أمين معلوف يفوز بجائزة السفراء الفرنكوفونيين في فرنسا

أمين معلوف (رويترز)
أمين معلوف (رويترز)
TT
20

أمين معلوف يفوز بجائزة السفراء الفرنكوفونيين في فرنسا

أمين معلوف (رويترز)
أمين معلوف (رويترز)

فاز الكاتب اللبناني الفرنسي أمين معلوف، اليوم (الخميس)، بجائزة مجموعة سفراء الدول الفرنكوفونية في فرنسا (غاف) عن كتابه «غرق الحضارات» الذي يخوض في الأزمة التي يتخبط فيها العالم العربي والغرب، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال معلوف، في بيان نشرته المجموعة المانحة للجائزة: «قد يحصل عند انتهاء الاضطرابات ما يشبه العودة إلى الوضع الطبيعي، لكن ذلك سيكون مضللاً حكماً. فقد حصل تغير حقيقي في حياتنا وهذا الأمر سيطول».
من ناحيته، أشار رئيس مجموعة «غاف» القائمة على الحدث، سفير رومانيا في باريس لوكا نيكوليسكو، خلال تسليم الجائزة، إلى أن الكتاب الفائز الصادر سنة 2019 عن دار «غراسيه» للنشر، «كُتب قبل الجائحة لكنه يتماشى مع الواقع الحالي والتطورات التي نعيشها». وأضاف: «إذا ما أردنا إعادة صياغة مفردات أمين معلوف، هل تستعجل حضاراتنا الغرق، أم على العكس، ستؤدي الجائحة إلى هبّة وصحوة؟».
وأقيم احتفال التوزيع في معهد فرنسا الذي يضم خصوصاً الأكاديمية الفرنسية (التي يشغل عضويتها أمين معلوف)، بحضور إيلين كارير دانكوس الأمينة الدائمة لهذه المؤسسة المكلفة رفع لواء اللغة الفرنسية.
ولفت البيان الصادر عن الجهة المنظمة إلى أن الجائزة الكبرى لمجموعة سفراء الدول الفرنكوفونية في فرنسا تكرم «كتاباً باللغة الفرنسية يتمحور حول العلاقات الدولية أو الشؤون السياسية أو التاريخ، لكاتب ينتمي إلى بلد عضو في منظمة الفرنكوفونية».
وعكس معلوف في مؤلفاته، نشأته متعددة الثقافة، خصوصاً ولادته في لبنان في فبراير (شباط) عام 1949، وعمله في المجال الصحافي، قبل هجرته إلى فرنسا بعيد اندلاع الحرب الأهلية في بلاده عام 1975.
ولاقت مؤلفاته بالفرنسية انتشاراً عالمياً، بينها «صخرة طانيوس» الذي نال عنه جائزة «غونكور» الأدبية الفرنسية العريقة عام 1993، و«الهويات القاتلة» (1998) الذي طرح فيه مسألة الانتماءات المتعددة والتعايش بينها.
ونال معلوف جائزة مجموعة سفراء الدول الفرنكوفونية في فرنسا عن نسخة عام 2020، أما جائزة 2019 فقد فاز بها الدبلوماسي الفرنسي كلود مارتان عن كتابه «الدبلوماسية ليست حفلة عشاء» الصادر عن دار «ليديسيون دو لوب».



«ليالي روكسي»... حكايةُ ولادة أول فيلم سينمائي سوري

لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)
لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)
TT
20

«ليالي روكسي»... حكايةُ ولادة أول فيلم سينمائي سوري

لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)
لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)

لا ينطبق على مسلسل «ليالي روكسي» تصنيفه ضمن أعمال «البيئة الشامية» بتعريفها المُستَهلك. جماليته البصرية وخطّه الدرامي الرئيسي يُنقذانه من الذوبان في النمط ويُحرّرانه من الانطباع المُسبَق. يُضاف إليهما بناء الشخصيات وأزياؤها. فالمرأة حاضرة بأحلامها وطموحها ومحاولاتها للوصول إلى ما تختاره، لا ما يقرّره الرجل والمجتمع عنها. المواجهة الصعبة تخوضها بنفسها، ونظرتها إلى الحياة تتجاوز مفاهيم محدودة رسَّختها مسلسلات «البيئة». هي هنا تُطلق جناحيها وتُحلِّق.

