مظلة باكستان الخضراء في خطر

استهلاك الأخشاب للتدفئة في واحدة من أقل الدول امتلاكا للغابات

استخدام الأشجار في التدفئة على نحو واسع خلال شهور الشتاء  يهدد مظلة باكستان الخضراء (نيويورك تايمز)
استخدام الأشجار في التدفئة على نحو واسع خلال شهور الشتاء يهدد مظلة باكستان الخضراء (نيويورك تايمز)
TT

مظلة باكستان الخضراء في خطر

استخدام الأشجار في التدفئة على نحو واسع خلال شهور الشتاء  يهدد مظلة باكستان الخضراء (نيويورك تايمز)
استخدام الأشجار في التدفئة على نحو واسع خلال شهور الشتاء يهدد مظلة باكستان الخضراء (نيويورك تايمز)

يعيش راميش إقبال، الطالب الجامعي، في أحد أحياء الطبقة المتوسطة في العاصمة الباكستانية، إسلام آباد. غير أن هذا الطالب الجامعي شوهد مؤخرا وهو يخرج بصحبة مجموعة من زملائه من بين ثنايا إحدى مناطق الغابات، حاملين بأيديهم جذوع وفروع الأشجار، التي قاموا بجمعها لاستخدامها في تدفئة منازلهم.
يقول إقبال (24 عاما) «لم نكن نتخيل أبدا أنه سيأتي اليوم الذي نواجه فيه ذلك الموقف. لكننا نواجه الكثير من المشكلات بسبب الشتاء وبرودة الطقس». وفي بلد يعاني 20 في المائة من سكانه من غياب المرافق الأساسية، ظلت أجيال من الباكستانيين الفقراء، الذين يعيشون في المناطق الريفية، يعتمدون على الأخشاب في محاولة للتغلب على برد الشتاء القارس. لكن النقص الحاد في مصادر الطاقة أجبر أيضا الأسر الثرية على التحول إلى استهلاك الأخشاب. ترى الباكستانيين يقتطعون الفروع ويقتلعون الشجيرات الصغيرة ويسقطون الأشجار الكبيرة، ثم يحملون تلك الغنيمة، التي يحصلون عليها من أي مكان يذهبون إليه، باستخدام الشاحنات أو الدراجات البخارية أو حتى الدراجات الهوائية. ومع كل جولة يقومون بها، تفقد باكستان جزءا آخر من مظلتها الخضراء، وهو ما يشكل جرس إنذار في واحدة من أقل الدول امتلاكا للغابات في العالم.
يسيطر على دعاة حماية البيئة والمسؤولين الحكوميين القلق من أن باكستان تشهد حاليا مرحلة خطرة، إذ إن المساحة المغطاة بالأشجار قد وصلت إلى 2 – 5 في المائة فقط من إجمالي المساحة التي كانت تتمتع بها في السابق. كما يخشى المسؤولون أن يؤدي تزايد اجتثاث الغابات إلى مزيد من الفيضانات المدمرة والانهيارات الصخرية والانزلاقات الأرضية، كما سيؤدي إلى زيادة معدلات تلوث مياه الشرب بالبكتيريا وكذلك تلوث الهواء.
يقول برفيز أمير، مشرف غابات وخبير زراعي، «تواجه باكستان في الوقت الحالي وضع جد خطير بعد أن اتجه أبناء الطبقة المتوسطة إلى قطع وحرق الأشجار في محاولة لتعويض نقص مصادر الطاقة».
غير أن إقناع الشعب بالأهمية البيئية للأشجار يبدو أمرا في غاية الصعوبة، لا سيما في العام الحالي الذي يشهد انقطاع الكهرباء لمدة قد تصل إلى 10 ساعات في اليوم الواحد في الوقت الذي تكون إمدادات الغاز المتوفرة قليلة جدا وليست كافية لتشغيل السخانات أو مواقد إعداد الطعام.
