دعوات لمحاسبة المسؤولين الأمنيين غداة هجوم تنظيم «داعش» الدامي في بغداد

عراقيون يشعلون الشموع في موقع الانفجار بسوق شعبية في حي مدينة الصدر (أ.ف.ب)
عراقيون يشعلون الشموع في موقع الانفجار بسوق شعبية في حي مدينة الصدر (أ.ف.ب)
TT

دعوات لمحاسبة المسؤولين الأمنيين غداة هجوم تنظيم «داعش» الدامي في بغداد

عراقيون يشعلون الشموع في موقع الانفجار بسوق شعبية في حي مدينة الصدر (أ.ف.ب)
عراقيون يشعلون الشموع في موقع الانفجار بسوق شعبية في حي مدينة الصدر (أ.ف.ب)

استفاقت بغداد، اليوم (الثلاثاء)، على وقع صدمة الهجوم الدامي الذي تبناه تنظيم «داعش» على سوق شعبية عشية عيد الأضحى، وأثار دعوات لمحاسبة المسؤولين، إذ كشف عن ثغرات أمنية وبأن التنظيم المتطرف لا يزال قادراً على شنّ هجمات دامية في العراق رغم مرور سنوات على هزيمته.
وأثار التفجير، الذي قتل فيه 36 شخصاً على الأقل وأصيب 62 بجروح غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب مصادر طبية وأمنية، حالة من الغضب والحزن بين العراقيين ودعوات إلى المحاسبة، فيما طرح تساؤلات بشأن قدرة القوى الأمنية على الحد من هجمات كهذه.

وتقع هذه السوق الشعبية في مدينة الصدر، إحدى أكثر ضواحي العاصمة العراقية فقراً واكتظاظاً.
وصباح الثلاثاء، كانت السوق مغلقة أمنياً، كما شاهد مصور في وكالة الصحافة الفرنسية، فيما لا تزال الأنقاض متناثرة في المكان الذي شهد حالة هلع مساء الاثنين، بين السكان الذين كانوا يتبضعون عشية عيد الأضحى، كما أظهرت مشاهد من موقع الانفجار.
وقال المحلل السياسي العراقي ورئيس الجمعية العراقية للعلوم السياسية أسامة السعيدي في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، إن العملية «رسالة سياسية بأن النظام السياسي هش وغير قادر على الاستمرار» مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المبكرة المقررة في أكتوبر (تشرين الأول).
بالإضافة إلى ذلك، رأى أن التفجير هدفه «إرسال رسالة بأن التنظيم موجود وقادر على الوصول إلى أهداف داخل بغداد»، لكنه أيضاً نتيجة «استرخاء لدى القوى الأمنية التي تتبع الأساليب والخطط الأمنية نفسها».

إثر الانفجار، دعا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في تغريدة إلى «ضرورة محاسبة المسؤولين وإجراء تغييرات لبعض القيادات الأمنية التي أثبتت تقصيرها».
وفيما وعدت السلطات بفتح تحقيق في ملابسات الهجوم، ترأس رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي ليل الاثنين، اجتماعاً أمنياً على خلفية التفجير، موجهاً وفق بيان بـ«محاسبة أي قائد أو ضابط يثبت تقصيره عن أداء واجبه والتحقيق معه وإحالته إلى المحكمة المختصة».
وعزا من جهته النائب العراقي عدنان الزرفي التفجير إلى «الإخفاق الأمني المتكرر»، بعد تفجيرات مماثلة في الأشهر الأخيرة، طال أكبرها وسط بغداد في يناير (كانون الثاني) وأسفر عن مقتل 32 شخصاً.
وكما ذلك الهجوم، تبنى تنظيم «داعش» المتطرف، الذي سيطر عام 2014 على مساحات شاسعة من العراق وسوريا، تفجير الاثنين الذي نفّذه أحد عناصره ويُدعى أبو حمزة العراقي، كما قال في بيان على تطبيق «تلغرام»، مشيراً إلى أنّ الأخير فجّر نفسه بحزام ناسف في سوق الوحيلات.
ورغم أن القوات العراقية نجحت في القضاء على التنظيم بعد معارك دامية، فإنّ خلايا تابعة له لا تزال تنشط في بعض المناطق البعيدة عن المدن، وتستهدف بين وقت وآخر مواقع عسكرية.

ودان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التفجير في بيان قال فيه إن «هذا الهجوم المميت قبيل عيد الأضحى هو تذكير لنا جميعاً بأن آفة الإرهاب لا تعرف حدوداً».
واستنكرت السفارة الألمانية في العراق أيضاً الهجوم في تغريدة معربةً عن تعاطفها مع أسر الضحايا. وقدّم بدوره سفير الاتحاد الأوروبي لدى العراق التعازي في تغريدة.
ويأتي هذا التفجير فيما يستقبل الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في 26 يوليو (تموز) الجاري في واشنطن، في ظل محادثات يجريها العراق مع الولايات المتحدة لوضع جدول زمني لانسحاب قوات التحالف الدولي التي انتشرت لمحاربة تنظيم «داعش» في 2014.
وإثر الانفجار، قدّم التحالف الدولي في تغريدة للناطق باسمه واين ماروتو التعازي لأقارب الضحايا «الذين قضوا في الهجوم الإرهابي في بغداد».
ويقدّم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الدعم للقوات العراقية في حربها على تنظيم «داعش»، لكنّ البرلمان العراقي صوّت في 5 يناير 2020 لصالح خروج قوات التحالف من البلاد.
ولا يزال نحو 3500 جندي أجنبي على الأراضي العراقية، من بينهم 2500 أميركي، لكنّ تنفيذ انسحابهم قد يستغرق سنوات.


مقالات ذات صلة

تحذير أممي من عودة «داعش» في سوريا

المشرق العربي غير بيدرسون المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا يتحدث إلى مجلس الأمن الدولي عبر تقنية الفيديو خلال عقد المجلس اجتماعاً طارئاً بشأن سوريا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك 3 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

تحذير أممي من عودة «داعش» في سوريا

حذّر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، اليوم (الثلاثاء)، من أن الوضع في سوريا «خطير ومتغير»، وقد يؤدي إلى عودة ظهور تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا جانب من مداهمة الشرطة السويدية مقر جمعية إسلامية (أرشيفية)

اتهام 3 في السويد بتدبير جريمة إرهابية مرتبطة بتنظيم «داعش»

قال الادعاء العام في السويد، الاثنين، إنه وجّه اتهاماً إلى ثلاثة أشخاص بتدبير جريمة إرهابية مرتبطة بتنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
العالم العربي الإدارة الذاتية الكردية تُدين في بيان الهجوم الذي تشنه الدولة التركية ومرتزقتها على الأراضي السورية (أ.ف.ب)

الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا تتهم تركيا بقيادة الهجوم على البلاد وتعلن التعبئة العامة

اتهمت الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا، اليوم (الأحد)، تركيا بقيادة الهجوم الذي تشنه فصائل مسلحة في سوريا، وأعلنت التعبئة العامة.

«الشرق الأوسط» (حلب)
أفريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نزاعات منسية خلال عام 2024

إلى جانب الحربين اللتين تصدَّرتا عناوين الأخبار خلال عام 2024، في الشرق الأوسط وأوكرانيا، تستمر نزاعات لا تحظى بالقدر نفسه من التغطية الإعلامية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم العربي جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

أفادت «وكالة الأنباء العراقية»، اليوم (السبت)، بأن جهاز الأمن الوطني أعلن إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».