...وصمت في الرباط إزاء رد الفعل الجزائري

TT

...وصمت في الرباط إزاء رد الفعل الجزائري

لم يصدر في الرباط، أمس، أي رد فعل مغربي إزاء إعلان الجزائر أنها تنتظر توضيحاً للموقف الرسمي النهائي للمملكة المغربية، بشأن تصريحات مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، التي جاء فيها أن «تقرير المصير ليس مبدأ مزاجياً، ولهذا السبب يستحق شعب القبائل الشجاع، أكثر من أي شعب آخر، التمتع الكامل بحق تقرير المصير».
وكان السفير هلال يرد على تصريحات لوزير خارجية الجزائر الجديد، رمطان لعمامرة، قائلاً إن «الذي يقف مدافعاً قوياً عن حق تقرير المصير ينكر هذا الحق نفسه لشعب القبائل، أحد أقدم الشعوب في أفريقيا، الذي يعاني من أطول احتلال أجنبي».
وتوقف المراقبون عند ردة فعل الجزائر بشأن تصريحات الدبلوماسي المغربي، وعدوا أن الانزعاج الجزائري من تصريحات الدبلوماسي المغربي يدخل في سياق كيل الجزائر بمكيالين، ذلك أنها تحرم على الآخرين ما تسمح به لنفسها، فهي لم تكف منذ أكثر من 4 عقود على العمل من أجل فصل الصحراء عن المغرب، وجعلت من نزاع الصحراء أولوية الأولويات لدبلوماسيتها، مستغربين من انزعاج الجزائر من حديث الدبلوماسي المغربي عن «تقرير المصير لشعب القبائل»، وهي التي عملت منذ أكثر من 45 سنة على ضرب وحدة تراب المغرب.
وكان السفير المندوب الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة قد أعرب عن استغرابه الشديد لاختيار وزير الخارجية الجزائري الجديد التطرق لقضية الصحراء المغربية خلال أول تصريح له في محفل دولي، عقب تعيينه على رأس وزارة الخارجية الجزائرية، معتبراً تصريحاته خلال اجتماع حركة عدم الانحياز «استفزازية».
ورد السفير هلال، في مذكرة وجهها إلى الرئاسة الأذربيجانية للحركة، ووزعت على جميع الأعضاء، على الادعاءات الجزائرية بشأن قضية الصحراء التي عد أنها تندرج حصراً ضمن اختصاص مجلس الأمن، ولم تكن مدرجة على جدول أعمال الاجتماع، ولا ترتبط بموضوعه.
ورداً على دعوة الوزير الجزائري لتعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام إلى الصحراء، لاحظ الدبلوماسي المغربي أن «الجزائر وجماعة البوليساريو رفضتا عدة مرشحين اقترحهم الأمين العام للأمم المتحدة»، مضيفاً أن «الجزائر وجبهة البوليساريو يتحملان المسؤولية عن التأخير في تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام»، موضحاً أن ما أخفاه الوزير الجزائري عن قصد هو أن «الجزائر لا يمكنها التنصل من مسؤوليتها التي تحملتها في نهاية المطاف، من خلال مشاركتها بصفتها طرفاً في الموائد المستديرة منذ 2018».
وعلى صعيد ذي صلة، أعرب الدبلوماسي المغربي عن أسفه لكون وزير خارجية الجزائر يطالب بالحق في تقرير المصير لما يسمى «الجمهورية الوهمية المعلنة من جانب واحد بالعاصمة الجزائرية، في خرق للقانون الدولي (الجمهورية الصحراوية)»، مشيراً إلى أن «هذه الجمهورية الوهمية ليست سوى كيان وهمي اصطنعته الجزائر، ومولته وسلحته من أجل تنفيذ أجندتها الجيوسياسية الإقليمية»، مضيفاً أن هذه الجمهورية المزعومة لا تحظى بأي اعتراف «لا بحكم الواقع ولا بحكم القانون، لا من قبل مجلس الأمن ولا في الجمعية العامة، ولا في حركة عدم الانحياز، ولا بمجموعة السبعة والسبعين + الصين، ولا بمنظمة التعاون الإسلامي، ولا بجامعة الدول العربية، ولا بالمنظمة الدولية للفرنكوفونية، ولا في اتحاد المغرب العربي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.