حتى في إسلام آباد، المعروفة بأنها واحدة من أكثر العواصم الآسيوية خضرة بفضل وجود مرتفعات مارغالا، يجري التهام الغابات، وهو ما يخلف مساحات كبيرة خالية إلا من بقايا الأشجار المقطوعة. خلال الحكم البريطاني الاستعماري، كانت باكستان ذات كثافة سكانية منخفضة، وكان الباكستانيون يتجنبون قطع الأشجار، تلك الخطوة التي خلعت الغطاء الأخضر عن الكثير من المناطق في جنوب آسيا. في وقت من الأوقات، كانت باكستان تمتلئ بغابات أشجار الخشب العملاقة في الشمال، وغابات الصنوبر في التلال الغربية، بالإضافة إلى غابات المنغروف الكثيفة المنتشرة على حدودها الجنوبية التي تتلاقى مع المحيط الهندي. غير أنه ومع زيادة عدد السكان في باكستان من نحو 37 مليون نسمة في عام 1947، عندما انفصلت عن الهند، إلى ما يقدر بـ180 مليون نسمة في الوقت الحالي، جرى استنزاف هذه الغابات بشكل سريع. وعندما جرى احتلال أفغانستان من قبل الاتحاد السوفياتي في عام 1979، نزح أكثر من مليون أفغاني إلى باكستان، حيث كانوا يعيشون في معسكرات متنقلة يشيدونها من خشب أشجار الغابات التي يقطعونها أينما نزلوا.
خلال السنوات القليلة الماضية، تخوض باكستان صراعا لمكافحة «مافيا الأخشاب» القوية. ويجري إطلاق مصطلح «مافيا الأخشاب» على الأفراد والجماعات المنظمة التي تقوم بقطع الأشجار وبيع أخشابها من دون الحصول على تصريح بذلك. وعلى مدى سنوات، جرى تداول الكثير من المزاعم أن قيادات الشرطة والمسؤولين عن الغابات قبلوا رشى من تلك الصناعة الرابحة.
يقول محمد أفضال خان، وزير فيدرالي سابق في وادي سوات ذي المناظر الطبيعية الخلابة والذي شهد أكبر عمليات قطع أشجار غير قانونية، «خلال الفترة التي عاش فيه والدي، أي منذ ما يقرب من 70 - 80 عاما مضى، كانت هناك غابات وأشجار مرتفعة على كل التلال تقريبا، أما الآن فقد خلعت غالبية تلك التلال رداءها الأخضر. ويعد المسؤولون عن الغابات جزءا لا يتجزأ من تلك المشكلة – فهم لا يقومون بدورهم في حماية تلك الغابات».
يؤدي نقص إمدادات الغاز الطليعي، اللازم للتدفئة وإعداد الطعام، في الوقت الحالي إلى قيام الباكستانيين على نحو متزايد باستخدام الخشب في إشعال النار في أماكن التدفئة والمواقد المتنقلة. وعلى الرغم من أن باكستان كانت تملك كميات كبيرة من الغاز الطبيعي منذ 10 أعوام، فقد أدت الزيادة الكبيرة في الطلب على الغاز وعدم كفاءة الاستخدام إلى تناقص مستمر في كميات الغاز المتوفرة في فصول الشتاء الأخيرة.
يقول خالد نظير (35 عاما)، ويعمل ترزيا في إسلام آباد، «هذه هي المرة الأولى التي نجد أنفسنا فيها مضطرين لجمع الخشب، إذ لم تحدث مثل تلك الأزمة في إمدادات الغاز الطبيعي من قبل». يوضح سيد محمود نصير، مفتش باكستان العام على الغابات، أنه يشعر بالقلق لا سيما أن كبرى المصانع في المدن الكبرى، مثل كراتشي، يلجئون أيضا لاستخدام الأخشاب بسبب نقص الكهرباء والغاز.
ويعلق نصير على تلك الظاهرة بقوله «ينبغي أن يثير ذلك القلق ليس فقط في باكستان، بل في العالم أجمع».
قبيل العالم الحالي، قدر البنك الدولي أن المساحة المغطاة بالغابات في باكستان تصل إلى 2.1 في المائة فقط، بالمقارنة بـ23 في المائة في الهند و33 في المائة في الولايات المتحدة. لكن المسؤولين الباكستانيين شككوا في ذلك الرقم، مشيرين إلى أن بيانات المأخوذة من صور الأقمار الصناعية تقول إن 5.1 في المائة من باكستان مغطاة بغابات الأشجار.
* خدمة «نيويورك تايمز»



