التخفي وراء الكتب... والأصدقاء

مقارنة بين «مذكرات» غالب هلسا وخليل صويلح وقاسم حداد

التخفي وراء الكتب... والأصدقاء
TT
20

التخفي وراء الكتب... والأصدقاء

التخفي وراء الكتب... والأصدقاء

أعترف بأنه اختيار انتقائي للكتاب الثلاثة، غالب هلسا وخليل صويلح وقاسم حداد، بدافع المقارنة وتوافر سبل الاختلاف بينهم لإظهار حقيقة واحدة مفادها أننا في الشرق نهاب تدوين المذكرات الشخصية بشكل صريح. الخيط الرابط بين الثلاثة هو تناولهم عالم الكتب والأصدقاء والتخفي خلف ذلك، ابتداءً من الغلاف الذي يحمل العنونة، فغالب هلسا يتخفى ليكتب مذكراته بعنوان «أدباء علموني»، وخليل صويلح بعنوان صادم «ضد المكتبة»، وكأنه يبعد شبهة التدوين، وقاسم حداد بعنوان «جوهرة المراصد»، وهو عنوان غامض لا تكتشفه إلا بقراءة الكتاب.
وعمد الثلاثة إلى الالتفاف على كتابة مذكرات، فتناولوا الحياة المحايثة لمسيرتهم ككتاب. وإن كان صويلح وحداد كتبا ذلك بنفسيهما، فإن كتاب هلسا تم بإشراف الكاتب ناهض حفتر، الذي أشرف على تجميع وإعداد ما كتبه هلسا في أوقات متباعدة، ولم يسعفه الزمن ليطبعها وهو حي.
ويلمح ناهض حفتر في المقدمة إلى أن الكتاب يمثل «نوعاً أدبياً جديداً في الأدب العربي المعاصر، إذ تتضمن فصوله ضرباً من سيرة ذاتية فكرية أدبية ومعالجات نقدية معمقة، ومعالجات نظرية ثقافية وسيكولوجية، وتأملات في الحياة العربية وتصاوير فنية لشخصيات أدبية ثقافية، كل ذلك في إطار نص واحد له الكثير من سمات النص الروائي» (ص8). وهنا وضع ناهض سيرة مع معالجات أخرى، أي أنها سيرة متخفية مع مقاصد أخرى، فيما كتب خليل صويلح بأسلوب سردي، اعتنى بتشذيبه بطريقة دقيقة. أما قاسم حداد فقدم (بورتريهات) قائلاً إنه «يكتب للصحافة بالشرط الأدبي ولا يذهب للكتابة بالشرط الصحافي». وهنا تتحول الكتابة إلى جانب آخر محايث للنقد، لا يغادره، بل يعيش في رحابه ضمن سيرته القرائية الذاتية.
هلسا: أدباء علموني... أدباء عرفتهم
يعطينا غالب هلسا درساً حياتياً تخلقه الكتب من خلال خلط وقائع الزمن والعيش داخل الحلم ضمن نشاط ذاتي، يقصي كثيراً من التأثر بالآخر بصورة مباشرة. يقول: «ولكن أليست لذلك ميزة ما؟ أعني غياب السياق التاريخي للشخوص والوقائع وخلط الأزمنة والأمكنة واعتبار التاريخ واقعاً يومياً يدور حولنا». (ص 10) في سياق سرد طفولته القرائية، إذا جاز التعبير، وهو يتحدث عن أرسين لوبين والزير سالم ورغبته للانتقام من الغجر، لأنهم قتلوا كليب. إنه لا يتحدث عن نفسه باعتباره كياناً بشرياً، له صلة اجتماعية أو سياسية بمحيطه يحكمها زمن محدد، بل يرتدي متون الكتب درعاً لتسويق حياته الخاصة، باعتبار أن الكتاب «حياته المفترضة وجنته الوحشية، وجحيمه الرحيم واختيار التكوين الحر، ومعرفة الآخرين من دون حاجة للتعثر بالمجاملات والنظر في الساعة خشية مكوثهم فترة أطول». هلسا يعيد إنتاج حيوات الشخوص في الكتب، ضمن بيئته حتى يصل إلى الخوف من إعادة القراءة للكتب التي قرأها في بدايته، بقوله: «ما زلت حتى الآن أخشى أن أعيد قراءة حكاية الزير سالم.
أخاف أن تفقد الأسطورة قدرتها على الالتحام بالواقع فأفقد لحظة البداية، فيصبح العالم مجرد تراكمات عرضية ورتيبة، تفتقد السر، وتفتقد العالم الغرائبي الذي يختبئ خلفه» (ص 12)، وكأنه يسلم بوجود حياة واحدة مضت، وهي حياته التي تشكلت في زمانه المعاش ولكن تحت أغلفة الكتب، حتى وإن اكتشف أن كليب كان طاغية وأن جساس كان يحمي امرأة مسكينة تملك ناقة وحيدة.
الكتب عند هلسا، هي حياته الأجمل في طفولته (التي تختنق بالرتابة والملل وعنف الكبار وضيق أفقهم) (ص17). الكتابة جعلت غالب هلسا جوانياً يخلق حياته الخاصة في ظلام الغرفة مسترجعاً حياة الكتب وحكاياتها ضمن (إحساس الفنان الذي يكتشف أبعاداً جديدة للواقعة اليومية العادية: بعد الدلالة، وبعد الارتباط بمنظومة من الوقائع لتشكيل بنية، وبعد الوجود الإنساني في العالم... أي تلك الحرية الداخلية التي يمتلكها الفنان عندما يعيد صياغة العالم المحيط به) (ص 19)
جولة غالب هلسا في حياته - الكتب التي عاشها - من الزير سالم إلى تيسير سبول، مروراً بهيمنغواي وطه حسين ويحيى الطاهر عبد الله وابن المقفع، هي درعه الحصين واكتشافه الأوحد، أما الحياة الواقعية فهي العيش فقط ضمن زمن تحقق لا جدال فيه. الحياة لوح أبيض نقشت عليها الكتب تجربته التي يسبح في امتدادها اللامتناهي، معترفاً بفضل القراءة عليه من خلال الكتّاب الذين علموه أن يصبح كاتباً: «لقد علموني كيف أرى العالم من حولي بشكل جديد وكيف أضعه في سياق العمل الروائي، بمعنى أنني لولاهم لما أصبحت كاتباً». (ص 53)

