الذكاء الصناعي ينفذ إلى تصاميم الهواتف الجوالة أيضًا

«التعلم العميق» يحسن أداء تطبيقات الاستشعار للتعرف على الوجوه والأصوات

الذكاء الصناعي ينفذ إلى تصاميم الهواتف الجوالة أيضًا
TT

الذكاء الصناعي ينفذ إلى تصاميم الهواتف الجوالة أيضًا

الذكاء الصناعي ينفذ إلى تصاميم الهواتف الجوالة أيضًا

البرمجيات التي تحاكي الأسلوب الذي يعمل به الدماغ، من شأنها أن تمنح الهواتف الذكية ذكاء إضافيا جديدا، مما يؤدي إلى المزيد من التطبيقات الدقيقة والمعقدة لتعقب ومراقبة كل الأمور، ابتداء من التمارين الرياضية وانتهاء بالعواطف.
وتستغل البرمجيات أساليب الذكاء الصناعي المعروفة بالتعلم العميق الذي يستخدم الخلايا العصبية الصناعية ونقاط الاشتباك العصبي، لمعالجة البيانات، فإذا ما جرى تغذية البرنامج بالتحفيزات البصرية والمرئية، فإن ذلك يعزز الاتصال والارتباط بين خلايا عصبية افتراضية معينة، مما يمكن من التعرف على الوجوه، أو القسمات الأخرى الموجودة عليها، التي لم يمكن رؤيتها من قبل.

* التعلم العميق
التعليم العميق أثمر عن تطورات دراماتيكية مثيرة في معالجة الصور والأصوات، ففي العام الماضي على سبيل المثال، استخدم الباحثون في «فيسبوك» هذه الخصائص لتشييد نظام يمكنه التمييز والتقرير تقريبا، ما إذا كانت صورتان مختلفتان تظهران الشخص ذاته، وقد استخدمت «غوغل» هذا الأسلوب لإنتاج برنامج يصف الصور المعقدة بجمل قصيرة، وقد شملت كل الجهود حتى الآن على استخدام مجموعة من أجهزة الكومبيوتر القوية جدا.
ويمكن للهواتف الذكية استخدام التعلم العميق عن طريق التواصل مع الخوادم البعيدة التي تشغل هذا البرنامج. لكن مثل هذا الأمر قد يكون بطيئا ويعمل فقط إذا كان الجهاز يملك تواصلا جيدا مع الإنترنت. لكن نيك لاين كبير العلماء في مختبرات «بيل» يقول إن بعض الهواتف الذكية هي من القوة ما يمكنها أن تشغل بعض الأساليب المعينة للتعلم العميق بذاتها، وهذا ما يجعله يعتقد أن التعلم العميق بمقدوره تحسين أداء تطبيقات التحسس والاستشعار في الأجهزة الجوالة. ومثال على ذلك بإمكانه ترشيح الأصوات غير المرغوب بها في الميكروفونات، أو إزالة الإشارات غير المرغوب بها أيضا الموجودة في البيانات التي قام بجمعها مقياس الحركة والتسارع.
وعلى الرغم من أن لاين كان كبير الباحثين في «مايكروسوفت ريسيرتش آسيا»، فإنه قام مع بيتكو غريغيرييف الطالب المشرف على التخرج من جامعة كمبردج في بريطانيا، بتشييد نموذج أولي لبرنامج بسيط نسبيا للتعلم العميق، الذي يعمل على هواتف «أندرويد» المعدلة.
ويحاول هذان الباحثان معرفة ما إذا كان نموذجهما الأولي سيتمكن من تحسين قدرة الكومبيوتر على تحري ما إذا كان أحدهم يقوم بنشاطات معينة، مثل تناول الحساء، أو يقوم بتنظيف أسنانه بالفرشاة، عن طريق البيانات التي جرى جمعها بواسطة مقياس الحركة والتسارع. كما قاما باختبار ما إذا بمقدور الهاتف تحديد عواطف الأشخاص أو هوياتهم، من تسجيلات لأصواتهم وأحاديثهم.
وعرض هذان الباحثان تفاصيل بحثهما في تقرير إلى مؤتمر «هوت موبايل» الشهر الماضي في سانتا في، في نيومكسيكو، في أميركا. وقد أفادا أن البرنامج الذي أنتجاه كان أكثر دقة بنسبة 10 في المائة من الأساليب الأخرى المعتمدة في نشاطات التعرف هذه. وذكر الباحثان أيضا أن شبكتهما العصبية قادرة على التعرف على المتكلمين وعواطفهم بدقة تجاري الأساليب الأخرى.
والشبكة النموذجية الأولية التي قام هذان الباحثان بتشييدها هي جزء يسير من التوصيلات التي تربط الخلايا العصبية الصناعية الموجودة في «فيسبوك»، لكن قد تكون أكثر سرعة وموثوقية في بعض الأعمال. ونقلت مجلة «تكنولوجي ريفيو» عن لاين: «الأمر كله كما أعتقد هو غرس الذكاء في أجهزة لتكون قادرة على الفهم والاستيعاب والتفاعل مع العالم».



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».