«همبولت فورم» يفتح أبوابه بالعاج والعذاب... بعد انتظار طويل

بأمل أن يثبت المعرض الافتتاحي الجدية في التعامل مع إرث الحقبة الاستعمارية

TT

«همبولت فورم» يفتح أبوابه بالعاج والعذاب... بعد انتظار طويل

على مدار نحو 20 عاماً؛ تتبع فيرنر كول ملحمة متحف «همبولت فورم». ومثلما الحال مع كثير من الألمان، عاين وسمع منذ عام 2002 عن المتحف عندما وافقت الحكومة على خطة بخصوص «همبولت فورم» الذي يعدّ واحداً من المزارات الثقافية الجديدة الكبرى في برلين. وطوال نحو عقدين منذ الإعلان عن هذه الخطة؛ كان هناك كثير من الجدال والمظاهرات والإنفاق المفرط للمال وقرارات التأجيل.
وعليه؛ فإنه عندما وقف مساء الثلاثاء أخيراً داخل المعرض الذي يضمه مبنى المتحف، غمره شعور بالإثارة؛ حسبما أكد.
وقال: «كنت أتطلع نحو هذا اليوم منذ البداية. وأنا هنا لأعرف ما إذا كانت الوعود قد تحققت».
كان كول (63 عاماً) قد حرص على الذهاب إلى مقر المتحف لمشاهدة «جمال بشع»؛ معرض مؤقت يضم قطعاً فنية مصنوعة من العاج تمتد على مدار 40 ألف عام. وكان هذا المعرض واحداً من 6 معارض افتتاحية جرى تنظيمها داخل «همبولت فورم» بهدف حشد مقتنيات تخص العديد من المتاحف داخل مقر المتحف الجديد وهو عبارة عن قصر على النسق «الباروكي» أعيد تشييده.
يقع المتحف في الموقع ذاته الذي كان يضم في السابق مقر برلمان ألمانيا الشرقية والذي جرى هدمه. سعى المسؤولون من وراء بناء «همبولت فورم» إلى إقامة صرح ألماني مكافئ لمتحف «اللوفر» الفرنسي. وتبعاً للجدول الزمني الأصلي، كان من المقرر افتتاح «همبولت فورم» عام 2019، لكن المشروع تعرض للعديد من عمليات الإرجاء خلال فترة التشييد. واليوم، من المقرر افتتاح المتحف على مراحل على مدار العامين المقبلين.
بجانب معرض القطع المصنوعة من العاج، ينظم «همبولت فورم» كذلك معرضاً بعنوان: «برلين غلوبال» حول علاقة المدينة بالعالم، ويستكشف الحياة البشرية بعد التغييرات المناخية، والمساحات المخصصة لتاريخ الموقع.
أما القطاع الأكثر إثارة للجدل من المتحف، فلم يُفتتح بعد، ويتمثل في الطوابق التي تحوي الآلاف من القطع الإثنولوجية المنتمية إلى مجموعة متنوعة من الثقافات؛ من بينها عرش أفريقي مذهل، وقوارب خشبية ضخمة من جنوب المحيط الهادي، والتي جرى الحصول عليها جميعاً أثناء حقبة التوسع الاستعماري الألماني.
من جانبهم؛ احتج نشطاء مناهضون للاستعمار بأن «همبولت فورم» لم يبذل جهوداً كافية للتحقق من مصادر معروضاته.
يذكر أنه في إطار اتفاق جرى التفاوض حوله هذا الربيع، من المقرر إعادة جزء كبير من مجموعة «أعمال بنين البرونزية»، والتي كان من المقرر عرضها داخل المتحف، إلى نيجيريا العام المقبل. ومع ذلك، من المحتمل أن تجابه عملية أكثر تعقيداً في خضم محاولة إدارة المتحف اتخاذ قرار بخصوص ما يتعين فعله إزاء القطع التي تتسم بتاريخ أكثر غموضاً.
يذكر في هذا الصدد أن مجموعة من المتظاهرين المناهضين لفترة الاستعمار احتشدوا خارج المتحف، الثلاثاء، ورددوا شعارات مثل: «أوقفوا تمويل (همبولت فورم)».
ويعدّ افتتاح المتحف، هذا الأسبوع، أول فرصة تسنح أمام القائمين على المتحف لطرح ما يقولون إنه أسلوب تفكير تقدمي وأسلوب شامل حيال عرض القطع الفنية المرتبة بحقبة الاستعمار أمام جمهور أوسع.
من ناحية أخرى، ورغم أن «همبولت فورم» نظم احتفالية افتتاحه الرسمي في ديسمبر (كانون الأول) عبر الإنترنت، فإن القيود المفروضة لمواجهة وباء «كوفيد19» أجبرته على إبقاء أبوابه مغلقة أمام الجمهور حتى الآن. وقال البعض إن فترة الإغلاق الطويلة ربما كانت في مصلحة المتحف، بحسبان أنها منحت القائمين على إدارته فترة أطول لتسوية بعض من المشكلات الفنية داخل المبنى وبإجمالي 825 مليون دولار.
من ناحيتها، كشفت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ»، في مايو (أيار) الماضي، عن مذكرة سرية صادرة عن رئيس شؤون الإنشاءات بالمشروع، هانز ديتر هيغنر، أشارت إلى أن أنظمة تكييف الهواء داخل المبنى وأنظمة الإنذار الأمنية «لا تزال في حالة رديئة للغاية»، وأنه لا تزال هناك عيوب مستمرة «تعرض القطع الثقافية التي جرى وضعها بالفعل داخل المتحف للخطر».