خليل صويلح... ضد المكتبة

من يقرأ كتاب خليل صويلح، «ضد المكتبة» سيعثر حتماً على الجدية الصارمة في تطبيق ما يراه نقدياً هو الأصلح في اختيار العنوان والاستهلال المبهر الذي يجب توفره عند الكاتب ليكون مبهراً وقابلاً للقراءة والمتعة، فهو يرى نفسه إزاء الكتب «مفتوناً بدور الطريدة لا الصياد» (ص7)، وما عيشه في الحياة إلا التفتيش في «متاهة كتب أخرى، مثل لعنة أبدية، في تجوال طليق يطيح هندسة رفوف المكتبة، رأساً على عقب!» (ص 7). يحتمي صويلح أيضاً بتاريخ المكتبة الضائع: «كان علي أن أنتبه جيداً إلى مقاييس حجم المكتبة التي أنوي تفصيلها بما يتناسب مع ارتفاع وعرض الباب الخارجي للمنزل المستأجر، وذلك لإدخالها لاحقاً بلا رضوض» (ص9). أصبحت الكتب هي سيرته الشخصية التي يحفظها بديلاً عن الهجران والتشرد. وبطريقة السرد الروائي ينقل لنا حياته - ورمزيتها المكتبة - فهو لا يفصح عن التحولات الفكرية صراحة، بل بشير إليها كما في الحكاية التالية «حجزت رفاً في المكتبة لتلك المجلدات كهوية صريحة لانتمائي الماركسي الصلب. ولأن مكتبتي خضعت لارتحالات قسرية، من منزل مستأجر إلى آخر، فقد أهديت تلك المجلدات لأحدهم في إحدى نوبات «التعزيل» ، كما سأتخلص لاحقاً من مجلدات الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، بنصف ثمنها، لأسباب تتعلق بالإفلاس هذه المرة» (ص10). إننا هنا نتعرف على حياة الكاتب خليل صويلح، من خلال الحاضنة الأرحب في حياته، ألا وهي المكتبة التي تعرضت (لخمس رحلات قسرية) (ص 10) ويبدو أن تعوده على الفقدان لكتب دعته للمجازفة بالقول: «سأجازف أكثر بأن أدعو إلى فكرة اللا مكتبة ومديح فضيلة التجوال) (ص12). إننا نقرأ مذكرات شخصية لصويلح من خلال الكتب التي يختارها ضمن عملية التخلي الطوعي عن بعض العناوين: «أظن، من دون تنظيف المكتبة من الأعشاب الضارة، ستكون نوعاً من الجحيم الدنيوي». (ص 14)
إنه عشق الحياة عبر التسلل من أبواب الكتب، حيث تصبح الحياة مجرد إقامة رمزية أو تلمس وجود فقير إزاء ثراء معرفي مكتنز في الكتب، أو حيازة حياة الآخرين حتى يصبحوا، أصدقاء خلص لا يخونون أبداً. وهو يلخص لنا رأيه في آخر جملة بالكتاب: أن تكون «ضد المكتبة»، فأنت تحتاج إلى مكتبة أخرى، بخطط ومتاهات لا نهائية!» (ص 134)

