حركة الشباب تتبنى تفجير سيارة ملغومة في مقديشو

موجة العنف تحول الدبلوماسية في الصومال إلى عمل محفوف بالمخاطر

حركة الشباب تتبنى تفجير سيارة ملغومة في مقديشو
TT

حركة الشباب تتبنى تفجير سيارة ملغومة في مقديشو

حركة الشباب تتبنى تفجير سيارة ملغومة في مقديشو

قالت الشرطة ومتحدث باسم حركة الشباب الصومالية المتشددة إن الحركة فجرت سيارة ملغومة في العاصمة مقديشو، أمس، مما أدى إلى إصابة ضابطي شرطة بجروح متفاوتة.
وكانت قوة لحفظ السلام، تابعة للاتحاد الأفريقي، قد طردت الحركة التابعة لتنظيم القاعدة من مقديشو عام 2011، لكنها شنت سلسلة من الهجمات بالأسلحة والقنابل من أجل الإطاحة بالحكومة وفرض رؤيتها المتشددة للشريعة، في وقت يحاول فيه الصومال جاهدا إعادة بناء ما دمرته الحرب الأهلية والفوضى على مدى عقدين من الزمان، لكن الهجمات المستمرة في العاصمة تعقد هذه الجهود. ولذلك تحظى الحكومة الضعيفة بدعم دولي للحيلولة دون تحول الصومال إلى ملاذ للمتشددين، على غرار متشددي «القاعدة»، في شرق أفريقيا.
وقالت الشرطة الصومالية إن المهاجمين فجروا السيارة عن بعد، ولاذوا بالفرار، وقد أصيب شرطيان في هذا الحادث، لكن لم ترد تقارير عن سقوط قتلى.
ومن جهته، قال عبد العزيز أبو مصعب، المتحدث باسم العمليات العسكرية في حركة الشباب، إن «السيارة الملغومة استهدفت الشرطة. نحن نستهزئ بهم. لقد أسرعت السيارة عمدا لدى اقترابها من نقطة تفتيش للشرطة. وأخذت الشرطة السيارة ثم قمنا بتفجيرها عن بعد».
ويقول خبراء ومراقبون سياسيون إنه في ظل هذا الجو المليء بالاضطرابات وقلة الأمن تحولت الدبلوماسية في الصومال إلى عمل محفوف بالمخاطر. ففي وسط العاصمة أصبحت تُنصب الكثير من المواقع المخصصة لتنفيذ أحكام، والتي تكشف عن أمور كثيرة، أبرزها أن العنف المتمثل في الإعدامات والهجومات الانتحارية والجرائم في الشوارع بات مشهدا يوميا عاديا. ولذلك يؤدي الدبلوماسي عمله هنا في ظروف بالغة الدقة.
وفي هذا الجو المشحون أعادت دول قليلة، على غرار بريطانيا، بعثاتها الدبلوماسية إلى العاصمة التي لا يزال يسمع فيها أزيز الرصاص، وتشهد هجومات متكررة من نوع حرب العصابات التي تشنها عناصر حركة الشباب الإسلامية. وقد اتخذت الصين من الطابق الأخير من أحد الفنادق مقرا لسفارتها. أما تركيا والإمارات العربية المتحدة فأقامتا سفارتيهما في مجمعين محاطين بتدابير أمنية مشددة في المدينة. لكن الغالبية الساحقة من البلدان الشريكة للصومال كالولايات المتحدة لا تزال تفضل أن تتخذ من العاصمة الكينية نيروبي المجاورة مقرا لسفارتها. أما البريطانيون الذين لم يستعيدوا مبنى سفارتهم القديمة المنخور بالرصاص وسط العاصمة، فيعتبرون أن وجودهم المادي في مقديشو لن ينطوي على أي معنى إذا لم يخرجوا من وقت إلى آخر من الملجأ المحصن إلى شاطئ البحر.
ومن أجل لقاء محمد عمر عرتي، النائب الجديد لرئيس الوزراء الصومالي، جازف السفير البريطاني نيل ويغان، وخرج من المجمع وسط قافلة من السيارات المدرعة الرباعية الدفع، يواكبها جنود بريطانيون سابقون، جرى تزويدهم بسماعات وبنادق ومسدسات. وقال إن «تهديد حركة الشباب حقيقي. ونحن نناقش دائما إن كان هناك موعد محدد يستحق المجازفة أم لا». ولكن بعد مرور يومين على هذا اللقاء، أصيب محمد عمر عرتي بجروح في هجوم انتحاري شنته حركة الشباب الإسلامية على فندق في العاصمة أسفر عن 25 قتيلا على الأقل.
وعندما لا يقوم بزيارة مسؤولين صوماليين، يعمل السفير البريطاني من المطار، الذي يعد منطقة قائمة بذاتها، يعيش فيها خبراء أمنيون يعملون في شركات خاصة، ودبلوماسيون شبان طموحون، وناشطون في مجال المساعدة الإنسانية، وجواسيس وجنود بلباسهم العسكري، ورجال أعمال. وتحمي هذا المجمع جدران تقاوم الانفجارات وأسلاك شائكة، يحرسها جنود من الاتحاد الأفريقي. ويفترض أنه أكثر الأماكن أمانا في مقديشو. لكن ذلك لم يمنع عناصر حركة الشباب الإسلامية من شن هجوم استمر 36 ساعة خلال أعياد عيد الفصح الماضي، حيث لقي 12 شخصا مصرعهم.
ويشعر ويغان بأنه محتجز إلى حد ما في سفارته، لكنه يعتبر أن «الإقامة الدائمة فيها» أفضل من تكرار الذهاب والإياب إلى نيروبي. وقال إن «مستوى التزامنا وقدرتنا على تحقيق نتائج كبير جدا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».