وخلال الأسبوع الماضي، قال مدير «همبولت فورم»، هارتموت دورغيرلو، خلال مقابلة أجريت معه إنه مدرك تماماً حساسية بعض القطع المصنوعة من العاج، والتي تتطلب مراقبة دقيقة لدرجات الحرارة والرطوبة والضوء، ويمكن أن تظهر بها تشققات بسرعة كبيرة للغاية.
وأضاف: «هذا أمر مرهق للغاية من حيث الحفاظ على القطع المعروضة، خصوصاً أننا نعرض قطعاً يبلغ عمرها 40 ألف عام في برلين للمرة الأولى، داخل مبنى جرى تشييده منذ أقل من 10 سنوات». إلا إنه شدد على أن منظومة السيطرة على ظروف الطقس داخل المنطقة التي يجري بها عرض هذه القطع، فاعلة تماماً، وأنه لا يوجد خطر يتهدد أي قطعة. وقال: «ظروف الطقس بالمكان مستقرة للغاية».
وأعرب دورغيرلو عن اعتقاده بأن المعرض يشكل أسلوباً مناسباً لافتتاح «همبولت فورم»؛ لأنه يعكس هدف «خلق مساحة يمكن أن نتشارك عبر أرجائها في التجارب»، بدلاً من طرح الثقافات المختلفة فحسب.
يذكر أن المعرض يضم نحو 200 قطعة؛ بما في ذلك العديد من القطع اللافتة من الحلي والمجوهرات والمنحوتات المزخرفة وواحدة من أقدم الآلات الموسيقية المحفوظة في العالم وهي عبارة عن فلوت عاجي.
يذكر أن المعرض جرى تنظيمه بالتعاون مع المتاحف الوطنية في كينيا، بجانب عدد من المؤسسات الأخرى.
وفي خطوة دراماتيكية، جرى طلاء المساحة المخصصة للمعرض باللون الأحمر، وجرى نشر مكبرات صوت في المكان تبث صوت أنفاس فيل يحتضر. وإلى جانب القطع المصنوعة من العاج، يضم المعرض كذلك قطعاً فنية تكشف عن جهود الاستغلال وسوء المعاملة خلال الحقبة الاستعمارية، علاوة على شاشات تعرض مقابلات أجريت مع أشخاص تضررت حياتهم بسبب تجارة العاج؛ بينهم حارس في أحد المتنزهات الكينية ومرشد لرحلات سفاري.
من جهته؛ قال أبرتو سافيلو، أحد المسؤولين عن المتحف، خلال مقابلة أجريت معه، إن فريق العمل المعاون له شعر بأنه من المهم تضمين أصوات من الدول الأصلية التي تنتمي إليها القطع، بجانب شعورهم بمسؤولية عن سرد القصص المتعلقة بالقطع، والتي «غالباً ما تدور حول الظلم والعنف».
وشرح سافيلو بأنه رغم أن المؤسسات التي أقرضت المتحف بعضاً من القطع المعروضة؛ منها «متحف متروبوليتان» للفنون» في نيويورك و«متحف فيكتوريا وألبرت» في لندن، لم يكن لديها أي مخاوف بخصوص مسائل السيطرة على الطقس داخل المعرض، فإن البعض أبدى تحفظه إزاء النبرة الناقدة للمعرض.
وقال: «إننا لا نفعل ذلك في إطار جمالي كلاسيكي يؤكد على جمال القطع المعروضة. كانت هناك مخاوف من أننا نطلق رسالة مفادها بأنه: (إذا عرضت العاج في كل مكان، فإن هذا جريمة)».
وأوضح دورغيرلو أنه في نهاية الأمر تمكن القائمون على المتحف من إقناع الجهات المقرضة بالأهمية التعليمية والتثقيفية للمعرض.
من ناحية أخرى؛ ورغم الاهتمام الشديد من جانب الرأي العام بالمعرض لدرجة أن جميع التذاكر محجوزة سلفاً حتى نهاية الأسبوع، جاءت ردود الفعل تجاهه في وسائل الإعلام الألمانية مختلطة...
من جهتها؛ أشارت «زود دويتشه تسايتونغ» إلى أن المعرض الذي يضم في الجزء الأكبر منه قطعاً صنعت داخل أوروبا، يبدو كمحاولة لتشتيت الانتباه بعيداً عن الجدال الدائر حول إعادة القطع المثيرة للجدل والتي من المقرر عرضها داخل المتحف. أما إذاعة «آر بي بي»، فرأت أن المعرض كان «مبهراً في تنوعه». وبالمثل؛ انقسمت آراء الزائرين. على سبيل المثال؛ قال نيكولاس سوني (74 عاماً) وهو صاحب معرض متقاعد، إنه انبهر بالمبنى، لكنه لم يشعر بالانبهار ذاته تجاه المعرض. وقال: «هذه قطع رائعة، لكنها كثيرة للغاية على نحو مفرط وغير ملائم لمعرض واحد».
في المقابل؛ أعربت نيكا غولوما (48 عاماً) عن اعتقادها بأن موضوع المعرض جرى اختياره بعناية. وأوضحت أن «كثيرين للغاية تحدثوا عن (المحتوى الاستعماري) لـ(همبولت فورم)... لكن هذا المعرض كشف منذ البداية عن أن القائمين على المتحف لا يهابون عرض ما لديهم». وأضافت: «أعتقد أنه لم يكن لديهم خيار آخر».
- خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.