يعود المسلسل «ورشة كتّاب» إلى عشرينات القرن الماضي في سوريا ويصوِّر الجانب المضيء من الواقع. وإذا كان العنوان العريض يتمحور حول ظروف إنجاز أول فيلم سينمائي سوري، «المتّهم البريء» عام 1928، فإنّ ما يتفرَّع يمسُّ موضوعات الحبّ والزواج والطلاق والخصومة الشخصية. خطّان يسيران بالتوازي، مع حرصٍ على ألا يحدُث ما يُشتِّت مسار الخطّ الأول.

يعود المسلسل إلى عشرينات القرن الماضي في سوريا (البوستر الرسمي)
يعود المسلسل إلى عشرينات القرن الماضي في سوريا (البوستر الرسمي)

للعمل موّالُه يُغنّيه على ليلاه. لديه ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر، وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز. ويُحسَب له التفنُّن في رَسْم الشخصيات ومَنحها حيّزاً يتخطّى المُنتَظر منها في أعمال «البيئة الشامية». فالبطلة الرئيسية، «توتة» (سلاف فواخرجي)، ليست تلك الحسناء المُنهمِكة بإرضاء الزوج والخائفة طوال الوقت من أن يأتي إليها بضرّة. شخصيتها تقلُب الطاولة: تتخلّى عن جميع المُشكِّكين: الأم والحبيب والأصوات التي تقول لها إنّ الأحلام مستحيلة.

نتابع اكتمال التحضيرات لإنجاز أول فيلم سوري وردّ الفعل بين مؤيّد ومُعارض. والمسلسل، ليُبعد عنه بُطء الحدث ودورانه حول فكرة واحدة، يُطعّم سياقه بتعدُّد المواقف. وهذه غَرْفٌ مما تكتفي به غالباً دراما «البيئة»، مع بعض التعديلات. فنرى عِراك الحارة، وهي هنا شارع روكسي في دمشق، وإشكالاً سببه الشاربَيْن. ونسمعُ العبارة الشهيرة «ابن عمي»، ونلمح علامات الرضا حين تُكلّم الزوجة زوجَها؛ وما لا مجال لاكتمال السِيرة من دونه: التلويح بضرّة (شخصية «عطا» التي يقدّمها أيمن زيدان) أو حضورها بأشكال المناكفة مع ضرّتها (منزل «فرزت» الذي يؤدّي شخصيته عبد الفتاح المزين).

المرأة حاضرة بأحلامها وطموحها ومحاولاتها للوصول إلى ما تختاره (فيسبوك)
المرأة حاضرة بأحلامها وطموحها ومحاولاتها للوصول إلى ما تختاره (فيسبوك)

لكنّ ذلك مكانه الخلفية. لا يتقدّم لإدراكه بأنّ المجال الأوسع ليس له. يطلّ كلما دعت الحاجة لخَرْق إيقاع وتبديل مشهدية. ما يتقدّم هو العلامة الفارقة في المسلسل: المشهد الثقافي الدمشقي على وَقْع زمن الانتداب الفرنسي. والمفارقة أنه هنا ظِلّ، لا «عدو» بمعنى الشمَّاعة التي تُعلَّق عليها جميع الإخفاقات. ذلك يتجسّد بعنصرَي الأمن الهزيلَيْن مثل مهرّجَيْن. حتى الآن، ليس الهَم «مقاومة الاحتلال» ولا مَدّ «الثوار» بالسلاح على طريقة ما قُدِّم حدّ التخمة. الهمُّ جمالي، فنّي، نوستالجي، من دون أن يعني ذلك غياب الحسّ الوطني ونداء الحرّية والاستقلال.

