«اتحاد الشغل» التونسي يدعو إلى رحيل الحكومة

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
TT

«اتحاد الشغل» التونسي يدعو إلى رحيل الحكومة

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)

كشف سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل (نقابة العمال) في تونس، عن تغيير حاد في موقف «الاتحاد» من حكومة هشام المشيشي، بعد إعلانها عن برنامج الإصلاح الاقتصادي، وقال إن عمر الائتلاف الحاكم «أصبح قصيراً». نافياً أن يكون حضور نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد، اللقاء الاقتصادي الأخير الذي نظمته الحكومة بمثابة «قبول ضمني» بمضمون الإصلاحات، التي تعهدت بها الحكومة لصندوق النقد الدولي، في سياق المفاوضات التي تخوضها تونس مع ممثلي الصندوق في واشنطن.
وحمّل الطاهري حكومة المشيشي مسؤولية استفحال الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، «نتيجة سياساتها المتعثرة، وخاصة سياسات وزير المالية الحالي»، مؤكداً أن الخروج من الأزمة «يظل ممكناً بإجراء حوار وطني يشارك فيه الجميع، ويشرف عليه رئيس الجمهورية. لكن يبقى الإجراء الأسلم هو تغيير حكومة المشيشي، إذا كانت تقف حجر عثرة أمام التوصل إلى حل جماعي للأزمة، بدل الاستمرار في تعايشها مع الكثير من الأزمات».
وكانت حكومة المشيشي قد وقّعت بداية السنة الحالية مجموعة من الاتفاقيات المهنية القطاعية، في محاولة لاستمالة اتحاد الشغل لصفها، وضمان حياده في الخلاف السياسي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. غير أن الانعكاسات السلبية المحتملة للبرنامج الاقتصادي المطروح على صندوق النقد الدولي غيرت بشكل كبير موقف القيادات النقابية من الحكومة الحالية.
وتحدث أكثر من قيادي في «اتحاد الشغل» عن «سخط كبير» أبدته بعض المنظمات الاجتماعية تجاه الإصلاحات الاقتصادية المزمع تنفيذها، ومن أهمها خفض كتلة أجور العاملين في القطاع العام، والتراجع عن دعم مجموعة كبيرة من المنتجات الاستهلاكية، مؤكدين عدم تأييدهم هذه الإصلاحات ورفضها. في حين أكد «الاتحاد» من جهته رفضه الخطة التي تنتهجها الحكومة، وقال إن زمنها «بات محدوداً، ولن تعمر طويلاً»، وهو ما اعتبر تلميحاً إلى أن الحوار الوطني، المنتظر تنظيمه بعد دخول الأزمة السياسية شهرها الرابع، سيكون إيذاناً بنهايتها من خلال طرح مقترح رحيل حكومة المشيشي على طاولة النقاش.
وتتلقي تصريحات «اتحاد الشغل» مع مواقف بعض قيادات حركة النهضة، الداعم الرئيسي لحكومة المشيشي، بعد طرحهم إمكانية تغيير الحكومة «في حال عدم ظهور حل للأزمة السياسية والدستورية»، التي تعرفها تونس إثر رفض الرئيس قيس سعيد التعديل الوزاري، وقبول 11 وزيراً جديداً صادق عليهم البرلمان. إلى جانب تعطيل القانون المتعلق بالمحكمة الدستورية لمخالفته أحكام الدستور، وفق التعليل الذي قدمه الرئيس سعيد عند إرجاعه القانون ذاته إلى البرلمان في قراءة ثانية.
إلى ذلك، اعتبر الرئيس التونسي قيس سعيّد في مقابلة متلفزة بثّت أمس، أنّ بلاده ضحية للفساد و«اللصوص». وقال في مقابلة مع قناة «فرانس-24» إنّ بلاده «في حاجة إلى أموال، وفي حاجة إلى عدالة اجتماعية والقضاء على الفساد».
مشيرا إلى أنّ تونس «تملك كل الثروات، ولكن للأسف ما ازدادت الصوص إلا وازداد معها اللصوص».
من ناحية أخرى، تواجه حكومة المشيشي موجة من الاحتجاجات والإضرابات عن العمل، حيث تواصل أمس للأسبوع الثالث على التوالي إضراب عام بالقباضات المالية كافة. ومن المنتظر أن يتواصل إلى غاية غدٍ (الجمعة)؛ وذلك للمطالبة بمجموعة من المنح والحوافز المالية. وقد تسبب هذا الإضراب في تقلص مداخيل الحكومة، وتزايد شكاوى المواطنين من تعطل مصالحهم المرتبطة مع الادارات الحكومية.
على صعيد متصل، أكد إلياس بن ميلاد، عضو الجامعة العامة للنقل (اتحاد الشغل) تمسك الجامعة بالإضراب العام في قطاع النقل المزمع تنفيذه اليوم، براً وبحراً وجواً، وذلك إثر فشل الجلسة التفاوضية التي جرت صباح أمس بمقر وزارة النقل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».