الحكم على رئيس الاستخبارات الباكستانية الأسبق بالسجن بعد محاكمة عسكرية

الفريق الركن فايز حميد الحليف المقرّب لرئيس الوزراء السابق عمران خان تولّى في السابق قيادة جهاز الاستخبارات الباكستانية القوي (أ.ب)
الفريق الركن فايز حميد الحليف المقرّب لرئيس الوزراء السابق عمران خان تولّى في السابق قيادة جهاز الاستخبارات الباكستانية القوي (أ.ب)
TT

الحكم على رئيس الاستخبارات الباكستانية الأسبق بالسجن بعد محاكمة عسكرية

الفريق الركن فايز حميد الحليف المقرّب لرئيس الوزراء السابق عمران خان تولّى في السابق قيادة جهاز الاستخبارات الباكستانية القوي (أ.ب)
الفريق الركن فايز حميد الحليف المقرّب لرئيس الوزراء السابق عمران خان تولّى في السابق قيادة جهاز الاستخبارات الباكستانية القوي (أ.ب)

أعلنت محكمة عسكرية باكستانية، الخميس، الحكم على الفريق أول فايز حميد، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الباكستانية «آي إس آي»، بالسجن 14 عاماً، بعد إدانته بتهم تتعلق بالفساد والتدخل في السياسة وإساءة استخدام السلطة.

ويشكل الحكم لحظةً نادرةً في التاريخ السياسي الباكستاني، إذ إنها المرة الأولى التي يُحاكم فيها رئيس سابق لأقوى جهاز استخباراتي في البلاد ويُسجن على يد المؤسسة العسكرية نفسها.

ويُعدّ هذا التطور نهاية درامية لمسار صعود ضابط كان يُنظر إليه يوماً على أنه أحد أبرز مهندسي المشهد السياسي الداخلي، في بلد لطالما لعب فيه الجيش دور «صانع الملوك».

ووفق بيان رسمي لـ«إدارة العلاقات العامة» في الجيش، فقد اعتُقل حميد في أغسطس (آب) 2024، وأُدين بأربع تهم تشمل الانخراط في أنشطة سياسية، وانتهاك قانون الأسرار الرسمية، وإساءة استخدام موارد الدولة، والتسبب بخسائر مالية جسيمة. وحُكم عليه بالسجن مع «الأشغال الشاقة» وفق المصطلح القانوني الباكستاني.

ويرى محللون أن محاكمة حميد تأتي في سياق حملة متصاعدة ضد المقربين من رئيس الوزراء السابق عمران خان، الذي تولى السلطة بين 2018 و2022، وكان هو من اختار حميد لرئاسة الاستخبارات. ومنذ تسلّمه قيادة الجيش في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، يعمل المشير سيد عاصم منير على تعزيز نفوذه داخل المؤسسة العسكرية. فقد أقرّ البرلمان الشهر الماضي تعديلاً دستورياً يمنحه صلاحيات موسعة وحصانة قانونية مدى الحياة، واضعاً تحت سلطته مختلف أفرع الجيش، ومقلصاً دور القضاء الأعلى عبر نقل بعض الصلاحيات الرقابية إلى المؤسسة العسكرية.

ويرى داعمو التعديل أنه خطوة لاستقرار البلاد، بينما يصفه منتقدون بأنه تركيز غير مسبوق للسلطة. وقال محامي حميد، ميان علي أشفق، إنه يعتزم تقديم طعن بالحكم فور حصوله على نسخة رسمية من قرار المحكمة. وفي بيان الجيش، ورد أن محكمة عسكرية أخرى ستنظر في قضية منفصلة متعلقة باتهامات حول «إثارة اضطرابات سياسية بالتنسيق مع أطراف حزبية»، في إشارة يفهم منها أنها مرتبطة بالتحقيقات المستمرة في دور حميد المحتمل في احتجاجات مايو (أيار) 2023، عندما هاجم آلافٌ من أنصار عمران خان منشآت عسكرية عقب توقيفه.

