«الأغذية العالمي» للمساعدة في حل أزمات الجنوب الليبي

الاتحاد الأوروبي يتعهد العمل على دعم الاحتياجات الفعلية للمواطنين

بعثة من المنظمات الدولية إلى مدينة سبها جنوب ليبيا (من صفحة السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفتشا على «تويتر»)
بعثة من المنظمات الدولية إلى مدينة سبها جنوب ليبيا (من صفحة السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفتشا على «تويتر»)
TT

«الأغذية العالمي» للمساعدة في حل أزمات الجنوب الليبي

بعثة من المنظمات الدولية إلى مدينة سبها جنوب ليبيا (من صفحة السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفتشا على «تويتر»)
بعثة من المنظمات الدولية إلى مدينة سبها جنوب ليبيا (من صفحة السفير الألماني لدى ليبيا أوليفر أوفتشا على «تويتر»)

في خطوة تستهدف تفقد أوضاع السكان، قاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بعثة مشتركة تضم ممثلين من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية ومعاهد البحوث وممثلين من الاتحاد الأوروبي وألمانيا وسويسرا في زيارة إلى إقليم (فزان) بجنوب ليبيا، للتباحث مع المسؤولين الحكوميين المحليين حول سبل تعزيز السلام والتنمية هناك.
وتشتكي مدن الجنوب الليبي من تجاهل حكومي طوال السنوات العشر الماضية، أدى إلى تراجع مستوى الخدمات الأساسية، وارتفاع أسعار السلع، فضلاً عن ندرة في فرص العمل لشباب المناطق، وتفشي الجريمة وعمليات التهريب.
وتعد هذه الزيارة الأممية والدولية هي الأولى منذ قرابة ثلاث سنوات بين الجهات الدولية والسلطات المحلية في مدينة سبها، عاصمة إقليم (فزان)، التي طالبت بعقد اللقاء، بحسب برنامج الأغذية، في بيان أصدره مساء أول من أمس.
ورحب إبراهيم الشاويش، عميد بلدية سبها، بالوفد الأممي والأوروبي، وأكد ضرورة إيجاد حلول مستدامة لمناطق الجنوب، لا سيما في مجال الحماية الاجتماعية.
وأضاف الشاويش: «على مدار السنوات العشر الماضية، أثرت الاضطرابات السياسية على حياة المواطنين ومعيشتهم، وكذلك على قدرة البلدية على توفير الخدمات الأساسية»، متابعاً: «أود اغتنام هذه الفرصة لإيجاد حلول مستدامة من شأنها أن تسهم في إحلال السلام والتنمية في منطقتنا، وذلك بالتعاون مع المجتمع الدولي».
وتعد هذه الزيارة بمثابة مبادرة من «مجموعة رابطة العمل الإنساني والتنمية والسلام» التي تأسست في ليبيا عام 2019، وتهدف للتنسيق بين مختلف الجهات الفاعلة الإنسانية في البلاد لمعالجة حالات الاحتياج بين السكان بشكل متسق قبل النزاعات وأثناءها وبعدها.
وقال علي إمليمدي، وهو يعمل محامياً وينتمي إلى سبها، إنه «رغم تحسن الكهرباء في مدينته هذا العام للمرة الأولى منذ تسعة أعوام، فإن «الأزمة التي يعانيها سكان الجنوب الآن تكمن في شح الوقود، ما يدفع المواطنين للجوء إلى السوق السوداء لشراء ما يحتاجون رغم أن أغلب حقول النفط في مناطقنا».
وأضاف إمليمدي، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أمس، أن «السيولة النقدية لا تزال تؤرق المواطنين، لكن يبقى غياب الأمن هو المعضلة الكبيرة هنا، ما يسهل عمليات تهريب البشر والمواد النفطية، والخطف والقتل بدم بارد».
واستكمل: «رغم أنه من عام 2012 لم تكن هناك سجون في الجنوب، لكن مؤخراً تم تفعيل دور (مؤسسة الإصلاح والتأهيل) مع عودة للشرطة القضائية والبحث الجنائي، ونأمل أن تنضبط الأمور».
في السياق ذاته، رأى خوسيه أنطونيو ساباديل، سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، أن زيارتهم إلى مدينة سبها «تمثل علامة فارقة نحو بناء الثقة والتعاون مع الشركاء الليبيين»، وتابع: «مثل هذا اللقاء المشترك لم يكن ممكناً منذ فترة طويلة. إن المشاورات المباشرة مع القيادة في جميع المناطق الليبية ضرورية لتكييف دعمنا بناءً على الاحتياجات الفعلية على أرض الواقع».
ووعد ساباديل بأنه «سيتم التركيز على الخدمات الأساسية للمواطنين في الجنوب، خصوصاً في مجالات المياه والكهرباء والصحة والتعليم، بالإضافة إلى المصالحة الوطنية».
وذهب برنامج الأغذية، في بيانه، إلى أنه تم اختيار مدينة سبها كموقع تجريبي لاستراتيجية «مجموعة رابطة العمل» بناءً على تحليل مشترك حديث نُشر في مارس (آذار) الماضي، حدد الاحتياجات الواضحة والمخاطر ومواطن الضعف المتعلقة بالخدمات الأساسية، فضلاً عن موقعها الاستراتيجي كعاصمة لمنطقة فزان.
وقالت رود الحلبي، المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي في ليبيا رئيسة «مجموعة رابطة العمل»: «في الوقت الذي نعمل فيه على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية، فإن التنسيق الوثيق بين جميع أصحاب المصلحة وتعزيز ملكية السلطات المحلية أمران أساسيان للحد من مواطن الضعف، ولضمان توفر فرص كسب عيش مستدامة لجميع المواطنين في ليبيا».
وتطرق نيت ويلسون، المدير القطري لمعهد الولايات المتحدة للسلام في ليبيا، لعملية التقارب بين الليبيين، وقال: «تلقينا تأكيداً على أهمية التحاور وأعمال بناء السلام الأخرى باعتبارها ضرورية للركائز الأخرى لمجموعة العمل من أجل الترابط، ونتطلع إلى تعميق العلاقات مع أصحاب المصلحة في مدينة سبها».
وكان الوفد وصل إلى مدينة سبها على متن رحلة جوية تابعة للأمم المتحدة يديرها برنامج الأغذية العالمي من طرابلس. وتلعب الخدمات الجوية الإنسانية التابعة للأمم المتحدة دوراً حاسماً في إتاحة الوصول إلى الأجزاء المختلفة من ليبيا للحصول على المساعدات الدولية من خلال رحلاتها المنتظمة إلى طرابلس وبنغازي ومصراتة، وبالتالي ربط شرق ليبيا بغربها.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.