قارن علماء وخبراء في الآثار بين قيام عناصر «داعش» وهم يستخدمون مطرقات وآلات ثقب كهربائية، بتدمير تماثيل آشورية وغيرها يعود تاريخها إلى آلاف السنين، في متحف الموصل وموقع أثري ثانٍ في المدينة، وقيام حركة طالبان في عام 2001، بتدمير تمثالين عملاقين لبوذا في منطقة باميان الأفغانية، مما تسبب بصدمة عالمية وموجة استنكار شديد.
ودان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة التدمير «الوحشي» للآثار. وقال للصحافيين على هامش زيارته إلى الفلبين: «الوحشية تطال الأشخاص والتاريخ والذاكرة والثقافة».
وأضاف: «ما يريده هؤلاء الإرهابيون هو تدمير كل أوجه الإنسانية»، معتبرا أن «السعي إلى تدمير التراث يعني السعي إلى تدمير كل الذين يحملون رسالة ثقافة».
ودان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أمس «الاعتداء الوحشي» لآثار تعود إلى حقبة ما قبل الإسلام بأيدي متطرفي تنظيم داعش في الموصل (شمال العراق) معتبرا الأمر من «أبشع الجرائم بحق تراث الإنسانية».
ووصف العربي في بيان، أمس، هذا الفعل بـ«الجريمة الوحشية التي تفوق الوصف بهمجيتها وبربريتها». وأضاف أن «هذا الاعتداء الوحشي على التراث الحضاري لشعب العراق يمثل واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبت في هذا العصر بحق تراث الإنسانية جمعاء».
وأشار إلى أن ما قام بها تنظيم داعش «يهدف إلى بث ثقافة الإرهاب والعنف والكراهية بين الجماعات والمكونات الثقافية والحضارية المتنوعة لأبناء المنطقة».
وندد إياد علاوي نائب الرئيس العراقي، أمس، بجريمة تنظيم داعش بتدمير متاحف الموصل التي تضم آثارا حضارية تعود إلى آلاف السنين.
وقال علاوي في تصريح صحافي على «المنظمات الدولية ودول العالم اتخاذ موقف دولي من جماعات التطرف والإرهاب التي تتوسع وتستبيح القتل والتخريب، وتستهدف وجود الإنسانية، وأن التخريب والتطاول على تراث وتاريخ العراق في متاحف محافظة نينوى لا يمثل إلا النهج المتخلف الذي تنفذه جماعات التطرف والنموذج للإرهاب».
وأضاف: «أدعو الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي إلى التحرك السريع مع إصدار قرار أممي لتجنيد دول العالم للقضاء على الإرهاب والتطرف نهائيا، ووقف النهج التكفيري الذي أدى إلى الدمار الشامل في المناطق التي وقعت تحت سيطرة ما يعرف بتنظيم داعش الإرهابي».
وذكر أن «العراق يقود حربا صعبة ويقف بقوة في الوقت نفسه دفاعا عن الوطن والشرف ويدافع أبناءه مقدمين أرواحهم من أجل بقاء شعب العراق مرفوع الرأس. والحكومة والسلطات التشريعية والتنفيذية تبذل جهودا كبيرة، لكن الوقفة لدول العالم ما زالت بحاجة للمزيد».
وقال: «إن تحطيم الآثار والتاريخ والتراث هو تطرف وإرهاب وامتداد للقتل والتهجير والتدمير الذي تمارسه جماعات لا ترتبط لا من بعيد ولا قريب بالأديان السماوية والقيم الإنسانية، والقضاء عليها لن يتم إلا بالتكاتف والتعاون والتحرك الفوري للأمم المتحدة ودول العالم قبل أن يتمدد الموج المتخلف».
ووصف خبير ألماني في الآثار تدمير تنظيم «داعش» لآثار في العراق يعود تاريخها إلى آلاف السنين بـ«كارثة ثقافية فادحة».
وقال ميشائيل مولر - كرابه الخبير في المتحف المركزي الروماني - الجرماني في مدينة ماينتس الألمانية، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، أمس: «هؤلاء المجانين دمروا تراثنا المشترك».
