صيف الانتخابات العراقية يزداد سخونة... وينذر بالخطر

مقتل مرشح سنّي بعد أيام من اغتيال شيعي يزيد المخاوف على أمن الاقتراع

صيف الانتخابات العراقية يزداد سخونة... وينذر بالخطر
TT

صيف الانتخابات العراقية يزداد سخونة... وينذر بالخطر

صيف الانتخابات العراقية يزداد سخونة... وينذر بالخطر

انتهى فصل الربيع القصير في العراق عادة، وبدأ فصل الصيف الساخن مبكراً، بعد أن أخذت درجات الحرارة تتجاوز الأربعينات، وتتقدم لا تلوي على شيء نحو الخمسينات، في ظل استمرار التذبذب في ساعات تجهيز الكهرباء.
المواسم السياسية في العراق لا تعرف الفصول، باستثناء فصل واحد يتكرر بمزيد من الدم كل أربع سنوات، الذي يُسمى الاستحقاق الانتخابي، باستثناء هذه المرة، حيث تقرر أن تجري الانتخابات مبكرة. هذه هي أحكام الديمقراطية التي تتقرر من خلال صناديق الاقتراع قبل الحريق أم بعده. هناك المزيد من الأصابع البنفسجية لأغراض إعلامية في مقابل المزيد من الدماء التي لا أحد يعرف متى يتوقف جريانها على درب الديمقراطية الذي لا يزال طويلاً.
مع ذلك، ولأن كل شيء في العراق ديمقراطي حتى القتل، فإن العدالة الانتخابية تقتضي التوازن في التصفيات؛ فبعد أقل من عشرة أيام على اغتيال الناشط المدني البارز والمرشح للانتخابات المقبلة عن الحراك الجماهيري إيهاب الوزني، اغتيل، مساء أول من أمس، في الطارمية، شمال بغداد، مرشح سني اسمه هشام المشهداني. قبل اغتيالهما لم يكن أحد يعرف الوزني إلا على مستوى الحراك الجماهيري، الذي بدأ في انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019. أما المشهداني فحتى ليلة اغتياله لم يكن معروفاً على مستوى الإعلام، مع أنه ناشط مهم في منطقته، ومرشح ساخن في انتخابات تزداد سخونة في كل شيء، حرارة التصفيات وحرارة الدرجات.
لم تعد تنفع التحذيرات ولا المناشدات بمن في ذلك الرسائل الثلاث التي بعثها العراق إلى مجلس الأمن، من أجل الانتخابات، طبقاً لما أعلنه عبد الحسين الهنداوي مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات. الهنداوي يقول إن وزير الخارجية فؤاد حسين أرسل كُتُباً إلى مجلس الأمن الدولي، ثلاث مرات، بشأن المراقبة الدولية للانتخابات المقررة في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مضيفاً في بيان أن «مجلس الأمن سيبحث الموضوع خلال الأيام المقبلة، ومن المتوقع أن يكون الرد إيجابياً جداً»، لافتاً إلى أن «العراق متفهم للضرورات الدولية وكل الشروط المطلوبة بشأن الملف». وأكد أن «المراقبة الدولية لن تؤثر على سيادة العراق بالمطلق»، مشيراً إلى أن «الموضوع ستتم متابعته من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وليس الحكومة، كونها السلطة الحصرية للانتخابات». وأوضح أن «الحكومة ستراقب عمل المفوضية وتقدم الدعم لها، مع التأكيد على المهنية والشفافية والنزاهة».
خميس الخنجر، زعيم تحالف «العزم» الذي ينتمي إليه المرشح المغدور هشام المشهداني الذي يترأس منظمة شبابية تطوعية هناك، وصف عملية اغتيال مرشحه بأنها «رسالة خطيرة تؤشر إلى ضرورة حماية العملية الديمقراطية وأصحاب الفكر والنشاط الجماهيري من السلاح المنفلت والمجاميع الإرهابية».
