مطالبات برلمانية باستجواب محافظ «المركزي» العراقي

TT

مطالبات برلمانية باستجواب محافظ «المركزي» العراقي

تراقب الأوساط الاقتصادية والسياسية والشعبية العراقية، إلى جانب أوساط التجار والباعة في الأسواق المحلية، بحذر، التراجع الأخير في أسعار صرف الدينار العراقي أمام العملات الأجنبية، وفي مقدمتها الدولار الأميركي، ما انعكس على شكل موجة ركود في الأسواق وقلق من استمرار تراجع سعر صرف الدينار بعد أن تجاوز سقف الـ1500 دينار مقابل الدولار الواحد، رغم السعر الرسمي المثبت في لائحة البنك المركزي المقدر بـ1460 ديناراً. وتأتي المخاوف الأخيرة جراء انخفاض قيمة الدينار وسط مطالبات نيابية باستجواب محافظ البنك المركزي ووزير المالية.
وتواصل وزارة المالية والبنك المركزي منذ نحو أسبوع، إصدار التوضيحات والبيانات الرسمية لتأكيد عدم نيتهما خفض سعر الدينار مجدداً، ولبعث رسائل اطمئنان للمواطنين العاديين حول الانخفاض الأخير وانعكاساته السلبية على حركة الأسواق وارتفاع أسعار البضائع وتأثيرها على الطبقات الشعبية الفقيرة والمتوسطة.
وكان البنك المركزي وبالاتفاق مع وزارة المالية قررا، في ديسمبر (كانون الأول) 2020، خفض قيمة الدينار العراقي بنسبة 23 في المائة أمام الدولار.
ومع قبول شرائح التجار والمواطنين مع مرور الوقت بالسعر المخفض للدينار، أثار تراجع سعر الدينار الجديد مشاعر قلق من أن يعمد البنك المركزي ووزارة المالية إلى خفض السعر مجدداً إلى نحو 2400 ألف دينار مقابل الدولار، ما دفع البنك والوزارة إلى نفي ذلك في أكثر من بيان، حيث أصدرت المالية بياناً الخميس الماضي، قالت فيه: «تنفي وزارة المالية ما تناقلته بعض وسائل الإعلام والوكالات الإخبارية حول تصريح نسب لوزير المالية الدكتور علي عبد الأمير علاوي بأن قيمة الـ100 دولار الحقيقية مقابل الدينار العراقي هي 300 ألف دينار». وأضافت أن «مثل هذه التصريحات والأخبار اللامسؤولة التي لا أساس لها من الصحة تهدف إلى زعزعة استقرار الوضع الاقتصادي وتربك الرأي العام».
وكانت بعض المواقع الخبرية نقلت تصريحات منسوبة إلى وزير المالية علي عبد الأمير علاوي عن خفض محتمل لسعر صرف الدينار وانعكاساته السلبية على تأخر دفع رواتب الموظفين، ما اضطر المالية إلى إصدار بيان آخر قالت فيه إن «ما ورد من حديث منسوب لوزارة المالية المتعلق بأن تغيير سعر الصرف سيلقي تأثيراً على الرواتب عارٍ عن الصحة».
واضطر كذلك، البنك المركزي، أول من أمس، إلى إصدار بيان نفى فيه تصريحات لنائب المحافظ عن قيمة سعر الصرف ذكر فيه أنه «ثابت (السعر) وليس هناك وجود أي نوايا لتغيير، وأن ما يتم تداوله لا صحة له، إذ إن السعر الذي تم اختياره نهاية عام 2020 لصرف الدولار استند إلى دراسات معمقة لمتطلبات الوضع الاقتصادي والمالي وأهداف السياسة النقدية». وأشار البنك إلى أن «مبيعاته من العملة الأجنبية تستند إلى استقرار احتياطاته الأجنبية بمستويات ممتازة، حيث تمت زيادة تلك المبيعات لتلبية كل الطلبات المشروعة، وسوف يستقر السعر نتيجة للإجراءات التي اتخذها البنك المركزي مؤخراً». ولفت البنك إلى أن «التصريحات المتعلقة بسعر الصرف إنما يتم ترويجها ليستفيد منها المضاربون، وأن للبنك المركزي قنوات اتصال تمثل مصادر المعلومات الرسمية».
ويتعرض البنك المركزي ووزارة المالية إلى انتقادات متواصلة منذ قرار خفض السعر السابق. ويرى كثيرون أنه انعكس سلباً على القطاعات الشعبية الفقيرة والمتوسطة، ولم يحقق الأهداف المعلنة التي أعلنها البنك والوزارة المتمثلة بتعظيم واردات الموازنة وإيقاف تهريب العملة خارج البلاد.
وحيال أزمة الانخفاض الجديدة، تطالب كتل نيابية بحضور محافظ البنك ووزير المالية أمام البرلمان لمساءلتها عن أسباب تراجع قيمة الدينار، وتقول بعض المصادر البرلمانية إن «بعض الكتل الداعمة لمحافظ البنك ووزير المالية تضع (فيتو) ضد استضافتهما».
بدوره، رأى عضو مجلس النواب عن ائتلاف «دولة القانون» منصور البعيجي، أمس، أن «استمرار ارتفاع أسعار الدولار خلقت أزمة اقتصادية وزادت من نسبة الفقر في العراق». وطالب البعيجي في بيان الحكومة بـ«اتخاذ خطوات سريعة للحد من ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، لأنه خلق أزمة اقتصادية وأضر بشريحة كبيرة جداً من أبناء الشعب العراقي وزاد من نسبة الفقر في البلد وأثقل كاهل المواطن بصورة كبيرة جداً لا يمكن السكوت عنها». وأضاف أن «الارتفاع غير المسبوق بسعر الصرف والذي طالما حذرنا من تداعياته انعكس سلباً على حياة المواطنين خلال الظرف الحالي بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية بصورة كبيرة جداً، والمواطن اليوم يعاني من تدهور الحالة الاقتصادية والمعيشية ولم يلتمس حلاً لهذه الأزمة».
وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان فاضل الغراوي، أول من أمس، في بيان، إن «استمرار ارتفاع الأسعار وعدم قدرة المواطن على سد احتياجاته المعيشية يدعونا إلى مطالبة الحكومة بتعويض المواطنين بشكل مباشر من موازنة الطوارئ بواقع عما لحقهم من ضرر بسبب هذا الارتفاع». وأضاف أن «الفئات الهشة وذوي الدخل المحدود تضرروا كثيراً بسبب السياسة الحكومية في رفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي، ما تسبب في ارتفاع كبير لأسعار المواد المعيشية للمواطن».
من جانبها، أعلنت مجموعة من النقابات والاتحادات المهنية، أمس، إطلاق حملة وطنية لدعم الدينار العراقي، برعاية ‏البنك المركزي.‏ وقالت المجموعة، في بيان مشترك: «تعلن مجموعة من ‏النقابات والاتحادات إطلاق حملة وطنية برعاية البنك المركزي العراقي للتوعية لدعم العملة الوطنية ‏والاقتصاد العراقي».
وأضافت أن «الحملة تهدف إلى تسليط الضوء على أهمية التعامل بالعملة الوطنية وزيادة ثقة ‏المواطن بها، لمساهمة جميع القطاعات في الحفاظ على سعر الصرف وبقاء التضخم عند نسب متدنية، ‏والحد من نسبتي الفقر والبطالة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.