كانت طموحات حميد السياسية، إذ لم يُخفِ سعيه لتولي منصب قائد الجيش - المنصب الأقوى في البلاد - قد أدت إلى توتر علاقته مع القيادة الحالية تحت إمرة المشير منير. وكان حميد أحد أربعة جنرالات مرشحين للمنصب في ذلك الحين.

كما تعود بعض الاتهامات ضده إلى فضيحة عقارية عام 2017 في إسلام آباد، حين اتُّهم مع شقيقه بمحاولة السيطرة على مشروع إسكان خاص من خلال اعتقال مالكه وابتزازه. وخلال فترة رئاسته للاستخبارات الباكستانية بين 2019 و2021، اكتسب حميد نفوذاً واسعاً، إذ طالته اتهامات المعارضة بتلفيق قضايا ضد خصوم الحكومة، والتدخل في إدارة شؤون الدولة من خلف الكواليس.

ويقول الصحافي والمحلل السياسي رضا رومي، المقيم في نيويورك، إن حميد كان يتصرف بـ«جرأة غير معتادة»، وإن محاكمته «تسلّط الضوء على مدى التجاوزات التي ظلت بلا مساءلة لسنوات».

ويرى مراقبون أن الحكم رسالة واضحة لكل من يفكر في تحدي المؤسسة العسكرية. ويقول عمر قريشي، كاتب الرأي في صحيفة «ذا نيوز» الباكستانية: «إنها رسالة قوية لأنصار عمران خان بألا يتوقعوا الإفراج عنه قريباً، وأن يتراجعوا عن الاحتجاجات الأخيرة. وهي أيضاً تحذير مباشر لضباط الجيش بضرورة الالتزام بالصف». ومنذ الإطاحة بعمران خان في تصويت بحجب الثقة عام 2022، ثم منعه من الترشح وسجنه العام الماضي، تشن المؤسسة العسكرية حملةً واسعةً ضدّه وضد أنصاره. ويقول خان إن التهم الموجهة إليه ذات دوافع سياسية، فيما يتهم هو ومؤيدوه المشير منير بانتهاج الأساليب ذاتها التي اتُّهم حميد باستخدامها سابقاً لدعم حكومة خان.

* خدمة «نيويورك تايمز»


أفغانستان: ناجٍ من تفجير يؤسس مصنع جوارب يمنح الأمل بتوظيف ذوي الإعاقة

مسعود خان يقوم بفرز الجوارب المصنوعة حديثاً تمهيداً لتعبئتها في ورشة عمل للجوارب يعمل بها بالكامل رجالٌ من ذوي الإعاقة في مدينة هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)
مسعود خان يقوم بفرز الجوارب المصنوعة حديثاً تمهيداً لتعبئتها في ورشة عمل للجوارب يعمل بها بالكامل رجالٌ من ذوي الإعاقة في مدينة هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

أفغانستان: ناجٍ من تفجير يؤسس مصنع جوارب يمنح الأمل بتوظيف ذوي الإعاقة

مسعود خان يقوم بفرز الجوارب المصنوعة حديثاً تمهيداً لتعبئتها في ورشة عمل للجوارب يعمل بها بالكامل رجالٌ من ذوي الإعاقة في مدينة هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)
مسعود خان يقوم بفرز الجوارب المصنوعة حديثاً تمهيداً لتعبئتها في ورشة عمل للجوارب يعمل بها بالكامل رجالٌ من ذوي الإعاقة في مدينة هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)

في غرفة صغيرة تتوسط مدينة هرات، الواقعة في أقصى الغرب الأفغاني، يدفع شهاب الدين نفسه بيديه فوق أرضية الورشة متجهاً نحو كومة من الجوارب التي خرجت لتوها من آلات النسج بانتظار الفرز والتغليف. شهاب الدين، البالغ من العمر 36 عاماً، وأب لأربعة أطفال، فقد ساقيه قبل نحو عقد عندما اجتاح انفجار عبوة ناسفة طريقه إبّان اشتداد النزاع بين القوات الأميركية وقوات «طالبان».

