اهتمام لبناني بتأكيد حاكم «المركزي» ضمان الودائع في المصارف

قال إنه سيحقق في قيام «القرض الحسن» بتبييض أموال

حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة (رويترز)
حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة (رويترز)
TT

اهتمام لبناني بتأكيد حاكم «المركزي» ضمان الودائع في المصارف

حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة (رويترز)
حاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة (رويترز)

تركت التصريحات المستجدة لحاكم مصرف لبنان (المصرف {المركزي}) رياض سلامة، انطباعات متباينة في أوساط اللبنانيين، مع رصد اهتمام استثنائي بمدى صدقية أو جدية التوجه لتمكين المودعين من سحب مبالغ بالدولار النقدي، أو تحويلها إلى الخارج من حساباتهم، لا سيما مع جفاف الاحتياطات الحرة من العملات الصعبة، وبلوغ المخزون مستوى الاحتياطات الإلزامية التي تماثل 15 في المائة فقط من إجمالي الودائع الدولارية في الجهاز المصرفي البالغة حالياً نحو 105 مليارات دولار.
وبدا، حسب مصادر مصرفية متابعة، «أن تأكيدات سلامة بالحفاظ على أموال المودعين متقدمة على سواها من مضمون التصريحات المطمئنة التي سعى إلى بثها، في ظل الشكوك الكبيرة التي تساور أكثر من مليوني مودع في الجهاز المصرفي، ربطاً بمسار الانحدارات المستمرة التي تشهدها البلاد منذ خريف عام 2019، لا سيما في المجالين النقدي والمالي، حيث فقدت العملة الوطنية نحو 90 في المائة من قوتها الإبرائية وقوتها الشرائية».
وقد لفت سلامة​، في مقابلة مسجلة مع قناة «الحدث»، وتم بثها ليل الاثنين، إلى أن النظام المصرفي اليوم ليس فعالاً، ولكنه لم ينهر حتى ​الساعة،​ لأن المصارف لم تفلس. كما أن الهدف الأساسي اليوم هو الحفاظ على أموال المودعين، وذلك عبر الحفاظ على المصارف من عدم الإفلاس، وطالما هناك نظام مصرفي، فهذا يعني أن ​الأموال​ موجودة.
لكن المثير في المقابلة، كان إعلانه بأنه اعتباراً من نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل، «سيبدأ دفع 50 ألف دولار للمودعين، 25 ألف دولار نقداً (بالدولار)، و25 ألفاً بالليرة اللبنانية على سعر الصرف المعتمد في المنصة، وهذا الموضوع سيحل الأمور نهائياً للمودعين الصغار، وعددهم يتعدى المليون و30 ألف حساب. وهذا يؤكد أن العمل الذي يقوم به المصرف المركزي عمل صامت، إلا أنه يقوم بالعمل اللازم لإعادة الثقة بالقطاع واستقطاب العملات النقدية الموجودة في البيوت».
وإذ تتباين الأرقام الواردة مع إشارة سابقة ببدء محادثات مع المصارف لتمكين المودعين من سحب 25 ألف دولار نقداً، وبالتقسيط على مدى ثلاث سنوات، نبهت مصادر مصرفية إلى ضرورة استبيان قدرات المصارف على الاستجابة لهذا الهدف الذي يتوافق مع رغباتها لاستعادة الأنشطة المصرفية المعتادة، وتخفيف الأحمال المتولدة من استمرار موجة السحوبات على وتيرتها المرتفعة، إنما تعجز واقعياً عن تحقيقها، ما لم يجرِ تحرير جزء من توظيفاتها لدى البنك المركزي البالغة أكثر من 70 مليار دولار وسنداتها بالعملات الأجنبية (يورو بوندز) لدى الدولة التي تقارب 10 مليارات دولار.
وأثنى مسؤول مصرفي على إشهار قناعة الحاكم بأن «الحكومة أساس في استعادة الثقة بالليرة اللبنانية، كما أن ثقة المجتمع الدولي أساس للخروج من الأزمة. وذلك عبر تأليف حكومة تقر الإصلاحات. كذلك تأكيده بأن التذرع بأن ​مصرف لبنان​ هو الأزمة والقادر على حل الأزمة غير صحيح».
وأكد سلامة في تصريحاته: «كنا اختصرنا الوقت لو تشكلت الحكومة بسرعة، ولبنان مر بظروف صعبة أيام الحرب وعاد بعدها، والمجتمع الدولي اليوم يطالب بحكومة تقر إصلاحات مقابل دعم للبنان بعدة طرق. وأكد أنه لا توجد هبات للبنان، بل قروض، والدول المانحة تريد ضمانات لإعادة أموالها. وقد فعلنا كل ما يتوجب علينا بشأن التدقيق الجنائي ولدى وزارة المالية المستندات».
وفي منحى التصويب، تطرق إلى الأسباب المتراكمة من مشاكل وأحداث، أهمها التوقف عن الدفع للمستحقات الخارجية، كما أن ​المصارف​ أقفلت 3 أسابيع، وبعدها أزمة «​كورونا»​ و​انفجار​ مرفأ ​بيروت​ وغياب ​الحكومة​ لأكثر من 10 أشهر، مؤكداً، في المقابل، أنه تم سحب 30 مليار ​دولار​ من المصارف من كافة العملات منذ بدء الأزمات في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2019 إلى اليوم.
كما كشف أنه «تم سحب وتحويل حوالي 3.5 مليار دولار في فترة الأشهر الأولى، من بينها مليارا دولار للسوق الخارجية، ومليار ونصف المليار للخارج تتضمن أموال مصارف أجنبية». وقال، «عندما طلبت غطاء لملاحقة خروج الأموال هاجموني بأن ذلك غير دستوري».
وفي إشارة مهمة، كرر سلامة بأن جمعية «القرض الحسن» ليست مؤسسة مرخصة من مصرف لبنان، وهي بالأساس مؤسسة اجتماعية تعطي علماً وخبراً لوزارة الداخلية، ولا صلاحية لنا في هذا الإطار، موضحاً أنه سيتم التحقق من موضوع تبييض الأموال مع «القرض الحسن» الذي تحدث عنه تقرير أميركي، وقد علمنا به منذ أيام عقب إنزال عقوبات مالية أميركية جديدة بحق عدد من الأشخاص الذين قد يملكون أيضاً حسابات مصرفية.
وكشف أن المنصة التي أوجدها مصرف لبنان تهدف إلى خلق شفافية بالتعاطي النقدي بين الليرة والدولار، «ونريدها أن تكون شاملة، حيث سمحنا للمصارف بالعمل كصرافين، واعتمدنا سعر السوق للعمل من خلاله، وعبر هذه المنصة ستكون هناك معلومات عن الشاري والبائع وسجل موثق لتبادل العملات».
وتحدث عن التباس في موضوع الدعاوى المرفوعة ضده في عدد من الدول، وذكر بأنه كان يملك 23 مليون دولار في عام 1993، ومن الطبيعي أنه يملك أكثر اليوم، داعياً إلى التفريق بين وضعيته الخاصة وبين وضعيته كحاكم مصرف لبنان، لأنه كان ولا يزال يملك استثمارات خاصة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».