الجيش الإثيوبي: إتمام الملء الثاني لسد النهضة انتصار فريد

أديس أبابا تقول إن العملية لم تتسبب بضرر لدولتي المصب

TT

الجيش الإثيوبي: إتمام الملء الثاني لسد النهضة انتصار فريد

تواصلت في إثيوبيا لليوم الثاني على التوالي، أمس، الإشادات بانتهاء المرحلة الثانية من ملء خزان «سد النهضة» على نهر النيل، رغم رفض دولتي المصب (مصر والسودان). ووصف الجنرال بيرهانو جولا، رئيس أركان قوات الدفاع الوطني الإثيوبي، إعلان بلاده بنجاح العملية، بأنه «انتصار فريد لجميع الإثيوبيين».
وأعلنت الحكومة الإثيوبية أول من أمس اكتمال مرحلة الملء الثاني للسد الذي تبنيه على الرافد الرئيسي لنهر النيل، بداعي توليد الكهرباء، في خطوة أثارت غضب مصر والسودان. وتقول إثيوبيا إن السد الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار ضروري للتنمية الاقتصادية وتوفير الكهرباء. غير أن السد أثار المخاوف من نقص المياه والسلامة في مصر والسودان اللذين يعتمدان أيضاً على مياه النيل. وفي تصريح نشرته وكالة الأنباء الإثيوبية (الرسمية)، أمس، هنّأ رئيس أركان قوات الدفاع الوطني، شعب إثيوبيا بالانتهاء الناجح للمرحلة الثانية من ملء السد، وقال إن «الإثيوبيين عملوا بالتزام وتعاون كبيرين لإيصال السد إلى مستواه الحالي»، مضيفاً أن «اليوم هو يوم انتصار فريد لجميع الإثيوبيين». وأشار إلى أن بلاده «ليست لديها نية للإضرار بأي دولة أخرى، وأن ملء السد أظهر ذلك من الناحية العملية». وفي حين جددت وزارة الري والموارد المائية السودانية «رفض السودان للإجراءات الأحادية الجانب من الجارة إثيوبيا، وسياسات فرض الأمر الواقع وتجاهل المصالح المشروعة والمخاوف الجدية لشركائها في النهر». لم تعلق مصر رسمياً حتى الآن على الإعلان الإثيوبي الأخير. والشهر الماضي، قالت مصر إنها تلقت إخطاراً رسمياً من إثيوبيا بأنها بدأت ملء خزان السد للمرة الثانية، وأكدت القاهرة أنها «ترفض بشكل قاطع هذه الخطوة». في المقابل، سعت إثيوبيا إلى طمأنة مصر والسودان، وقال عضو فريق التفاوض بشأن سد النهضة، الدكتور يلما سيليشي، إن «الملء الثاني للسد أزال كل التداعيات التي أثارتها بعض الجهات الفاعلة فيما يتعلق بتأثير السد على دول المصب».
وأوضح سيليشي أن استكمال المرحلة الثانية من ملء السد هو فصل كبير من تحقيق الأهداف النهائية للمشروع. وأشار إلى أن الجولة الثانية من ملء السد إنجاز كبير، كما أن له دوراً في إزالة الالتباسات التي أثارها بعض الفاعلين الدوليين ودولتي المصب بأن إثيوبيا لا تستطيع ملء السد بنجاح. وأشار الخبير كذلك إلى أن الانتهاء من الملء الثاني أثبت أيضاً التزام إثيوبيا طويل الأمد بإنجاز السد دون الإضرار ببلدان المصب، مضيفاً أن السد الذي يتم بناؤه من قبل الموارد الخاصة للإثيوبيين أوشك على الانتهاء حيث تم الانتهاء من أكثر من 80 في المائة من إجمالي البناء. ودعا شعبي السودان ومصر إلى البدء في تحليل حقيقة أن الملء الثاني للسد لم يتسبب في أي ضرر كبير لدولهما ودفع حكومتهما لتعزيز التعاون حيث إن سد النهضة لديه الكثير من الفوائد لدول المصب خاصة، والمنطقة بأكملها. وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ومسؤولون حكوميون آخرون قدموا التهاني للإثيوبيين على إنجاز ملء السد. ولم تحقق جهود دبلوماسية مستمرة منذ فترة طويلة نجاحاً في تسوية النزاع بين أديس أبابا وكل من القاهرة والخرطوم. وعقد مجلس الأمن الدولي، الأسبوع الماضي، جلسة لمناقشة النزاع، بطلب من مصر والسودان؛ غير أنه لم يصدر، حتى الآن، قرار أو توصية بعد الجلسة. كما قالت الولايات المتحدة إن ملء إثيوبيا للسد دون اتفاق مع دولتي المصب يمكن أن يثير التوترات، وحثت جميع الأطراف على الإحجام عن التصرفات الأحادية.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».