رجل الأعمال المحلي محمد أميري 35 عاماً الثاني من اليسار يضع ملصقاً على زوج من الجوارب أثناء عمله مع موظفيه وجميعهم من ذوي الاحتياجات الخاصة في ورشة إنتاج الجوارب الخاصة به في هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)

منذ ذلك الحين، يروي أنه عانى بطالة طويلة اضطرته إلى الاعتماد على أقاربه لتأمين احتياجات أسرته اليومية. لكن ورشةً جديدةً لإنتاج الجوارب في هرات، يديرها ويعمل فيها حصراً أشخاص من ذوي الإعاقة، فتحت أمامه باباً جديداً للأمل، وفق تقرير لـ«الأسوشييتد برس» الجمعة.

يقول شهاب الدين، الذي يستخدم اسماً واحداً على عادة كثير من الأفغان، خلال استراحة قصيرة في عمله مطلع ديسمبر (كانون الأول): «أصبحتُ معاقاً بسبب الانفجار. لقد بُترت ساقاي الاثنتان. واليوم أعمل في مصنع للجوارب، وأنا سعيد جداً لأنني حصلت على فرصة عمل هنا».

محمد عارف جعفري 40 عاماً يجهز كشكه لبيع جوارب مصنوعة في ورشة عمل يعمل بها بالكامل رجال من ذوي الإعاقة في هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)

هذه الورشة هي فكرة محمد أميري، البالغ من العمر 35 عاماً، وهو عامل بقالة سابق أصيب بإعاقة دائمة نتيجة شلل الأطفال في صغره، قبل نحو شهر فقط.

أطلق أميري المشروع بهدف تأمين فرص عمل ومصدر دخل لأشخاص ذوي إعاقة، خصوصاً أولئك الذين أُصيبوا أثناء الصراع ولا يملكون وسيلة أخرى للعيش. وتعاون أميري مع ناجٍ آخر من شلل الأطفال لتأسيس المصنع، الذي يضمّ عمالاً أصيبوا بإعاقات جراء إصابات حرب أو عوارض خلقية أو أسباب أخرى.

ويُنتج العمال أربعة أنواع من الجوارب؛ طويلة وقصيرة، صيفية وشتوية، ويقول أميري: «المصنع، الذي يتم تمويله ودعمه من أشخاص ذوي إعاقة، بدأ عمله الشهر الماضي، ويوفر الآن وظائف لنحو 50 شخصاً من ذوي الإعاقة. وهم منهمكون في الإنتاج والتغليف وبيع الجوارب داخل المدينة».

 

ارتفاع في معدلات الإعاقة

تشير تقارير دولية إلى أن عقوداً من الصراع وضعف المنظومة الصحية وتدهور الاقتصاد أسهمت في ارتفاع غير مسبوق لمعدلات الإعاقة في البلاد.

فبيانات «مؤسسة آسيا» لعام 2019 تظهر أن نحو 25 في المائة من البالغين يعانون من إعاقة خفيفة، في حين يعاني 40 في المائة من إعاقة متوسطة، و14 في المائة من إعاقة شديدة. وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول) (اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة)، دعت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان إلى إدماج هؤلاء «في كل مراحل التخطيط وصنع القرار وتقديم الخدمات»، مؤكدةً أن «الأشخاص ذوي الإعاقة يجب ألا يكونوا في الهامش، بل جزء أساسي من المجتمع».

وتُعد أفغانستان واحدةً من بلدين فقط، إلى جانب باكستان، ما زال فيروس شلل الأطفال البري متوطناً فيه. هذا المرض المعدي قد يسبب أعراضاً شبيهةً بالإنفلونزا، لكنه في الحالات الشديدة يؤدي إلى الشلل والإعاقة والوفاة.

شهاب الدين مبتور الساقين منذ أن تسببت عبوة ناسفة مزروعة على جانب الطريق في بتر ساقيه قبل عقد من الزمان يقوم بفرز الجوارب المصنوعة حديثاً تمهيداً لتعبئتها في ورشة عمل للجوارب يعمل بها بالكامل رجال من ذوي الإعاقة في مدينة هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وتقول وزارة شؤون المعاقين إن 189.635 شخص من ذوي الإعاقة مسجلون لديها ويتلقون دعماً مالياً من الحكومة. لكن أميري يؤكد أن مشروعه يواجه تحدياً كبيراً يتمثل في المنافسة مع الواردات الرخيصة من النسيج، معرباً عن أمله في أن توقف الحكومة استيراد الجوارب الأجنبية.