قاسم حداد... جوهرة المراصد

يختلف البحريني قاسم حداد في سرد السيرة الذاتية، لا من خلال الكتب - وإن استعان بها - بل من خلال بورتريهات الكتاب الذين عايشهم، مسقطاً عليهم بعضاً من انطباعاته، أو كما كتب في المقدمة الكاتب عبد الله سفر «هذا التحديد العام بمثابة القماش والأصباغ يدلف بها حداد إلى محترفه، لا لينجز صورة مطابقة، نسخة فجة فظة. إنما هي صورته هو، صورته الخاصة. من منظوره الشخصي» (ص 15). إن حداد يعطينا مفتاحاً للتأكيد على الهوية، على قيمة الحياة في الصداقة، وعلى أهمية معرفة الذات من خلال الأصدقاء وكتبهم، مملحة باللقاءات الشخصية رغم ندرتها أحياناً حيث يقول: «لست واثقاً بالضبط، ما إذا كنت فيما أكتب هذه البورتريهات عمن أعرف من الأصدقاء، أبحث بدوري عن قاسم حداد في هؤلاء الأصدقاء»، (ص 19).
يحول مشاهدته لمحمود درويش في مهرجان جرش في الأردن عام 1997 إلى مقارنة بين جماهيرية درويش وبين الجواهري حارس بوابة الشعر العمودي، مشيراً إلى مطالب الجماهير السياسية التي تحيق بالشاعر، فيما هو يريد الانطلاق في عالم رحب مفتوح ناشداً الحرية بلا حدود: «كيف يستطيع الشاعر أن يكون صوتاً لذاته الجديدة وأن يكون معبراً في الوقت نفسه عن لحظته الحضارية وبصيغة أخرى، أن يكون «شاعراً» بمعزل عن سلطة الجمهور»...
لذلك حين سمعت خبر وفاة الجواهري، رددت بداخلي تعبير «لكنها تدور»... فرغم بنية التقليد التي لا تزال حاضرة في الثقافية الشعرية العربية، فإن شاعراً مثل محمود درويش لا يزال يعمل على تجاوز تلك البنية (ص 79)
حداد يكتب عن «وجوه الكتابة»، إن صح التعبير، وتجارب عاشها مع بعض شخصيات الكتابة، إنه يكتب ريبورتاجاً صحافياً بطريقة أدبية، عن مهرجانات ومشاعر، عن الانطباع في القراءة والاستماع والمعايشة، متسلحاً بالتاريخ الشخصي للكتاب وعوامل تألقهم وحتى انحداراتهم، لأن للهزيمة أو الانتصار لغة تتمثل إحدى الحالتين وتصبح أدباً. هنا المؤلف يتحدث أصالة عن غيره ليدعم فكرة وجوده الحياتي، ويفعل ذلك كمن يحمي وجهه من الشمس الشرقية الساطعة الساخنة بظل كتاب يرفعه فوق رأسه سائراً نحو حياته الموغلة في التفاصيل الغائمة حتى يصل لمتاهة المرايا:
هذا هو قاسم حداد... تقريباً
لكم توهمت أنني رأيته في هذه المرايا، فيما كان متماهياً في الزئبق.
ها أنا أثق بأنني لا أعرفه أبداً
من يزعم أنه يعرف نفسه. (ص 325)



