المشري يجدد المخاوف من تكرار الانقلاب على الانتخابات

تحدث عن منع حفتر بالقوة إذا فاز في الاقتراع الرئاسي المقبل

TT

المشري يجدد المخاوف من تكرار الانقلاب على الانتخابات

أثارت تصريحات منسوبة إلى رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، حول عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية إذا جاءت على خلاف رغبة من أسماهم بـ«تيار الثورة»، مخاوف قطاع واسع من السياسيين الليبيين، من تأثير ذلك على المسار الديمقراطي المنشود في البلاد.
وتحدث المشري في لقاء على منصة «كلوب هاوس»، نهاية الأسبوع الماضي، عن مجمل الأوضاع السياسية في ليبيا، منتقداً بعض أطراف السلطة. كما تطرق إلى الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها قبل نهاية العام الحالي، رافضاً التوسع في صلاحيات الرئيس المقبل.
وعبر عن اعتقاده أن إجراء الانتخابات الرئاسية بصلاحيات واسعة، سيؤدي إلى عدم قبول بالنتائج. وتابع: «ولو افترضنا أنه بشكل ما ترشح (القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة) حفتر، لهذه الانتخابات، وفاز فيها، فلا يمكن لتيار الثورة أن يقبل بذلك وقتها بشكل أو بآخر ثم نقول هذه هي اللعبة الديمقراطية، لا يمكن أن يكون له أي دور سياسي ولو أدى هذا الأمر إلى منعه بالقوة... ستلقى النتيجة معارضة كبيرة، خصوصاً إذا نجح سيف الإسلام القذافي أو حفتر، وبالتالي نحن نخشى في حالة وجود انتخابات رئاسية وعدم قبول بالنتائج أننا سنذهب إلى الأسوأ وهو التقسيم».
ووسط حالة واسعة من الرفض لما ذهب إليه المشري، قال المحلل السياسي المستشار السابق في مجلس النواب الليبي عيسى عبد القيوم: «عندما تحدث المشري عن أن (تيار الثورة) سيرفض نتائج الانتخابات ولو بالقوة إذا فاز بها حفتر أو سيف القذافي فإنه يؤكد فقط على أن التيار الذي يتكلم باسمه هو التيار الفاشي، وأن الديمقراطية بالنسبة له مطية وليست آلية». ورأى أن المشري «لا يحترم الشعب ولا يمانع في شطب إرادته كأي ديكتاتور».
وعانت ليبيا قرابة 7 سنوات من تمرد تيار الإسلام السياسي على المسار الديمقراطي، ففي 25 يونيو (حزيران) 2014 تم انتخاب مجلس النواب الذي يعقد جلساته في طبرق، بعدما جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه. وفي نهاية أغسطس (آب) وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف «فجر ليبيا» الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة، وبينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء «المؤتمر الوطني العام» المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة مناوئة لنظيرتها بشرق ليبيا، ومنذ هذه اللحظة أصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
ورأى الإعلامي الليبي محمود شمام أن «الاعتراف سيد الأدلة»، لافتاً إلى أن المشري «اعترف أنه سينسف الانتخابات إن لم تأت نتائج الانتخابات على هواه». وطالب المجتمع الدولي «بتحريك العقوبات ضده».
ولا تزال خلافات النخبة السياسية تتمحور حول البحث عن آلية لانتخاب رئيس البلاد المقبل، وسط تسريبات عن أن لجنة «الملتقى السياسي» المكونة من 75 شخصاً توافقت على إمكانية انتخاب رئيس الدولة مباشرة من الشعب مقابل تقليص صلاحياته بحيث «يصبح مجرد واجهة تمثل الدولة في الخارج من دون صلاحيات داخلية».
وقال الرئيس السابق للمؤسسة الليبية للإعلام محمد عمر بعيو إن «المشري تكلم على الطريقة الإخوانجية الإسلاموية، لكنه لو تلقى مجرد إشارة من حفتر لاستقباله في مدينة الرجمة (شرق ليبيا)، لهرول إليها على قدميه، تاركاً لعشيرته الإفتائية والإعلامية، مهمة التبرير الديني والدفاع الغوغائي، عن هذه الخطوة المباركة، وقد سبق له أن حط الرحال في طبرق قبل ثلاثة شهور من دون دعوة من مجلس النواب».
ووجه حديثه إلى الليبيين، قائلاً: «لا تصدقوا المشري حين يحتكر الحديث باسم من يعتبرهم (قوى الثورة وفبراير)، فالثورة لا وجود لها في أدبيات وأفكار الإخوان الذين يقدمون أنفسهم تنظيماً إصلاحياً غير ثوري، و17 فبراير كانت لهم مجرد مطيّةٍ ركبوها واستغلوها ووصلوا بها حيث يريدون من السيطرة والتمكين».
وتحدى المشري «ومن معه أن يقدموا لنا قائمة بأسماء 100 إخواني من القيادات والأعضاء وعائلاتهم، ضحوا بأرواحهم، أو أصيبوا في معارك السنوات العشر، التي أججها الإخوان وشبعوا من غنائمها، من دون أن يغرموا شيئاً سوى معسول الكلام وأكاذيب الإعلام».
وذهب بعيو إلى أن «مصراتة لن تصدق محاولة استدراجها من المشري ودغدغة عواطفها والضحك عليها وتكرار استخدامها متراساً لهم وورقة في تفاوضهم، ووصفه (رئيس الوزراء) عبدالحميد الدبيبة بأنه من قوى الثورة».
وأضاف «لا بأس أن نعتبر كلام المشري التعبوي بداية لحملته الانتخابية، فمن حقه كمواطن ليبي أن يترشح، وأن يحلم كما أخبرني شخصياً أن يصبح رئيس ليبيا، فإنني أقول له وبالليبي: هذا حصانك وهذه السدرة. وأنت ونحن نعرف أن حصانك هزيل، وأن السدرة بعيدة عنك جداً، ليس لأنك لا تمتلك بعض القدرات، لكن لأنك أحرقت أوراقك في نيران الهوس الإخواني التاريخي الذي أحرقهم وجعلهم يرون أعمالهم حسرات عليهم، لأنهم أضلّوا الناس وضلّوا السبيل».
وختم قائلاً: «من حق كل الليبيين ممثلي كل الأطياف أن يترشحوا، بما فيهم المشري وحفتر و(عبد الرحمن) السويحلي وسيف الإسلام وغيرهم، والكلمة الأخيرة للشعب الليبي، وهزيمة مرشح يكرهه الإخوان أو غيرهم لا يكون بالتزوير والتضليل والتهديد بالحرب، إن فاز، بل بمواجهته بمرشحين أقوياء، وبرامج صادقة مقنعة، تتأسس على قيم المواطنة والحرية والديمقراطية والتداول السلمي».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.