تأييد دولي واسع للهدنة وتشديد على «حل الدولتين»

من الدمار الذي ألحقته إسرائيل بأبراج غزة (أ.ف.ب)
من الدمار الذي ألحقته إسرائيل بأبراج غزة (أ.ف.ب)
TT

تأييد دولي واسع للهدنة وتشديد على «حل الدولتين»

من الدمار الذي ألحقته إسرائيل بأبراج غزة (أ.ف.ب)
من الدمار الذي ألحقته إسرائيل بأبراج غزة (أ.ف.ب)

لقي وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ أمس الجمعة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، ترحيباً دولياً واسعاً، وسط دعوات إلى حل «دائم» للنزاع.
ورحبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمس، بوقف النار. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، أمس في برلين: «هذا نبأ جيد. المهم الآن احترام وقف إطلاق النار واستمراره... من المهم الآن أيضاً إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة بسرعة». وذكر المتحدث أنه يتعين أيضاً استمرار العمل على إجراء حوار سياسي جوهري، مؤكداً أن التوصل لحل الدولتين هو القادر على حل أسباب الصراع، مطالباً كافة الأطراف بوضع هذا الهدف في الاعتبار، حسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية. وكانت ميركل أعلنت الخميس تأييدها إشراك حركة «حماس» بشكل غير مباشر في جهود البحث عن حل للصراع الدائر في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية. وجاءت تصريحاتها خلال منتدى أوروبا الذي عقدته إذاعة (دبليو دي آر). وقالت ميركل: «لا يجب القيام بهذا الأمر بشكل مباشر دائماً، لكن بطبيعة الحال لا بد من إشراك حماس بطريقة ما، فبدون حماس لن يكون هناك وقف لإطلاق النار»، حسب وكالة الأنباء الألمانية. وأضافت ميركل: «لا بد بالطبع من وجود اتصالات غير مباشرة مع حماس» وذلك في معرض ردها على سؤال حول ما إذا كانت تؤيد التفاوض مع هذه المنظمة المصنفة على قوائم الإرهاب.
ورأت ميركل أن دفاع إسرائيل عن نفسها بشكل كبير أمر صائب «فهناك حق لإسرائيل في الدفاع عن نفسها ونحن نقف مع هذا الحق».
من جهته، رحب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الجمعة بوقف النار، وقال في تغريدة على «تويتر»: «إنه لأمر جيد أن يطبق وقف لإطلاق النار (...) ولا يعود يسقط ضحايا»، وذلك غداة محادثات أجراها في إسرائيل ورام الله. وأضاف «علينا الآن معالجة الأسباب وإعادة بناء الثقة والتوصل لحل للنزاع في الشرق الأوسط».
وفي لندن، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن التهدئة في غزة «أنباء طيبة، والآن نحتاج للحوار وحل الدولتين هو السبيل الوحيد للمضي قدماً». كما كتب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب مساء الخميس في تغريدة على تويتر قبل أقل من ساعة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ: «نبأ وقف إطلاق النار في إسرائيل وغزة موضع ترحيب. يجب على جميع الأطراف العمل على استدامته وإنهاء دورة العنف غير المقبولة وخسارة أرواح المدنيين»، مشدداً على أن «المملكة المتحدة تواصل دعم الجهود الرامية لإحلال السلام».
وفي موسكو، قالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: «بارتياح كبير تلقت موسكو أنه في 21 مايو (أيار) عند الساعة الثانية فجراً (23:00 ت غ الخميس) دخل وقف لإطلاق النار حيز التنفيذ في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني». وأضافت «إنه خطوة مهمة لكنها غير كافية. من أجل تجنب تكرار المواجهة العنيفة، يجب تركيز الجهود الدولية والإقليمية على استئناف مفاوضات سياسية مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية تشاو ليجيان إن «الصين ترحب بوقف إطلاق النار بين جانبي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وتأمل أن يلتزم الطرفان بشكل جدي بوقف إطلاق النار ووقف العنف».
وأضاف «على المجتمع الدولي أن يعمل على استئناف محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وأن يتوصل لحل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين».
وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان أوردته وكالة الصحافة الفرنسية إن التكتل «يرحب بوقف إطلاق النار المعلن الذي ينهي العنف في غزة وما حولها»، معبراً عن «إشادته بمصر وقطر والأمم المتحدة والولايات المتحدة وغيرها ممن لعبوا دورا في تسهيل ذلك».
وأضاف: «نحن مصدومون ونشعر بالأسف للخسائر في الأرواح خلال الأيام الـ11 الماضية، كما يؤكد الاتحاد الأوروبي باستمرار الوضع في قطاع غزة غير قابل للاستمرار منذ فترة طويلة». وشدد البيان على أن «الحل السياسي وحده هو الذي سيحقق السلام الدائم وينهي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي برمته». وقال بوريل إن «إعادة توجيه الأفق السياسي نحو حل الدولتين تبقى الآن ذات أهمية قصوى، والاتحاد الأوروبي على استعداد لتقديم الدعم الكامل للسلطات الإسرائيلية والفلسطينية في هذه الجهود».
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان «أرحب بوقف الأعمال العدائية الذي دخل حيز التنفيذ الليلة الماضية»، مشيداً بـ«الدور الأساسي لمصر» في تحقيق ذلك. وشدد على أن «التصعيد في الأيام القليلة الماضية يؤكد الحاجة إلى إعادة إطلاق عملية سياسية حقيقية بين الطرفين». وأضاف أنه يجب استمرار التهدئة الآن «من خلال ترتيبات مستدامة لوقف إطلاق النار» و«السماح بإعادة تدخل إنساني» خصوصا في غزة. وأشاد وزير الخارجية الفرنسي بـ«الدور الأساسي الذي لعبته مصر للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار». ولفت إلى أن وقف الأعمال العدائية هذا هو «ثمرة جهود دبلوماسية جماعية لأوروبيين وأميركيين والعديد من الدول العربية» من بينها مصر.
ورحب البابا فرنسيس الجمعة باتفاق وقف إطلاق النار وحض الكنيسة الكاثوليكية بأسرها على الصلاة من أجل السلام. ودعا البابا إلى أن «تتضرع الجماعات كافة إلى الله كي يجد الإسرائيليون والفلسطينيون درب الحوار والمغفرة، ولكي يكونوا بناة صبورين للسلام والعدالة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».