أساطير الخلاف والقضية والودّ الفاسد!

أساطير الخلاف والقضية والودّ الفاسد!
TT

أساطير الخلاف والقضية والودّ الفاسد!

أساطير الخلاف والقضية والودّ الفاسد!

لا أعلم ما القضية التي افترض أمير الشعراء أحمد شوقي أن اختلاف الرأي بشأنها لن يفسد الودّ بين المختلفين... الحقيقة أن اختلاف الرأي من شأنه أن يفسد الودّ، ويفسد العلاقات، ويخرب النسيج المتجانس، وهذا أمر حسن!
قال شوقي في شطرٍ من قصيدة ضمن ثلاثة أبيات في مسرحية «مجنون ليلى» على لسان قيس بن الملوح، يشكو من حرمانه حبيبته ليلى العامرية:
ما الذي أضحك مني الظبيات العامرية؟
ألأني أنا (شيعي) وليلى (أموية)؟
اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية!
يمكن للشعر أن يكّون وعياً، حقيقياً أو خرافياً، وهذا من الوعي الخرافي، الذي سارت به على علّاته الركبان. فالقبيلة منعت ليلى عن حبيبها قيس لأسباب ليس منها اختلاف المذاهب والعقائد... فكلاهما (قيس وليلى العامرية) ابن عمومة؛ عاشا في منتصف القرن السابع الميلادي في صحراء نجد التي شهدت قصة عشق خالدة بينهما، وأصبحت واحدة من الملاحم الغرامية في التاريخ الإنساني.
هذا من السند، أما المتن، فهو أسطورة أخرى... فاختلاف الرأي يُفسد علاقة الودّ إذا كانت قائمة على التوافق على نسقيات راكدة تفرض الجمود، وتعزز التجانس. فكل رأي هو بالضرورة يختط نهجاً مخالفاً عن الرأي الآخر، ينقضه أو يبني عليه، ويتجاوزه ولا يقف عنده... ولذلك ينشأ الخلاف وتنشأ النزاعات وحتى الحروب، وهي في المجمل إحدى السيرورات الكبرى لنشوء الحضارات الإنسانية ونموها وتطورها، لا ينبغي الخوف منها أو مداراتها.
يقول الدكتور عبد الله الغذامي، في مقال يحمل عنوان «الود الفاسد»: «الرأي بشروطه الثلاثة (تكويناً وتسميةً وتخصيصاً) هو بالضرورة معنى مخالف للمتفق عليه، ولو لم يكن كذلك فلن تصح تسميته بالرأي، وفي المقابل فإن الود هو صفة لتوافق بين وبين، وأي تغير في درجة التوافق سيتلوها بالضرورة تغير في درجة الود، بدءاً من القبول على مضض أو التسليم والمجاملة أو الانتظار لحين، ثم تتكشف دواعي الخلاف، ومن هنا فإن اختلاف الرأي يفسد الود، بكل تأكيد، ولكن ما درجة فساد هذا الود؟...» (الجزيرة 17/ 10/ 2015).
الأسطورة الأخرى، أن أصحاب هذا الرأي (اختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية)، يؤمنون بالخلاف! الحقيقة أن أغلب الناس الذين يرددون هذا البيت يخشون من الاختلاف وينفرون منه، ويشعرون بالرغبة في العيش ضمن البيئات الفكرية والاجتماعية المتطابقة... يضجرون من الاستماع لوجهات النظر المخالفة، ويضيقون ذرعاً بالتكوينات الاجتماعية المتباينة، ولا يأنسون العيش في البيئات المختلطة.
نظرياً الحياة ضمن المجموعات السكانية المتنوعة ثقافياً وعرقياً وجنسياً تحفز القدرة على الإبداع والتطور والابتكار وبناء القدرات المتعددة، هذا ما يقوله علماء التنظيم الاجتماعي وعلماء النفس كذلك، لكن صعوبة الفكرة تكمن في تطبيقها وفي جعلها مساراً اعتيادياً يتقبله الإنسان، أي أن يتقبل أن يكون جزءاً من منظومة متعددة ومختلفة، وأن يكون رأيه ومنهجه وفكره قابلاً للنقاش والنقد والاعتراض، وليس فقط ممارسة سلطة الردّ والنقد والمحاججة والاعتراض على أفكار الآخرين.
خلال مناقشة، أشار إليّ المفكر الأستاذ إبراهيم البليهي بالقول: «الناس يكررون القول إن الاختلاف لا يُفسِد الود. أما الحقيقة فهي أن الغالب على الناس أنهم ينفرون ممن يخالفهم، بل إن اختلافات الرؤى هي السبب الأول للعداوات... إن العداوات القائمة بين الأمم بل حتى بين الطوائف والمذاهب داخل الأمة نفسها وداخل النسق الثقافي نفسه، كل هذه العداوات تعود إلى اختلاف الرؤى، لذلك فإن بقاء المودة رغم اختلاف الاتجاهات يُعَدُّ من المآثر التي تستحق الإشادة وتستوجب التنويه»... والكلام للأستاذ البليهي.



انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
TT

انطلاق الدورة الـ19 لـ«البابطين الثقافية» بمضاعفة جوائز الفائزين

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

كرمّت «مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية»، صباح اليوم (الأحد)، الفائزين بجوائز الدورة الـ19 للجائزة، مع انطلاق هذه الدورة التي حملت اسم مؤسس وراعي الجائزة الراحل عبد العزيز سعود البابطين، تخليداً لإرثه الشعري والثقافي.

