تجدد مخاوف سكان «الشيخ جراح» من ضوء أخضر بالطرد

إلغاء مسيرة «استفزازية» للمستوطنين في القدس

منى الكرد من سكان حي الشيخ جراح بالقدس في اعقاب افراج اسرائيل عنها مساء الأحد (أ.ف.ب)
منى الكرد من سكان حي الشيخ جراح بالقدس في اعقاب افراج اسرائيل عنها مساء الأحد (أ.ف.ب)
TT

تجدد مخاوف سكان «الشيخ جراح» من ضوء أخضر بالطرد

منى الكرد من سكان حي الشيخ جراح بالقدس في اعقاب افراج اسرائيل عنها مساء الأحد (أ.ف.ب)
منى الكرد من سكان حي الشيخ جراح بالقدس في اعقاب افراج اسرائيل عنها مساء الأحد (أ.ف.ب)

بعد استجابة المستوطنين لطلب الشرطة إلغاء مسيرتهم الاستفزازية في قلب الأحياء العربية في مدينة القدس الشرقية المحتلة، أعلن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، أمس (الاثنين)، أنه لن يقدم أي توصية للمحكمة العليا بشأن ملف إخلاء العائلات الفلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة وإحلال المستوطنين مكانها، وأن الحكومة قررت اتخاذ موقف حيادي يتيح للمحكمة إصدار قرار قضائي صرف. وقد رأت لجنة أهالي حي الشيخ جراح في هذا الموقف ضوءاً يتيح عملياً تهجير سكان الحي الفلسطينيين واستبدال المستوطنين اليهود بهم.
وأوضحت لجنة «أهالي»، في بيان، أن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، يبقي بهذا الموقف على القرار النهائي والحاسم للمحكمة العليا، ما يضع أهالي الحي الذين يزيد عددهم على 500 فرد ضمن 28 عائلة أمام خطر التهجير الفعلي. ورفضت اللجنة ادعاء المستشار القضائي بأن موقفه نابع من الاعتبارات القانونية، وأكدت أن «حكومة الاحتلال الإسرائيلي بكل أطيافها من رئيس الحكومة لكل المؤسسات والفعاليات الإسرائيلية، تسعى لتهجير وإخلاء سكان وحدات حي الشيخ جراح، ما يكرس جريمة الاستيطان في شرق القدس ويضرب بعرض الحائط كل المواثيق الدولية وحقوق الإنسان».
المعروف أن قضية حي الشيخ جراح، هي حلقة في مسلسل مشاريع استيطان وتهويد تشهدها مدينة القدس الشرقية منذ احتلالها عام 1967. فقد أقامت سلطات الاحتلال 12 حياً يهودياً على أراضي المدينة، وشجعت المستوطنين على الاستيلاء على بيوت وعمارات وأراضٍ فلسطينية في قلب الأحياء العربية فيها، بدءاً بالبلدة القديمة وحتى سلوان وراس العامود والشيخ جراح. وهي تستخدم التعقيدات القانونية والفوضى في تسجيل الأراضي والعقارات بفلسطين، بسبب تبدل السلطة فيها من العهد العثماني إلى الانتداب البريطاني ثم السلطة الأردنية، ثم الاحتلال الإسرائيلي الذي قام بدوره بسن قوانين عدة تستغل ضعف التوثيق القانوني وتفضل اليهودي على العربي. كما استخدمت سماسرة فلسطينيين لشراء هذه العقارات. وحسب الوثائق القانونية تتفوق حجج المستوطنين، المعتمدة على الخبث والتمويل الكبير، على حجج الفلسطينيين، المعتمدة على الحق والإمكانات المادية المتواضعة.
وفي حينه، قررت محكمتا الصلح والمركزية إخلاء العائلات الفلسطينية من منازلها وقبلتا موقف المستوطنين، بحجة عدم ملكيتها للأراضي المقامة عليها. ورفعت 4 عائلات فلسطينية التماساً للمحكمة العليا الإسرائيلية، وحسب مصدر مقرب من هذه المحكمة، فقد كانت تنوي تبني موقف المحكمتين المذكورتين وإصدار قرار لصالح المستوطنين، لكنها في ضوء الهبة الشعبية في القدس في رمضان، قررت تجميد قرارها وتوجهت إلى المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، مندلبليت، ملمحة إلى أن هذه المسألة ليست مسألة قانونية بل سياسية. وأمهلته حتى اليوم (الثلاثاء)، إعطاء رأي حكومي حازم وواضح. وقالت في قرارها: «عندما نتلقى موقف المستشار القضائي للحكومة، سننظر في كيفية استئناف معالجة الالتماس المقدم في هذا الشأن».
وجاء في بيان صادر عن مكتب مندلبليت، أنه «في ضوء الإجراءات القانونية العديدة التي تم إجراؤها فيما يتعلق بالأرض المتنازع عليها على مر السنين، وبالنظر إلى الأحكام الوقائعية والقانونية الصادرة في هذه الإجراءات، توصل المستشار القضائي إلى نتيجة أنه لا يوجد مكان للتدخل بالملف».
ولا يستبعد مراقبون أن يكون قرار المستشار ناجماً عن موقف حكومة بنيامين نتنياهو، التي تشجع المستوطنين عموماً، لكنها تدفع باتجاه تصعيد التوتر في القدس، على أمل أن يؤثر ذلك في إجهاض حكومة التغيير التي تقرر تشكيلها وتنتظر المصادقة البرلمانية عليها. وضمن جهود نتنياهو، العودة إلى «مسيرة أورشليم»، التي كان مقرراً إجراؤها الشهر الماضي وبسببها تفجرت الأوضاع في القدس. فالمستوطنون قرروا أن تخترق المسيرة عدداً من الأحياء العربية، مثل راس العامود والحي الإسلامي في البلدة القديمة، وانطلقت المسيرة يومها، لكنها قطعت وهي في عز دخولها المدينة، بسبب إطلاق صاروخ من قطاع غزة على القدس. وفي نهاية الأسبوع الماضي، قرر المستوطنون إجراء المسيرة بعد غد (الخميس). وأعلن الفلسطينيون أنهم يتصدون لهذه المسيرة بأجسادهم. وتوجهت الشرطة إلى قادة المسيرة تقترح عليهم تأجيلها إلى ظروف أخرى، أو تسييرها، ولكن من دون دخول الأحياء العربية. فقرروا قبول الاقتراح بالتأجيل.
ومع ذلك فإن النائب إيتمار بن غبير، رئيس حزب «عوتصما يهوديت» المتطرف، أعلن أنه سيقوم بهذه المسيرة ولو لوحده. ودعا نواب اليمين إلى الانضمام إليه. وقال: «لدينا حصانة برلمانية ولا تستطيع الشرطة أن تمنعنا من الوجود في أي مكان». وتجاوب عدد من النواب في حزب الليكود معه ووافقوا على مشاركته المسيرة. وقال بن غبير إن «مفوض الشرطة يستسلم لحماس ويطوي العلم الإسرائيلي. لكنني ورفاقي في اليمين لن نستسلم. سأسير بالعلم الإسرائيلي بالقدس في الموعد المقرر».
وقال رئيس حزب «الصهيونية الدينية» بتسلئيل سموتريتش إن «مفوض الشرطة عاجز عن الدفاع عن المتظاهرين الإسرائيليين في شوارع القدس بالعلم الإسرائيلي، وهذا استسلام مُخزٍ لتهديدات حماس. مفوض الشرطة غير قادر على حماية المستوطنين في اللد وعكا والرملة، وهو الآن يجعل يحيى السنوار هو من يدير القدس»، بحسب تصريحات سموتريتش.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.