حمدوك يجري اتصالات مع القادة الأفارقة لاحتواء الأزمة الإثيوبية

رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
TT

حمدوك يجري اتصالات مع القادة الأفارقة لاحتواء الأزمة الإثيوبية

رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (أ.ف.ب)

أجرى رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، بصفته رئيس مجموعة دول «إيقاد»، اتصالات هاتفية مع قادة المجموعة وقادة أفارقة آخرين لبحث تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، وسط تسريبات بأن الهدف من تلك الاتصالات وقف الاقتتال الإثيوبي - الإثيوبي، ومعلومات عن وصول قادة من طرفي الصراع الإثيوبي، ووفد أمني، إلى الخرطوم، بانتظار ما قد تسفر عنه اتصالات حمدوك.
وقال إعلام رئيس الوزراء في نشرة إن حمدوك أجرى اتصالات مع رئيس رواندا بول كاغامي، ورئيس دولة جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، ورؤساء دول «الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا» المعروفة بـ«إيقاد».
ووفقاً لنشرة مجلس الوزراء، فإن حمدوك سيواصل الاتصالات مع بقية القادة والرؤساء الأفارقة لاستكمال المناقشات حول «السبل الكفيلة لضمان السلام والأمن والاستقرار بالمنطقة، بما يخدم مصلحة الشعوب والبلدان بالإقليم»، وتطور الأوضاع السياسية في منطقة القرن الأفريقي.
ورغم أن رئاسة مجلس الوزراء السوداني لم تكشف عمّا دار في تلك الاتصالات، واكتفت بالتعميم بأن هدف الاتصالات يتعلق بسلام وأمن المنطقة، فإن «الشرق الأوسط»، حصلت على تسريبات بأن رئيس الوزراء يجري مشاورات واسعة لمحاصرة النزاع الدامي بين الحكومة الإثيوبية و«جبهة تحرير تيغراي» الذي يهدد استقرار وأمن الإقليم بشكل عام، والسودان على وجه الخصوص.
وكان حمدوك قد ذكر خلال لقائه وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبعثات حفظ السلام، روز ماري ديكارلو، أول من أمس، أن السودان يمكن أن يلعب دوراً محورياً في صناعة السلام في كل من إثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان. فيما ذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية «سونا» من جانبها أن حمدوك والمسؤولة الأممية بحثا خلال لقائهما بالخرطوم الأوضاع المتوترة في إقليم تيغراي الإثيوبي، والأزمة الحدودية بين السودان وإثيوبيا، وموضوع سد النهضة، وأهمية إبرام اتفاق قانوني ملزم بين أطراف «السد» قبل القيام بأي خطوة.
وحذر المصدر؛ الذي تحدث للصحيفة، من خطورة تفاقم الأوضاع في إثيوبيا، وما يمكن أن يشكله من تهديدات للإقليم، لا سيما تدفق مئات الآلاف من اللاجئين الإثيوبيين إلى السودان، والذين بدأ وصول الآلاف منهم، منذ أول من أمس، بالفعل للأراضي السودانية، لينضافوا إلى عشرات الآلاف الذين لجأوا إلى السودان إبان الحرب بين القوات الحكومية الإثيوبية وقوات «جبهة تحرير تيغراي».
في غضون ذلك، يشهد السودان زيارات دبلوماسية من عدد من بلدان الجوار والإقليم والأمم المتحدة؛ إذ ذكرت وزارة الخارجية السودانية لـ«الشرق الأوسط» أن الخرطوم تنتظر «زيارة وزير الخارجية الإريتري عثمان صالح محمد مبعوثاً للرئيس آسياس أفورقي. لكن الوزير لم يصل بعد رغم ذهاب فريق المراسم للمطار لاستقباله».
ويتوقع أن يبحث صالح خلال الزيارة عدداً من الملفات الإقليمية الساخنة، وتجديد طلب أسمرا القيام بوساطة بين الخرطوم وأديس أبابا في قضية الحدود، التي ذكر موقع «عدوليس» الإريتري المعارض، أن الخرطوم رفضتها بمبرر عدم حياد إريتريا بين البلدين.
وبخصوص النزاع الإثيوبي - الإثيوبي، نقل موقع «عدوليس»، ناسباً إلى مصادر سودانية متطابقة، أن الخرطوم تستضيف وفوداً إثيوبية من الحكومة الاتحادية، ووفداً من «جبهة تحرير تيغراي»، ووفداً أمنياً إريترياً، لبحث النزاع الإثيوبي الداخلي، ودور السودان في حله، مما يرجح أن يقود السودان زمام المبادرة لرأب الصدع الإثيوبي.
وكانت إثيوبيا ترفض باستمرار التدخل في النزاع على إقليم تيغراي، وتعدّه شأناً داخلياً. بيد أن الأوضاع أفلتت من يد رئيس الوزراء آبي أحمد، إثر استعادة قوات «جبهة تحرير تيغراي» زمام المبادرة، وطرد القوات الاتحادية من الإقليم، والقيام بعمليات في إقليمي أمهرا وصوماليا الإثيوبيين.
وطبقاً لتطور الأوضاع في إثيوبيا، فقد تداولت وسائل إعلام محلية سودانية، أن وفداً إثيوبياً زار الخرطوم سراً، طالباً من السودان التوسط، وأن مشاورات رئيس الوزراء عبد الله حمدوك تأتي وفقاً لهذا الطلب، وبعد الاتصال الذي أجراه مع رصيفه آبي أحمد هذا الأسبوع.
من جهة أخرى، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، السفير منصور بولاد، لـ«الشرق الأوسط» إن من المتوقع أن يصل وزير الخارجية الجزائري رمضان العمامرة للسودان في زيارة رسمية، لكن لم تكشف الخارجية السودانية عن أجندة الزيارة. وينتظر أن يجري المسؤول الجزائري مباحثات ثنائية بين البلدين، تتناول الأوضاع المتوترة في الإقليم؛ بما في ذلك الأوضاع في ليبيا.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.