أسلحة مزخرفة من موقع ساروق الحديد في إمارة دبي

خنجران من موقع ساروق الحديد في إمارة دبي
خنجران من موقع ساروق الحديد في إمارة دبي
TT
20

أسلحة مزخرفة من موقع ساروق الحديد في إمارة دبي

خنجران من موقع ساروق الحديد في إمارة دبي
خنجران من موقع ساروق الحديد في إمارة دبي

يحتلّ موقع ساروق الحديد مكانة عالية في سلسلة المواقع الأثرية التي كشفت عنها عمليات التنقيب المتلاحقة في الإمارات المتحدة، ويتميّز بترابه الأثري الذي يشهد له الكم الهائل من اللقى التي خرجت منه في العقدين الأخيرين. تشكّل هذه اللقى مجموعات عدة مستقلة، منها مجموعة كبيرة من الأسلحة المعدنية تحوي خنجرين فريدين من نوعهما، لكل منهما مقبض منحوت على شكل فهد رابض يمدّ قائمتيه الأماميتين في الأفق.

تتبع منطقة ساروق الحديد إمارة دبي، وتجاور قرية الفقع بين مدينة دبي ومدينة العين التابعة لإمارة أبوظبي. شرعت دائرة التراث العمراني والآثار التابعة لبلدية دبي في استكشاف هذا الموقع في عام 2002، بالتعاون مع عدد من البعثات الأجنبية، وأدت حملات التنقيب المتواصلة خلال السنوات التالية إلى العثور على مجموعات متنوعة من اللقى تعود إلى فترات زمنية تمتد من العصر البرونزي إلى العصر الحديدي، منها مجموعة من الأختام، ومجموعة من الأواني الطينية، ومجموعة من الأدوات المعدنية.

تنقسم مجموعة الأدوات المعدنية إلى مجموعات عدة، أكبرها مجموعة من الأسلحة تعود إلى الألفية الثانية قبل الميلاد، تشابه في صناعتها وفي صياغتها أسلحة معاصرة لها خرجت من مواقع أثرية أخرى في الإمارات وفي المناطق المجاورة لها. يأخذ القسم الأكبر من هذه الأسلحة شكل خنجر من الحجم المتوسط، يتكوّن من مقبض بسيط ونصل مروّس. يبدو المقبض مجرّداً من الزينة في أغلب الأحيان، غير أن بعض النماذج تخرج عن هذا السياق، وتتميّز بنقش زخرفي متقن يشهد لأسلوب فني ساد في هذه الناحية من الجزيرة العربية كما يبدو.

يتجلّى هذا النقش الناتئ في خنجر من البرونز يتكون من مقبض يبلغ طوله 13 سنتيمتراً، ونصل طوله 16 سنتيمتراً. يتكوّن هذا النقش من مساحات زخرفية مختلفة، تشكّل معاً تأليفاً تجريدياً يجمع بين تقاسيم متناغمة. يعلو هذا التأليف شريط أفقي يحدّ قاعدة نصل الخنجر، تزيّنه سلسلة من الحبيبات المتلاصقة. يستقرّ هذا الشريط فوق مساحة مكعّبة تأخذ شكل تاج تزيّنه زخرفة حلزونية مكوّنة من مفردتين تشكيليتين معاكستين. في النصف الأسفل من هذا المقبض، تحضر مساحة مستطيلة تزينها سنابل منتصبة محوّرة هندسياً، تستقرّ في إطار يحدّه شريطان مزخرفان بشبكة من الخطوط الأفقية. ترتفع هذه الكتلة المتراصة فوق قاعدة أسطوانية، وتشكلّ هذه القاعدة الطرف الأسفل لهذا المقبض البديع.