وذكر مولر - كرابه أن «داعش» يبيع كثيرا من المقتنيات الأثرية بطريقة غير شرعية للغرب لتمويل الأسلحة، وقال: «لكن المقتنيات الأثرية التي لا يمكن بيعها بسبب شهرتها أو كبر حجمها يدمرونها للفت انتباه وسائل الإعلام».
وذكر الخبير الألماني أن تنظيم داعش دمر كثيرا من التماثيل الكبيرة لحراس شعب الآشوريين التي يرجع تاريخها إلى القرن الثامن قبل الميلاد بآلات ثقب الصخور، وقال: «قيمة تلك التماثيل لا يمكن تقديرها بمال».
وفي شريط تدمير آثار الموصل، يقول عنصر إنها «أصنام وأوثان لأقوام في القرون السابقة كانت تعبد من دون الله عز وجل»، مضيفا أن النبي محمد «أزال الأصنام وطمسها بيده الشريفة عندما فتح مكة» قبل زهاء 1400 عام.
ويقول أكاديميون متخصصون في الدراسات الإسلامية إن ما قام به الرسول يختلف جذريا مع العصر الحالي، إذ إن الأصنام في ذاك العصر كانت مخصصة للعبادة، ولا تمثل إرثا حضاريا.
وأعلنت دار الإفتاء المصرية، أمس، أن تدمير مسلحي «داعش» في الموصل قطعا أثرية تعود إلى حقب تاريخية سبقت الإسلام يفتقر إلى «أسانيد شرعية»، موضحة أن الحفاظ على التراث «أمر لا يحرمه الدين».
وأكدت دار الإفتاء في بيان، أمس، أن «الآراء الشاذة التي اعتمد عليها (داعش) في هدم الآثار واهية ومضللة ولا تستند إلى أسانيد شرعية».
وأشارت إلى أن «هذه الآثار كانت موجودة في جميع البلدان التي فتحها المسلمون، ولم يأمر الصحابة الكرام بهدمها أو حتى سمحوا بالاقتراب منها».
وأوضحت أن «الصحابة جاءوا إلى مصر إبان الفتح الإسلامي ووجدوا الأهرامات وأبو الهول وغيرها، ولم يصدروا فتوى أو رأيا شرعيا يمس هذه الآثار التي تعد قيمة تاريخية عظيمة».
وأضافت أن «الآثار تُعتبر من القيم والأشياء التاريخية التي لها أثر في حياة المجتمع، وبالتالي فإن من تسوّل له نفسه ويتجرأ ويدعو للمساس بأثر تاريخي بحجة أن الإسلام يحرم وجود مثل هذه الأشياء في بلاده، فإن ذلك يعكس توجهات متطرفة تنم عن جهل بالدين الإسلام».
وشددت على أن «الحفاظ على هذا التراث ومشاهدته أمر مشروع ولا يحرمه الدين». واعتبر رضوان السيد أستاذ العلوم الإسلامية في الجامعة اللبنانية، في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن مقارنة التنظيم ما قام به مع ما قام به النبي محمد، أمر «غير صحيح على الإطلاق وقياس سخيف ومخطئ».
وأضاف أن الأصنام في عهد النبي «كانت تماثيل لآلهة وموجودة حول الكعبة بينما الآثار والتماثل الموجودة في متحف الموصل والمواقع الأثرية الأخرى ليست تماثيل لآلهة، بل تماثيل لأباطرة ولحيوانات وطيور».
وتابع: «حتى وإن كانت تماثيل لآلهة فهي موجودة في متحف. والقرآن الكريم يدعو إلى الاعتبار بهذه الآثار، وهذه المعالم لأقوام ماضين ذهبوا و(هي دليل على) أن الحياة ذاهبة».
هولاند: تدمير وحشي.. نبيل العربي: أبشع الجرائم ودار الإفتاء المصرية: أفكار «داعش» شاذة
ردود فعل دولية ضد تهديم آثار الموصل
هولاند: تدمير وحشي.. نبيل العربي: أبشع الجرائم ودار الإفتاء المصرية: أفكار «داعش» شاذة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة