«النواب» المغربي يناقش ملف العالقين في بؤر التوتر

TT

«النواب» المغربي يناقش ملف العالقين في بؤر التوتر

قال النائب المغربي عبد اللطيف وهبي، رئيس المهمة الاستطلاعية للوقوف على حقيقة ما يعانيه العديد من الأطفال والنساء والمواطنين المغاربة العالقين ببعض بؤر التوتر في سوريا والعراق، التي شكلها مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، أمس، إن وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت أبلغ اللجنة بتصور الوزارة حول كيفية التعامل مع ملف العالقين.
وأشار وهبي إلى أن الوزارة «تدرس كل حالة على حدة»، موضحا خلال مؤتمر صحافي عقد بمقر مجلس النواب، أن وزارة الخارجية تتوفر على معطيات دقيقة حول العالقين وعددهم أخيرا. مبرزا أن تقرير اللجنة الاستطلاعية الذي جرى نشره «لم يتضمن كل المعطيات التي حصلت عليها اللجنة».
واعتبر وهبي أن عودة العالقين مطلب «إنساني لكنه معقد»، مشيرا إلى أن «هناك حالات لأطفال من أمهات مغربيات وآباء سوريين، أو من أب مغربي وأم سورية، وبعقد زواج من داعش غير معترف به قانونيا، كما أن هناك أطفالا توفي آباؤهم، وتتكفل بهم سيدات سوريات، فكيف يمكن التحقق من هويتهم؟». كما تساءل وهبي حول كيفية التعامل مع الأطفال المغاربة، الذين عاشوا هناك، وهل يجب التكلف بإعادة تربيتهم بعد إعادتهم للمغرب؟ وقال إن من بين هؤلاء الأطفال من عاشوا أوضاعا مأساوية، و«حضروا عمليات إعدام».
وأوضح وهبي أن جهاز الأمن المغربي يتحفظ على عودة المقاتلين المغاربة «حماية للمواطنين المغاربة من الإرهاب»، معبرا عن تفهمه لهذا الموقف. لكنه قال «مع ذلك لابد من دراسة هذا الملف، والتعامل معه بمسؤولية تاريخية وأخلاقية وإنسانية». كما تحدث وهبي عن مشاكل واجهتها بعض الأسر العائدة إلى المغرب من بؤر القتال في سوريا والعراق، وعن أطفال عانوا من وصمهم بالإرهاب في المدارس.
من جهته، قال سلميان العمراني، مقرر اللجنة الاستطلاعية، إن المعطيات التي قدمها المسؤولون الحكوميون المغاربة تفيد بأن 1659 غادروا المغرب بين 2012 و2017، بدافع الالتحاق بالمجموعات المتطرفة، منهم 1300 التحقوا بداعش، وعاد منهم حتى الآن 345.
وبخصوص بقية ملفات العالقين، قال العمراني إن الهاجس الأمني يبقى حاضرا بقوة في حسم قرار عودتهم، إضافة إلى البعد الاجتماعي والصحي والنفسي.
أما بخصوص المقترحات، التي قدمتها اللجنة لإيجاد حل للعالقين، فقد أوضح وهبي أنه يجب التمييز بين المقاتلين من جنسية مغربية والمقاتلين الذين لهم جنسية مزدوجة. وقال بهذا الخصوص: «الدول الأوروبية نزعت الجنسية عن المغاربة مزدوجي الجنسية، فعل نعيدهم نحن؟»، دون أن يقدم جوابا. لكنه قال إنه يمكن تفعيل اتفاقية التعاون القضائي مع سوريا، التي أبرمت في مايو (أيار) 2011، لاستعادة المغاربة الذين حكم عليهم القضاء السوري، ويقضون عقوبات سجنية هناك، حتى يكملوا العقوبة في المغرب.
واقترح تقرير اللجنة الاستطلاعية خلق مؤسسة لدراسة ملفات العالقين بكل تعقيداته وأبعاده، مع إشراك المؤسسة الأمنية في التفكير في حل لهذا الملف.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.