يترقب ملاحظون في الجزائر «التوليفة السياسية» التي ستأخذها الحكومة الجديدة، المنبثقة عن انتخابات البرلمان، التي جرت في 12 من الشهر الجاري، وما إذا كان الرئيس عبد المجيد تبون سيحتفظ بالوزير الأول عبد العزيز جراد، وهل سيقحم فيها وزراء من الأحزاب التقليدية التي يرفضها الحراك الشعبي بشدة، والتي أوجدت لنفسها حصة هامة في «المجلس الشعبي الوطني» الجديد.
وكان الرئيس تبون قد تعهد بعد وصوله إلى الحكم بـ«جزائر جديدة»، تختلف فيها الممارسة السياسية للسلطة، عما كان عليه الوضع خلال حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي دام 20 سنة، ولذلك سيكون، حسب خبراء، مدعواً لتشكيل حكومة تعكس حجم الأحزاب والمستقلين الفائزين في الانتخابات الأخيرة. علماً بأن حكومات بوتفليقة المتعاقبة ترأستها شخصيات اختارها الرئيس، وفق معيار الولاء الشخصي له أحياناً، و«الكفاءة الفنية» في أحيان أخرى، مع إقحام توليفات في الأطقم الحكومية، تضم وزراء، أهمهم من أحزاب ثبت خلال محاكمات قضائية أن المقاعد التي حصلت عليها في انتخابات 2002 و2007 و2012 و2017، وهي أغلب فترة حكم بوتفليقة، كانت بدفع أموال مقابل شراء أصوات، ووضع مرشحين في صدارة لوائح الترشيحات لضمان فوز أكيد.
ومن أكثر الأحزاب المتهمة بالتزوير «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، بـ105 مقاعد و57 مقعداً على التوالي في الموعد الانتخابي الأخير. ولا يملك الحزبان الأغلبية هذه المرة، لكن رصيدهما يضعهما في وضع مريح، من جانب أن الرئيس لا يمكن أن يتغاضى عنهما عندما يشكل الحكومة. ويسود اعتقاد بأن نتائج الانتخابات الأخيرة أعطت لكل حزب، خاصة «أحزاب بوتفليقة»، حجمه الحقيقي. غير أن تلقي «المجلس الدستوري» أكثر من 400 طعن في النتائج، وسجن نحو 40 شخصاً بتهمة تزوير أوراق التصويت، يوحي بأن «فقدان الشرعية» شبهة ستلاحق البرلمان الجديد مثل سابقه. غير أن «مشكلة الشرعية» تطرح بالنسبة لفئات واسعة من الجزائريين من زاوية أخرى، تتمثل في مقاطعة جزائري واحد من كل خمسة الاستحقاق (نحو 23 في المائة غابوا عن صناديق التصويت). وبعبارة أخرى، لا يمكن لـ«المجلس الشعبي الوطني» الذي سينصب مطلع يوليو (تموز) المقبل، أن يزعم أنه يمثل الجزائريين طالما أن 4 ملايين فقط صوتوا يوم الاقتراع، من كتلة ناخبة تعدادها 23 مليوناً، علماً بأن 1.6 مليون ورقة تصويت من 5.6 مليون تم إلغاؤها.
ونشر الوزير الأول عبد العزيز جراد الأحد «مخطط الإنعاش الاقتصادي» للحكومة الذي يبدأ في 2020 و2024. وطرح ذلك تساؤلات عن سبب تأخير إذاعته، علماً بأنه بدأ تنفيذه منذ عام حسبما جاء في الوثيقة، زيادة على أن نشره يحمل مؤشرات بأن جراد باقٍ في منصبه.
وكتب الصحافي مدير الجريدة الإلكترونية «ماغراب إمرجنت»، قاضي إحسان، بأن الكشف عن تفاصيل «مخطط الإنعاش» في هذا الظرف بالذات «يثير استغراباً لأن التوجه المؤسساتي للدولة حالياً هو استقالة الحكومة، بعد تثبيت نتائج الانتخابات، وذلك لإتاحة الفرصة للرئيس اختيار وزير أول من الأغلبية البرلمانية». في إشارة إلى أن الدستور ينص على استقالة الحكومة بعد ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية، مع إمكان الرئيس أن يجدد ثقته في الوزير الأول.
والاتجاه العام الذي سيتبعه تبون، بحسب مراقبين، هو إطلاق «حكومة سياسية»، تتكون من أهم الأحزاب الفائزة في الانتخابات، وتطعيمها بشخصيات مشهود لها بالاقتدار في التسيير. وقد يلجأ تبون إلى كفاءات في المهجر للاستعانة بخبرتها. وقد أعطى مؤشراً على ذلك بتعيين حميد لوناوسي، وزير النقل سابقاً، الأسبوع الماضي مستشاراً لديه، وهو مقيم منذ سنوات طويلة بكندا.
كما قد يعتمد كوادر من أحزاب معارضة قاطعت الاستحقاق، أو أخرى شاركت فيه، كما فعل قبل أشهر عندما عين القيادي في «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، الهاشمي جعبوب وزيراً للعمل، خلفاً لشوقي عاشق المستقيل من المنصب.
الجزائر تترقب تركيبة الحكومة الجديدة
تبّون أمام إشكالية ضم وزراء من {أحزاب تقليدية} يرفضها الحراك
الجزائر تترقب تركيبة الحكومة الجديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة