واشنطن: لا إسناد جويًا من التحالف الدولي في معارك تكريت

قالت إن بغداد لم تطلبه.. ومصادر أرجعت لـ («الشرق الأوسط»)سبب غيابه إلى «الحشد الشعبي»

عناصر أمن ومتطوعون في «الحشد الشعبي» خلال المواجهات مع مسلحي «داعش» في إحدى مناطق محافظة صلاح الدين أمس (رويترز)
عناصر أمن ومتطوعون في «الحشد الشعبي» خلال المواجهات مع مسلحي «داعش» في إحدى مناطق محافظة صلاح الدين أمس (رويترز)
TT

واشنطن: لا إسناد جويًا من التحالف الدولي في معارك تكريت

عناصر أمن ومتطوعون في «الحشد الشعبي» خلال المواجهات مع مسلحي «داعش» في إحدى مناطق محافظة صلاح الدين أمس (رويترز)
عناصر أمن ومتطوعون في «الحشد الشعبي» خلال المواجهات مع مسلحي «داعش» في إحدى مناطق محافظة صلاح الدين أمس (رويترز)

واجهت القوات العراقية، أمس، في اليوم الثاني من عمليتها العسكرية الواسعة لاستعادة مدينة تكريت ومحيطها من تنظيم داعش، تكتيك القنص والعبوات الناسفة، ما يبطئ تقدمها في اتجاه مركز محافظة صلاح الدين.
وتتم العملية بغطاء مكثف من المدفعية الثقيلة وطيران الجيش العراقي في حين أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) مساء أول من أمس، أن مقاتلات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد التنظيم، لم تشارك في عمليات القصف. وحسب «البنتاغون»، فإن الحكومة العراقية لم تطلب من التحالف الدولي إسنادا جويا لقواتها التي أفادت وسائل إعلام إيرانية بأنها تتلقى المشورة من اللواء قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري، الموجود في محافظة صلاح الدين.
ولم يتضح ما إذا كان عدم طلب الحكومة العراقية إسنادا جويا من التحالف بسبب ضغوط إيرانية أو ما إذا كان التحالف هو الذي رفض تقديم الدعم الجوي بسبب المشاركة الإيرانية. وكان أحمد ناظم، عضو مجلس محافظة صلاح الدين، كشف لـ«الشرق الأوسط» قبل يومين عن أنه «قبل شهرين تقريبا جمعنا لقاء بمسؤولين ومستشارين عسكريين في التحالف الدولي وأبلغونا بأنهم لن يوفروا الإسناد والغطاء الجوي في المحافظة بسبب وجود الحشد الشعبي، وأنه إذا كنا نرغب بغطاء جوي من قبلهم، فإن علينا إخراج الحشد وإسناد مهام التحرير لقوات الجيش والشرطة حصرا».
من ناحية ثانية، أكد جيمس كلابر، مدير وكالة الاستخبارات الوطنية الأميركية، مشاركة إيران في المعارك ضد «داعش» في العراق. وقال كلابر لمحطة «سي بي إس» التلفزيونية الأميركية، إن لإيران «مشاركة فعالة في القتال»، موضحا أنها «جلبت كميات كبيرة من الأسلحة» إلى العراق.
وبدأ نحو 30 ألف عنصر من الجيش والشرطة والحشد الشعبي (المتطوعون الشيعة) وأبناء بعض العشائر السنية أول من أمس أكبر عملية هجومية في العراق ضد التنظيم المتطرف منذ سيطرته على مساحات واسعة من البلاد في يونيو (حزيران).
وقال ضابط برتبة لواء في الجيش لوكالة الصحافة الفرنسية أمس «مسلحو (داعش) يواجهون قواتنا بحرب عصابات وعبر قناصين، لذا فتقدمنا حذر ودقيق ونحن بحاجة إلى مزيد من الوقت». وتتقدم القوات العراقية نحو تكريت وناحية العلم (شمال) وقضاء الدور (جنوب)، من ثلاثة محاور هي جنوبا من سامراء، وشمالا من قاعدة سبايكر وجامعة تكريت، وشرقا من محافظة ديالي. وقال المصدر: «نحن قريبون من قضاء الدور، لكننا نخوض اشتباكات عنيفة جدا مع عناصر (داعش)»، مضيفا أن هؤلاء «لا يزالون في مركز القضاء».
وفي تطور آخر ذي صلة، أعلن «داعش» أمس أن أميركيا نفذ هجوما انتحاريا على تجمع للقوات العراقية ومسلحين موالين على أطراف سامراء. وقال التنظيم في النشرة الصباحية لـ«إذاعة البيان» التابعة له، إن عنصره «أبو داود الأميركي» فجر أول من أمس شاحنته المفخخة على تجمعات للجيش العراقي والميليشيات على أطراف مدينة سامراء، مشيرا إلى مقتل «العشرات» من هؤلاء.
وتعد استعادة تكريت مهمة لاستعادة الموصل إلى الشمال منها. وكان مسؤول عسكري أميركي أعرب الشهر الماضي عن رغبة بلاده في أن تشن القوات العراقية عملية لاستعادة الموصل بحلول أبريل (نيسان) أو مايو (أيار). إلا أن مسؤولين عراقيين ردوا على هذه التصريحات بالتأكيد أن تحديد موعد الهجوم يعود إليهم، وفق جاهزية قواتهم. وفي هذا السياق، أكد منسق التحالف الجنرال الأميركي جون ألن عدم وجود جدول زمني لمعركة الموصل. وقال أمام مركز أبحاث «أتلانتيك كاونسل» في واشنطن: «علينا أن نقاوم إغراء تحديد جدول زمني» للهجمات المرتقبة ضد المتطرفين، مضيفا أن «الأهم من الجدول الزمني هو الاستعداد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».