصالح عزل يون. وامتنع 3 نواب عن التصويت، وأُبطلت 8 بطاقات تصويت، وفق النتيجة التي أعلنها رئيس البرلمان.

وقال زعيم الحزب الديمقراطي (قوة المعارضة الرئيسة) في البرلمان، بارك تشان داي: «إنّ إجراءات العزل اليوم تُمثّل انتصاراً عظيماً للشعب والديمقراطية».

وتجمّع آلاف المتظاهرين أمام مبنى الجمعية الوطنية بانتظار التصويت؛ حيث انفجروا فرحاً عندما أُعلنت النتيجة، وبذلك، عُلِّق عمل يون في انتظار قرار المحكمة الدستورية المصادقة على فصله في غضون 180 يوماً، ومن المقرّر أن يتولّى رئيس الوزراء هان دوك سو مهام منصبه موقتاً.

وإذا وافقت المحكمة الدستورية على عزله، يُصبح يون سوك يول ثاني رئيس يتمّ عزله في تاريخ كوريا الجنوبية، بعد بارك جون هاي عام 2017، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ولكن هناك أيضاً سابقة عزل الرئيس، روه مو هيون، في عام 2004 التي صوّت عليها البرلمان، ثمّ أبطلتها المحكمة الدستورية بعد شهرين.