نائب رئيس وزراء كردستان لـ«الشرق الأوسط»: استهداف مطار أربيل خرق لسيادة العراق

نائب رئيس وزراء إقليم كردستان العراق قوباد طالباني (رويترز)
نائب رئيس وزراء إقليم كردستان العراق قوباد طالباني (رويترز)
TT

نائب رئيس وزراء كردستان لـ«الشرق الأوسط»: استهداف مطار أربيل خرق لسيادة العراق

نائب رئيس وزراء إقليم كردستان العراق قوباد طالباني (رويترز)
نائب رئيس وزراء إقليم كردستان العراق قوباد طالباني (رويترز)

وصف نائب رئيس وزراء إقليم كردستان العراق قوباد طالباني، أمس (الأربعاء)، استهداف مطار أربيل الدولي والبعثات الدبلوماسية بـ«العمل الإرهابي الذي يخدم أجندات ومصالح ضيقة للجهات التي تقف وراءها»، مشدداً على «ضرورة تنسيق الجهود لوقف هذه الاعتداءات التي تعد خرقاً للسيادة».
واستُهدف مطار أربيل الدولي منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء بطائرة مسيرة، ما تسبب بحرائق في محيط القاعدة العسكرية الأميركية داخل المطار، دون أن تتسبب بخسائر بشرية، وفق تصريحات من قيادة قوات التحالف الدولي.
وقال طالباني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «استمرار عملية استهداف أربيل بالصواريخ والطائرات المسيرة خرق لسيادة دولة العراق، وعمل إرهابي يستهدف استقرار إقليم كردستان وأمنه»، مبيناً أن «الجهات التي تقف وراء هذه الاعتداءات لا تقدر خطورة عواقب هكذا هجمات، ولا ترى سوى مصالحها وأجنداتها الضيقة، البعيدة كل البعد عن مصلحة العراق وشعبه». وشدد على «ضرورة تنسيق الجهود بين الأجهزة الأمنية في بغداد والإقليم والتعاون والدعم من المجتمع الدولي، لوقف هذه الهجمات التي تعد انتهاكاً لهيبة الدولة وقوانينها»، مبيناً أن «استمرار هذه الاعتداءات دون خطوة جادة للتصدي لها سيتسبب بخلق حالة من الفوضى والاستخفاف بدولة العراق وسيادته، ما سينعكس سلباً على مصالح العراق وعلاقته بالمجتمع الدولي».
ماجد شنكالي، النائب السابق في مجلس النواب العراقي، رأى أن تكرار الهجمات على أربيل والمصالح الأجنبية في الإقليم، يعني إصرار بعض الفصائل المسلحة والموالية لإيران على زعزعة أمن الإقليم واستقراره، وهي في ذات الوقت رسالة للقوات الأميركية بأنها غير مرغوب بوجودها في العراق وأن هذه الفصائل قادرة على استهدافها في أي مكان بالعراق.
وقال شنكالي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «على الحكومة العراقية التي لها اتفاقات مع الجانب الأميركي وقف هذه الفصائل المسلحة الإرهابية عند حدّها أو فسح المجال لقوات البيشمركة للانتشار في هذه المناطق الرخوة التي تستخدمها هذه الفصائل في هجماتها على الإقليم وتأمينها لوقف هذه الاعتداءات المستمرة على الإقليم وشعبه».
وعن تصريحات الأمين العام لـ«كتائب سيد الشهداء» أبو آلاء الولائي بالتحضير لاستهداف المصالح الأميركية بعملية نوعية قبل يوم واحد من عملية استهداف مطار أربيل، قال شنكالي إن «الفصائل المسلحة الموالية لإيران بات قوة موازية للدولة العراقية وتعمل وفق أجنداتها الخاصة مستخدمة أموال الدولة العراقية»، مبيناً أن «أبو ولاء الولائي هو قائد كتاب سيد الشهداء المنضوية تحت هيئة (الحشد الشعبي) التي يفترض أنها تأتمر بأوامر رئيس الوزراء بصفته القائد العام للقوات المسلحة، فكيف لها أن تخرج بتصريحات من هذا النوع وبشكل علني، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على ضعف الحكومة العراقية وعدم قدرتها على القيام بواجباتها الأساسية».
الكاتب والصحافي عمر عبد القادر وصف الهجمات بأنها «تصعيد ممنهج وخطير من قبل الفصائل الموالية لإيران والمعادية للوجود الأميركي في العراق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الهجمات ليست تناقض الدفاع عن سيادة العراق فقط، بل هي بحد ذاتها خرق للسيادة العراقية كون هذه الهجمات تخدم أجندات أطراف خارجية»، موضحاً أن «على الحكومة العراقية أن تتخذ خطوات جدية لوقف هذه الاعتداءات التي تعد انتهاكاً لهيبة الدولة وقوانينها»، مبيناً أن «استمرار هذه الاعتداءات دون موقف واضح من السلطات العراقية سيتسبب بخلق حالة من الفوضى والاستخفاف بالعراق وسيادته، علاوة على خلق فجوات اجتماعية بين المكونات العراقية، وستجرّ عواقب سياسية واقتصادية وأمنية تنعكس سلباً على الواقع السياسي والأمني المتدهور أصلاً، وتصعب جهود الحكومة بإجراء الانتخابات المبكرة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.