في الطارمية حيث كان يسكن المشهداني قبل اغتياله، يختلط السلاح المنفلت بسلاح موازٍ آخر هو سلاح المجاميع الإرهابية، وفي المقدمة منها تنظيم داعش. بيان الخنجر لم يفصل بين الاثنين، حيث المسافة أحياناً ليست كبيرة بين نوعي السلاحين أو طريقة استخدامهما. التحقيقات لم تثبت منذ مقتل هشام الهاشمي، القتيل الأبرز بين الضحايا حتى الآن، وحتى الآن، مَن هو المتورط؟ الوعود هي سيد الموقف. النائب السابق في البرلمان العراقي والمرشح الحالي عن تحالف العزم إياد الجبوري يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «ملف الاغتيالات في العراق، وإن كان ليس جديداً، خصوصاً في مواسم الانتخابات، لكنه الآن يزداد خطورة، في ظل فشل متكرر سواء في كشف القتلة أو محاسبتهم».
ويضيف الجبوري أن «استمرار مثل هذه التصفيات سوف يؤثر كثيراً على مسار الانتخابات، وعلى الوضع العام في البلاد، بالإضافة إلى إنها يمكن أن تكون ذريعة للجهات التي تريد تأجيل الانتخابات». ويدعو الجبوري إلى «أهمية تأمين الأمن الانتخابي، وهو ما يتطلب من الحكومة والجهات الأمنية وضعه في أول سلم الأولويات وإلا، فإن أي حديث عن التغيير عبر الديمقراطية وصناديق الاقتراع ليس سوى حديث خرافة، لا سيما أن التنافس لم يعد للأسف شريفاً، بل يستند إلى التصفيات».
في محافظة ديالى، وهي إحدى المحافظات الساخنة عند كل انتخابات، يعبر النائب والوزير السابق والمرشح الحالي للانتخابات صلاح مزاحم الجبوري عن تخوفه من إمكانية حدوث خلل يمكن أن يؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه، خلال المستقبل القريب. الجبوري وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يقول إن «الوضع الحالي في ديالى شبه مستقر لكن خلال الفترة المقبلة، مع اقتراب موعد الانتخابات، تبقى كل الاحتمالات قائمة»، مبيناً أن «مسألة الاستقرار تبقى نسبية، ليس في محافظة ديالى وإنما على مستوى العراق كله، حيث يمكن أن تحصل مشاكل سواء كانت من قبل التنظيمات الإرهابية مثل (داعش) أو سلاح منفلت أو تصفية حسابات»، مبيناً أن «هناك مَن هو مسؤول في السلطة ربما يستخدم نفوذه في مجال التأثير على الآخرين».
وبشأن الأمن الانتخابي، يقول الجبوري إن «هناك ثلاثة أنواع من التهديدات للأمن الانتخابي: الأول هو سيطرة (داعش) في بعض المناطق، والثاني السلاح المنفلت في مناطق أخرى، والثالث هو المال السياسي والسلطة».
إلى ذلك، عدّ زعيم تحالف «عراقيون»، عمار الحكيم، أن «صناديق الاقتراع السبيل الوحيد للإصلاح وتغيير الأوضاع، لا سيما أن الانتخابات المقبلة تختلف عن سابقاتها؛ كونها تجري في ظل أوضاع مختلفة وقانون جديد، فهي مصيرية، وبوابة نحو الإصلاح إذا ما توفرت متطلباتها».  وطالب الحكيم في بيان الحكومة العراقية بـ«إجراء الانتخابات في موعدها المحدد وتهيئة الأجواء المناسبة وفي مقدمتها (الأمن الانتخابي) الذي يؤمّن للجميع المشاركة الفعالة بعيداً عن أجواء اليأس والإحباط».  ودعا القوى السياسية والمرشحين إلى «التنافس الشريف وعرض برامجهم الانتخابية للجمهور».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.