{التحالف} يستهدف للمرة الأولى ريف تل تمر ومفاوضات للإفراج عن المختطفين

ارتفاع عدد الآشوريين المفقودين إلى 255 ولبنان يسهّل استقبال العائلات النازحة

مقاتلون أكراد يراقبون الوضع قرب تل تمر بريف الحسكة قبل أول من امس (رويترز)
مقاتلون أكراد يراقبون الوضع قرب تل تمر بريف الحسكة قبل أول من امس (رويترز)
TT

{التحالف} يستهدف للمرة الأولى ريف تل تمر ومفاوضات للإفراج عن المختطفين

مقاتلون أكراد يراقبون الوضع قرب تل تمر بريف الحسكة قبل أول من امس (رويترز)
مقاتلون أكراد يراقبون الوضع قرب تل تمر بريف الحسكة قبل أول من امس (رويترز)

ارتفع عدد المفقودين من المدنيين الآشوريين في سوريا إلى 255 شخصا معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ إضافة إلى العشرات من المقاتلين الآشوريين الذين لم يعرف مصيرهم إلى الآن من قرى في محافظة الحسكة في شمال شرقي سوريا، وفق ما أعلنت (الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان)، بينما واصلت العائلات المسيحية التي تسكن المنطقة نزوحها نحو مدينتي الحسكة والقامشلي.
وسجّل يوم أمس، تنفيذ أول غارات جوية على مواقع «داعش» على مناطق في ريف تل تمر التي سيطر عليها التنظيم قبل أيام، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مشيرا إلى تحقيق إصابة في صفوف مقاتلي التنظيم.
وبعدما كانت الحكومة اللبنانية قد اتخذت قرارا بالتوقف عن استقبال النازحين السوريين، منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، علّق هذا القرار بشكل استثنائي منذ يوم أمس وفتحت الحدود لاستقبال النازحين الآشوريين، وفق ما أكّد وكيل رئيس الطائفة الآشورية في لبنان الأسقف يترون كوليانا، لـ«الشرق الأوسط»، وأوضح أنّه تم التواصل مع وزيري الداخلية والبلديات والشؤون الاجتماعية نهاد المشنوق ورشيد درباس وأبديا تجاوبا في هذا الإطار.
وفي هذا الإطار، أوضحت مصادر وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» أنّ قرار استقبال العائلات الآشورية لا يعني إعادة فتح الحدود كما السابق، إنما يبقى ضمن إطار الأسباب الإنسانية التي سبق للحكومة أن حدّدتها لاستقبال النازحين السوريين عند اتخاذ قرار الحدّ من تزايد عدد اللاجئين إلى لبنان، مشيرة في الوقت عينه إلى صعوبة يواجهها هؤلاء قبل الوصول من الحسكة إلى الحدود اللبنانية، نظرا إلى الأوضاع الأمنية في المناطق التي عليهم المرور بها.
وعن التواصل مع العائلات الآشورية في سوريا، قال كوليانا «تواصلنا مع بعض الجهات في سوريا لإبلاغ العائلات الآشورية الراغبة في المجيء إلى لبنان بأن الأمر أصبح متاحا لها، وسنعمد إلى استقبالهم عند وصولهم إلى الحدود ومحاولة تأمين الملجأ اللازم لهم»، مشيرا إلى أنّ «المرحلة الأولى ستكون باستقبالهم في بيوت العائلات الآشورية في لبنان ريثما يتم تأمين أماكن لإيوائهم».
وأكّد كوليانا أنّ عدد الآشوريين المختطفين لدى «داعش» يفوق الـ250 شخصا، مشيرا إلى أنّ 50 عائلة خطفت فقط من قرية تل شاميران، وأكثر من ألف عائلة نزحت من الحسكة، لجأ 250 منها إلى المطرانية الآشورية في ريف الحسكة. ولفت كوليانا إلى أنّ معلومات أفادت بمقتل 10 أشخاص خلال اقتحام التنظيم لمنازلهم. وكان تنظيم داعش احتجز بداية 90 مسيحيا آشوريا إثر هجوم شنه الاثنين على قريتي تل شاميرام وتل هرمز الواقعتين في محيط بلدة تل تمر شمال غربي مدينة الحسكة.
وأفاد المرصد أن تنظيم داعش بات يسيطر حاليا على 10 قرى مسيحية في منطقة تل تمر، مشيرا إلى أن «مفاوضات تجري عبر وسطاء من عشائر عربية وأحد الشخصيات الآشورية، للإفراج عن المختطفين».
وقد تمكن التنظيم من اختطاف هؤلاء إثر معارك عنيفة خاضها مع مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية مع هجومه على القريتين، الذي استكمله بهجوم على قرى أخرى قريبة ما سمح له بالتقدم واختطاف المزيد من المسيحيين الآشوريين.
وقتل بحسب المرصد في هذه المواجهات 12 عنصرا في وحدات حماية الشعب الكردية وعنصران أمنيان كرديان آخران، و3 عناصر بينهم امرأة ينتمون إلى مجموعة مسيحية مسلحة تقوم بحراسة القرى في المنطقة.
وتسبب هجوم «داعش» على هذه القرى بحركة نزوح كبيرة لسكان المنطقة باتجاه مدينة الحسكة ومدينة القامشلي الشمالية الحدودية مع تركيا. وقال جان طولو المسؤول في «مؤسسة آشور للإغاثة والتنمية» ومقرها القامشلي في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية «استقبلنا حتى الآن نحو 200 عائلة وزعت على منازل لتسكن فيها مؤقتا بعدما هربت من بطش داعش».
وأضاف أن «النازحين وصلوا إلى هنا في حالة نفسية منهارة، ولم يجلبوا معهم أي أغراض إذ إنهم تركوا كل شيء في منازلهم في قراهم وهربوا»، مشددا على أن «العائلات النازحة تصل إلى المدينة بشكل مستمر منذ 3 أيام».
وكان أسامة إدوارد مدير «شبكة حقوق الإنسان الآشورية» ومركزها السويد، قال: إن «نحو 800 عائلة غادرت الحسكة منذ الاثنين، فيما غادرت أيضا نحو 150 عائلة القامشلي، في عملية نزوح تشمل نحو 5 آلاف شخص».
وقد أدانت الولايات المتحدة والأمم المتحدة عمليات الخطف. وقال مجلس الأمن الدولي في بيان إن «مثل هذه الجرائم تدل على وحشية تنظيم داعش (...) المسؤول عن آلاف الجرائم والانتهاكات ضد أشخاص من كل الديانات والإثنيات والقوميات ومن دون اكتراث بأي من القيم الإنسانية».
وطلب أعضاء المجلس «بالإفراج الفوري وغير المشروط عن كل المخطوفين من قبل تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرهما من الأفراد والمجموعات والكيانات المرتبطة بالقاعدة»، مؤكدين ضرورة «محاسبة المسؤولين عن مثل هذه الأعمال المقيتة».
وكانت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي برناديت ميهان، ذكرت أن الولايات المتحدة «تدين بشدة» الهجمات على القرى المسيحية في شمال شرقي سوريا وخطف المدنيين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.