كما يأمل في الحصول على عقد لتزويد قوات الأمن الأفغانية بالجوارب، وفي توسيع المصنع ليضمّ 2000 عامل. ويضم المصنع حالياً عدداً من العائدين حديثاً إلى البلاد بعد سنوات طويلة من اللجوء.

من بينهم محمد عارف جعفري، البالغ 40 عاماً، وهو خريج اقتصاد وناجٍ من شلل الأطفال عاش سنوات في إيران، يقول جعفري: «عانيت كثيراً بسبب البطالة. لكن، ولحسن الحظ، صرتُ الآن قادراً على إنتاج أنواع مختلفة من الجوارب»، قال ذلك بينما كان يبيع منتجاته في السوق.


مقتل معلمتين بإطلاق نار نفّذه مسلحون مجهولون شمال غرب باكستان

يقود الركاب سياراتهم وسط ضباب كثيف بعد تلوث الهواء الشديد في إسلام آباد في 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
يقود الركاب سياراتهم وسط ضباب كثيف بعد تلوث الهواء الشديد في إسلام آباد في 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

مقتل معلمتين بإطلاق نار نفّذه مسلحون مجهولون شمال غرب باكستان

يقود الركاب سياراتهم وسط ضباب كثيف بعد تلوث الهواء الشديد في إسلام آباد في 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
يقود الركاب سياراتهم وسط ضباب كثيف بعد تلوث الهواء الشديد في إسلام آباد في 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

قُتلت معلمتان تعملان في القطاع الحكومي إثر تعرضهما لإطلاق نار على يد مسلحين مجهولين، الجمعة، في منطقة شارسده بإقليم خيبر بختونخواه شمال غرب باكستان.

في هذه الصورة الأرشيفية بتاريخ 21 يوليو 2020 يظهر رجل وهو يفتح تطبيق «تيك توك» على هاتفه المحمول في إسلام آباد باكستان (أ.ب)

وأوضحت الشرطة المحلية، في بيان، أن المسلحين الذين كانوا يستقلون دراجات نارية أطلقوا النار على الضحيتين أثناء توجههما إلى المدرسة التي تعملان فيها، مما أدى إلى وفاتهما على الفور. وفتحت فرق الشرطة تحقيقاً لتحديد هوية المنفذين ودوافع الاعتداء، دون إعلان أي جهة مسؤوليتها حتى الآن.

في غضون ذلك، حثت باكستان، الخميس، كبرى منصات التواصل الاجتماعي على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الحسابات المرتبطة بجماعات مسلحة، محذرةً من أن عدم القيام بذلك قد يفضي إلى إجراءات حكومية أكثر صرامةً أو ملاحقات قانونية.

هتف كشميريون بشعارات مناهضة للهند خلال احتجاج حافي القدمين في اليوم العالمي لحقوق الإنسان في مظفر آباد عاصمة كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية في 10 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وفي مؤتمر صحافي بإسلام آباد، قال نائب وزير الداخلية، طلال شودري، إن عشرات الحسابات على منصة «إكس» تعمل انطلاقاً من أفغانستان والهند المجاورتين وأماكن أخرى حول العالم، وتنشر محتوى متطرفاً وتقدم دعماً للجماعات المسلحة المحظورة. وعرض شودري ما وصفه بالأدلة الموثقة، وقال إن المسلحين يستفيدون من دعم داخل هذين البلدين.

ولم يصدر أي تعليق فوري من كابول أو نيودلهي.

وأكد شودري أن باكستان تشكل حالياً «جداراً بين الإرهابيين والعالم»، محذراً من أن الجماعات التي تعمل ضد باكستان قد تشكل في نهاية المطاف تهديداً لدول أخرى.

وأشار شودري إلى أن المحققين الباكستانيين حددوا مؤخراً ما لا يقل عن 19 حساباً على منصة «إكس» مرتبطة بمسلحين وتدار من الهند. وأضاف أن هناك أكثر من 20 حساباً آخر من هذا النوع نشطاً انطلاقاً من أفغانستان، بعضها يرتبط على ما يبدو بحكومة «طالبان» الأفغانية.