أكراد سوريا يسلمون أربعة من عائلات «الدواعش» إلى هولندا

عناصر من الإدارة الذاتية الكردية خلال تسليم أربعة من أفراد عائلات تنظيم «داعش» الإرهابي (أ.ف.ب)
عناصر من الإدارة الذاتية الكردية خلال تسليم أربعة من أفراد عائلات تنظيم «داعش» الإرهابي (أ.ف.ب)
TT

أكراد سوريا يسلمون أربعة من عائلات «الدواعش» إلى هولندا

عناصر من الإدارة الذاتية الكردية خلال تسليم أربعة من أفراد عائلات تنظيم «داعش» الإرهابي (أ.ف.ب)
عناصر من الإدارة الذاتية الكردية خلال تسليم أربعة من أفراد عائلات تنظيم «داعش» الإرهابي (أ.ف.ب)

سلّمت الإدارة الذاتية الكردية، اليوم (السبت)، في مدينة القامشلي في شمال شرقي سوريا وفداً دبلوماسياً هولندياً أربعة من أفراد عائلات تنظيم «داعش» الإرهابي، فيما تثير استعادة الرعايا انقساماً سياسياً وانتقادات في بلادهم، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ومنذ إعلان القضاء على «خلافة» التنظيم المتطرف قبل عامين، تطالب الإدارة الذاتية الدول المعنية باستعادة رعاياها من أفراد عائلات التنظيم الموجودين في المخيمات، أو مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات، فيما تمتنع بلدانهم عن القيام بذلك.
وتسلّم الوفد الهولندي الذي ضمّ مبعوث هولندا الخاص إلى سوريا إميل دو بون ومدير وزارة الخارجية للشؤون القنصلية والتأشيرات ديرك يان نيوفنهوس مواطنة هولندية وثلاثة أطفال.
وقال مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية عبد الكريم عمر خلال مؤتمر صحافي مشترك إنه بناء على طلب الحكومة الهولندية جرى تسليم «امرأة مع طفليها (صبيان في الثانية والخامسة)، وطفلة أخرى (12 عاماً) لديها حالة إنسانية بعد موافقة والدتها».
وقالت تمارا بوروما محامية المرأة وطفليها إن المرأة اسمها «إلهام ب»، موضحة أنه في أوضاع مماثلة، فإن أشخاصاً أتوا من سوريا تم اتهامهم فور وصولهم إلى أراضي هولندا بالارتباط بجماعة إرهابية ووضعوا قيد التوقيف الاحتياطي. ورجحت المحامية أن يكون هذا مصير موكلتها فيما تتولى دوائر حماية الطفولة أمر طفليها.
ورفضت متحدثة باسم وزارة العدل الهولندية التعليق على القضية، مؤكدة أن معلومات ستتوافر «في المساء».
وتقدّر السلطات الهولندية بنحو 75 عدد الأطفال الموجودين في المخيمات التي تتولاها الإدارة الذاتية، إضافة إلى 30 امرأة و15 رجلاً محتجزين لدى الأكراد.
والأطفال هم جزء من 220 طفلاً على الأقل يحملون الجنسية الهولندية في سوريا أو تركيا المجاورة، وفق سلطات بلادهم، 75 في المائة منهم دون سن الرابعة وقد ولدوا في المنطقة لأبوين يحملان الجنسية الهولندية.
وقال دو بون من جهته لصحافيين إنه حضر إلى القامشلي «مع تفويض واضح ومحدد جداً وفي مهمة قانونية قنصلية لاستعادة الأشخاص الأربعة الذين كانوا محتجزين في مخيم روج».
وشدّد على أنّ حكومته كلفته بهذه المهمة «لأن المحكمة الهولندية العليا أصدرت أحكاماً تتعلق بهذه الحالات تحديداً».
وأثارت عملية التسليم، فور إعلانها، انتقادات في هولندا حيث تبدو الحكومة المستقيلة منقسمة إزاء حساسية هذه القضية، بين فريق يدعو لمقاربة مسألة استعادة الأطفال من ناحية إنسانية وفريق آخر يعتبر أن أمن البلاد يعلو على ما عداه.
وقالت النائبة الليبرالية إنغريد ميشون في تغريدة: «إنه إجراء غير مفهوم. نفعل كل ما بوسعنا للحفاظ على أمن هولندا».
وغرّد النائب عن أقصى اليمين غيرت فيلدرز: «إنه أمر غير مقبول ولا يطاق أن نجلب التنظيم العدو إلى هنا»، وأضاف: «هؤلاء النسوة الإرهابيات تنازلن عن حقهن في أن تطأ أقدامهن التراب الهولندي».
وهذه المرة الثانية التي تقدم فيها هولندا على خطوة مماثلة، بعد استعادتها طفلين يتيمين من سوريا عام 2019.
وجدّد عمر مطالبة المجتمع الدولي «بالقيام بمسؤوليته عبر استعادة مواطنيه والتعاون معنا في هذا الملف» الذي يشكل عبئاً على الإدارة الذاتية.
ورغم نداءات الأكراد المتكررة، وتحذير منظمات دولية من أوضاع «كارثية» في المخيمات، فإن غالبية الدول تصر على عدم استعادة مواطنيها، ولم تستجب لدعوة إنشاء محكمة دولية لمحاكمة المتطرفين، واكتفت دول أوروبية عدة بينها فرنسا، باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى من أبناء «الدواعش».
وتتبنّى السلطات الهولندية سياسة متشددة فيما يتعلق بعودة رعاياها إلى بلدهم.
وقالت المتحدثة باسم المنسق الوطني لمكافحة الإرهاب والأمن في هولندا آنا صوفيا بوستوموس إنّ «السياسة العامة هي أن هولندا لا تساعد الأشخاص الآتين من مناطق القتال»، متحدثة عن الاستثناء الوحيد عام 2019. وأضافت: «نفضل وجود محكمة في المنطقة وأجرينا مناقشات لكنها ما زالت في مرحلتها الأولية».
وحذّرت لجنة مجلس الأمن الدولي العاملة بشأن «داعش» ومجموعات متطرفة أخرى في تقرير في فبراير (شباط) من أنّ مخيمات النازحين ومرافق الاحتجاز، خصوصاً في شمال شرقي سوريا، تمثّل «تهديداً كامناً».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.