الجزائر تبحث تهديدات حفتر بالسيطرة على منطقة حدودية

الجيش شدد المراقبة على المعابر بعد إعلان «الوطني الليبي» هيمنته على معبر «إيسين»

المشير خليفة حفتر (رويترز)
المشير خليفة حفتر (رويترز)
TT

الجزائر تبحث تهديدات حفتر بالسيطرة على منطقة حدودية

المشير خليفة حفتر (رويترز)
المشير خليفة حفتر (رويترز)

يبحث مسؤولون جزائريون في الجهازين الدبلوماسي والأمني منذ يومين تهديدات المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني» الليبي، بإغلاق منطقة «إيسين تين الكوم» الحدودية بين البلدين، وجعلها «منطقة عسكرية مغلقة» يحظر فيها التنقل. علماً بأنه بدأت منذ نحو شهر ترتيبات لفتح المعبر الحدودي «الدبداب»، المغلق منذ 2013، وتمت للغرض اجتماعات على أعلى مستوى بين الحكومتين.
وقال مسؤول مطلع على الملف الليبي لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش الجزائري شدد المراقبة على المعابر الحدودية، منذ أن أعلنت قوات حفتر سيطرتها على معبر «إيسين تين الكوم»، الواقع بين جانت جنوب شرقي الجزائر، وغات من جهة ليبيا.
وأكد المصدر ذاته، أن «نقاط المراقبة للجيش الجزائري المنتشرة بالحدود لم ترصد أي تحرك عسكري في الجهة الأخرى، وبالتالي ليست هناك حاجة إلى استنفار القوات العسكرية». مبرزاً أن «عدم ملاحظة تهديد لافت من جانب حفتر لا يمنع الجيش الجزائري من أن يكون يقظاً ومستعداً، بحسب توجيهات صادرة عن رئاسة أركان الجيش، التي تؤكد على التصدي لأي خطر بالحدود مع ليبيا أو مالي، مهما كان مصدر الخطر، وبخاصة إذا تعلق الأمر بالمشير حفتر الذي لا يخفي عداءه للجزائر».
وبحسب المصدر نفسه أيضاً، فإنه «ليس هناك ما يستدعي رد فعل من جانب الجزائر، التي ترى في تصريحات ومساعي الجنرال حفتر، والإعلام الموالي له، مجرد بالون اختبار لقياس إلى أي مستوى يمكن أن يصل له موقف الجزائر في حال تعرضت لتهديد من قواته».
وكانت القوات الموالية لحفتر قد أعلنت أول من أمس، أنها أغلقت الحدود مع الجزائر، وقالت وسائل إعلام ليبية، إن ذلك جاء إثر رصد تهديدات لتنظيمات إرهابية مرتبطة بـ«داعش» بالمنطقة. في حين ذكرت «إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني»، أن «القوات المسلحة تُغلق الحدود الليبية - الجزائرية، وتعلنها منطقة عسكرية يُمنع التحرك فيها».
وخلال الأسبوع الماضي، أرسل «الجيش الوطني» قوات إلى مدينة سبها الجنوبية، ثم دفع بقوات يوم السبت إلى معبر على الحدود الجنوبية مع الجزائر، التي أغلقت قنصليتها في سبها بعد فترة قصيرة من سقوط نظام العقيد القذافي عام 2011.
وهوّن أكرم خريَف، الخبير في شؤون الأمن والدفاع، من «قضية تحرك قوات حفرت إلى نقاط الحدود المشتركة مع الجزائر»، حسبما كتبت صحف جزائرية أمس. وذكر أمس أن «السيطرة على موقع (إيسين) الحدودي، لا يعدو أن يكون خبراً مضللاً نشره الإعلام الموالي لحفتر؛ وذلك في إطار حرب نفسية ضد الجزائر». ويعود السبب، حسب الخبير، إلى تصريحات للرئيس عبد المجيد تبون خلال فترة الانتخابات التشريعية، التي جرت في 12 من الشهر الحالي، جاء فيها أن طرابلس «خط أحمر بالنسبة للجزائر»، وأن الجيش الجزائري كان على استعداد للتدخل عسكرياً في حال أحكمت قوات حفتر سيطرتها على العاصمة الليبية. ورجح مراقبون بأن هذه التصريحات كان بمثابة تحذير مباشر لحفتر.
وأفاد خريف بأنه أجرى اتصالات مع «فاعلين محليين في الميدان، أكدوا أنهم لاحظوا انتشاراً لقوات الجيش الليبي قرب منطقتي سبها وتامنهيت، مع تواجد للقوات روسية بغرض الإسناد. أما إقليم غات الكبير، المتاخم للحدود مع الجزائر، والذي يضم مناطق الوبري والعوينات إلى جانب غات، فهو تحت سيطرة الزعيم الطرقي علي القنا الموالي لطرابلس».
وخلال زيارة للجزائر في 29 من الشهر الماضي، بحث رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، مع كبار المسؤولين ترتيبات لإعادة فتح معبر الدبداب المغلق منذ 8 سنوات لأسباب أمنية. وعُقد في الفترة نفسها مؤتمر لرجال الأعمال والمستثمرين من البلدين لبحث تنشيط التبادل التجاري، عبر الدبداب مع إطلاق استثمارات عدة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.