ويُشكّل حضور دريد لحام ومنى واصف لمسة عاطفية. يجمعهما «ليالي روكسي» بعد 42 عاماً على لقائهما في مسلسل «وادي المسك» عام 1982. يفتتحانه بسيرهما معاً وسط منازل الشام المتراصفة مثل حبات الرمان. الموسيقى في الخلفية، وهما يردّدان الحقيقة المؤلمة: «الأحلام مثل البشر. قد تشيخ أيضاً». ذلك الحضور اللطيف يُمهِّد لعالم ساحر: السينما والأضواء وصوت البكرات والشغف. وكما هي أغنية الشارة، «يا طِيرة طيري يا حمامة» التراثية، بتوزيع جديد بصوت لينا شاماميان، تتّخذ منى واصف اسم «طيرة» في المسلسل، وتُمرّر كلمات بالإنجليزية، بينما دريد لحام بشخصية «عبد الوهاب» يُدرّب «توتة» على احتراف التمثيل ويحرّضها على الحلم.

يُشكّل حضور دريد لحام ومنى واصف لمسة عاطفية (فيسبوك)
يُشكّل حضور دريد لحام ومنى واصف لمسة عاطفية (فيسبوك)

لافتة الأزياء، تُكثِّف حضور الشخصيات. ولافتة الصورة، كأنّ المخرج محمد عبد العزيز يُقدّم لوحة فنّية، فنرى الألوان بدفئها وعمقها والمعاني وراءها. عند هذا الحدّ، يُغرّد المسلسل خارج السرب. يكترث المخرج للخصوصية ولا يُفرّط في فرادة شخصياته، فنرى جوان خضر بإطلالة مختلفة، وجيني إسبر عرجاء، ورنا ريشة مجرَّدة من الأنوثة، ولوريس قزق بلهجة القاف المشدَّدة، وتطلُّ ليلى سمور بشخصية «هدية» بعد غياب عن الدراما السورية. الشخصيات مُطرَّزة، تشمل آخرين أيضاً، وتُحمِّس لانتظار مرور أسماء من التاريخ. في الفنّ تشارلي تشابلن الذي زار سوريا لحضور عرض فيلمه «أضواء المدينة» في سينما «زهرة دمشق» بساحة المرجة، فيُمثّل شخصيته خالد عثمان. وفي السياسة، أحد مؤسّسي الكتلة الوطنية التي قادت الحركة المناهضة للاستعمار الفرنسي في سوريا حتى عام 1946، فخري البارودي، ويمثّل شخصيته وائل رمضان.

للمسلسل مزاجه، وقد يراه البعض بطيئاً ومملاً. لا تتسارع الأحداث ولا تتزاحم المفاجآت، بقدر ما يتمهَّل برسم ملامح زمن ساحر تلفحه ذكريات الأوقات الحلوة في القهوة على أنغام العود، وفي سينما «الكوزموغراف» الغارقة في الأضواء الخافتة، والمسرح الذي سُمّي آنذاك «المَرْسح»، وقسم السوريين بين متنوِّر ومحافظ، ومُشجِّع ومُدين لِما قيل إنه «فساد المجتمع لعمل النساء في الفنّ».

بكُلِّها، تُقدّم سلاف فواخرجي شخصية أول ممثلة سورية بعد 17 عاماً على أدائها شخصية الفنانة أسمهان. وأيمن زيدان لم يكشف أوراق الشخصية كاملةً بعد. الشخصيات في موقعها. ما لا يُفهَم ولا مُبرّر له، تكرار ابن المخرج، تيم عزيز، عبارته في مسلسل «النار بالنار»، «حظي لوتو»، والعبارة الشهيرة لتيم حسن في مسلسل «تاج»، «شوكتلو هيبتلو». أين أباه من ردعه عما يضرّ موهبته لنصدّق أنه ممثل؟