يحضر هذا النقش بشكل مشابه في خنجر آخر يبلغ طول نصله الحديدي 13.7 سنتيمتر، وطول مقبضه البرونزي 9 سنتيمترات. ويظهر هذا التشابه من خلال السنابل المنتصبة في كتلة مستطيلة تشكّل عموداً يعلوه تاج يزينه تأليف حلزوني مماثل. يستقر هذا العمود فوق قاعدة أسطوانية مجرّدة، ويشكّل معها تكوين مقبض هذا الخنجر الذي تأكسد نصله الحديدي العريض.

يبرز في هذا الميدان خنجران فريدان من نوعهما يحمل كل منهما مقبضاً نُحت على شكل حيوان من فصيلة السنّوريّات، يمثّل كما يبدو فهداً رابضاً. يتشابه هذان الخنجران البرونزيان من حيث الحجم تقريباً، غير أنهما يختلفان في التكوين، ويظهر هذا التباين عند دراسة مقبض كل منهما؛ إذ يحمل أحدهما صورة فهد مجسّم، ويحمل الآخر صورة مزدوجة لهذا الفهد. يظهر الفهد المفرد في خنجر يبلغ طول نصله المقوّس بشكل طفيف 19.5 سنتيمتر، وطول مقبضه 14 سنتيمتراً. يتكوّن هذا المقبض من مجسّم على شكل فهد ينتصب عمودياً فوق قاعدة تأخذ شكل تاج تزينه زخرفة حلزونية، تماثل في تأليفها النسق المعتمد. يشكّل رأس هذا الفهد قمة المقبض، وملامحه واضحة، وتتمثّل بعينين دائريتين، وأنف شامخ، وشدقين مفتوحين. يرتفع هذا الرأس فوق عنق طويل مقوّس، يحدّه عقد من الحبيبات الناتئة، يفصل بينه وبين البدن. يتكوّن هذا البدن من صدر طويل مستطيل، تعلوه قائمتان أماميتان تمتدّان في الأفق، مع قدمين مقوّستين بشكل طفيف. الفخذان عريضتان، والذيل منسدل، وهو على شكل ذيل الأسد، ويتميز بخصلة عريضة تعلو طرفه، تنعقد هنا بشكل حلزوني.

يتكون الخنجر الآخر من نصل يبلغ طوله 16 سنتيمتراً، ومقبض على شكل قوس منفرج طوله 12.5 سنتيمتر. تتكرّر صورة الفهد، مع اختلاف في التفاصيل؛ إذ يغيب الطوق الذي يحيط بالعنق، وتستقيم القائمتان الأماميتان عمودياً، وتحضر في وسط العين نقطة غائرة تمثّل البؤبؤ. ينتصب هذا الفهد فوق فهد آخر يظهر بشكل معاكس له، ويشكّل رأس هذا الفهد المعاكس الطرف الأسفل للمقبض، وقاعدة للنصل المنبثق من بين فكّيه.

يمثّل هذان الخنجران حالة فنية استثنائية في ميدان مجموعات الأسلحة المتعددة التي خرجت من مواقع الإمارات الأثرية، ومواقع سلطنة عُمان التي شكّلت امتداداً لها، ويبرزان بطابعهما التصويري الذي يأخذ هنا شكل منحوتتين مجسّمتين. تعكس هاتان المنحوتتان أثر بلاد السند وبلاد الرافدين، غير أنّهما تتميّزان بطابع محلّي خاص، ويظهر هذا الطابع في قطع أخرى تنتمي كذلك إلى ما يُعرف تقليدياً بالفنون الصغرى.