وأُقيم الاحتفال الذي رعاه أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الصباح، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، بحضور (ممثل أمير البلاد) وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، ومشاركة واسعة من الأدباء والمثقفين والسياسيين والدبلوماسيين وأصحاب الفكر من مختلف أنحاء العالم العربي، كما حضر الحفل أعضاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

جانب من حضور دورة الشاعر عبد العزيز سعود البابطين (الشرق الأوسط)

وقال وزير الثقافة والإعلام الكويتي، عبد الرحمن المطيري، في كلمته، إن هذا الملتقى «الذي يحمل في طياته عبق الشعر وأريج الكلمة، ليس مجرد احتفالية عابرة، بل هو تأكيد على أن الثقافة هي الروح التي تحيي الأمم، والجسر الذي يعبر بنا نحو مستقبل زاخر بالتسامح والتعايش والمحبة».

وأضاف: «إن لقاءنا اليوم ليس فقط تكريماً لمن أبدعوا الكلمة وشيَّدوا صروح الأدب، بل هو أيضاً دعوة لاستلهام الإرث الثقافي الكبير الذي تركه لنا الشاعر الراحل عبد العزيز سعود البابطين (رحمه الله)، والذي كان، وسيبقى، قامة ثقافية جمعت بين جمال الكلمة وسمو الرسالة... رسالة تُعبِّر عن القيم التي تجمع بين الحضارات. ومن هنا جاءت مبادراته الرائدة، التي عرَّف من خلالها الشرقَ بالشعر العربي، وقدَّم للغرب بُعدَه الإنساني، جاعلاً من الشعر جسراً يربط القلوب، ومفتاحاً للحوار بين الثقافات».

رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين يلقي كلمته في افتتاح الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

في حين قال رئيس مجلس أمناء «مؤسسة البابطين الثقافية»، سعود البابطين، إن هذه الدورة تأتي احتفاءً «بالشعر، فن العرب الأول على مر العصور، وتكريماً للمبدعين والفائزين مِنَ الشعراءِ والنقاد، ووفاءً ومحبة لشاعر هذه الدورة (عبد العزيز البابطين) الذي أخلص في رعاية الشعر العربي وخدمة الثقافة العربية بصدق ودأب وتفانٍ طيلة عمره كله، بلا ملل ولا كلل».

وفي خطوة لافتة، قدَّم رئيس مجلس الأمناء، أمين عام المؤسسة السابق، الكاتب عبد العزيز السريع، الذي رافق مؤسس الجائزة منذ نشأتها، ليتحدث عن ذكرياته مع راعي الجائزة الراحل، والخطوات التي قطعها في تذليل العقبات أمام إنشاء المؤسسة التي ترعى التراث الشعري العربي، وتعمل فيما بعد على بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات.

وأعلن البابطين، في ختام كلمته عن مضاعفة القيمة المالية للجوائز ابتداءً من هذه الدورة، وفي الدورات المقبلة لـ«جائزة عبد العزيز البابطين».

ونيابة عن الفائزين، تحدَّث الأديب والشاعر الكويتي الدكتور خليفة الوقيان، مشيداً بـ«جهود (مؤسسة البابطين الثقافية) في دعمها اللامحدود للفعل والنشاط الثقافي داخل وخارج الكويت».

وأضاف: «في هذا المحفل الثقافي البهيج، يمرُّ في الذاكرة شريط لقاءات تمَّت منذ 3 عقود، كان فيها الفقيد العزيز الصديق عبد العزيز البابطين يحمل دائماً هَمّ تراجع الاهتمام بالشعر، ويضع اللَّبِنات الأولى لإقامة مؤسسة تُعنى بكل ما من شأنه خدمة ذلك الفن العظيم، ثم ينتقل عمل المؤسسة إلى الأفق الدولي، من خلال ما يُعنى بقضية حوار الثقافات والحضارات».

وألقى الشاعر رجا القحطاني قصيدة عنوانها «إشعاع الكويت»، من أشعار الراحل عبد العزيز البابطين.

يُذكر أن فعاليات الدورة الـ19 مستمرة على مدى 3 أيام، بدءاً من مساء الأحد 15 ديسمبر (كانون الأول) إلى مساء الثلاثاء 17 ديسمبر الحالي. وتقدِّم الدورة على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي 5 جلسات أدبية، تبدأ بجلسة بعنوان «عبد العزيز البابطين... رؤى وشهادات»، تليها 4 جلسات أدبية يعرض المختصون من خلالها 8 أبحاث عن الشاعر عبد العزيز سعود البابطين المحتَفَى به، و3 أمسيات شعرية ينشد فيها 27 شاعراً.

وزير الثقافة والإعلام عبد الرحمن المطيري ووزير الخارجية عبد الله اليحيا ورئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم وأمين عام «مؤسسة البابطين الثقافية» سعود البابطين وضيوف الدورة الـ19 (الشرق الأوسط)

الفائزون:

* الفائز بالجائزة التكريمية للإبداع الشعري الشاعر الدكتور خليفة الوقيان، وقيمة الجائزة 100 ألف دولار.

* الفائزان بجائزة الإبداع في مجال نقد الشعر «مناصفة»، وقيمتها 80 ألف دولار: الدكتور أحمد بوبكر الجوة من تونس، والدكتور وهب أحمد رومية من سوريا.

* الفائزة بجائزة أفضل ديوان شعر، وقيمتها 40 ألف دولار: الشاعرة لطيفة حساني من الجزائر.

* الفائز بجائزة أفضل قصيدة، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر عبد المنعم العقبي من مصر.

* الفائز بجائزة أفضل ديوان شعر للشعراء الشباب، وقيمتها 20 ألف دولار: الشاعر جعفر حجاوي من فلسطين.