يعتبر الطاهر بن جلون من أشهر المبدعين المغاربة، وأكثر الكتاب الفرانكفونيين مقروئية في العالم، لذلك يطلب كثيرا، في الضفة الأخرى، للإدلاء برأيه، بصدد مختلف الأسئلة التي تتناول أوضاع المهاجرين العرب والمسلمين، وقضايا الساعة التي تهم وتحرك العالم العربي والإسلامي.
وفضلا عن طابعها الأدبي والإبداعي، تخوض تجربة بن جلون، المتواصلة منذ بداية تسعينات القرن الماضي، في عدد من القضايا والتوترات السياسية والاجتماعية، من قبيل الهجرة والعنصرية والاعتقال السياسي.
يرى بن جلون أن دور المثقف العربي صعب، خصوصا في أوروبا، حيث يتوجب عليه أن يناضل يوميا لكي يدافع عن بعض الحقائق بصدد صورة العربي، سواء أكان مهاجرا أو مثقفا أو عابرا، في زمن صارت فيه صورة العربي ترتبط بجواز السفر عبر حدود الدول، وخصوصا في أوروبا وأميركا، حيث يكون العربي والمسلم محط شك دائم، فقط، لأن «وجه العربي مشكوك فيه».
وفي سياق هذه الشهرة وهذا الحضور الأدبي والإعلامي، كان بن جلون على موعد مع تقديم كتابه «الإسلام الذي يخيف»، في ترجمته الإيطالية، بالمعهد الفرنسي بالعاصمة الإيطالية.
خلال هذا اللقاء، شدد بن جلون على وجوب عدم الخلط بين الإسلام، كدين سلام وتسامح، وبين الآيديولوجيات التي تدعو إلى العنف والتأويلات التي تصدر عن المجموعات الإرهابية، مستخفة بالحق في الحياة والكرامة الإنسانية.
ودعا بن جلون، حسب ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، إلى «قراءة ذكية للقرآن» بدل تسخير هذا الكتاب المقدس لخدمة آيديولوجية «تحث على العنف وتكريس الجهل»، مشيرا إلى أنه حاول، عبر كتابه، تقديم بعض الأجوبة لأسئلة تطرح، حاليا، في الغرب، وتدور، غالبا، حول الإسلام.
واستعرض بن جلون جملة من «القضايا الأساسية» التي تهز العالم الإسلامي والتخوفات التي تثيرها لدى الغرب، داعيا إلى التمييز بين «الإسلام الحقيقي» و«الآيديولوجية العنيفة والدموية» التي تتبناها المجموعات المتطرفة.
وأرجع بن جلون ما يقع في الشرق العربي إلى البلدان العربية والغربية، على حد سواء، مشيرا إلى أن البلدان الغربية، غالبا، ما تكون «لا مبالية إزاء انزعاج المهاجرين من الجيل الأول والثاني المستقرين في مدنها».
وبعد شرحه لمختلف التأويلات التي تعطى لمفهوم «الجهاد»، أكد بن جلون على دور التكنولوجيات الحديثة في الترويج لمواقف الجهاديين، مشيرا إلى أن هذه الوسائل توجد في أصل «سر إغراء» الشباب الملتحقين بصفوف الإرهابيين.
وانتقد بن جلون سياسة «الكيل بمكيالين» التي ينتهجها الغرب إزاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ورأى أنه لم يعمل إلا على إنتاج «إحباط لدى الجالية المسلمة، الشيء الذي ولد لديها ردود فعل عنيفة».
ويحاور الكاتب ابنته في كتاب «الإسلام الذي يخيف»، الصادر عن منشورات «بومبياني»، حيث يشرح نشأة «داعش»، وكيف استطاع إيجاد أتباع له وسط الشباب «الأكثر هشاشة، والمشوشين بغياب العمل والبؤس المعنوي والمادي».
ولاحظ بن جلون أن «داعش» قد «نجح في تحويل غريزة البقاء إلى غريزة موت»، مبرزا أن «الإسلام لا يمت بصلة لكل هذا»، وأنه «ليس دين عنف ورعب، بل دين إيثار ومحبة».
وشدد الكاتب على أنه «لا وجود لراية سوداء»، في تاريخ الإسلام، وأن أصوليي «داعش» بحثوا عن إمكانية «استغلال الدين لصالحهم، بطريقة عمياء وغبية، صانعين دائرة مفرغة يتعايش داخلها العبث والرعب».
وولد بن جلون بمدينة فاس عام 1944، ومن أشهر رواياته «حرودة» (1973)، و«موحى الأحمق.. موحى الحكيم» (1981)، و«صلاة الغائب» (1981)، و«طفل الرمال» (1985)، و«ليلة القدر» (1987)، و«العنصرية كما شرحتها لابنتي» (1998)، و«تلك العتمة الباهرة» (2000)، و«أن ترحل» (2006). وترجمت بعض أعماله إلى أكثر من 40 لغة، كما حاز عددا من الجوائز، بينها «غونغور»(1987) و«أركانه» (2010)، ووشح بأوسمة رفيعة في المغرب والخارج.
بن جلون: وجه العربي بحد ذاته صار مشكوكا فيه في أوروبا
قال في محاضرة في إيطاليا إن «داعش» نجح في تحويل غريزة البقاء إلى موت
بن جلون: وجه العربي بحد ذاته صار مشكوكا فيه في أوروبا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة